«الخلاّل» في كتاب خاص. هذا ما ذكره الذهبي، ولكن الظاهر عن غير واحد ممّن ترجم الاِمام أنّه كان يتحفّظ عن الفتيا ويتزهّد عنها، ولعلّه يرى مقام الاِفتاء أرفع وأعلى من نفسه. روى الخطيب في «تاريخه» بالاسناد قال: «كنت عند أحمد بن حنبل فسأله رجل عن الحلال و الحرام، فقال له أحمد: سل عافاك اللّه غيرنا. قال الرجل: إنّما نريد جوابك يا أبا عبد اللّه. قال: سل عافاك اللّه غيرنا سل الفقهاء، سل أبا ثور. (1) وهذا يعرب عن أنّ ديدن الاِمام في حياته هو التحفّظ و التجنّب عن الاِفتاء إلاّ إذا قامت الضرورة، أو كان هناك نصوص واضحة في الموضوع وهذا لا يجتمع مع ما نسب إليه الذهبي من أنّ «الخلاّل» كتب عنه الكتب التي ذكرها. وقال ابن الجوزي: لمّا تُوفي محمد بن جرير الطبري عام 310، دُفن بداره ليلاً وقد تعصّب عليه الحنابلة لاَنّه جمع كتاباً ذكر فيه اختلاف الفقهاء، ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل، فسُئل في ذلك فقال: «لم يكن فقيهاً وإنّما كان محدثاً». (2) وهناك كلام للشيخ أبي زهرة في كتابه حول حياة ابن حنبل نذكر خلاصة ما جاء فيه: «إنّ أحمد لم يصنّف كتاباً في الفقه يعد أصلاً يوَخذ منه مذهبه ويعد مرجعه، ولم يكتب إلاّ الحديث، وقد ذكر العلماء أنّ له بعض كتابات في موضوعات فقهية، منها: المناسك الكبير، والمناسك الصغير، ورسالة صغيرة في الصلاة، كتبها إلى إمام صلّـى هو وراءه فأساء في صلاته. وهذه الكتابات هي أبواب قد توافر فيها الاَثر، وليس فيها رأي، أو قياس، أو استنباط فقهي، بل اتباع لعمل،
1. تاريخ بغداد: 2|66. 2. ابن الجوزي: المنتظم: في حوادث عام 310.