مصادر الفقه الإسلامی و منابعه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
والحقّ انّها تتفاوت حسب اختلاف مراتب الاِجماع وصوره.الصورة الاَُولى، أعني: اتّفاق جميع المسلمين، فلا شكّ انّه كاشف عن
الحكم الشرعي، إذ يستحيل عادة أن يتفق المسلمون عالمهم وجاهلهم على شيء
باطل من أصله.ومثلها الصورة الثانية فإنّ اتّفاق جميع المجتهدين في كافة الاَعصار و من
جميع الطوائف على حكم شرعي يكشف عادة عن إصابتهم الواقع وإحرازهم له،
ويستحيل عادة تخلّفه عن الواقع دون فرق بين كون الاِجماع مقروناً بالدليل أو لا،
وسواء أكان دليلهم قابلاً للنقاش أم لا. فإنّ نفس الاتّفاق من جميع المسلمين أو
المجتهدين يلازم عادة إصابة الواقع وكاشف له ومفيد للعلم، فيصبح حجّة عقلاً.وأمّاالصورة الثالثة، أعني: اتّفاق مجتهدي عصر واحد على حكم شرعي،
فهو على نحوين: فتارة يكون اتّفاقهم مقروناً بذكر الدليل الشرعي وأُخرى يكون مجرداً عنه.فلو كان مقروناً بذكر الدليل وكان تاماً سنداً ودلالة يوَخذ به، وإن لم يكن
مقروناً بالدليل، أو كان الدليل خاضعاً للنقاش والرد، فيقع الكلام في أنّ اتّفاق
علماء عصر واحد هل هو حجّة على الغير أو لا ؟وحيث إنّك عرفت أنّ إفتاء المجتهد منفرداً، أو مجتمعاً، ليس من مصادر
التشريع، وإنّما العبرة بكشفه عن الواقع وملازمته الاِصابة فلا يكون الاتفاق حجّة
إلاّ إذا كان هناك ملازمة بينه وبين إصابة الواقع ـ إذا لم يكن الاِجماع بما هو إجماع
حجّة شرعية، كما عليه فقهاء أهل السنّة وسيوافيك تفصيله ـ بل كانت العبرة
بمدى إصابة رأي المجمعين للواقع وكشفه عن الدليل المعتبر، فعند ذلك يمكن
أن نقول: