مَعنَى الجَهلِ
808 ـ الإمام الحسن عليه السّلام ـ في جَوابِ أبيهِ لَمّا سَأَلَهُ عَن تَفسيرِ الجَهلِ ـ : سُرعَةُ الوُثوبِ عَلَى الفُرصَةِ قَبلَ الاِستِمكانِ مِنها ، وَالاِمتِناعُ عَنِ الجَوابِ[1] .809 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : رَغبَتُكَ فِي المُستَحيلِ جَهلٌ[2] .810 ـ عنه عليه السّلام : الرُّكونُ إلَى الدُّنيا مَعَ ما تُعايِنُ مِنها جَهلٌ[3] .811 ـ عنه عليه السّلام : طَلَبُ المَراتِبِ وَالدَّرَجاتِ بِغَيرِ عَمَلٍ جَهلٌ[4] .812 ـ عيسى عليه السّلام ـ لِلحَوارِيّينَ ـ : اِعلَموا أنَّ فيكُم خَصلَتَينِ مِنَ الجَهلِ : الضِّحكَ مِن غَيرِ عَجَبٍ ، وَالصُّبحَةَ[5] مِن غَيرِ سَهَرٍ[6] .813 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : إنَّ مِنَ الجَهلِ النَّومَ مِن غَيرِ سَهَرٍ[7] .814 ـ الإمام الصادق عليه السّلام : إنَّ مِنَ الجَهلِ الضِّحكَ مِن غَيرِ عَجَبٍ[8] .815 ـ عنه عليه السّلام : الجَهلُ في ثَلاثٍ : في تَبَدُّلِ الإِخوانِ ، وَالمُنابَذَةِ بِغَيرِ بَيانٍ ، وَالتَّجَسُّسِ عَمّا لا يَعني[9] .816 ـ عنه عليه السّلام ـ فيما نُسِبَ إلَيهِ في مِصباحِ الشَّريعَةِ ـ : الجَهلُ صورَةٌ رُكِّبَت في بَني آدَمَ ، إقبالُها ظُلمَةٌ وإدبارُها نورٌ ، وَالعَبدُ مُتَقَلِّبٌ مَعَها كَتَقَلُّبِ الظِّلِّ مَعَ الشَّمسِ ، ألا تَرى إلَى الإِنسانِ تارَةً تَجِدُهُ جاهِلًا بِخِصالِ نَفسِهِ حامِدًا لَها ، عارِفًا بِعَيبِها في غَيرِهِ ساخِطًا لَها ! وتارَةً تَجِدُهُ عالِمًا بِطِباعِهِ ساخِطًا لَها ، حامِدًا لَها في غَيرِهِ ! فَهُوَ مِنهُ مُتَقَلِّبٌ بَينَ العِصمَةِ وَالخِذلانِ ، فَإِن قابَلَتهُ العِصمَةُ أصابَ ، وإن قابَلَهُ الخِذلانُ أخطَأَ .ومِفتاحُ الجَهلِ الرِّضا وَالاِعتِقادُ بِهِ ، ومِفتاحُ العِلمِ الاِستِبدالُ مَعَ إصابَةِ مُوافَقَةِ التَّوفيقِ . وأدنى صِفَةِ الجاهِلِ دَعواهُ العِلمَ بِلَا استِحقاقٍ ، وأوسَطُهُ الجَهلُ بِالجَهلِ ، وأقصاهُ جُحودُهُ . ولَيسَ شَي ءٌ إثباتُهُ حَقيقَةً نَفيُهُ إلَّا الجَهلُ وَالدُّنيا وَالحِرصُ ، فَالكُلُّ مِنهُم كَواحِدٍ ، وَالواحِدُ مِنهُم كَالكُلِّ[10] .(1) معاني الأخبار : 401 / 62 عن شريح بن هانئ .(2) غرر الحكم : 5384 .(3) نهج البلاغة : الحكمة 384 ؛ مطالب السؤول : 57 .(4) غرر الحكم : 5997 .(5) الصُّبْحَة : النوم أوّل النهار ، لأنّه وقت الذِّكر ثمّ وقت طلب الكسب (النهاية : 3 / 7) .(6) الزهد لابن المبارك : 96 / 283 عن عمران الكوفي ، البداية والنهاية : 2 / 91 عن عكرمة ، وراجع حلية الأولياء : 5 / 73 .(7) الجعفريّات : 237 عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السّلام .(8) الكافي : 2 / 664 / 7 عن السكوني ، تحف العقول : 487 عن الإمام العسكريّ عليه السّلام ، وراجع ص 207 / ح 814 .(9) تحف العقول : 317 .(10) بحارالأنوار : 1 / 93 / 15 نقلًا عن مصباح الشريعة : 425 .قال المجلسي رحمه الله بعد نقله للحديث : بيان : «كتقلّب الظلّ مع الشمس» أي كما أنّ شعاع الشمس قد يغلب على الظلّ ويضي ءُ مكانه ، وقد يكون بالعكس ، فكذلك العلم والعقل قد يستوليان على النفس فيظهر له عيوب نفسه ، ويؤوّل بعقله عيوب غيره ما أمكنه ، وقد يستولي الجهل فيرى محاسن غيره مساوئ ، ومساوئ نفسه محاسن .ومفتاح الجهل الرضا بالجهل والاعتقاد به ، وبأنّه كمال لا ينبغي مفارقته ، ومفتاح العلم طلب تحصيل العلم بدلًا عن الجهل ، والكمال بدلًا عن النقص ، و ينبغي أن يعلم أنّ سعيه مع عدم مساعدة التوفيق لا ينفع فيتوسّل بجنابه تعالى ليوفّقه .قوله عليه السّلام : «إثباته» أي عرفانه ، قال الفيروزآبادي : أثبته : عرفه حقّ المعرفة . وظاهر أنّ معرفة تلك الاُمور كما هي مستلزمة لتركها ونفيها ، أو المعنى أنّ كلّ من أقرّ بثبوت تلك الأشياء لا محالة ينفيها عن نفسه ، فالمراد بالدنيا حبّها . وقوله عليه السّلام : «فالكلّ كواحد» لعلّ معناه أنّ هذه الخصال كخصلة واحدة لتشابه مبادئها وانبعاث بعضها عن بعض ، و تقوّي بعضها ببعض ، كما لا يخفى .