عقل و الجهل فی الکتاب و السنة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقل و الجهل فی الکتاب و السنة - نسخه متنی

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

1096 ـ الإمام الصادق عليه السّلام ـ لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ ـ : تَأَمَّلِ الآنَ يا مُفَضَّلُ ما سُتِرَ عَنِ الإِنسانِ عِلمُهُ مِن مُدَّةِ حَياتِهِ ؛ فَإِنَّهُ لَو عَرَفَ مِقدارَ عُمُرِهِ وكانَ قَصيرَ العُمُرِ لَم يَتَهَنَّأ بِالعَيشِ مَعَ تَرَقُّبِ المَوتِ وتَوَقُّعِهِ لِوَقتٍ قَد عَرَفَهُ ، بَل كانَ يَكونُ بِمَنزِلَةِ مَن قَد فَني مالُهُ أو قارَبَ الفَناءَ فَقَدِ استَشعَرَ الفَقرَ وَالوَجَلَ مِن فَناءِ مالِهِ وخَوفِ الفَقرِ ، عَلى أنَّ الَّذي يَدخُلُ عَلَى الإِنسانِ مِن فَناءِ العُمُرِ أعظَمُ مِمّا يَدخُلُ عَلَيهِ مِن فَناءِ المالِ ؛ لِأَنَّ مَن يَقِلُّ مالُهُ يَأمُلُ أن يُستَخلَفَ مِنهُ فَيَسكُنَ إلى ذلِكَ ، ومَن أيقَنَ بِفَناءِ العُمُرِ استَحكَمَ عَلَيهِ اليَأسُ . وإن كانَ طَويلَ العُمُرِ ثُمَّ عَرَفَ ذلِكَ وَثِقَ بِالبَقاءِ وَانهَمَكَ فِي اللَّذّاتِ وَالمَعاصي ، وعَمِلَ عَلى أنَّهُ يَبلُغُ مِن ذلِكَ شَهوَتَهُ ثُمَّ يَتوبُ في آخِرِ عُمُرِهِ ، وهذا مَذهَبٌ لا يَرضاهُ اللهُ مِن عِبادِهِ ولا يَقبَلُهُ . . .

فَإِن قُلتَ : أوَلَيسَ قَد يُقيمُ الإِنسانُ عَلَى المَعصِيَةِ حينًا ثُمَّ يَتوبُ فَتُقبَلُ تَوبَتُهُ ؟! قُلنا : إنَّ ذلِكَ شَي ءٌ يَكونُ مِنَ الإِنسانِ لِغَلَبَةِ الشَّهَواتِ وتَركِهِ مُخالَفَتَها مِن غَيرِ أن يُقَدِّرَها في نَفسِهِ ويَبنِيَ عَلَيهِ أمرَهُ فَيَصفَحُ اللهُ عَنهُ ويَتَفَضَّلُ عَلَيهِ بِالمَغفِرَةِ ، فَأَمّا مَن قَدَّرَ أمرَهُ عَلى أن يَعصِيَ ما بَدا لَهُ ثُمَّ يَتوبَ آخِرَ ذلِكَ فَإِنَّما يُحاوِلُ خَديعَةَ مَن لا يُخادَعُ بِأَن يَتَسَلَّفَ التَّلَذُّذَ فِي العاجِلِ ويَعِدَ ويُمَنِّيَ نَفسَهُ التَّوبَةَ فِي الآجِلِ ، ولِأَنَّهُ لا يَفي بِما يَعِدُ مِن ذلِكَ فَإِنَّ النُّزوعَ مِنَ التَّرَفُّهِ وَالتَّلَذُّذِ ومُعاناةِ التَّوبَةِ ـ ولا سِيَّما عِندَ الكِبَرِ وضَعفِ البَدَنِ ـ أمرٌ صَعبٌ ، ولا يُؤمَنُ عَلَى الإِنسانِ مَعَ مُدافَعَتِهِ بِالتَّوبَةِ أن يُرهِقَهُ المَوتُ فَيَخرُجَ مِنَ الدُّنيا غَيرَ تائِبٍ ، كَما قَد يَكونُ عَلَى الواحِدِ دَينٌ إلى أجَلٍ وقَد يَقدِرُ عَلى قَضائِهِ ، فَلا يَزالُ يُدافِعُ بِذلِكَ حَتّى يَحِلَّ الأَجَلُ وقَد نَفِدَ المالُ فَيَبقَى الدَّينُ قائِمًا عَلَيهِ . فَكانَ خَيرُ الأَشياءِ لِلإِنسانِ أن يُستَرَ عَنهُ مَبلَغُ عُمُرِهِ ، فَيَكونَ طولَ عُمُرِهِ يَتَرَقَّبُ المَوتَ ، فَيَترُكَ المَعاصِيَ ويُؤثِرَ العَمَلَ الصّالِحَ .

فَإِن قُلتَ : وها هُوَ الآنَ قَد سُتِرَ عَنهُ مِقدارُ حَياتِهِ ، وصارَ يَتَرَقَّبُ المَوتَ في كُلِّ ساعَةٍ ، يُقارِفُ الفَواحِشَ ويَنتَهِكُ المَحارِمَ ! قُلنا : إنَّ وَجهَ التَّدبيرِ في هذَا البابِ هُوَ الَّذي جَرى عَلَيهِ الأَمرُ فيهِ ، فَإِن كانَ الإِنسانُ مَعَ ذلِكَ لا يَرعَوي ولا يَنصَرِفُ عَنِ المَساوي فَإِنَّما ذلِكَ مِن مَرَحِهِ ومِن قَساوَةِ قَلبِهِ لا مِن خَطَأً فِي التَّدبيرِ ؛ كَما أنَّ الطَّبيبَ قَد يَصِفُ لِلمَريضِ ما يَنتَفِعُ بِهِ ، فَإِن كانَ المَريضُ مُخالِفًا لِقَولِ الطَّبيبِ لا يَعمَلُ بِما يَأمُرُهُ ولا يَنتَهي عَمّا يَنهاهُ عَنهُ لَم يَنتَفِع بِصِفَتِهِ ، ولَم يَكُنِ الإِساءَ ةُ في ذلِكَ لِلطَّبيبِ بَل لِلمَريضِ حَيثُ لَم يَقبَل مِنهُ . ولَئِن كانَ الإِنسانُ مَعَ تَرَقُّبِهِ لِلمَوتِ كُلَّ ساعَةٍ لا يَمتَنِعُ عَنِ المَعاصي فَإِنَّهُ لَو وَثِقَ بِطولِ البَقاءِ كانَ أحرى بِأَن يَخرُجَ إلَى الكَبائِرِ الفَظيعَةِ ، فَتَرَقُّبُ المَوتِ عَلى كُلِّ حالٍ خَيرٌ لَهُ مِنَ الثِّقَةِ بِالبَقاءِ . ثُمَّ إنَّ تَرَقُّبَ المَوتِ وإن كانَ صِنفٌ مِنَ النّاسِ يَلهَونَ عَنهُ ولا يَتَّعِظونَ بِهِ فَقَد يَتَّعِظُ بِهِ صِنفٌ آخَرُ مِنهُم ، ويَنزَعونَ عَنِ المَعاصي ، ويُؤثِرونَ العَمَلَ الصّالِحَ ، ويَجودونَ بِالأَموالِ وَالعَقائِلِ النَّفيسَةِ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الفُقَراءِ وَالمَساكينِ ، فَلَم يَكُن مِنَ العَدلِ أن يُحرَمَ هؤُلاءِ الاِنتِفاعَ بِهذِهِ الخَصلَةِ لِتَضييعِ اُولئِكَ حَظَّهُم مِنها[72] .

/ 118