في طرق استنباط العلّة
دفعة، فليس هناك أصل ولا فرع ولا انتقال من حكم الاَصل إلى الفرع، بل موضوع
الحكم هي العلّة، والفروع بأجمعها داخلة تحته.وإن شئت قلت: هناك فرق بين استنباط الحكم عن طريق القياس، وبين
استنباط الحكم عن طريق ضابطة كلّية تصدق على مواردها، وقد جعلها الشارع
هو الموضوع حقيقة.ففي الاَوّل، أي استنباط الحكم من القياس، يتحمّل المجتهد جهداً في
تخريج المناط، ثمّ يجعل المنصوص أصلاً والآخر فرعاً، وأمّا إذا كانت العلّة
منصوصة فيكفي فيها فهم النصّ لغة بلا حاجة إلى الاجتهاد، ولا إلى تخريج
المناط، فيكون النصّ دالاً على الحكمين بدلالة واحدة.فقوله سبحانه: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي
المَحيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ" (1)دلّ على وجوب الاعتزال في المحيض وعلّله بكونه أذًى، فلو استكشفنا
بأنّ التعليل مناط للحكم وملاكه، فيُتمسّك به في كلّ مورد دلّعلى أنّ المسّ أذًى،
كالنفاس، و النزيف، وغير ذلك، وليس هذا من باب القياس، بل من باب تطبيق
النصّ على موارده.الثامن: في طرق استنباط العلّةقد عرفت انّ القياس في مورد لم يرد نصّ من الشارع على مناط الحكم،
وإلاّ يكون العمل بالتعليل عملاً بالنص، حيث إنّ الشارع أعطى ضابطة كلّية تشمل
جميع الموارد مرّة واحدة ويسير الفقيه على ضوئها.
1. البقرة: 222.