سرد الامثال نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
عاصم
--
يزيد بن رويم
--
الابن
--
الزوجة
إن اعتماد رصيد الشخصيّة من المعلومات
فاتحةً للنص يؤِّمن حضوراً نوعياً لها،
تظل محافظة معه مهما اتسع نشاطها وتعدّدت
تجاربها على صورتها الأولى، أو سماتها
المقدَّمة عبر نمط التعريف المذكور، إن
المعلومات المعطاة تُعين، وهي تؤسس نوعاً
من (الرصيد) الإنساني، على فهم أفعال
الشخصيّة وتسوّغ انتقالاتها، إن وظيفة ما
يُمنح من معلومات بجملة أخرى وظيفة مركبة،
تقدم ما ينبغي من الوضوح للشخصية داخل النص
وتشير، في الوقت نفسه، إلى حضور خارجي -بغض
النظر عن فعلية وجوده أو عدمه -يحقق اثنتين
من خصائص واقعة المثل: مصداقيتها
التجريبية وسبقها الزمني للحادثة التي
تُستحضر الصيغةُ معها.
ومثلما تُلاحظ على النص عنايته التفصيليه
بشخصيته الرئيسة يُلاحظ ما يعتمده من
تسوية في تعامله مع شخصياته الثانويّة إلى
درجة يُستخدم بها (التلخيص) في سبيل عدم
تكرار فقرتين متشابهتين تضمان شخصيتين من
شخصياته كما في شخصيتي الصعلوكين في نص
مثلنا، الأولى بحضورها التفصيلي المتضمن
الفعل والحوار، والثانية بتحديد حضورها
من خلال ما وقع بينها وبين الشخصيّة
السابقة من مماثلة:
(ثم قال لـه السليك: مَنْ أنت؟ قال: أنا رجل
افتقرتُ فقلتُ لأخرجنَّ فلا أرجعنَّ حتى
استغني فآتي أهلي وأنا غنيّ، قال: فانطلق
معي. قال: فانطلقا حتى وجدا رجلاً قصته مثل
قصتهما، فاصطحبوا جميعاً..) ^(^^).
إن اعتماد المقطع السابق (التلخيصَ) في
تقديم شخصيته الجديدة يُسهم في تحقيق
وظيفتين من وظائفه، الأولى هي التقديم
العام لشخصية جديدة، والوظيفة الثانية هي
عرض الشخصيات الثانوية التي لا يتسع النص
لمعالجتها معالجة تفصيلية ^(^^)، مما يعزِّز
من تراتيبه الشخصيات ويحقق لمستوياتها
حضوراً ملموساً تؤدي كل منها، تبعاً
لمستواها الخاص، وظيفة داخل نص المثل.
3-نصوص أخبار الشخصيّة وصيغ أمثالها:
إذا كانت الشخصيّة قد تجسدت في النقطتين
السابقتين بوصفها عنصراً يُنتج داخل نص
المثل بما يتماشى مع واقعة صيغته أحياناً،
أو بما يُستفاد من محدودية أخباره خارج
النص أحياناً أخرى، فإن (نصوص أخبار
الشخصيّة وصيغ أمثالها) تتوّجه بالأساس
لتنظيم تجارب نوع خاص من الشخصيات يملك
حضوراً مسبقاً ممتداً في إرث الجماعة
الحكائي، مثلما يحمل العديد من التعالقات
الأسطوريّة التي يصعب معها حصر تأريخيته
أو الوقوف على مرجعية مُعينّة له، إذ يكون
مسوّغ حضوره داخل النصوص هو ما أثر عنه من
صيغ ارتبطت بشخصياته لما اشتهر عنها من
سمات جسدية أو معنويّة أو ما تناقل من
أخبار وقائعها، بما يهيئ لنصوص الأمثال،
مثلما هيأ لنصوص سرديّة غيرها، مادةً
ثرّيةً لصوغ متتالياتها.
بناءً على ما تقدم يمكن أن نحدد، بدءاً،
انفصالاً أساسياً بين النوعين مفاده
اقتصار شخصيات النوع الأول على صور
مُعيّنة تحيا تداخل نصوص الأمثال وتتنوّع
وقائعها بتنوع الصيغ وتعدّدها، بينما
تشكّل شخصيات مبحثنا حضوراً مختلفاً
يستمد وجوده من قوّة وجود خارجي تشكّلت
الشخصيّة فيه لعمقها وامتداد ظلالها من
مجموعة متراكبة من الطبقات إلى الدرجة
التي يشعر معها دارس هذا النوع من
الشخصيات أنه إزاء عدة أشخاص يحمل كل منهم
الاسم ذاته، كما في شخصية لقمان ^(^^) التي
تسحب وراءها خليط ظلال آشوريّة وفرعونيّة
وسريانيّة وعربيّة، وليس بينهم لقمان
الذي ورد ذكرهُ في القرآن الكريم أو حتى
لقمان صاحب النسور، إذ أن القصة نفسها
يُرجَّح إنتاجها بين 650 -500 ق. م كما يُشير
الأستاذ أنيس فريحه ^(^^)، بما يمنح نصوص
الأمثال وهي تختص بجانب مُعيّن من الجوانب
العديدة لتلك الشخصيات، ميّزة مهمةً تُسهم
من خلالها بصياغة وجه من وجوه ثراء النص
السردي العربي، فالشخصيّة التي يتشكّل
حضورها في الميثولوجيا وتتردد أصداؤها في
الحكايات الشعبيّة والمسامرات تنبعث
حيّةً، واضحة الملامح، في كتب الأمثال
التي تعمل في إعادة إنتاجها على وفق نظام
سردي كما في كتاب (المفضّل الضبّي) وبحسب
صيغ أمثالها التي تُعدُّ، هذه المرَّة،
مفتاحَ حياتها وربما استلهمت هذه النصوص
جانباً مُعيّناً من جوانب الشخصيّة،
وسمةً من سماتها تتجلى بوصفها (حافزاً
حراً Motiflibre) ^(^^)، يُسهم بصياغة نصوص
الشخصيّة مهما امتدت وقائعها وتعدّدت صيغ
أمثالها، كما في شخصية (امرئ القيس) التي
تكتفي نصوص كتاب أمثال المفضّل الضبّي بما
تناقل عنها من عجز مع النساء، هذه الشخصيّة