بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 1

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(1)

الجزء الاول من كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع تأليف الامام علاء الدين ابي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي الملقب بملك العلماء المتوفى سنة هج 587 رية ( الطبعة الاولى )

1409 ه 1989 م الناشر المكتبة الحبيبية كانسي رود حاجي غيبي شوك كوئته باكستان

(2)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العلي القادر القوي القاهر الرحيم الغافر الكريم الساتر ذي السلطان الظاهر و البرهان الباهر خالق كل شيء و مالك كل ميت وحي خلق فأحسن و صنع فأتقن و قدر فغفر و أبصر فستر و كرم فعفى و حكم فأحفى عم فضله و إحسانه و تمت حجته و برهانه و ظهر أمره و سلطانه فسبحانه ما أعظم شانه و الصلاة و السلام على المبعوث بشيرا و نذيرا و داعيا إلى الله باذنه و سراجا منيرا فأوضح الدلالة و أزاح الجهالة و فل السفه وثل الشبه محمد سيد المرسلين و امام المتقين و على آله الابرار و أصحابه المصطفين الاخبار ( و بعد )

فانه لا علم بعد العلم بالله و صفاته أشرف من علم الفقة و هو المسمى بعلم الحلال و الحرام و علم الشرائع و الاحكام له بعث الرسل و أنزل الكتب اذ لا سبيل إلى معرفته بالعقل المحض دون معونة السمع و قال الله تعالى يؤتى الحكمة من يشاء و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا قيل في بعض وجوه التأويل هو علم الفقة و قد روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين و لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد و روى أن رجلا قدم من الشام إلى عمر رضى الله عنه فقال ما أقدمك قال قدمت لا تعلم التشهد فبكى عمر حتى ابتلت لحيته ثم قال و الله انى لارجو من الله أن لا يعذبك أبدا و الاخبار و الآثار في الحض على هذا النوع من العلم أكثر من أن تحصى و قد كثر تصانيف مشايخنا في هذا الفن قديما و حديثا وكلهم أفادوا و أجادوا انهم لم يصرفوا العناية إلى الترتيب في ذلك سوى أستاذي وارث السنة و مورثها الشيخ الامام الزاهد علاء الدين رئيس أهل السنة محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي رحمه الله تعالى فاقتديت به فاهتديت اذ الغرض الاصلى و المقصود الكلى من التصنيف في كل فن من فنون العلم هو تيسير سبيل الوصول إلى المطلوب على الطالبين و تقريبه إلى افهام المقتبسين و لا يلتئم هذا المراد الا بترتيب تقتضيه الصناعة و توجبه الحكمة و هو التصفح عن أقسام المسائل و فصولها و تخريجها على قواعدها و أصولها ليكون أسرع فهما و أسهل ضبطا و أيسر حفظا فتكثر الفائدة و تتوفر العائدة فصرفت العناية إلى ذلك و جمعت في كتابي

(3)

هذا جملا من الفقة مرتبة بالترتيب الصناعي و التأليف الحكمي الذي ترتضيه أرباب الصنعة و تخضع له أهل الحكمة مع إيراد الدلائل الجلية و النكت القوية بعبارات محكمة البانى مؤدية المعاني و سميته ( بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع )

إذ هي صنعة بديعة و ترتيب عجيب و ترصيف غريب لتكون التسمية موافقة للمسمى و الصورة مطابقة للمعنى وافق شن طبقه وافقه فاعتنقه فأستوفق الله تعالى لاتمام هذا الكتاب الذي هو غاية المراد و الزاد للمرتاد و منتهى المطلب و عينه تشفى الجرب و المأمول من فضله و كرمه أن يجعله وارثا في الغابرين و لسان صدق في الآخرين و ذكرا في الدنيا و ذخرا في العقبى و هو خير مأمول و أكرم مسئول ( كتاب الطهارة )

الكلام في هذا الكتاب في الاصل في موضعين أحدهما في تفسير الطهارة و الثاني في البيان أنواعها ( أما )

تفسيرها فالطهارة لغة و شرعا هي النظافة و التطهير التنظيف و هو إثبات النظافة في المحل و انها صفة تحدث ساعة فساعة و انما يمتنع حدوثها بوجود ضدها و هو القذر فإذا زال القذر و امتنع حدوثه بإزالة العين القذرة تحدث النظافة فكان زوال القذر من باب زوال المانع من حدوث الطهارة لا أن يكون طهارة و انما سمى طهارة توسعا لحدوث الطهارة عند زواله ( فصل )

و أما بيان أنواعها فالطهارة في الاصل نوعان طهارة عن الحدث و تسمى طهارة حكمية و طهارة عن الخبث و تسمى طهارة حقيقة ( أما )

الطهارة عن الحدث فثلاثة أنواع الوضوء و الغسل و التيمم ( أما )

الوضوء فالكلام في الوضوء في مواضع في تفسيره و فى بيان أركانه و فى بيان شرائط الاركان و فى بيان سننه و فى بيان آدابه و فى بيان ما ينقضه ( أما )

الاول فالوضوء اسم للغسل و المسح لقوله تبارك و تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق و امسحوا برؤسكم و أرجلكم إلى الكعبين أمر بغسل الاعضاء الثلاثة و مسح الرأس فلا بد من معرفة معنى الغسل و المسح فالغسل هو اسالة المائع على المحل و المسح هو الاصابة حتى لو غسل أعضاء وضوئه و لم يسل الماء بأن استعمله مثل الدهن لم يجز في ظاهر الرواية و روى عن أبي يوسف انه يجوز و على هذا قالوا لو توضأ بالثلج و لم يقطر منه شيء لا يجوز و لو قطر قطرتان أو ثلاث جاز لوجود الا سالة و سئل الفقية أبو جعفر الهندواني عن التوضئ بالثلج فقال ذلك مسح و ليس بغسل فان عالجه حتى يسيل يجوز و عن خلف بن أيوب انه قال ينبغي للمتوضي في الشتاء أن يبل أعضاءه شبه الدهن ثم يسيل الماء عليها لان الماء يتجافى عن الاعضا في الشتاء ( و أما )

أركان الوضوء فأربعة ( أحدها )

غسل الوجه مرة واحدة لقوله تعالى فاغسلوا وجوهكم و الامر المطلق لا يقتضى التكرار و لم يذكر في ظاهر الرواية حد الوجه و ذكر في رواية الاصول انه من قصاص الشعر الى أسفل الذقن و إلى شحمتي الاذنين و هذا تحديد صحيح لانه تحديد الشيء بما ينبئ عنه اللفظ لغة لان الوجه اسم لما يواجه الانسان أو ما يواجه اليه في العادة و المواجهة تقع بهذا المحدود فوجب غسله قبل نبات الشعر فإذا نبت الشعر يسقط غسل ما تحته عند عامة العلماء و قال أبو عبد الله البلخى انه لا يسقط غسله و قال الشافعي ان كان الشعر كثيفا يسقط و ان كان خفيفا لا يسقط وجه قول أبى عبد الله ان ما تحت الشعر بقي داخلا تحت الحد بعد نبات الشعر فلا يسقط غسله وجه قول الشافعي ان السقوط لمكان الحرج و الحرج في الكثيف لا في الخفيف ( و لنا )

ان الواجب غسل الوجه و لما نبت الشعر خرج ما تحته من أن يكون وجها لانه لا يواجه اليه فلا يجب غسله و خرج الجواب عما قاله أبو عبد الله و عما قاله الشافعي أيضا لان السقوط في الكثيف ليس لمكان الحرج بل لخروجه من أن يكون وجها لاستتاره بالشعر و قد وجد ذلك في الخفيف و على هذا الخلاف غسل ما تحت الشارب و الحاجبين و أما الشعر الذي يلاقى الحدين و ظاهر الذقن فقد روى ابن شجاع عن الحسن عن أبي حنيفة و زفر انه مسح من لحيته ثلثا أو ربعا جاز و ان مسح أقل من ذلك لم يجز و قال أبو يوسف ان لم

(4)

يسمح شيأ منها جاز و هذه الروايات مرجوع عنها و الصحيح انه يجب غسله لان البشرة خرجت من أن تكون وجها لعدم معنى المواجهة لاستتارها بالشعر فصار ظاهر الشعر الملاقى لها هو الوجه لان المواجهة تقع اليه و إلى هذا أشار أبو حنيفة فقال و انما مواضع الوضوء ما ظهر منها و الظاهر هو الشعر لا البشرة فيجب غسله و لا يجب غسل ما استرسل من اللحية عندنا و عند الشافعي يجب ( له )

ان المسترسل تابع لما اتصل و التبع حكمه حكم الاصل ( و لنا )

انه انما يواجه إلى المتصل عادة لا إلى المسترسل فلم يكن المسترسل وجها فلا يجب غسله و يجب غسل البياض الذي بين العذار و الاذن في قول ابى حنيفة و محمد و روى عن أبى يوسف انه لا يجب لابى يوسف ان ما تحت العذار لا يجب غسله مع انه اقرب إلى الوجه فلان لا يجب غسل البياض أولى و لهما ان البياض داخل في حد الوجه و لم يستر بالشعر فبقى واجب الغسل كما كان بخلاف العذار و إدخال الماء في داخل العينين ليس بواجب لان داخل العين ليس بوجه لانه لا يواجه اليه و لان فيه حرجا و قيل ان من تكلف لذلك من الصحابة كف بصره كابن عباس و ابن عمر رضى الله عنهم ( و الثاني )

غسل اليدين مرة واحدة لقوله تعالى و أيديكم و مطلق الامر لا يقتضى التكرار و المرفقان يدخلان في الغسل عند اصحابنا الثلاثة و عند زفر لا يدخلان و لو قطعت يده من المرفق يجب عليه غسل موضع القطع عندنا خلافا له وجه قوله ان الله تعالى جعل المرفق غاية فلا يدخل تحت ما جعلت له الغاية كما لا يدخل الليل تحت الامر بالصوم في قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل و لنا ان الامر تعلق بغسل اليد و اليد اسم لهذه الجارحة من رؤوس الاصابع إلى الابط و لو لا ذكر المرفق لوجب غسل اليد كلها فكان ذكر المرفق لاسقاط الحكم عما وراءه لا لمد الحكم اليه لدخوله تحت مطلق اسم اليد فيكون عملا باللفظ بالقدر الممكن و به تبين ان المرفق لا يصلح غاية لحكم ثبت في اليد لكونه بعض اليد بخلاف الليل في باب الصوم الا ترى انه لو لا ذكر الليل لما اقتضى الامر الا وجوب صوم ساعة فكان ذكر الليل لمد الحكم اليه على أن الغايات منقسمة منها ما لا يدخل تحت ما ضربت له الغاية و منها ما يدخل كمن قال رأيت فلانا من رأسه إلى قدمه و أكلت السمكة من رأسها إلى ذنبها دخل القدم و الذنب فان كانت هذه الغاية من القسم الاول لا يجب غسلهما و ان كانت من القسم الثاني يجب فيحمل على الثاني احتياطا على أنه إذا احتمل دخول المرافق في الامر بالغسل و احتمل خروجها عنه صار مجملا مفتقرا إلى البيان و قد روى جابر ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا بلغ المرفقين في الوضوء أدار الماء عليهما فكان فعله بيانا لمجمل الكتاب و المجمل اذا التحق به البيان يصير مفسرا من الاصل ( و الثالث )

مسح الرأس مرة واحدة لقوله تعالى و امسحوا برؤسكم و الامر المطلق بالفعل لا يوجب التكرار و اختلف في المقدار المفروض مسحه ذكره في الاصل و قدره بثلاث أصابع اليد و روى الحسن عن أبى حنيفة أنه قدره بالربع و هو قول زفر و ذكر الكرخي و الطحاوي عن اصحابنا مقدار الناصية و قال مالك لا يجوز حتى يمسح جميع الرأس أو أكثره و قال الشافعي إذا مسح ما يسمى مسحا يجوز و ان كان ثلاث شعرات وجه قول مالك أن الله تعالى ذكر الرأس و الرأس اسم للجملة فيقتضى وجوب مسح جميع الرأس و حرف الباء لا يقتضى التبعيض لغة بل هو حرف إلصاق فيقتضى إلصاق الفعل بالمفعول و هو المسح بالرأس و الرأس اسم لكله فيجب مسح كله الا أنه إذا مسح الاكثر جاز لقيام الاكثر مقام الكل وجه قول الشافعي ان الامر تعلق بالمسح بالرأس و المسح بالشيء لا يقتضى استيعابه في العرف يقال مسحت يدي بالمنديل و ان لم يمسح بكله و يقال كتبت بالقلم و ضربت بالسيف و ان لم يكتب بكل القلم و لم يضرب بكل السيف فيتناول أدنى ما ينطلق عليه الاسم و لنا ان الامر بالمسح يقتضى آلة إذا المسح لا يكون الا بآلة و آلة المسح هى اصابع اليد عادة و ثلاث أصابع اليد أ كثر الاصابع و للاكثر حكم الكل فصار كأنه نص على الثلاث و قال و امسحوا برؤسكم بثلاث اصابع أيديكم و أما وجه التقدير بالناصية فلان مسح جميع الرأس ليس بمراد من الآية بالاجماع ألا ترى أنه عند مالك ان مسح جميع الرأس الا قليلا منه جائز فلا يمكن حمل الآية على جميع الرأس و لا على بعض مطلق و هو أدنى ما ينطلق عليه الاسم كما قاله الشافعي لان ماسح

(5)

شعرة أو ثلاث شعرات لا يسمى ماسحا في العرف فلا بد من الحمل على مقدار يسمى المسح عليه مسحا في المتعارف و ذلك معلوم و قد روى المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه و سلم انه بال و توضأ و مسح على ناصيته فصار فعله عليه الصلاة و السلام بيانا لمجمل الكتاب إذا البيان يكون بالقول تارة و بالفعل أخرى كفعله في هيئة الصلاة و عدد ركعاتها و فعله في مناسك الحج و غير ذلك فكان المراد من المسح بالرأس مقدار الناصية ببيان النبي صلى الله عليه و سلم و وجه التقدير بالربع انه قد ظهر اعتبار الربع في كثير من الاحكام كما في حلق ربع الرأس انه يحمل به المحرم و لا يحل بدونه و يجب الدم إذا فعله في إحرامه و لا يجب بدونه و كما في انكشاف الربع من العورة في باب الصلاة انه يمنع جواز الصلاة و ما دونه لا يمنع كذا ههنا و لو وضع ثلاث أصابع وضعا و لم يمدها جاز على قياس رواية الاصل و هي التقدير بثلاث أصابع لانه أتى بالقدر المفروض و على قياس رواية الناصية و الربع لا يجوز لانه ما استوفى ذلك القدر و لو مسح بثلاث أصابع منصوبة موضوعة و لا ممدودة لم يجز لانه لم يأت بالقدر المفروض و لو مدها حتى بلغ القدر المفروض لم يجز عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر يجوز و على هذا الخلاف إذا مسح بأصبع أو بأصبعين و مدهما حتى بلغ مقدار الغرض وجه قول زفر ان الماء لا يصير مستعملا حالة المسح كما لا يصير مستعملا حالة لغسل فإذا مد فقد مسح بماء مستعمل فجاز و الدليل عليه ان سنة الاستيعاب تحصل بالمد و لو كان مستعملا بالمد لما حصلت لانها لا تحصل بالماء المستعمل ( و لنا )

ان الاصل ان يصير الماء مستعملا بأول ملاقاته العضو لوجود زوال الحدث أو قصد القربة الا ان في باب الغسل لم يظهر حكم الاستعمال في تلك الحالة للضرورة و هي انه لو أعطى له حكم الاستعمال لاحتاج إلى أن يأخذ لكل جزء من العضو ماء جديدا و فيه من الحرج ما لا يخفى فلم يظهر حكم الاستعمال لهذه الضرورة و لا ضرورة في المسح لانه يمكنه أن يمسح دفعة واحدة فلا ضرورة إلى المد لاقامة الفرض فظهر حكم الاستعمال فيه و به حاجة إلى اقامة سنة الاستيعاب فلم يظهر حكم الاستعمال فيه كما في الغسل و لو مسح بأصبع واحدة ثلاث مرات و أعادها إلى الماء في كل مرة جاز هكذا روى ابن رستم عن محمد في النوادر لان المفروض هو المسح قدر ثلاث أصابع و قد وجد و ان لم يكن بثلاث أصابع ألا ترى انه لو أصاب رأسه هذا القدر من ماء المطر سقط عنه فرض المسح و ان لم يوجد منه فعل المسح رأسا و لو مسح بأصبع واحدة ببطنها و بظهرها و بجانبيها لم يذكر في ظاهر الرواية و اختلف المشايخ فقال بعضهم لا يجوز و قال بعضهم يجوز و هو الصحيح لان ذلك في معنى المسح بثلاث أصابع و إيصال الماء إلى أصول الشعر ليس بفرض لان فيه حرجا فأقيم المسح على الشعر مقام المسح على أصوله و لو مسح على شعره و كان شعره طويلا فان مسح على ما تحت أذنه لم يجز و ان مسح على ما فوقها جاز لان المسح على الشعر كالمسح على ما تحته و ما تحت الاذن عنق و ما فوقه رأس و لا يجوز المسح على يالعمامة و القلنسوة لانهما يمنعان اصابة الماء الشعر و لا يجوز مسح المرأة على خمارها لما روى عن عائشة رضى الله عنها انها أدخلت يدها تحت الخمار و مسحت برأسها و قالت بهذا أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم الا إذا كان الخمار رقيقا ينفذ الماء إلى شعرها فيجوز لوجود الاصابة و لو أصاب رأسه المطر مقدار المفروض أجزأه مسحه بيده أو لم يمسحه لان الفعل ليس بمقصود في المسح و انما المقصود هو وصول الماء إلى ظاهر الشعر و قد وجد و الله الموفق ( و الرابع )

غسل الرجلين مرة واحدة لقوله تعالى و أرجلكم إلى الكعبين بنصب اللام من الارجل معطوفا على قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق كأنه قال فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق و أرجلكم إلى الكعبين و امسحوا برؤسكم و الامر المطلق لا يقتضى التكرار و قالت الرافضة الفرض هو المسح لا و قال الحسن البصري بالتخيير بين المسح و الغسل و قال بعض المتأخرين بالجمع بينهما وأصل هذا الاختلاف ان الآية قرئت بقراءتين بالنصب و الخفض فمن قال بالمسح أخذ بقراءة الخفض فانها تقتضي كون الارجل ممسوحة لا مغسولة لانها تكون معطوفة على الرأس و المعطوف يشارك المعطوف عليه في الحكم ثم وظيفة الرأس المسح فكذا وظيفة

(6)

الرجل و مصداق هذه القراءة انه اجتمع في الكلام عاملان أحدهما قوله فاغسلوا و الثاني حرف الجر و هو الباء في قوله برؤسكم و الباء أقرب فكان الخفض أولى و من قال بالتخيير يقول ان القراءتين قد ثبت كون كل واحدة منهما قرآنا و تعذرا لجمع بين موجبيهما و هو وجوب المسح و الغسل اذ لا قائل به في السلف فيخير المكلف ان شاء عمل بقراءة النصب فغسل و ان شاء بقراءة الخفض فمسح و أيهما فعل يكون اتيانا بالمفروض كما في الامر بأحد الاشياء الثلاثة و من قال بالجمع يقول القراءتان في آية واحدة بمنزلة آيتين فيجب العمل بهما جميعا ما أمكن و أمكن ههنا لعدم التنافي اذ لا تنافي بين الغسل و المسح في محل واحد فيجب الجمع بينهما ( و لنا )

قراءة النصب و انها تقتضي كون وظيفة الارجل الغسل لانها تكون معطوفة على المغسولات و هي الوجه و اليدان و المعطوف على المغسول يكون مغسولا تحقيقا لمقتضى العطف و حجة هذه القراءة وجوه أحدها ما قاله بعض مشايخنا ان قراءة النصب محكمة في الدلالة على كون الارجل معطوفة على المغسولات و قراءة الخفض محتملة لانه يحتمل انها معطوفة على الرؤس حقيقة و محلها من الاعراب الخفض و يحتمل أنها معطوفة على الوجه و اليدين حقيقة و محلها من الاعراب النصب الا أن خفضها للمجاور قوا عطاء الاعراب بالمجاورة طريقة شائعة في اللغة بغير حائل و بحائل اما بغير الحائل فكقولهم حجر ضب خرب و ماء شن بارد و الخرب نعت الحجر لا نعت الضب و البرودة نعت الماء لا نعت الشن ثم خفض لمكان المجاورة و أما مع الحائل فكما قال تعالى يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب و أباريق إلى قوله و حور عين لانهن لا يطاف بهن و كما قال الفرزدق فهل أنت ان ماتت أنا نك راكب إلى آل بسطام بن قيس فخاطب فثبت ان قراءة الخفض محتملة و قراءة النصب محكمة فكان العمل بقراءة النصب أولى الا أن في هذا اشكالا و هو أن هذا الكلام في حد التعارض لان قراءة النصب محتملة أيضا في الدلالة على كون الارجل معطوفة على اليدين و الرجلين لانه يحتمل انها معطوفة على الرأس و المراد بها المسح حقيقة لكنها نصبت على المعنى لا على اللفظ لان الممسوح به مفعول به فصار كأنه قال تعالى و امسحوا برؤسكم و الاعراب قد يتبع اللفظ و قد يتبع المعنى كما قال الشاعر معاوى اننا بشر فاسجح فسلنا بالجبال و لا الحديدا نصب الحديد عطفا على الجبال بالمعني لا باللفظ معناه فلسنا الجبال و لا الحديد فكانت كل واحدة من القراءتين محتملة في الدلالة من الوجه الذي ذكرنا فوقع التعارض فيطلب الترجيح من جانب آخر و ذلك من وجوه أحدها ان الله تعالى مد الحكم في الا رجل إلى الكعبين و وجوب المسح لا يمتد إليهما و الثاني أن الغسل يتضمن المسح إذا الغسل اسالة و المسح اصابة و في الا سالة اصابة و زيادة فكان ما قلناه عملا بالقراءتين معا فكان أولى و الثالث أنه قد روى جابر و أبو هريرة و عائشة و عبد الله بن عمر و غيرهم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى قوما تلوح أعقابهم لم يصبها الماء فقال ويل لللاعقاب من النار اسبغوا الوضوء و روى أنه توضأ مرة مرة و غسل رجليه و قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به و معلوم أن قوله ويل للاعقاب من النار وعيد لا يستحق الا بترك المفروض و كذا نفى قبول صلاة من لا يغسل رجليه في وضوئه فدل ان غسل الرجلين من فرائض الوضوء و قد ثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه و سلم غسل رجليه في الوضوء لا يجحده مسلم فكان قوله و فعله بيان المراد بالآية فثبت بالدلائل المتصلة و المنفصلة أن الا رجل في الآية معطوفة على المغسول لا على الممسوح فكان وظيفتها الغسل لا المسح على أنه ان وقع التعارض بين القراءتين فالحكم في تعارض القراءتين كالحكم في تعارض الآيتين و هو انه ان أمكن العمل بهما مطلقا يعمل و ان لم يمكن للتنافي يعمل بهما بالقدر الممكن و ههنا لا يمكن الجمع بين الغسل و المسح في عضو واحد في حالة واحدة لانه لم يقل به أحد من السلف و لانه يؤدى إلى تكرار المسح لما ذكرنا أن الغسل يتضمن المسح و الامر المطلق لا يقتضى التكرار فيعمل بهما في الحالتين فتحمل قراءة النصب على ما إذا كانت الرجلان باديتين و تحمل قراءة الخفض على ما إذا كانتا مستورتين بالخفين توفيقا بين القراءتين و عملا بهما




/ 48