بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 1

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(77)

الانفحة إذا خرجت بعد الموت انها طاهرة جامدة كانت أو مائعة و عندهما ان كانت مائعة فنجسة و ان كانت جامدة تطهر بالغسل و لو وقع عظم الميتة في البئر فان كان عظم الخنزير أفسده كيفما كان و اما عظم غيره فان كان عليه لحم أو دسم يفسد الماء لان النجاسة تشيع في الماء و ان لم يكن عليه شيء لم يفسد لان العظم طاهر بئر وجب منها نزح عشرين دلوا فنزح الدلو الاول وصب في بئر طاهرة ينزح منها عشرون دلوا و الاصل في هذا ان البئر الثانية تطهر بما تطهر به الاولى حين كان الدلو المصبوب فيها و لو صب الدلو الثاني ينزح تسعة عشر دلوا و لو صب الدلو العاشر في رواية أبى سليمان ينزح عشرة دلاء و فى رواية أبى حفص أحد عشر دلوا و هو الاصح و التوفيق بين الروايتين ان المراد من الاولى سوى المصبوب و من الثانية مع المصبوب و لو صب الدلو الاخير ينزح دلوا واحدا لان طهارة الاولى به و لو أخرجت الفأرة و ألقيت في بئر طاهرة وصب فيها أيضا عشرون دولوا من ماء الاولى تطرح الفأرة و ينزع عشرون دلوا لان طهارة الاولى به فكذا الثانية بئران وجب من كل واحدة منهما نزح عشرين فنزح عشرون من أحدهما وصب في الاخرى ينزح عشرون و لو وجب من احداهما نزح عشرين و من الاخرى نزح أربعين فنزح ما وجب من احداهما وصب في الاخرى ينزح أربعون و الاصل فيه ان ينظر إلى ما وجب من النزح منها و إلى ما صب فيها فان كانا سواء تداخلا و ان كان أحدهما أكثر دخل القليل في الكثير و على هذا ثلاثة آبار وجب من كل واحدة نزح عشرين فنزح الواجب من البئرين وصب في الثالثة ينزح أربعون فلو وجب من احداهما نزح عشرين و من الاخرى نزح أربعين فصب الواجبان في بئر طاهرة ينزح أربعون لما قلنا من الاصل و لو نزح دلو من الاربعين وصب في العشرين ينزح أربعون لانه لو صب في بئر طاهرة نزح كذلك فكذا هذا و هذا كله قول محمد و عن أبى يوسف روايتان في رواية ينزح جميع الماء و فى رواية ينزح الواجب و المصبوب جميعا فقيل له ان محمدا روى عنك الاكثر فانكر فأرة وقعت في حب ماء و ماتت فيها يهراق كله و لو صب ماؤه في بئر طاهرة فعند أبى يوسف ينزح المصبوب و عشرون دلوا و عند محمد ينظر إلى ماء الحب فان كان عشرين دلوا أو أكثر نزح ذلك القدر و ان كان أقل من عشرين نزح عشرون لان الحاصل في البئر نجاسة الفأرة فأرة ماتت في البئر و أخرجت فجاؤا بدلو عظيم يسع عشرين دلوا بدلوهم فاستقوا منها دلوا واحدا اجزأهم و طهرت البئر لان الماء النجس قدر ما جاور الفأرة فلا فرق بين ان ينزح ذلك بدلوا واحد و بين ان ينزح بعشرين دلوا و كان الحسن بن زياد يقول لا يطهر الا بنزح عشرين دلوا لان عند تكرار النزح ينبع الماء من أسفله و يؤخذ من أعلاه فيكون في حكم الماء الجارى و هذا لا يحصل بدلوا واحد و ان كان عظيما و لو صب الماء المستعمل في البئر ينزح كله عند أبى يوسف لانه نجس عنده و عند محمد ينزح عشرون دلوا كذا ذكره القدوري في شرح مختصر الكرخي و فيه نظر لان الماء المستعمل طاهر عند محمد و الطاهر إذا اختلط بالطهور لا يغيره عن صفة الطهورية الا إذا غلب عليه كسائر المائعات الطاهرة و يحتمل ان يقال ان طهارته مقطوع بها لكونه محل الاجتهاد بخلاف المائعات فينزح أدنى ما ورد الشرع به و ذلك عشرون احتياطا و لو نزح ماء البئر و بقى الدلو الاخير فهذا على ثلاثة أوجه اما ان لم ينفصل عن وجه الماء أو انفصل و نحى عن رأس البئر أو انفصل و لم ينح عن رأس البئر فان لم ينفصل عن وجه الماء لا يحكم بطهارة البئر حتى لا يجوز التوضؤ منه لان النجس لم يتميز من الطاهر و ان انفصل عن وجه الماء و نحى عن رأس البئر طهر لان النجس قد تميز من الطاهر و اما إذا انفصل عن وجه الماء و لم ينح عن رأس البئر و الماء يتقاطر فيه لا يطهر عند أبى يوسف و عند محمد يطهر و لم يذكر في ظاهر الرواية قول أبى حنيفة و ذكر الحاكم قوله مع قول أبى يوسف وجه قول محمد ان النجس انفصل من الطاهر فان الدلو الاخير تعين للنجاسة شرعا بدليل انه إذا نحى عن رأس البئر يبقى الماء طاهرا و ما يتقاطر فيها من الدلو سقط اعتبار نجاسته شرعا دفعا للحرج إذا لو أعطى للقطرات حكم النجاسة لم يطهر بئر أبدا و بالناس حاجة إلى الحكم بطهارة الآبار بعد وقوع النجاسات فيها وجه قولهما انه لا يمكن الحكم بطهارة البئر الا بعد انفصال النجس عنها و هو ماء الدلو الاخير و لا يتحقق الانفصال الا بعد تنحية الدلو عن البئر لان ماءه متصل بماء البئر و لم

(78)

يوجد فلا يحكم بطهارة البئر و لانه لو جعل منفصلا لا يمكن القول بطهارة البئر لان القطرات تقطر في البئر فإذا كان منفصلا كان له حكم النجاسة فتنجس البئر ثانيا لان ماء البئر قليل و النجاسة و ان قلت متى لاقت ماء قليلا تنجسه فكان هذا تطهيرا للبئر أولا ثم تنجيسا له ثانيا و انه اشتغال بما لا يفيد و سقوط اعتبار نجاسة القطرات لا يجوز الا لضرورة و الضرورة تندفع بان يعطى لهذا الدلو حكم الانفصال بعد انعدام التقاطر بالتنحية عن رأس البئر فلا ضرورة إلى تنجيس البئر بعد الحكم بطهارتها و لو توضأ من بئر وصلى أياما ثم وجد فيها فأرة فان علم وقت وقوعها أعاد الصلاة من ذلك الوقت لانه تبين أنه توضأ بماء نجس و ان لم يعلم فالقياس أن لا يعيد شيأ من الصلوات ما لم يستيقن بوقت وقوعها و هو قول أبى يوسف و محمد و فى الاستحسان ان كانت منتفخة أو متفسخة أعاد صلاة ثلاثة أيام و لياليها و ان كانت منتفخة و لا متفسخة لم يذكر في ظاهر الرواية و روى الحسن عن أبى حنيفة أنه يعيد صلاة يوم و ليلة و لو إطلع على نجاسة في ثوبه أكثر من قدر الدرهم و لم يتيقن وقت اصابتها لا يعيد شيأ من الصلاة كذا ذكر الحاكم الشهيد و هو رواية بشر المريسي عن أبى حنيفة و روى عن أبى حنيفة انها ان كانت طرية يعيد صلاة يوم و ليلة و ان كانت يابسة يعيد صلاة ثلاثة أيام بلياليها و روى ابن رستم في نوادره عن أبى حنيفة انه ان كان دما لا يعيد و ان كان منيا يعيد من آخر ما احتلم لان دم غيره قد يصيبه و الظاهر أن الاصابة لم تتقدم زمان وجوده فاما منى غيره فلا يصيب ثوبه فالظاهر أنه منيه فيعتبر وجوده من وقت وجود سبب خروجه حتى ان الثوب لو كان مما يلبسه هو و غيره يستوى فيه حكم الدم و المنى و مشايخنا قالوا في البول يعتبر من آخر ما بال و فى الدم من آخر ما رعف و فى المنى من آخر ما احتلم أو جامع وجه القياس في المسألة أنه تيقن طهارة الماء فيما مضى و شك في نجاسته لانه يحتمل أنها وقعت في الماء و هي حية فماتت فيه و يحتمل انها وقعت ميتة بان ماتت في مكان آخر ثم ألقاها بعض الطيور في البئر على ما حكى عن أبى يوسف أنه قال كان قولى مثل قول أبى حنيفة إلى ان كنت يوما جالسا في بستاني فرأيت حدأة في منقارها جيفة فطرحتها في بئر فرجعت عن قول أبى حنيفة فوقع الشك في نجاسة الماء فيما مضى فلا يحكم بنجاسته بالشك و صار كما إذا رأى في ثوبه نجاسة و لا يعلم وقت اصابتها أنه لا يعيد شيأ من الصلوات كذا هذا وجه الاستحسان أن وقوع الفأرة في البئر سبب لموتها و الموت متى ظهر عقيب سبب صالح يحال به عليه كموت المجروح فانه يحال به إلى الجرح و ان كان يتوهم موته بسبب آخر و إذا حيل بالموت إلى الوقوع في الماء فأدني ما يتفسخ فيه الميت ثلاثة أيام و لهذا يصلى على قبر ميت لم يصل عليه إلى ثلاثة أيام و توهم الوقوع بعد الموت احالة بالموت إلى سبب لم يظهر و تعطيل للسبب الظاهر و هذا لا يجوز فبطل اعتبار الوهم و التحق الموت في الماء بالمتحقق الا إذا قام دليل المعاينة بالوقوع في الماء ميتا فحينئذ يعرف بالمشاهدة أن الموت حاصل بهذا السبب و لا كلام فيه و أما إذا لم تكن منتفخة فلانا إذا أحلنا بالموت إلى الوقوع في الماء و لا شك أن زمان الموت سابق على زمان الوجود خصوصا في الابار المظلمة العميقة التي لا يعاين ما فيها و لذا يعلم يقينا أن الواقع لا يخرج باول دلو فقدر ذلك بيوم و ليلة احتياطا لانه أدنى المقادير المعتبرة ( و الفرق )

بين البئر و الثوب على رواية الحاكم أن الثوب شيء ظاهر فلو كان ما أصابه سابقا على زمان الوجود لعلم به في ذلك الزمان فكان عدم العلم قبل ذلك دليل عدم الاصابة بخلاف البئر على ما مر و على هذا الخلاف إذا عجن بذلك الماء انه يؤكل خبزه عندهما و عند أبى حنيفة لا يؤكل و إذا لم يؤكل ماذا يصنع به قال مشايخنا يطعم للكلاب لان ما تنجس باختلاط النجاسة به و النجاسة معلومة لا يباح أكله و يباح الانتفاع به فيما وراء الاكل كالدهن النجس أنه ينتفع به استصباحا إذا كان الطاهر غالبا فكذا هذا و بئر الماء إذا كانت بقرب من البالوعة لا يفسد الماء ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه و قدر أبو حفص المسافة بينهما بسبعة أذرع و أبو سليمان بخمسة و ذا ليس بتقدير لازم لتفاوت الاراضى في الصلابة و الرخاوة و لكنه خرج على الاغلب و لهذا قال محمد بعد هذا التقدير لو كان بينهما سبعة أذرع و لكن يوجد طعمه أو ريحه لا يجوز التوضؤ به فدل على أن العبرة بالخلوص و عدم الخلوص و ذلك يعرف بظهور ما ذكر من الآثار و عدمه ثم الحيوان إذا مات في المائع القليل فلا يخلوا ما ان كان له

(79)

دم سائل أو لم يكن و لا يخلوا ما ان يكون بريا أو مائيا و لا يخلوا ما ان مات في الماء أو في الماء فان لم يكن له دم سائل كالذباب و الزنبور و العقرب و السمك و الجراد و نحوها لا ينجس بالموت و لا ينجس ما يموت فيه من المائع سواء كان ماء أو غيره من المائعات كالخل و اللبن و العصير و أشباء ذلك و سواء كان بريا أو مائيا كالعقرب المائى و نحوه و سواء كان السمك طافيا أو طاف و قال الشافعي ان كان شيأ يتولد من المائع كدود الخل أو ما يباح أكله بعد الموت كالسمك و الجراد لا ينجس قولا واحدا و له في الذباب و الزنبور قولان ( و يحتج )

بظاهر قوله تعالى حرمت عليكم الميتة ثم خص منه السمك و الجراد بالحديث و الذباب و الزنبور بالضرورة ( و لنا )

ما ذكرنا ان نجاسة الميتة ليست لعين الموت فان الموت موجود في السمك و الجراد و لا يوجب التنجيس و لكن لما فيها من الدم المسفوح و لا دم في هذه الاشياء و ان كان له دم سائل فان كان بريا ينجس بالموت و ينجس المائع الذي يموت فيه سواء كان ماء أو غيره و سواء مات في المائع أو في غيره ثم وقع فيه كسائر الحيوانات الدموية لان الدم السائل نجس فينجس ما يجاوره الا الآدمى إذا كان مغسولا لانه طاهر الا يرى أنه تجوز الصلاة عليه و ان كان مائيا كالضفدع المائى و السرطان و نحو ذلك فان مات في الماء لا ينجسه في ظاهر الرواية و روى عن أبى يوسف في رواية الاصول أنه قال لو أن حية من حيات الماء ماتت في الماء ان كانت بحال لو جرحت لم يسل منها الدم لا توجب التنجيس و ان كانت لو جرحت لسال منها الدم توجب التنجيس وجه ظاهر الرواية ما علل به محمد في كتاب الصلاة فقال لان هذا مما يعيش في الماء ثم ان بعض المشايخ و هم مشايخ بلخ فهموا من تعليل محمد أنه لا يمكن صيانة المياه عن موت هذه الحيوانات فيها لان معدنها الماء فلو أوجب موتها فيها التنجيس لوقع الناس في الحرج و بعضهم و هم مشايخ العراق فهموا من تعليله انها إذا كانت تعيش في الماء لا يكون لها دم اذ الدموى لا يعيش في الماء لمخالفة بين طبيعة الماء و بين طبيعة الدم فلم تتنجس في نفسها لعدم الدم المسفوح فلا توجب تنجيس ما جاورها ضرورة و ما يرى في بعضها من صورة الدم فليس بدم حقيقة الا ترى أن السمك يحل يغير ذكاة مع أن الذكاة شرعت لا راقة الدم المسفوح و لذا إذا شمس دمه يبيض و من طبع الدم انه إذا شمس اسود و ان مات في الماء فعلى قياس العلة الاولى يوجب التنجيس لانه يمكن صيانة سائر المائعات عن موتها فيها و على قياس العلة الثانية لا يوجب التنجيس لانعدام الدم المسفوح فيها و روى عن نصير بن يحيى أنه قال سألت أبا مطيع البلخى و أبا معاذ عن الضفدع يموت في العصير فقالا يصب و سألت أبا عبد الله البلخى و محمد بن مقاتل الرازي فقالا لا يصب و عن أبى نصر محمد بن محمد بن سلام أنه كان يقول يفسد و ذكر الكرخي عن أصحابنا أن كل ما لا يفسد الماء لا يفسد الماء و هكذا روى هشام عنهم و هذا أشبه بالفقه و الله أعلم و يستوى الجواب بين المتفسخ و غيره في طهارة الماء و نجاسته الا أنه يكره شرب المائع الذي تفسخ فيه لانه لا يخلو عن أجزاء ما يحرم أكله ثم الحد الفاصل بين المائى و البرى أن المائى هو الذي لا يعيش الا في الماء و البرى هو الذي لا يعيش الا في البر و أما الذي يعيش فيهما جميعا كالبط و الاوز و نحو ذلك فلا خلاف أنه إذا مات في الماء يوجب التنجيس لان له دما سائلا و الشرع لم يسقط اعتباره حتى لا يباح أكله بدون الذكاة بخلاف السمك و ان مات في الماء روى الحسن عن أبى حنيفة أنه يفسد هذا الذي ذكرنا حكم وقوع النجاسة في المائع فاما إذا أصاب الثوب أو البدن أو مكان الصلاة أما حكم الثوب و البدن فنقول و بالله التوفيق النجاسة لا تخلوا ما ان كانت غليظة أو خفيفة قليلة أو كثيرة أما النجاسة القليلة فانها لا تمنع جواز الصلاة سواء كانت خفيفة أو غليظة استحسانا و القياس أن تمنع و هو قول زفر و الشافعي الا إذا كانت لا تأخذها العين أو ما لا يمكن الاحتراز عنه وجه القياس أن الطهارة عن النجاسة الحقيقية شرط جواز الصلاة كما أن الطهارة عن النجاسة الحكمية و هي الحدث شرط ثم هذا الشرط ينعدم بالقليل من الحدث بان بقي على جسده لمعة فكذا بالقليل من النجاسة الحقيقية ( و لنا )

ما روى عن عمر رضى الله عنه أنه سئل عن القليل من النجاسة في الثوب فقال إذا كان مثل ظفري هذا لا يمنع جواز الصلاة و لان القليل من النجاسة مما لا يمكن الاحتراز عنه فان

(80)

الذباب يقعن على النجاسة ثم يقعن على ثياب المصلى و لا بدو ان يكون على اجنحتهن و أرجلهن نجاسة قليلة فلو لم يجعل عفو الوقع الناس في الحرج و مثل هذه البلوى في الحدث منعدمة و لأَنا أجمعنا على جواز الصلاة بدون الاستنجاء بالماء و معلوم أن الاستنجاء بالاحجار لا يستأصل النجاسة حتى لو جلس في الماء القليل أفسده فهو دليل ظاهر على أن القليل من النجاسة عفو و لهذا قدرنا بالدرهم على سبيل الكناية عن موضع خروج الحدث كذا قاله إبراهيم النخعي انهم استقبحوا ذكر المقاعد في مجالسهم فكنوا عنه بالدرهم تحسينا للعبارة و أخذا بصالح الادب و أما النجاسة الكثيرة فتمنع جواز الصلاة و اختلفوا في الحد الفاصل بين القليل و الكثير من النجاسة قال إبراهيم النخعي إذا بلغ مقدار الدرهم فهو كثير و قال الشعبي لا يمنع حتى يكون أكثر من قدر الدرهم الكبير و هو قول عامة العلماء و هو الصحيح لما روينا عن عمر رضى الله عنه انه عد مقدار ظفره من النجلسة قليلا حيث لم يجعله مانعا من جواز الصلاة و ظفره كان قريبا من كفنا فعلم أن قدر الدرهم عفو و لان أثر النجلسة في موضع الاستنجاء عفو و ذلك يبلغ قدر الدرهم خصوصا في حق المبطون و لان في ديننا سعة و ما قلناه أوسع فكان أليق بالحنيفية السمحة ثم لم يذكر في ظاهر الرواية صريحا أن المراد من الدرهم الكبير من حيث العرض و المساحة أو من حيث الوزن و ذكر في النوادر الدرهم الكبير ما يكون عرض الكف و هذا موافق لما روينا من حديث عمر رضى الله عنه لان ظفره كان كعرض كف أحدنا و ذكر الكرخي مقدار مساحة الدرهم الكبير و ذكر في كتاب الصلاة الدرهم الكبير المثقال فهذا يشير إلى الوزن و قال الفقية أبو جعفر الهندواني لما اختلفت عبارات محمد في هذا فنوفق و نقول أراد بذكر العرض تقدير المائع كالبول و الخمر و نحوهما و يذكر الوزن تقدير المتجسد كالعذرة و نحوها فان كانت أكثر من مثقال ذهب وزنا تمنع و الا فلا و هو المختار عند مشايخنا بما وراء النهر و أما حد الكثير من النجلسة الخفيفة فهو الكثير الفاحش في ظاهر الرواية و روى عن أبى يوسف انه قال سألت أبا حنيفة عن الكثير الفاحش فكره أن يحد له حدا و قال الكثير الفاحش ما يستفحشه الناس و يستكثرونه و روى الحسن عنه أنه قال شبر في شبر و هو المروي عن أبى يوسف أيضا و روى عنه ذراع في ذراع و روى أكثر من نصف الثوب و روى نصف الثوب ثم في رواية نصف كل الثوب و فى رواية نصف طرف منه أما التقدير بأكثر من النصف فلان الكثرة و القلة من الاسماء الاضافية لا يكون الشيء قليلا الا أن يكون بمقابلتة كثير و كذا لا يكون كثيرا الا و أن يكون بمقابلته قليل و النصف ليس بكثير لانه ليس في مقابلته قليل فكان الكثير أكثر من النصف لان بمقابلته ما هو أقل منه و أما التقدير بالنصف فلان العفو هو القليل و النصف ليس بقليل اذ ليس بمقابلته ما هو أقل منه و أما التقدير بالشبر فلان أكثر الضرورة تقع لباطن الخفاف و باطن الخفين شبر في شبر و أما التقدير بالذراع فلان الضرورة في ظاهر الخفين و باطنهما و ذلك ذراع في ذراع و ذكر الحاكم في مختصره عن أبى حنيفة و محمد الربع و هو الاصح لان للربع حكم الكل في أحكام الشرع في موضع الاحتياط و لا عبرة بالكثرة و القلة حقيقة الا ترى أن الدرهم جعل حدا فاصلا بين القليل و الكثير شرعا مع انعدام ما ذكر الا أنه لا يمكن التقدير بالدرهم في بعض النجاسات لانحطاط رتبتها عن المنصوص عليها فقدر بما هو كثير في الشرع في موضع الاحتياط و هو الربع و اختلف المشايخ في تفسير الربع قيل ربع جميع الثوب لانهما قدراه بربع الثوب و الثوب اسم للكل و قيل ربع كل عضو و طرف اصابته النجاسة من اليد و الرجل و الذيل و الكم و الدخريص لان كل قطعة منها قبل الخياطة كان ثوبا على حدة فكذا بعد الخياطة و هو الاصح ثم لم يذكر في ظاهر الرواية تفسير النجاسة الغليظة و الخفيفة و ذكر الكرخي أن النجاسة الغليظة عند أبى حنيفة ما ورد نص على نجاسته و لم يرد نص على طهارته معارضا له و ان اختلف العلماء فيه و الخفيفة ما تعارض نصان في طهارته و نجاسته و عند أبى يوسف و محمد الغليظة ما وقع الاتفاق على نجاستة و الخفيفة ما اختلف العلماء في نجاسته و طهارته ( إذا )

عرف هذا الاصل فالأَرواث كلها نجسة نجاسة غليظة عند أبى حنيفة لانه ورد نص يدل على نجاستها و هو ما روينا عن ابن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم طلب منه ليلة الجن أحجار الاستنجاء

(81)

فاتى بحجرين و روثة فاخذ الحجرين و رمى بالروثة و قال انها رجس أو ركس أى نجس و ليس له نص معارض و انما قال بعض العلماء بطهارتها بالرأي و الاجتهاد و الاجتهاد لا يعارض النص فكانت نجاستها غليظة و على قولهما نجاستها خفيفة لان العلماء اختلفوا فيها و بول ما لا يؤكل لحمه نجس نجاسة غليظة بالاجماع على اختلاف الاصلين ( أما )

عنده فلانعدام نص معارض لنص النجاسة ( و أما )

عندهما فلوقوع الاتفاق على نجاسته و بول ما يؤكل لحمه نجس نجاسة خفيفة بالاتفاق اما عنده فلتعارض النصين و هما حديث العرنيين مع حديث عمار و غيره في البول مطلقا و أما عندهما فلاختلاف العلماء فيه ( و أما )

العذرات و خرء الدجاج و البط فنجاستها غليظة بالاجماع على اختلاف الاصلين هذا على وجه البناء على الاصل الذي ذكره الكرخي ( و أما )

الكلام في الاوراث على طريقة الابتداء فوجه قولهما أن في الاوراث ضرورة و عموم البلية لكثرتها في الطرقات فتتعذر صيانة الخفاف و النعال عنها و ما عمت بليته خفت قضيته بخلاف خرء الدجاج و العذرة لان ذلك قلما يكون في الطرق فلا تعم البلوى بإصابته و بخلاف بول ما يؤكل لحمه لان ذلك تنشفه الارض و يجف بها فلا تكثر اصابته الخفاف و النعال و روى عن محمد في الروث انه لا يمنع جواز الصلاة و ان كان كثيرا فاحشا و قيل ان هذا آخر أقاويله حين كان بالري و كان الخليفة بها فرأى الطرق و الخانات مملوءة من الاوراث و للناس فيها بلوى عظيمة فعلى هذا القياس قال بعض مشايخنا بما وراء النهر ان طين بخارى إذا أصاب الثوب لا يمنع جواز الصلاة و ان كان كثيرا فاحشا لبلوى الناس فيه لكثرة العذرات في الطرق و أبو حنيفة احتج بقوله تعالى من بين فرث و دم لبنا خالصا سائغا للشاربين جمع بين الفرث و الدم لكونهما نجسين ثم بين الاعجوبة للخلق في إخراج ما هو نهاية في الطهارة و هو اللبن من بين شيئين نجسين مع كون الكل مائعا في نفسه ليعرف به كمال قدرته و الحكيم انما يذكر ما هو النهاية في النجاسة ليكون إخراجه ما هو النهاية في الطهارة من بين ما هو النهاية في النجاسة نهاية في الاعجوبة و آية لكمال القدرة و لانها مستخبثة طبعا و لا ضرورة في إسقاط اعتبار نجاستها لانها و ان كثرت في الطرقات فالعيون تدركها فيمكن صيانة الخفاف و النعال كما في بول ما لا يؤكل لحمه و الارض و ان كانت تنشف الابوال فالهواء يجفف الارواث فلا تلتزق بالمكاعب و الخفاف على أنا اعتبرنا معنى الضرورة بالعفو عن القليل منها و هو الدرهم فما دونه فلا ضرورة في الترقية بالتقدير بالكثير الفاحش و الله أعلم و لو أن ثوبا اصابته النجاسة و هي كثيرة فجفت و ذهب أثرها و خفي مكانها غسل جميع الثوب و كذا لو أصابت أحد الكمين و لا يدرى أيهما هو غسلهما جميعا و كذا إذا راثت البقرة أو بالت في الكديس و لا يدرى مكانه غسل الكل احتياطا و قيل إذا غسل موضعا من الثوب كالدخريص و نحوه واحد الكمين و بعضا من الكديس يحكم بطهارة الباقى و هذا سديد لان موضع النجاسة معلوم و ليس البعض أولى من البعض و لو كان الثوب طاهرا فشك في نجاسته جاز له أن يصلى فيه لان الشك لا يرفع اليقين و كذا إذا كان عنده ماء طاهر فشك في وقوع النجاسة فيه و لا بأس بلبس ثياب أهل الذمة و الصلاة فيها الا الازار و السراويل فانه تكره الصلاة فيهما و تجوز ( أما )

الجواز فلان الاصل في الثياب هو الطهارة فلا تثبت النجاسة بالشك و لان التوارث جار فيما بين المسلمين بالصلاة في الثياب المغنومة من الكفرة قبل الغسل و أما الكراهة في الازار و السراويل فلقربهما من موضع الحدث و عمى لا يستنزهون من البول فصار شبيه يد المستيقظ و منقار الدجاجة المخلاة و ذكر في بعض المواضع في الكراهة خلافا على قول أبى حنيفة و محمد يكره و على قول أبى يوسف لا يكره و روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه سئل عن الشراب في أوانى المجوس فقال ان لم تجدوا منها بدا فاغسلوها ثم اشربوا فيها و انما أمر بالغسل لان ذبائحهم ميتة و أوانيهم قلما تخلو عن دسومة منها قال بعض مشايخنا و كذلك الجواب في ثياب الفسقة من المسلمين لان الظاهر انهم لا يتوقون اصابة الخمر ثيابهم في حال الشرب و قالوا في الديباج الذي ينسجه أهل فارس انه لا تجوز الصلاة فيه لانهم يستعملون فيه البول عند النسج يزعمون انه يزيد في بريقه ثم لا يغسلونه لان الغسل يفسده فان صح انهم يفعلون ذلك فلا شك انه لا تجوز

(82)

الصلاة معه ( و أما )

حكم مكان الصلاة فالمصلى لا يخلوا ما ان كان يصلى على الارض أو على غيرها من البساط و نحوه و لا يخلو اما ان كانت النجاسة في مكان الصلاة أو في غيره بقرب منه و لا يخلوا ما ان كانت قليلة أو كثيرة فان كان يصلى على الارض و النجاسة بقرب من مكان الصلاة جازت صلاته قليلة كانت أو كثيرة لان شرط الجواز طهارة مكان الصلاة و قد وجد لكن المستحب ان يبعد عن موضع النجاسة تعظيما لامر الصلاة و ان كانت النجاسة في مكان الصلاة فان كانت قليلة تجوز على أى موضع كانت لان قليل النجاسة عفو في حق جواز الصلاة عندنا على ما مر و ان كانت كثيرة فان كانت في موضع اليدين و الركبتين تجوز عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر و الشافعي لا تجوز وجه قولهما انه أدى ركنا من أركان الصلاة مع النجاسة فلا يجوز كما لو كانت النجاسة على الثوب أو البدن أو في موضع القيام ( و لنا )

ان وضع اليدين و الركبتين ليس بركن و لهذا لو أمكنه السجود بدون الوضع يجزئه فيجعل كأنه لم يضع أصلا و لو ترك الوضع جازت صلاته فههنا أولى و هكذا نقول فيما إذا كانت النجاسة على موضع القيام ان ذلك ملحق بالعدم ان القيام ركن من أركان الصلاة فلا يثبت الجواز بدونه بخلاف الثوب لان لابس الثوب صار حاملا للنجاسة مستعملا لها لانها تتحرك بتحركه و تمشى بمشية لكونها تبعا للثوب اما ههنا بخلافه و ان كانت النجاسة في موضع القدمين فان قام عليها و افتتح الصلاة لم تجز لان القيام ركن فلا يصح بدون الطهارة كما لو افتتحها مع الثوب النجس أو البدن النجس و ان قام على مكان طاهر و افتتح الصلاة ثم تحول إلى موضع النجاسة و قام عليها أو قعد فان مكث قليلا لا تفسد صلاته و ان أطال القيام فسدت لان القيام من أفعال الصلاة مقصودا لانه ركن فلا يصح بدون الطهارة فيخرج من أن يكون فعل الصلاة لعدم الطهارة و ما ليس من أفعال الصلاة إذا دخل في الصلاة ان كان قليلا يكون عفوا و الا فلا بخلاف ما إذا كانت النجاسة على موضع اليدين و الركبتين حيث لا تفسد صلاته و ان أطال الوضع لان الوضع ليس من أفعال الصلاة مقصودا بل من توابعها فلا يخرج من أن يكون فعل الصلاة تبعا لعدم الطهارة لوجود الطهارة في الاصل و ان كانت النجاسة في موضع السجود لم يجز في قول أبى يوسف و محمد و عن أبى حنيفة روايتان روى عنه محمد انه لا يجوز و هو الظاهر من مذهبه و روى أبو يوسف عنه انه يجوز وجه قولهما ان الفرض هو السجود على الجبهة و قدر الجبهة أكثر من قدر الدرهم فلا يكون عفوا وجه رواية أبى يوسف عن أبى حنيفة ان فرض السجود يتأدى بمقدار ارنبة الانف عنده و ذلك أقل من قدر الدرهم فيجوز و الصحيح رواية محمد لان الفرض و ان كان يتأدى بمقدار الارنبة عنده و لكن إذا وضع الجبهة مع الارنبة يقع الكل فرضا كما إذا طول القراءة زيادة على ما يتعلق به جواز الصلاة و مقدار الجبهة و الانف يزيد على قدر الدرهم فلا يكون عفوا ثم قوله إذا سجد على موضع نجس لم تجز اى صلاته كذا ذكر في ظاهر الرواية و هو قول زفر و روى عن أبى يوسف انه لم يجز سجوده فأما الصلاة فلا تفسد حتى لو أعاد السجود على موضع طاهر جاز صلاته و وجهه ان السجود على موضع نجس ملحق بالعدم لانعدام شرط الجواز و هو الطهارة فصار كأنه لم يسجد عليه و سجد على مكان طاهر وجه ظاهر الرواية ان السجدة أو ركن آخر لما لم يجز على موضع نجس صار فعلا كثيرا ليس من أفعال الصلاة و ذا يوجب فساد الصلاة و لو كانت النجاسة في موضع احدى القدمين على قياس رواية أبى يوسف عن أبى حنيفة يجوز لان أدنى القيام هو القيام بإحدى القدمين و إحداهما طاهرة فيتأدى به الفرض فكان وضع الاخرى فضلا بمنزلة وضع اليدين و الركبتين و على قياس رواية محمد عنه لا يجوز و هو الصحيح لانه إذا وضعهما جميعا يتأدى الفرض بهما كما في القراءة على ما مر و الله أعلم هذا إذا كان يصلى على الارض فأما إذا كان يصلى على بساط فان كانت النجاسة في مكان الصلاة و هي كثيرة فحكمه حكم الارض على ما مر و ان كانت على طرف من أطرافه اختلف المشايخ فيه قال بعضهم ان كان البساط كبيرا بحيث لو رفع طرف منه لا يتحرك الطرف الآخر يجوز و الا فلا كما إذا تعمم بثوب واحد طرفيه ملقى على الارض و هو نجس انه ان كان بحال لا يتحرك بتحركه جاز

(83)

و ان كان يتحرك بحركته لا يجوز و الصحيح انه يجوز صغيرا كان أو كبيرا بخلاف العمامة ( و الفرق )

ان الطرف النجس من العمامة إذا كان يتحرك بتحركه صار حاملا للنجاسة مستعملا لها و هذا لا يتحقق في البساط الا ترى انه لو وضع يديه أو ركبتيه على الموضع النجس منه يجوز و لو صار حاملا لما جاز و لو صلى على ثوب مبطن ظهارته طاهرة و بطانته نجسة روى عن محمد أنه يجوز و كذا ذكر في نوادر الصلاة و روى عن أبى يوسف انه لا يجوز و من المشايخ من وفق بين الروايتين فقال جواب محمد فيما إذا كان مخيطا مضرب فيكون بمنزلة ثوبين و الا على منهما طاهر و جواب أبى يوسف فيما إذا كان مخيطا مضربا فيكون بمنزلة ثوب واحد ظاهره طاهر و باطنه نجس و منهم من حقق فيه الاختلاف فقال على قول محمد يجوز كيفما ما كان و على قول أبى يوسف لا يجوز كيفما ما كان و على هذا إذا صلى على حجر الرحا أو على باب أو بساط غليظ أو على مكعب ظاهره طاهر و باطنه نجس يجوز عند محمد و به كان يفتى الشيخ أبو بكر الاسكاف و عند أبى يوسف لا يجوز و به كان يفتى الشيخ أبو حفص الكبير فأبو يوسف نظر إلى اتحاد المحل فقال المحل محل واحد فاستوى ظاهره و باطنه كالثوب الصفيق و محمد اعتبر الوجه الذي يصلى عليه فقال انه صلى في موضع طاهر و ليس هو حاملا للنجاسة فتجوز كما إذا صلى على ثوب تحته ثوب نجس بخلاف الثوب الصفيق لان الثوب و ان كان صفيقا فالظاهر نفاذ الرطوبات إلى الوجه الآخر الا أنه ربما لا تدركه العين لتسارع الجفاف اليه و لو أن بساطا غليظا أو ثوبا مبطنا مضربا و على كلى وجيهه نجاسة أقل من قدر الدرهم في موضعين مختلفين لكنهما لو جمعا يزيد على قدر الدرهم على قياس رواية أبى يوسف يجمع و لا تجوز صلاته لانه ثوب واحد و نجاسة واحدة و على قياس رواية محمد لا يجمع و تجوز صلاته لان النجاسة في الوجه الذي يصلى فيه أقل من قدر الدرهم و لو كان ثوبا صفيقا و المسألة بحالها لا يجوز بالاجماع لما ذكرنا ان الظاهر هو النفاذ إلى الجانب الآخر و ان كان لا يدركه الحس فاجتمع في وجه واحد نجاستان لو جمعتا يزيد على قدر الدرهم فيمنع الجواز و لو أن ثوبا أو بساطا أصابه النجاسة و نفذت إلى الوجه الآخر و إذا جمعتا يزيد على قدر الدرهم لا يجمع بالاجماع اما على قياس رواية أبى يوسف فلانه ثوب واحد و نجاسة واحدة و اما على قياس رواية محمد فلان النجاسة في الوجه الذي يصلى عليه أقل من قدر الدرهم و كذا إذا كان الثوب مبطنا مضربا و المسألة بحالها لا يجمع بالاجماع لما قلنا ( فصل )

و أما بيان ما يقع به التطهير فالكلام في هذا الفصل يقع في ثلاثة مواضع أحدها في بيان ما يقع به التطهير و الثاني في بيان طريق التطهير بالغسل و الثالث في بيان شرائط التطهير ( أما )

الاول فما يحصل به التطهير أنواع منها الماء المطلق و لا خلاف في أنه يحصل به الطهارة الحقيقية و الحكمية جميعا لان الله تعالى سمى الماء طهورا بقوله و أنزلنا من السماء ماء طهورا و كذا النبي صلى الله عليه و سلم بقوله الماء طهور لا ينجسه شيء الا ما لونه أو طعمه أو ريحه و الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره و كذا جعل الله تعالى الوضوء و الاغتسال بالماء طهورا بقوله في آخر آية الوضوء و لكن يريد ليطهركم و قوله و ان كنتم جنبا فاطهروا و يستوى العذب و الملح لاطلاق النصوص و اما ما سوى الماء من المائعات الطاهرة فلا خلاف في أنه لا تحصل بها الطهارة الحكمية و هي زوال الحدث و هل تحصل بها الطهارة الحقيقية و هي زوال النجاسة الحقيقية عن الثوب و البدن اختلف فيه فقال أبو حنيفة و أبو يوسف تحصل و قال محمد و زفر و الشافعي لا تحصل و روى عن أبى يوسف انه فرق بين الثوب و البدن فقال في الثوب تحصل و فى البدن لا تحصل الا بالماء وجه قولهم ان طهورية الماء عرفت شرعا بخلاف القياس لانه بأول ملاقاته النجس صار نجسا و التطهير بالنجس لا يتحقق كما إذا غسل بماء نجس أو بالخمر الا أن الشرع أسقط اعتبار نجاسة الماء حالة الاستعمال و بقاؤه طهورا على خلاف القياس فلا يلحق به غيره و لهذا لم يلحق به في ازالة الحدث ( و لهما )

ان الواجب هو التطهير و هذه المائعات تشارك الماء في التطهير لان الماء انما كان مطهرا لكونه مائعا رقيقا يداخل أثناء الثوب فيجاور أجزاء النجاسة فيرققها ان كانت كثيفة فيستخرجها




/ 48