أقول: لقد لخّص الشوكاني ما ذكره ابن حزم في ذلك المجال وقال: إنّ من ظنّ بأنّ الاجتهاد يجوز لهم في شرع شريعة لم يوح إليهم فيها فهو كفر عظيم، ويكفي في إبطال ذلك أمره ـ تعالى ـ نبيه أن يقول: "إِنْأَتَّبِعُ إلاّ ما يُوحى إِلَيَّ" (1) وقوله: "وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى*إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى" . (2) وقوله: "وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الاََقاوِيل* لاََخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمين* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتين" . (3) وانّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - كان يسأل عن الشيء، فينتظر الوحي، ويقول: «وما نزل عليّ في هذا شيء» ذلك في حديث زكاة الحمير و ميراث البنتين مع العم والزوجة، وفي أحاديث جمّة. (4) وقبل أن أذكر «المذهب الثاني الوارد في كلام الشوكاني» أُشير إلى كلمة للعلاّمة الحلّي التي تعرب عن موقف الاِمامية في المسألة. قال (رحمه الله) بعد تعريف الاجتهاد: ولا يصح (الاجتهاد) في حقّالنبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - وبه قال: الجبائيان لقوله تعالى: "وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى" ولاَنّ الاجتهاد إنّما يفيد الظن، وهو - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - قادر على تلقّيه من الوحي، وانّه كان يتوقّف في كثير من الاَحكام حتى يرد الوحي، فلو ساغ له الاجتهاد، لصار إليه، لاَنّه أكثر ثواباً، ولاَنّه لو جاز له (الاجتهاد) لجاز لجبرئيل - عليه السّلام - ، وذلك يسدّ باب الجزم بأنّ الشرع الذي جاء به محمد - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - من اللّه تعالى. ولاَنّ الاجتهاد قد يخطىَ وقد يصيب، ولا يجوز تعبّدهص به، لاَنّه يرفع الثقة بقوله. وكذلك لا يجوز لاَحد من الاَئمّة الاجتهاد عندنا، لاَنّهم معصومون، وإنّما
1. الاَنعام: 50. 2. النجم: 3و4. 3 . الحاقة: 44ـ46. 4 . ابن حزم: الاِحكام في أُصول الاَحكام: 5|123.