فَلَم تَصِفهُ بِحَدٍّ ولا بِبَعضٍ ، بَل وَصَفَتهُ بِفِعالِهِ ودَلَّت عَلَيهِ بِآياتِهِ ، لا تَستَطيعُ عُقولُ المُتَفَكِّرينَ جَحدَهُ ؛ لِأَنَّ مَن كانَتِ السَّماواتُ والأَرضُ فِطرَتَهُ وما فيهِنَّ وما بَينَهُنَّ وهُوَ الصّانِعُ لَهُنَّ ، فَلا مَدفَعَ لِقُدرَتِهِ[28] .
293 ـ الإمام الصادق عليه السّلام : إنَّ أوَّلَ الاُمورِ ومَبدَأَها وقُوَّتَها وعِمارَتَها ـ الَّتي لا يَنتَفِعُ شَي ءٌ إلّا بِهِ ـ العَقلُ الَّذي جَعَلَهُ اللهُ زينَةً لِخَلقِهِ ونورًا لَهُم ، فَبِالعَقلِ عَرَفَ العِبادُ خالِقَهُم وأنَّهُم مَخلوقونَ ، وأنَّهُ المُدَبِّرُ لَهُم وأنَّهُمُ المُدَبَّرونَ ، وأنَّهُ الباقي وهُمُ الفانونَ ، وَاستَدَلّوا بِعُقولِهِم عَلى ما رَأَوا مِن خَلقِهِ ؛ مِن سَمائِهِ وأرضِهِ ، وشَمسِهِ وقَمَرِهِ ، ولَيلِهِ ونَهارِهِ ، وبِأَنَّ لَهُ ولَهُم خالِقًا ومُدَبِّرًا لَم يَزَل ولا يَزولُ ، وعَرَفوا بِهِ الحَسَنَ مِنَ القَبيحِ ، وأنَّ الظُّلمَةَ فِي الجَهلِ ، وأنَّ النّورَ فِي العِلمِ ، فَهذا ما دَلَّهُم عَلَيهِ العَقلُ .
قيلَ لَهُ : فَهَل يَكتَفِي العِبادُ بِالعَقلِ دونَ غَيرِهِ ؟ قالَ : إنَّ العاقِلَ لِدَلالَةِ عَقلِهِ الَّذي جَعَلَهُ اللهُ قِوامَهُ وزينَتَهُ وهِدايَتَهُ عَلِمَ أنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ ، وأنَّهُ هُوَ رَبُّهُ ، وعَلِمَ أنَّ لِخالِقِهِ مَحَبَّةً ، وأنَّ لَهُ كَراهِيَةً ، وأنَّ لَهُ طاعَةً ، وأنَّ لَهُ مَعصِيَةً ، فَلَم يَجِد عَقلَهُ يَدُلُّهُ عَلى ذلِكَ ، وعَلِمَ أنَّهُ لا يوصَلُ إلَيهِ إلّا بِالعِلمِ وطَلَبِهِ ، وأنَّهُ لا يَنتَفِعُ بِعَقلِهِ إن لَم يُصِب ذلِكَ بِعِلمِهِ ، فَوَجَبَ عَلَى العاقِلِ طَلَبُ العِلمِ والأَدَبِ الَّذي لا قِوامَ لَهُ إلّا بِهِ[29] .
294 ـ الإمام الكاظم عليه السّلام ـ في وَصِيَّتِهِ لِهِشامٍ ـ : يا هِشامُ ، إنَّ ضَوءَ الجَسَدِ في عَينِهِ ، فَإِن كانَ البَصَرُ مُضيئًا اِستَضاءَ الجَسَدُ كُلُّهُ . وإنَّ ضَوءَ الرّوحِ العَقلُ ، فَإِذا كانَ العَبدُ عاقِلًا كانَ عالِمًا بِرَبِّهِ ، وإذا كانَ عالِمًا بِرَبِّهِ أبصَرَ دينَهُ . وإن كانَ جاهِلًا بِرَبِّهِ لَم يَقُم لَهُ دينٌ . وكَما لا يَقومُ الجَسَدُ إلّا بِالنَّفسِ الحَيِّةِ فَكَذلِكَ لا يَقومُ الدّينُ إلّا بِالنِّيَّةِ الصّادِقَةِ ؛ ولا تَثبُتُ النِّيَّةُ الصّادِقَةُ إلّا بِالعَقلِ[30] .
295 ـ الإمام الرضا عليه السّلام : بِالعُقولِ يُعتَقَدُ التَّصديقُ بِاللهِ[31] .
ج : الدّين
296 ـ رسول الله صلّى الله عليه و آله : لا دينَ لِمَن لا عَقلَ لَهُ[32] .
297 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : هَبَطَ جَبرَئيلُ عَلى آدَمَ عليه السّلام فَقالَ : يا آدَمُ ، إنّي اُمِرتُ أن اُخَيِّرَكَ واحِدَةً مِن ثَلاثٍ ، فَاختَرها ودَعِ اثنَتَينِ ، فَقالَ لَهُ آدَمُ : يا جَبرَئيلُ ، ومَا الثَّلاثُ ؟ فَقالَ : العَقلُ وَالحَياءُ وَالدّينُ ، فَقالَ آدَمُ : إنّي قَدِ اختَرتُ العَقلَ ، فَقالَ جَبرَئيلُ لِلحَياءِ وَالدّينِ : اِنصَرِفا ودَعاهُ ، فَقالا : يا جَبرَئيلُ ، إنّا اُمِرنا أن نَكونَ مَعَ العَقلِ حَيثُ كانَ ، قالَ : فَشَأنُكُما ، وعَرَجَ[33] .
298 ـ عنه عليه السّلام : ما آمَنَ المُؤمِنُ حَتّى عَقَلَ[34] .
299 ـ عنه عليه السّلام : الدّينُ والأَدَبُ نَتيجَةُ العَقلِ[35] .
300 ـ الإمام الصادق عليه السّلام : مَن كانَ عاقِلًا كانَ لَهُ دينٌ، ومَن كانَ لَهُ دينٌ دَخَلَ الجَنَّةَ[36] .
301 ـ إرشادُ القُلوبِ : في تَوراةِ موسى عليه السّلام : لا عَقلَ كَالدّينِ[37] .
د : كَمالُ الدّينِ
302 ـ رسول الله صلّى الله عليه و آله : ما تَمَّ دينُ إنسانٍ قَطُّ حَتّى يَتِمَّ عَقلُهُ[38] .
303 ـ عنه صلّى الله عليه و آله : لا يُعجِبَنَّكَ إسلامُ امرِئً حَتّى تَنظُرَ ما مَعقولُ عَقلِهِ[39] .
304 ـ عنه صلّى الله عليه و آله : لا يُعجِبكُم إسلامُ رَجُلٍ حَتّى تَعلَموا كُنهَ عَقلِهِ[40] .
305 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيهِ كَمُلَ إيمانُهُ : العَقلُ ، والحِلمُ ، والعِلمُ[41] .