وفهم لنصوص. ورسالته في الصلاة و المناسك الكبير والصغير هي كتب حديث، وكتبه التي كتبها كلّها في الحديث في الجملة، وهي المسند والتاريخ والناسخ والمنسوخ والمقدم والموَخر في كتاب اللّه وفضائل الصحابة والمناسك الكبير والصغير والزهد، وله رسائل يبيّن مذهبه في القرآن، والردّ على الجهمية، والردّ على الزنادقة. وإذا كان أحمد لم يدوّن في الفقه كتاباً، ولم تنشر آراوَه، ولم يملها على تلامذته كما كان يفعل أبو حنيفة، فإنّ الاعتماد في نقل فقهه إنّما هو على عمل تلاميذه فقط، وهنا تجد أنّ الغبار يثار حول ذلك النقل من نواح متعدّدة. إنّ المروي عن ذلك الاِمام الاَثري ـ الذي كان يتحفّظ في الفتيا فيقيّد نفسه بالاَثر، ويتوقّف حيث لا أثر ولا نص شاملاً عاماً، ولا يلجأ إلى الرأي إلاّ حين الضرورة القصوى التي تلجئه إلى الاِفتاء ـ كثير جداً، والاَقوال المروية عنه متضاربة، وذلك لا يتفق مع ما عرف عنه من عدم الفتوى إلاّ فيما يقع من المسائل، ولا يفرض الفروض، ولا يشقّق الفروع، ولا يطرد العلل، ولقد كان يكثر من قول: «لا أدري»، فهذه الكثرة لا تتفق مع المعروف عنه من الاِقلال في الفتيا، والمعروف عنه من قول: «لا أدري» ومع المشهور عنه من أنّه لا يفتي بالرأي إلاّللضرورة القصوى. إنّ الفقه المنقول عنه أحمد قد تضاربت أقواله فيه تضارباً يصعب على العقل أن يقبل نسبة كلّ هذه الاَقوال إليه. وافتَتِحْ أيّ كتاب من كتب الحنابلة واعمِد إلى باب من أبوابه تجده لا يخلو من عدّة مسائل اختلفت فيها الرواية بين لا ونعم ـ أي بين النفي المجرّد والاِثبات المجرّد ـ. هذه نواح قد أثارت غباراً حول الفقه الحنبلي وإذا أُضيف إليها أنّ كثيراً من القدامي لم يعدّوا «أحمد» من الفقهاء، فـ«ابن جرير الطبري» لم يعدّه منهم، و «ابن قتيبة» الذي كان قريباً من عصره جداً لم يذكره في عصابة الفقهاء، بل عدّه في