أدلّة عدِّ الاِجماع من مصادر التشريع
أدلّة عدِّ الاِجماع من مصادر التشريعثمّ إنّك بعد الوقوف على ما ذكرنا (من أنّ الاِجماع ليس من مصادر
التشريع، وإنّما العبرة فيه قابلية كشفه عن الواقع وإصابته، وهذا يختلف باختلاف
مراتب الاِجماع كما سبق) في غنى عن البرهنة على حجّية الاِجماع، وإنّما يقوم به
من رأى أنّ نفس الاِجماع بما هو إجماع من مصادر التشريع، فاستدلوا بآيات: الآية الاَُولى: آية المشاقةقال سبحانه: "وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَ يَتَّبعْ غَيْرَ
سَبيلِ المُوَْمِنينَ نُولِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّم وَ ساءَتْ مَصِيراً" . (1)وهذه الآية هي التي تمسّك بها الشافعي على حجّية الاِجماع في رسالته
أُصول الفقه.ووجه الاستدلال: هو انّ اللّه يعد اتباع غير سبيل الموَمنين نوعاً من مشاقة
اللّه ورسوله وجعلَ جزاءهما واحداً وهو الوعيد حيث قال: "نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ
جَهَنَّمَ" فإذا كانت مشاقّة اللّه ورسوله حراماً كان اتباعُ غير سبيل الموَمنين حراماً
مثله ولولم يكن حراماً لما اتحدا في الجزاء، فإذا حرم اتباع غير سبيلهم فاتباع
سبيلهم واجب، إذ لا واسطة بينهما ويلزم من وجوبِ اتباع سبيلهم كونُ الاِجماع
حجّة، لاَنّ سبيل الشخص ما يختاره من القول أو الفعل أو الاعتقاد. (2)يلاحظ على الاستدلال بوجوه: الاَوّل: انّ الامعانَ في الآية يُرشدنا إلى أنّ ثمة طائفتين: الاَُولى: من يشاقق الرسول ويعانِدُه ويتبع سبيل الكافرين فاللّه سبحانه
1. النساء: 115.2. أُصول الفقه الاِسلامي: 1|540.