2. الاقتصار على الاَحكام الكلية
وممّا يدل أيضاً على أنّ التشريع القرآني أخذ على نفسه صورة التدرّج هو
انّ الآيات المتضمّنة للاَحكام الشرعية منبثة في سور شتى غير مجتمعة في محل
واحد، وهذا يوضح انّ التشريع لم يكن على غرار التشريع في التوراة الذي نزل
دفعة واحدة يقول سبحانه: "وَكَتَبْنا لَهُ فِي الاََلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً
لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُورِيكُمْ دارَ الْفاسِقِين".(1)
وقال: "وَلَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسى الْغَضَبُ أَخَذَ الاََلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدًى
وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ" .(2)
2. الاقتصار على الاَحكام الكلية
يتميز التشريع القرآني في مجال العبادات والمعاملات وغيرهما بعرض
أُصول كلية يترك تفاصيلها إلى السنّة الشريفة، فترى أنّ لفظة الصلاة قد ذكرت في
القرآن قرابة 67 مرّة، وأكثرها حول الصلاة الواردة في الشريعة الاِسلامية، وبالرغم
من ذلك نجد انّه لم يذكر شيئاً كثيراً من تفاصيلها إلاّ قليلاً، كأوقات الصلاة،
ونظيرها الصوم والزكاة والخمس، وما هذا إلاّ لاَنّ القرآن هو الدستور العام
للمسلمين، والدعامة الاَساسية للتشريع، فطبيعة الحال تقتضي ترك التفاصيل إلى
السنّة، ولكن مع اقتصاره على الاَُصول، قلّما يتّفق لباب أو كتاب فقهي لم يستمد
من آية قرآنية، فكأنّ آيات الاَحكام مع قلّتها لها مادة حيوية تعين الفقيه على
التطرّق إلى كافة الاَبواب الفقهية.
1. الاَعراف: 145.
2. الاَعراف: 154.