ثبوت حق الرجعة أولى من إثباتها من حق الرجعة و أما في انقضاء العدة و الغشيان فتأخذ بالاكثر لانها ان تركت التزوج مع جواز التزوج أولى من ان تتزوج بدون حق التزوج و كذا ترك الغشيان مع الحل أولى م الغشيان مع الحرمة فإذا جاء اليوم الثامن فعليها أن تغتسل ثانيا و تقضى اليوم الذي صامت في اليوم السابع لان الاداء كان واجبا و وقع الشك في السقوط ان لم تكن حائضا فيه صح صومها و لا قضأ عليها و ان كانت حائضا فعليها القضاء فلا يسقط القضاء بالشك و ليس عليها قضأ الصلوات لانها ان كانت طاهرة في هذا اليوم فقد صلت و ان كانت حائضا فيه فلا صلاة عليها للحال و لا القضاء في الثاني و لو كانت عادتها خمسة فحاضت ستة ثم حاضت حيضة اخرى سبعة ثم حاضت حيضة أخرى ستة فعادتها ستة بالاجماع حتى ينبى الاستمرار عليها أما عند أبى يوسف فلان العادة تنتقل بالمرة الواحدة و انما ينبى الاستمرار على المرة الاخيرة لان العادة انتقلت إليها و أما عند أبى حنيفة و محمد أيضا فلان العادة و ان كانت لا تنتقل الا بالمرتين فقد رأت الستة مرتين فانتقلت عادتها إليها هذا معنى قول محمد كلما عاودها الدم في يوم مرتين فحيضها ذلك و ذكر في الاصل إذا حاضت المرأة في شهر مرتين فهي مستحاضة و المراد بذلك أنه لا يجتمع في شهر واحد حيضتان و طهر ان لان أقل الحيض ثلاثة و أقل الطهر خمسة عشر يوما و قد ذكر في الاصل سؤالا و قال أ رأيت لو رأت في أول الشهر خمسة ثم طهرت خمسة عشر ثم رأت الدم خمسة أ ليس قد حاضت في شهر مرتين ثم أجاب فقال إذا ضممت اليه طهرا آخر كان أربعين يوما و الشهر يشتمل على ذلك و حكى أن إمرأة جاءت إلى على رضى الله عنه و قالت انى حضت في شهر ثلاث مرات فقال على رضى الله عنه لشريح ماذا تقول في ذلك فقال ان أقامت على ذلك بينه من بطانتها ممن يرضى بدينه و أمانته قبل منها فقال على رضى الله عنه قالون و هي بالرومية حسن و انما أراد شريح بذلك تحقيق النفي انها لا تجد ذلك ان هذا لا يكون كما قال الله تعالى و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخيا أى لا يدخلونها رأسا و دم الحامل ليس بحيض و ان كان ممتدا عندنا و قال الشافعي هو حيض في حق ترك الصوم و الصلاة و حرمة القربان لا في حق اقراء العدة و احتج بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لفاطمة بنت حبيش إذا أقبل قرؤك فدعى الصلاة من فصل بين حال و حال و لان الحامل من ذوات الاقراء لان المرأة ام ان تكون صغيرة أو آيسة أو من ذوات الاقراء و الحامل ليست بصغيرة و لا آيسة فكانت من ذوات الاقراء الا ان حيضها لا يعتبر في حق اقراء العدة لان المقصود من اقراء العدة فراغ الرحم و حيضها لا يدل على ذلك ( و لنا )قول عائشة رضى الله عنها الحامل لا تحيض و مثل هذا لا يعرف بالرأي فالظاهر انها قالته سماعا من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لان الحيض اسم للدم الخارج من الرحم و دم الحامل لا يخر من الرحم لان الله تعالى أجرى العادة أن المرأة إذا حبلت ينسد فم الرحم فلا يخرج منه شيء فلا يكون حيضا ( و أما )الحديث فنقول بموجبه لكن لم قلتم ان دم الحامل قرء و الكلام فيه و الدليل عليه انه ليس بقرء ما ذكرنا و به تبين أن الحديث لا يتناول حالة الحبل ( و أما )المبتدأة بالحبل و هي التي حبلت من زوجها قبل أ تحيض إذا ولدت فرأت الدم زيادة على أربعين يوما فهو استحاضة لان الاربعين للنفاس كالعشرة للحيض ثم الزيادة على العشرة في الحيض استحاضة فكذا الزياد على الاربعين في النفاس ( و أما )صاحبة العادة في النفاس إذا رأت زيادة على عادتها فان كانت عادتها أربعين فالزيادة استحاضة لما مر و ان كانت دون الاربعين فما زاد يكون نفاسا إلى الاربعين فان زاد على الاربعين ترد إلى عادتها فتكون عادتها نفاسا و ما زاد عليها يكون استحاضة ثم يستوى الجواب فيما إذا كان ختم عادتها بالدم أو بالطهر عند أبى يوسف و عند محمد ان كان ختم عادتها بالدم فكذلك و أما إذا كان بالطهر فلا لان أبا يوسف يرى ختم الحيض و النفاس بالطهر إذا كان بعده دم و محمد لا يرى ذلك و بيانه ما ذكر في الاصل إذا كانت عادتها في النفاس ثلاثين يوما فانقطع دمها على رأس عشرين يوما و طهرت عشرة أيام تمام عادتها فصلت و صامت ثم عاودها الدم و استمر بها حتى جاوز الاربعين ذكر انها مستحاضة فيما زاد على الثلاثين و لا يجزيها صومها في العشرة التي صامت فيلزمها القضاء قال الحاكم الشهيد هذا على مذهب أبى يوسف يستقيم فاما على مذهب محمد ففيه نظر لان أبا يوسف
(43)
يرى ختم النفاس بالطهر إذا كان بعده دم فيمكن جعل الثلاثين نفاسا لها عنده و ان كان ختمها بالطهر و محمد لا يرى ختم النفاس و الحيض بالطهر فنفاسها في هذا الفصل عنده عشرون يوما فلا يلزمها قضأ ما صامت في العشر الايام بعد العشرين و الله أعلم و ما تراه النفساء من الدم بين الولادتين فهو دم صحيح في قول أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد و زفر فاسد بناء على أن المرأة اذ ولدت و في بطنها ولد آخر فالنفاس من الولد الاول عند أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد و زفر من الولد الثاني و انقضاء العدة بالولد الثاني بالاجماع وجه قول محمد و زفر أن النفاس يتعلق بوضع ما في البطن كانقضاء العدة فيتعلق بالولد الاخير كانقضاء العدة و هذا لانها بعد حبلى و كما لا يتصور انقضاء عدة الحمل بدون وضع الحمل لا يتصور وجود النفاس من الحبلى لان النفاس بمنزلة الحيض و لان النفاس مأخوذ من تنفس الرحم و لا يتحقق ذلك على الكمال الا بوضع الولد الثاني فكان الموجود قبل وضع الولد الثاني نفاسا من وجه دون وجه فلا تسقط الصلاة عنها بالشك كما إذا ولدت واحدا و خرج بعضه دون البعض و لابي حنيفة و أبى يوسف أن النفاس ان كان دما يخرج عقيب النفس فقد وجد بولادة الاول و ان كان دما يخرج بعد تنفس الرحم فقد وجد أيضا بخلاف انقضاء العدة لان ذلك يتعلق بفراغ الرحم و لم يوجد و النفاس يتعلق بتنفس الرحم أو بخروج النفس و قد وجد أو يقول بقاء الولد في البطن لا ينافى النفاس لانفتاح فم الرحم فاما الحيض من الحبلى فممتنع لانسداد فم الرحم و الحيض اسم لدم يخرج من الرحم فكان الخارج دم عرق لا دم رحم ( و أما )قولهما وجد تنفس الرحم من وجه دون وجه فممنوع بل وجد على سبيل الكمال لوجود خروج الولد بكماله بخلاف ما إذا خرج بعض الولد لان الخارج منه ان كان أقله لم تصر نفساء حتى قالوا يجب عليها ان تصلى و تحفر لها حفيرة لان النفاس يتعلق بالولادة و لم يوجد لان الاقل يلحق بالعدم بمقابلة الاكثر فاما إذا كان الخارج أكثره فالمسألة^^^ ممنوعة أو هى على هذا الاختلاف فأما فيما نحن فيه فقد وجدت الولادة على طريق الكمال فالدم الذي يعقبه يكون نفاسا ضرورة و السقط إذا استبان بعض خلقه فهو مثل الولد التام يتعلق به أحكام الولادة من انقضاء العدة و صيرورة المرأة نفساء لحصول العلم بكونه ولدا مخلوقا عن الذكر و الانثى بخلاف ما إذا لم يكن استبان من خلقه شيء لانا لا ندرى ذاك هو المخلوق من مائهما أو دم جامد أو ش من الاخلاط الردية استحال إلى صورة لحم فلا يتعلق به شيء من أحكام الولادة ( و أما )أحوال الدم فنقول الدم قد يدر درورا متصلا و قد يدر مرة و ينقطع أخرى و يسمى الاول استمرارا متصلا و الثاني منفصلا ( أما )الاستمرار المتصل فحكمه ظاهر و هو أن ينظر ان كانت المرأة مبتدأة فالعشرة من أول ما رأت حيض و العشرون بعد ذلك طهرها هكذا إلى ان يفرج الله عنها و ان كانت صاحبة عادة فعادتها في الحيض حيضها و عادتها في الطهر طهرها و تكون مستحاضة في أيام طهرها ( و اما )الاستمرار المنفصل فهو ان ترى المرأة مرة دما و مرة طهرا هكذا فنقول لا خلاف في أن الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان خمسة عشر يوما فصاعدا يكون فاصلا بين الدمين ثم بع ذلك ان أمكن أن يجعل أحد الدمين حيضا يجعل ذلك حيضا و ان أمكن جعل كل واحد منهما حيضا يجعل حيضا و ان كان لا يمكن أن يجعل أحدهما حيضا لا يجعل شيء من ذلك حيضا و كذا لا خلاف بين أصحابنا في أن الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان أقل من ثلاثة أيام لا يكون فاصلابين الدمين و ان كان أكثر من الدمين و اختلفوا فيما بين ذلك و عن أبى حنيفة فيه أربع روايات روى أبو يوسف عنه أنه قال الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان أقل من خمسة عشر يوما يكون طهرا فاسد أولا يكون فاصلا بين الدمين بل يكون كله كدم متوال ثم يقدر ما ينبغى أن يجعل حيضا يجعل حيضا و الباقى يكون استحاضة و روى محمد عن أبى حنيفة أن الدم إذا كان في طرفي العشرة فالطهر المتخلل بينهما لا يكون فاصلا و يجعل كله كدم متوال و ان لم يكن الدم في طرفي العشرة كان الطهر فاصلا بين الدمين ثم بعد ذلك ان أمكن ان يجعل أحد الدمين حيضا يجعل ذلك حيضا و ان أمكن ان يجعل كل واحد منهما حيضا يجعل أسرعهم حيضا و هو أو لهما و ان لم يمكن جعل أحدهما حيضا لا يجعل شيء من ذلك حيضا و روى عبد الله بن المبارك عن أبى حنيفة ان الدم إذا كان في طرفي العشرة و كان بحال لو جمعت الدماء المتفرقة تبلغ
(44)
حيضا لا يصير الطهر فاصلا بين الدمين و يكون كل=ه حيضا و ان كان بحال لو جمع لا يبلغ حيضا يصير فاصلا بين الدمين ثم ينظر ان أمكن ان يجعل أحد الدمين حيضا يجعل ذلك حيضا و ان أمكن ان يجعل كل واحد منهما حيضا يجعل أسرعهما حيضا و ان لم يمكن أن يجعل أحدهما حيضا لا يجعل شيء من ذلك حيضا و روى الحسن عن أبى حنيفة أن الطهر المتخل بين الدمين إذا كان أقل من ثلاثة أيام لا يكون فاصلا بين الدمين وكله بمنزلة المتوالي و إذا كان ثلاثة أيام كان فاصلا بينهما ثم ينظر ان أمكن ان يجعل أحد الدمين حيضا جعل و ان أمكن ان يجعل كل واحد منهما حيضا يجعل أسرعهما و ان لم يكن ان يجعل شيء من ذلك حيضا لا يجعل حيضا و اختار محمد لنفسه في كتاب الحيض مذهبا فقال الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان أقل من ثلاثة أيام لا يعتبر فاصلا و ان كان أكثر من الدمين و يكون بمنزلة الدم المتوالي و إذا كان ثلاثة أيام فصاعدا فهو طهر كثير فيعتبر لكن ينظر بعد ذلك ان كان الطهر مثل الدمين أو أقل من الدمين في العشرة لا يكون فاصلا و ان كان أكثر م الدمين يكون فاصلا ثم ينظر ان أمكن ان يجعل أحدهما حيضا جعل و ان أمكن ان يجعل كل واحد منهما حيضا يجعل أسرعهما حيضا و ان لم يمكن ان يجعل أحدهما حيضا لا يجعل شيء من ذلك حيضا و تقرير هذه إلاقوال و تفسيرها يذكر في كتاب الحيض ان شاء الل تعالى ( و أما )حكم الحيض و النفاس فمنع جواز الصلاة و الصوم و قراءة القرآن و مس المصحف الا بغلاف و دخول المسجد و الطواف بالبيت لما ذكرنا في الجنب الا ان الجنب يجوز له اداء الصوم مع الجنابة و لا يجوز للحائض و النفساء لان الحيض و النفاس اغلظ من الحدث أو بان النص معقول المعنى و هو قوله صلى الله عليه و سلم تقعد إحداهن شطر عمرها لا تصوم و لا تصلى أو ثبت مطلوبهم بدفع الحرج لان درور الدم يضعفهن مع انهن خلقن ضعيفان في الجبلة فلو كلفن بالصوم لا يقدرن على القيام به الا بحرج و هذا لا يوجد في الجنابة و لهذا الجنب يقضى الصلاة و الصوم وه لا يقضين الصلاة لان الحيض يتكرر في كل شهر ثلاثة أيام إلى العشرة فيجتمع عليها صلوات كثيرة فتخرج في قضائها و لا حرج في قضأ صيام ثلاثة أيام أو عشرة أيام في السنة و كذا يحرم القربان في حالتي الحيض و النفاس و لا يحرم قربان المرأة التي أجنبت لقوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض و لا تقربوهن حتى يطهرن و مثل هذ لم يرد في الجنابة وردت الاباحة بقوله تعالى فالآن باشروهن و ابتغوا ما كتب الله لكم أى الولد فقد أباح المباشرة و طلب الولد و ذلك بالجماع مطلقا عن الا حوا ( و أما )حكم الاستحاضة فالاستحاضة حكمها حكم الطاهرات انها تتوضأ لوقت ك صلاة على ما بينا ( فصل )و اما التيمم فالكلام في التيمم يقع في مواضع في بيان جوازه و في بيان معناه لغة شرعا و فى بيان ركنه و فى بيان كيفيته و في بيان شرائط الركن و في بيان ما يتيمم به و في بيان وقت التيمم و في بيان صفة التيمم و ف بيان ما يتيمم منه و في بيان ما ينقضه ( اما )الاول فلا خلاف في أن التيمم من الحدث جائز عرف جواز بالكتاب و السنة و الاجماع اما الكتاب فقوله تعالى و ان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا و قيل ان الآية نزلت في غزوة ذات الرقاع نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم للتعريس فسقط من عائشة رضى الله عنها قلادة لا سماء رضى الله عنها فلما ارتحلوا ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فبعث رجلين في طلبها فأقام ينتظر هما فعدم الناس الماء و حضرت صلاة الفجر فاغلظ أبو بكر رضى الله عنه على عائشة رضى الله عنها و قال لها حبست المسلمين فنزلت الآية فقال أسيد بن حضير يرحمك الله يا عائشة ما نزل بك أمر تكرهينه الا جعل الله للمسلمين فيه فرجا و اما السنة فما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال التيمم وضوء المسلم و لو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء أو يحدث و قال صلى الله على و سلم جعلت لي الارض مسجدا و طهورا أينما أدركتني الصلاة تيممت و صليت و روى عن انه قال التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء و عليه إجماع الامة و اختلف الصحابه في جوازه من الجنابة فقال على و عبد الله بن عباس رضى الله عنهما جائز و قال عم$$ك رضى الله عنه و عبد الله بن مسعود لا يجوز و قال الضحاك رجع ابن مسعود عن هذا و حاصل
(45)
اختلافهم راجع إلى تأويل قوله تعالى في آية التيمم أو لامستم النساء أو لمستم فعلى و ابن عباس أولا ذلك بالجماع و قالا كنى الله تعالى عن الوطء بالمسيس و الغشيان و المباشرة و الافضاء و الرفت و عمرو ابن مسعود أولاه بالمس باليد فلم يكن الجنب داخلا في هذه الآية فبقى الغسل واجبا عليه بقوله و ان كنتم جنبا فاطهروا و أصحابنا أخذوا بقول على و ابن عباس لموافقة الاحاديث المروية ع النبي صلى الله عليه و سلم انه قال للجنب من الجماع ان يتيمم إذا لم يجد المأ و عن أبى هريرة ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم و قال يا رسول الله انا قوم نسكن الرمال و لا نجد الماء شهرا أو شهرين وفينا الجنب و النفساء و الحائض فكيف نصع فقال صلى الله عليه و سلم عليكم بالارض و فى رواية عليكم بالصعيد و كذا حديث عمار رضى الله عنه و غيره على ما نذكره و يجوز التيمم من الحيض و النفاس لما روينا من حديث أبى هريرة رضى الله عنه و لانهما بمنزلة الجنابة فكان ورود النص في الجنابة ورودا فيهما دلالة و للمسافر ان يجامع إمرأته و ان كان لا يجد الماء و قال مالك يكره وجه قوله ان جواز التيمم للجنب اختلف فيه كبار الصحابة رضى الله عنهم فكان الجماع اكتسابا لسبب وقوع الشك في جواز الصلاة فيكره ( و لنا )ما روى عن أبى مالك الغفاري رضى الله عنه انه قال قلت للنبي صلى الله عليه و سلم أ أجامع امرأنى و انا لا أجد الماء فقال جامع إمرأتك و ان كنت لا تجد الماء إلى عشر حجج فان التراب كافيك ( و اما )بيان معناه فالتيمم في اللغة القصد يقال تيمم و يمم إذا قصد و منه قول الشاعر و ما أدري إذا يممت أرضا أريد الخبر أيهما يلينى أ الخير الذي انا ابتغيه أم الشر الذي هو يبتغينى قوله يممت أى قصدت و في عرف الشرع عبارة عن استعمال الصعيد في عضو بن مخصوصين على قصد التطهير بشرائط مخصوصة نذكرها في مواضعها ان شاء الله تعالى ( فصل )و اما ركنه فقد اختلف فيه قال أصحابنا هو ضربتان ضربة للوجه و ضربة لليدين إلى المرفقين و هو أحد قولى الشافعي و في قوله الآخر و هو قول مالك ضربة للوجه و ضربة لليدين إلى الرسغين و قال الزهرى ضربة للوجه و ضربة لليدين ال الآباط و قال ابن أبى ليلي ضربتان يمسح بكل واحدة منهما الوجه و الذراعين جميعا و قال ابن سيرين ثلاث ضربات ضربة للوجه و ضربة للذراعين و ضربة أخرى لهما جميعا و قال بعض الناس هو ضربة واحدة يستعملها في وجهه و يديه و حجتهم ظاهر قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم و أيديكم منه أمر بالتيمم و فسره بمس الوجه و اليدين بالصعيد مطلقا عن شرط الضربة و الضربتين فيجرى على إطلاقه و به يحتج الزهرى فيقول ان الله تعالى أمر بمسح اليد و اليد اسم لهذه الجارحة من رؤوس الاصابع إلى الآباط و لو لا ذكر المرافق غاية للامر بالغسل في باب الوضوء لوجب غسل هذا المحدود و الغاية ذكرت في الوضوء دون التيمم و احتج مالك و الشافعي بم=ا روى ان عمار بن ياسر رضى الله عنه أجنب فتمعك في التراب فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم اما علمت انه يكفيك الوجه و الكفان ( و لنا )الكتاب و السنة اما الكتاب فقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم و أيديكم منه و الآية حجة على مالك و الشافعي لان الله تعالى أمر بمسح اليد فلا يجوز التقييد بالرسغ الا بدليل و قد قام دليل التقييد بالمرفق و هو ان المرفق جعل غاية للامر بالغسل و هو الوضوء و التيمم يدل عن الوضوء و البدل لا يخالف المبدل فذكر الغاية هناك يكون ذكرا ههنا دلالة و هو الجواب عن قول من يقول ان التيمم ضربة واحدة لان النص لم يتعرض للتكرار لان النص ان كان لم يتعرض للتكرار أصلا نصا فهو متعرض له دلالة لان التيمم خلف عن الوضوء و لا يجوز استعمال ماء واحد في عضوين في الوضوء فلا يجوز استعمال تراب واحد في عضوين في التيمم لان الخلف لا يخالف الاصل و كذا هى حجة على ابن أبى ليلي و ابن سيرين لان الله تعالى امر بمسح الوجه و اليدين فيقتضى وجود فعل المسح على كل واحد منهما مرة واحدة لان الامر المطلق لا يقتضى التكرار و فيما قالاه تكرار فلا تجوز الزيادة على الكتاب الا بدليل صالح للزيادة ( و أما )السنة فما
(46)
روى عن جابر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال التيمم ضربتان ضربة للوجه و ضربة للذراعين إلى المرافقين و الحديث حجة على الكل و أما حديث عمار فغيه تعارض لانه روى في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال يكفيك ضربتان ضربة للوجه و ضربة لليدين إلى المرفقين و المتعارض لا يصلح حجة ( فصل )و أما كيفية التيمم فذكر أبو يوسف في الامالي قال سألت أبا حنيفة عن التيمم فقال التيمم ضربتان ضربة للوجه و ضربة لليدين إلى المرفقين فقلت له كيف هو فضرب بيديه على الارض فاقبل بهما و أدبر ثم نقضهما ثم مسح بهما وجهه ثم أعاد كفيه على الصعيد ثانيا فاقبل بهما و أدبر ثم نفضهما ثم مسح بذلك ظاهر الذراعين و باطنهما إلى المرفقين و قال بعض مشايخنا ينبغى أن يمسح بباطن أربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رؤوس الاصابع إلى المرفق ثم يمسح بكفه اليسرى دون الاصابع باطن يده اليمنى من المرفق إلى الرسغ ثم يمر بباطن ابهامه اليسرى على ظاهر ابهامه اليمنى ثم يفعل باليد اليسرى كذلك و قال بعضهم يمسح بالضربة الثانية بباطن كفه اليسرى مع الاصابع ظاهر يده اليمنى إلى المرفق ثم يمسح به أيضا باطن يده اليمنى إلى أصل الابهام ثم يفعل بيده اليسرى كذلك و لا يتكلف و الاول أقرب إلى الاحتياط لما فيه من الاحتراز عن استعمال التراب المستعمل بالقدر الممكن لان التراب الذي على اليد يصير مستعملا بالمسح حتى لا يتأدى فرض الوجه و اليدين بمسحة واحدة بضربة واحدة ثم ذكر في ظاهر الرواية انه ينفضهما نفضة و روى عن أبى يوسف انه ينفضهما نفضتين و قيل ان هذا لا يوجب اختلافا لان المقصود من النقض تناثر التراب صيانة عن التلوث الذ يشبه المثلة إذا التعبد ورد بمسح كف مسه التراب على العضوين لا تلويثهما به فلذلك ينفضهما و هذا الغرض قد يحصل بالنقض مرة و قد لا يحصل الا بالنفض مرتين على قدر ما يلتصق باليدين من التراب فان حصل المقصود بنفضة واحدة اكتفى ها و ان لم يحصل نفض نفضتين ( و اما )استيعاب العضوين بالتيمم فهل هو من تمام الركن لم يذكره في الاصل نصا لكنه ذكر ما يدل عليه فانه قال إذا ترك ظاهر كفيه لم يجزه و نص الكرخي انه إذا ترك شيأ من مواضع التيمم قليلا أو كثيرا لا يجوز و ذكر الحسن في المجرد عن أبى حنيفة أنه إذا يمم الاكثر جاز وجه رواية الحسن ان هذا مسح فلا يجب فيه الاستيعاب كمسح الرأس وجه ما ذكر في الاصل ان الامر بالمسح في باب التيمم تعلق بإسم الوجه و اليد و انه يعم الكل و لان التيمم بدل عن الوضو و الاستيعاب في الاصل من تمام الركن فكذا في البدل و على ظاهر الرواية يلزم تخلية الاصابع و نزع الخاتم و لو ترك لم يجز و على رواية الحسن لا يلزم و يجوز و يمسح المرفقين مع الذراعين عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر حتى انه لو كان مقطوع اليدين من المرفق يمسح موضع القطع عندنا خلافا له و الكلام فيه كالكلام في الوضوء و قد مر و الله أعلم ( فصل )و أما شرائط الركن فانواع منها أن لا يكون واجدا للماء قدر ما يكفى الوضوء أو الغسل في الصلاة التي تفوت إلى خلف و ما هو من اجزاء الصلاة لقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا شرط عدم وجدان الماء لجواز التيمم و قول النبي صلى الله عليه و سلم التيمم وضوء المسلم و او الى عشر حجج ما لم يجد الماء أو يحدث جعله وضوء المسلم إلى غاية وجود الماء أو الحدث و الممدود إلى غاية ينتهى عند وجود الغاية و لا وجود للشيء مع وجود ما ينتهى وجود عند وجوده و قال صلى الله عليه و سلم التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء أو يحدث و لانه بدل و وجود الاصل يمنع المصير إلى البدل ثم عدم الماء نوعان من حيث الصورة و المعنى و عدم من حيث المعنى لا من حيث الصورة ( اما )العدم من حيث الصورة و المعنى فهو أن يكون الماء بعيدا عنه و لم يذكر حد البعد في ظاهر الرواية و روى عن محمد انه قدره بالميل و هو أن يكون ميلا فصاعدا فان كان أقل من ميل لم يجز التيمم و الميل ثلث فرسخ و قال الحسن بن زياد من تلقاء نفسه ان كان الماء أمامه يعتبر ميلين و ان كان يمنة أو يسرة يعتبر ميلا واحدا و بعضهم فصل بي المقيم و المسافر فقالوا ان كان مقيما يعتبر قدر ميل كيفما كان و ان كان مسافرا و الماء على يمينه أو يساره فكذلك و ان كان أمامه يعتبر ميلين و روى عن
(47)
أب>>*<<==لق يوسف انه ان كان الماء بحيث لو ذهب اليه لا تنقطع عنه جلبة العير و يحس أصواتهم أو أصوات الدواب فهو قريب و ان كان يغيب عنه ذلك فهو بعيد و قال بعضهم ان كان بحيث يمسع أصوات أهل الماء فهو قريب و ان كان لا يسمع فهو بعيد و كذا ذكر الكرخي و قال بعضهم قدر فرسخ و قال بعضهم مقدار ما لا يسمع الاذان و قال بعضهم إذا خرج من المصر مقدار ما لا يسمع لو نودى من أقصى المصر فهو بعيد و أقرب الاقاويل اعتبار الميل لان الجواز لدفع الحرج و اليه وقعت الاشارة في آية التيمم و هو قوله تعالى على أثر الآية ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج و لكن يريد ليطهركم و لا حرج فيما دون الميل فاما الميل فصاعدا فلا يخلو عن حرج و سواء خرج من المصر للسفر أو لامر آخر و قال بعض الناس لا يتيمم الا أن يكون قصد سفر أو انه ليس بسديد لان ماله ثبت الجواز و هو دفع الحرج لا يفصل بين المسافر و غيره هذا إذا كان علم ببعد الماء بيقين أو بغلبة الرأي أو أكبر الظن أو أخبره بذلك رجل عدل و أما إذا علم أن الماء قريب منه اما قطعا أو ظاهرا أو أخبره عدل بذلك لا يجوز له التيمم لان شرط جواز التيمم لم يوجد و هو عدم الماء و لكن يجب عليه الطلب هكذا روى عن محمد أنه قال إذا كان الماء على ميل فصاعدا لم يلزمه طلبه و ان كان أقل من ميل أتيت الماء و ان طلعت الشمس هكذا روى الحسن عن أبى حنيفه و لا يبلغ بالطلب ميلا و روى عن محمد أنه يبلغ به ميلا فان طلب أقل من ذلك يم يجز التيمم و ان خاف فوت الوقت و هو رواية عن ابى حنيفة و الاصح أنه يطلب قدر ما يضر بنفسه و رفقته بالانتظار و كذلك إذا كان بقرب من العمر ان يجب عليه الطلب حتى أو تيمم وصلى ثم ظهر الماء لم تجز صلاته لان العمر ان لا يخلو عن الماء ظاهرا و غالبا و الظاهر ملحق بالمتيقن في الاحكام و لو كان بحضرته رجل يسأله عن قرب الماء فلم يسأله حتى تيمم وصلى ثم سأله فان لم يخبره بقرب الماء فصلاته ماضية و ان أخبره بقرب الماء توضأ و أعاد الصلاة لانه تبين أن الماء بقرب منه و لو سأله لاخبره فلم يوجد الشرط و هو عدم الماء و ان سأله في الابتداء فلم يخبره حتى تيمم وصلى ثم أخبره بقرب الماء لا يجب عليه اعادة الصلاة لان المتعنت لا قول له فان لم يكن بحضرته أحد يخبره بقرب الماء و لا غلب على ظنه أيضا قرب الماء لا يجب عليه الطلب عندنا و قال الشافعي يجب عليه أن يطلب عن يمين الطريق و يساره قد رغلوة حتى لو تيمم وصلى قبل الطلب ثم ظهر أن الماء قريب منه فصلاته ماضية عندنا و عنده لم تجز و احتج بقوله تعالى فلم تجدوا ماء و هذا يقتضى سابقية الطلب فكان الطلب شرطا و صار كما لو كان في العمران ( و لنا )ان الشرط عدم الماء و قد تحقق من حيث الظاهر اذ المفازة مكان عدم الماء غالبا بخلاف العمران و قوله الوجود يقتضى سابقية الطلب من الواجد ممنوع الا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه و سلم من وجد لقطة فليعرفها و لا طلب من الملتقط و لان الطلب لا يفيد إذا لم يكن على طمع من وجود الماء و الكلام فيه و ربما ينقطع عن أصحابه فليحقه الضرر فلا يجب عليه الطلب و لكن يستحب له ذلك إذا كان على طمع من وجود الماء فان أبا يوسف قال في الامالي سألت أبا حنيفة عن المسافر لا يجد الماء أ يطلب عن يمين الطريق و يساره قال ان طمع في ذلك فليفعل و لا يبعد فيضر بأصحابه ان انتظروه أو بنفسه ان انقطع عنهم ثم ما ذكرنا من اعتبار البعد و القرب مذهب أصحابنا الثلاثة فاما على مذهب زفر فلا عبرة للبعد و القرب في هذا الباب بل العبرة للوقت بقاء و خروجا فان كان يصل إلى الماء قبل خروج الوقت لا يجزيه التيمم و ان كان الماء بعيد أو ان كان لا يصل اليه قبل خروج الوقت يجزئه التيمم و ان كان الماء قريبا و المسألة نذكرها بعد ان شاء الله تعالى ( و أما )العدم من حيث المعنى لا من حيث الصورة فهو أن يعجز عن استعمال الماء لمانع مع قرب الماء منه نحو ما إذا كان على رأس البئر و لم يجد آلة الاستقاء فيباح له التيمم لانه إذا عجز عن استعمال الماء لم يكن واجدا له من حيث المعنى فيدخل تحت النص و كذا إذا كان بينه و بين الماء عدوا و لصوص أو سبع أو حية يخاف على نفسه الهلاك إذا اتاه لان إلقاء النفس في التهلكة حرام فيتحقق العجز عن استعمال الماء و كذا إذا كان معه ماه و هو يخاف على نفسه العطش لانه مستحق الصرف إلى العطش و المستحق كالمصروف فكان عاد ما للماء معنى و سئل نصر
(48)
ابن يحيى عن ماء موضوع في الفلاة في الحب أو نحو ذلك أ يكون للمسافر أن يتيمم أو يتوضأ به قال يتمم و لا يتوضأ به لانه لم يوضع للوضوء و انما وضع للشرب الا أن يكون كثيرا فيستدل بكثرته على أنه وضع للشرب و الوضوء جميعا فيتوضأ به و لا يتمم و كذا إذا كان به جراحة أو جدرى أو مرض يضره استعمال الماء فيخاف زيادة المرض باستعمال الماء يتيمم عندنا و قال الشافعي لا يجوز التيمم حتى يخاف التلف وجه قوله ان العجز عن استعمال الماء شرط جواز التيمم و لا يتحقق العجز الا عند خوف الهلاك ( و لنا )قوله تعالى و ان كنتم مرضى أو على سفر إلى قوله فتيمموا صعيدا طيبا اباح التيمم للمريض مطلقا من فصل بين مرض و مرض الا ان المرض الذي لا يضر معه استعمال الماء ليس بمراد فبقى المرض الذي يضر معه استعمال الماء مرادا بالنص و روى ان واحدا من الصحابة رضى الله عنهم أجنب و به جدرى فاستغني أصحابه فافتوه بالاغتسال فاغتسل فمات فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه سلم فقال قتلوه قتلهم الله هلا سألوا اذ لم يعلموا فانما شفاء العى السوأل كان يكفيه التيمم و هذا نص و لان زيادة المرض سبب الموت و خوف الموت مبيح فكذا خوف سبب الموت لانه خوف الموت بواسطة و الدليل عليه انه أثر في إباحة الافطار و ترك القيام بلا خلاف فههنا أولى لان القيام ركن في باب الصلاة و الوضوء شرط فخوف زيادة المريض لما أثر في إسقاط الركن فلان يؤثر في إسقاط الشرط أولى و لو كان مريضا لا يضره استعمال الماء لكنه عاجز عن الاستعمال بنفسه و ليس له خادم و لا مال يستأجر به أجيرا فيعينه على الوضوء اجزأه التيمم سواء كان في المفازة أو في المصر و هو ظاهر المذهب لان العجز متحقق و القدرة موهومة فوجد شرط الجواز و روى عن محمد انه ان كان في المصر لا يجزيه الا أن يكون مقطوع اليد لان الظاهر انه يجد احدا من قريب أو بعيد يعينه و كذا العجز لعارض على شرف الزوال بخلاف مقطوع اليدين و لو أجنب في ليلة باردة يخاف على نفسه الهلاك لو اغتسل و لم يقدر على تسخين الماء و لا على اجرة الحمام في المصر اجزأه التيمم في قول أبى حنيفة و قال أبو يوسف و محمد ان كان في المصر لا يجزئه وجه قولهما ان الظاهر في المصر وجود الماء المسخن و الدفء فكان العجز نادرا فكان ملحقا بالعدم و لابي حنيفة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه بعث سرية و أمر عليهم عمرو بن العاص رضى الله عنه و كان ذلك في غزوة ذات السلاسل فلما رجعوا شكوا منه اشياء من جملتها انهم قالوا صلى بنا و هو جنب فذكر النبي صلى الله عليه و سلم ذلك له فقال يا رسول الله أجنبت في ليلة باردة فخفت على نفسى الهلاك لو اغتسلت فذكرت ما قال الله تعالى و لا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما فتيممت و صليت بهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا ترون صاحبكم كيف نظر لنفسه و لكم و لم يأمره بالاعادة و لم يستفسره انه كان في مفازة أو مصر و لانه علل فعله بعلة عامة و هي خوف الهلاك و رسول الله صلى الله عليه و سلم استصوب ذلك منه و الحكم يتعمم بعموم العلة و قولهما ان العجز في المصر نادر فالجواب عنه إنه في حق الفقراء الغرباء ليس بنادر على ان الكلام فيما إذا تحقق العجز من كل وجه حتى لو قدر على الاغتسال بوجه من الوجوه لا يباح له التيمم و لو كان مع رفيقه ماء فان لم يعلم به لا يجب عليه الطلب عندنا و عند الشافعي يجب على ما ذكرنا و ان علم به و لكن لا ثمن له فكذلك عند أبى حنيفة و قال أبو يوسف عليه السوأل وجه قوله ان الماء مبذول في العادة لقلة خطره فلم يعجز عن الاستعمال و لابي حنيفة ان العجز متحقق و القدرة موهومة لان الماء من أعز الاشياء في السفر فالظاهر عدم البذل فان سأله فلم يعطه أصلا اجزأه التيمم لان العجز قد تقرر و كذا ان كان يعطيه بالثمن و لا ثمن له لما قلنا و ان كان له ثمن و لكن لا يبيعه الا بغين فاحش يتيمم و لا يلزمه الشراء عند عامه العلماء و قال الحسن البصري يلزمه الشراء و لو بجميع ماله لان هذه تجارة رابحة ( و لنا )انه عجز عن استعمال الماء الا بإتلاف شيء من ماله لان ما زاد على ثمن المثل لا يقابله عوض و حرمة مال المسلم كحرمة دمه قال النبي صلى الله عليه و سلم حرمة مال المسلم كحرمة دمه و لهذا ابيح له القتال دون ماله كما أبيح له دون نفسه ثم خوف فوات بعض النفس مبيح للتيمم فكذا فوات بعض المال