تخضع لسنّة صحابي مقطوع عن الوحي، وقد سنَّ شيئاً اعتباطياً دون أن يستأذن
من النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - فكان عمله أشبه بالبدعة وإدخال شيء في الدين مالم يأذن به
اللّه؟! ومعاذ أجلُّ من أن لا يعرف حد البدعة والسنّة ويدخل في الصلاة مع النبي
- صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - وقد سبقه النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - ثمّ يقضي ما فاته.
وأنت إذا تصفحت الصحاح والمسانيد تعثر على نماذج كثيرة لهذا النوع
من التشريع.
إجماع أهل المدينة من مصادر التشريع
مصادر التشريع فيما لا نصّ فيه عند أهل السنّة
7إجماع أهل المدينة
قد نقل انّ مالك بن أنس اعتمد في فقهه على أحد عشر دليلاً:
1. القرآن، 2. السنّة، 3. الاِجماع، 4. إجماع أهل المدينة، 5. القياس، 6. قول
الصحابي، 7. المصلحة المرسلة، 8. العرف والعادة، 9. سد الذرائع، 10.
الاستصحاب، 11. الاستحسان.
غير انّ الشاطبي في الموافقات أرجع هذه الاَدلّة إلى أربعة، وهي: الكتاب
والسنّة والاِجماع والرأي، فإنّ إجماع أهل المدينة وقول الصحابي كاشفان عن
السنّة فهما من شعبها، والاَدلة الباقية من شعب الرأي ومن وجوهه.
وعلى كلّ تقدير فقد ذهب مالك إلى حجّية اتفاق أهل المدينة قائلاً: بأنّ
المدينة دار الهجرة، وبها نزل القرآن وأقام رسول اللّه وأقام صحابته، وأهل المدينة
أعرف الناس بالتنزيل ربما كان من بيان رسول اللّه للوحي، وهذه ميزات ليست
لغيرهم، وعلى هذا فالحقّ لا يخرج عمّا يذهبون إليه، فيكون عملهم حجّة يقدّم
على القياس وخبر الواحد.
وقد أوجد مشربه هذا ضجة كبيرة بين معاصريه، فردّ عليه فقيه عصره
اللّيث بن سعد في رسالة مفصلة نقد فيها قسماً من آراء مالك التي أفتى بها نظراً