مصادر الفقه الإسلامی و منابعه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
أقول: يقع الكلام في مقامين:الاَوّل:تحليل القاعدة وتبيين مكانتها في علم الاَُصول.الثاني: دراسة الاَمثلة الّتي فرّعوها عليها.1. مكانة القاعدة في علم الاَُصولانّ قاعدة سدّ الذرائع ليست قاعدة مستقلة وإنّما ترجع لاحدى القاعدتين:الاَُولى: وجود الملازمة بين حرمة الشيء و حرمة مقدمته (سد الذرائع).فمغزى القاعدة عبارة عن أنّه إذا حُرِّم الشيء، حرِّمت مقدماته وذرائعه التي
يتوصل الاِنسان بها، وهي مطروحة في كتب الاَُصول، فمنهم من حرّم مطلقَ
المقدمة، ومنهم من حرّم المقدمة الموصلة، ومنهم من حرّم الجزء الاَخير من
المقدمة بمعنى العلّة التامة التي لا تنفك عن ذيها، والاَخير هو المتعيّن، لانّ قبح
الذريعة أو ممنوعيتها لاَجل كونها وسيلة للوصول إلى الحرام، فلا توصف بالحرام
إلاّ إذا كانت موصلة لا غير، ولا يتحقق الايصال إلاّ بالجزء الاَخير الذي يلازم
وجود المبغوض.وعلى ضوء ذلك فلا يصحّ لنا الحكم بحرمة كلّ مقدمة للعمل المحظور، إلاّ
إذا انتهى إلى الجزء الاَخير من المقدمة الذي لا ينفك عن المحظور.وإلى ذلك يرجع النهي عن حيازة الحيتان يوم السبت، أو النهي عن التقرب
من الشجرة.الثانية: الاعانة على الاثم التي أفتى الفقهاء على حرمتها، مستدلين بقوله
سبحانه: "وَلا تَعاوَنُوا عَلى الاِِثْمِ وَالعُدْوان" . (1)بناءً على انّ التعاون يعمّ الاِعانة
الجماعية والفرديّة، ومن هذا القبيل سبّ آلهة المشركين الذي يثير حفيظتهم إلى
سبّ اللّه سبحانه، أو خطاب النبي بقولهم: «راعنا» والذي يحرك الآخرين