الخطأ، واستدل عليه المحقّق بوجوه: الاَوّل: انّه معصوم من الخطأ عمداً ونسياناً بما ثبت في الكلام، ومع ذلك يستحيل عليه الغلط. الثاني: إنّنا مأمورون باتّباعه، فلو وقع منه الخطأ في الاَحكام لزم الاَمر بالعمل بالخطأ وهو باطل. الثالث: لو جاز ذلك الخطأ لم يبق وثوق بأوامره ونواهيه، فيوَدي ذلك إلى التنفير عن قبول قوله. (1) ثمّإنّ المخالف استدل بوجوه، منها: الاَوّل: قوله تعالى: "إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ" . (2) أقول: إنّ وجه المماثلة ليس تطرّق الخطأ بل عدم استطاعته - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - إلى تحقيق كلّ ما يقترحون عليه من المعاجز والآيات حيث أرادوا منه أن يأتي لهم بكلّ ما يقترحون عليه من عجائب الاَُمور، فوافته الآية بأنّه بشر مثلكم، والفرق انّه يوحى إليه دونهم، فكيف يتمكّن من القيام بما يقترحون عليه من المعاجز والآيات بلا إذن منه سبحانه. الثاني: قوله - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - : «فمن قضيتُ له بشيء من حقّ أخيه، فلا يأخذنّ إنّما أقطع له به قطعة من النار» وهذا يدلّ على أنّه يجوز منه الغلط في الحكم. (3) أقول: إنّ النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - كان مأموراً بالقضاء بما أدّى إليه البيّنة واليمين، فما يقضي به هو نفس الحكم الشرعي في باب القضاء سواء أكان مطابقاً للواقع أم لم يكن، فإنّه كان مأموراً في فصل الخصومات بالظواهر لا بالبواطن. وبذلك يعلم انّه لو سوّغنا الاجتهاد للنبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - لم يخطىَ في مجال الاِفتاء، بل ينتهي إلى نفس الواقع. وأمّا باب القضاء، فاتّفق الجميع على أنّه كان مأموراً بالظواهر دون البواطن سواء أكانت الظواهر مطابقة للواقع أم لا مصالح في ذلك. مع العلم بحقيقة الحال.
1. المحقق الحلّي: معارج الاَُصول: 118ـ 119. 2. الكهف: 110. 3 . الوسائل: 18|169 ح3، الباب 2 من أبواب كيفية الحكم.