بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 1

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(49)

بخلاف الغبن اليسير فان تلك الزيادة معتبرة لما يذكر ثم قدر الغبن الفاحش في هذا الباب مقدر بتضعيف الثمن و ذكر في النوادر فقال ان كان الماء يشترى في ذلك الموضع بدرهم و هو لا يبيعه الا بدرهم و نصف يلزمه الشراء و ان كان لا يبيع الا بدرهمين لا يلزمه و ان كان يبيعه بثمن المثل في ذلك الموضع يلزمه الشراء لانه قدر على استعمال الماء بالقدرة على بدله من إتلاف فلا يجوز له التيمم كمن قدر على ثمن الرقبة لا يجوز له التكفير بالصوم و ان كان لا يبيع الابغين يسير فكذلك عند أصحابنا و قال الشافعي لا يلزمه الشراء اعتبار بالغبن الفاحش و هذا الاعتبار سديد لان ما لا يتغابن الناس فيه فهو زيادة متيقن بها لانها لا تدخل تحت اختلاف المقومين فكانت معتبرة و ما يتغابن الناس فيه يدخل تحت اختلافهم فعند بعضهم هو زيادة و عند بعضهم ليس بزيادة فلم تكن زيادة متحققة فلا تعتبر و ذكر الكرخي في جامعه ان المصلى إذا رأى مع رفيقه ماء كثيرا و لا يدرى ا يعطيه أم لا انه يمضى على صلاته لان الشروع قد صح فلا ينقطع بالشك فإذا فرغ من صلاته سأله فان أعطاه توضأ و استقبل الصلاة لان البذل بعد الفراغ دليل البذل قبله و ان أبى فصلاته ماضية لان العجز قد تقرر فان أعطاه بعد ذلك لم ينتقض ما مضى لان عدم الماء استحكم بالاباء و يلزمه الوضوء لصلاة أخرى لان حكم الاباء ارتفض بالبذل و قال محمد في رجلين مع أحدهما إناء يغترف به من البئر و وعد صاحبه ان يعطيه الانآء قال ينتظر و ان خرج الوقت لان الظاهر هو الوفاء بالعهد فكان قادرا على استعمال الماء بالوعد و كان قادرا على استعمال الماء ظاهرا فيمنع المصير إلى التيمم و كذا إذا وعد الكاسي العاري أن يعطيه الثوب إذا فرغ من صلاته لم تجزه الصلاة عريانا لما قلنا و على هذا الاصل يخرج مسافر تيمم و في رحله ماء لم يعلم به حتى صلى ثم علم به اجزأه في قول أبى حنيفة و محمد لا يلزمه الاعادة و قال أبو يوسف لم يجزه و يلزمه الاعادة و هو قول الشافعي و اجمعوا على انه لو صلى في ثوب نجس ناسيا أو توضأ بماء نجس ناسيا ثم تذكر لا يجزئه و تلزمه الاعادة لابى يوسف وجهان أحدهما انه نسى ما لا ينسى عادة لان الماء من أعز الاشياء في السفر لكونه سببا لصيانة نفسه عن الهلاك فكان القلب متعلقا به فالتحقق النسيان فيه بالعدم و الثاني ان الرحل موضع الماء عادة غالبا لحاجة المسافر اليه فكان الطلب واجبا فإذا تيمم قبل الطلب لا يجزئه كما في العمران و لهما ان العجز عن استعمال الماء قد تحقق بسبب الجهالة و النسيان فيجوز التيمم كما لو حصل العجز بسبب البعد أو المرض أو عدم الدلو و الرشا و قوله نسى ما لا ينسى عادة ليس كذلك لان النسيان جبلة في البشر خصوصا إذا مر به أمر يشغله عما وراءه و السفر محل المشقات و مكان المخاوف فنسيان الاشياء فيه نادر و أما قوله الرحل معدن الماء و مكانه فليس كذلك فان الغالب في الماء الموضوع في الرحل هو النفاد لقلته فلا يكون بقاؤه غالبا فيتحقق العجز ظاهرا بخلاف العمران لانه لا يخلو عن الماء غالبا واو صلى عريانا أو مع ثوب نجس و في رجله ثوب طاهر لم يعلم به ثم علم قال بعض مشايخنا يلزمه الاعادة بالاجماع و ذكر الكرخي انه على الاختلاف و هو الاصح و لو كان عليه كفارة اليمين و له رقية قد نسيها و صام قيل انه على الاختلاف و الصحيح انه لا يجوز بالاجماع لان المعتبر ثمة ملك الرقبة ألا ترى انه لو عرض عليه رقبة كان له ان لا يقبل و يكفر بالصوم و بالنسيان لا ينعدم الملك ههنا المعتبر هو القدرة على الاستعمال و بالنسيان زالت القدرة ألا ترى لو عرض عليه الماء لا يجزئه التيمم و لان النسيان في هذا الباب في غاية الندرة فكان ملحقا بالعدم و لو وضع غيره في رحله ماء و هو لا يعلم به فتيمم وصلى ثم لم لا رواية لهذا أيضا و قال بعض مشايخنا ان لفظ الرواية في الجامع الصغير يدل على انه يجوز بالاجماع فانه قال في الرحل يكون في رحله ماء فينسى و النسيان يستدعى تقدم العلم ثم مع ذلك جعل عذرا عندهما فبقى موضع علم فيه أصلا ينبغى ان يجعل عذرا عند الكل و لفظ الرواية في كتاب الصلاة يدل على انه على الاختلاف فانه قال مسافر تيمم و معه ماء في رحله و هو لا يعلم به و هذا يتناول حالة النسيان و غيرها واو ظن ان ماءه قد فنى فتيمم وصلى ثم تبين له انه قد بقي لا يجزئه بالاجماع لان العلم لا يبطل بالظن فكان الطلب واجبا بخلاف النسيان لانه من أضداد العلم و لو كان على رأسه أو ظهره ماء أو كان معلقا في عنقه فنسيه فتيمم ثم نذكر لا يجزئه بالاجماع لان

(50)

النسيان في مثل هذه الحالة نادر و لو كان الماء معلقا على الاكاف فلا يخلوا ما ان كان راكبا أو سائقا فان كان راكبا فان كان الماء في مؤخر الرحل فهو على الاختلاف و ان كان في مقدم الرحل لا يجوز بالاجماع لان نسيانة نادر و ان كان سائقا فالجواب على العكس و هو انه ان كان في مؤخر الرحل لا يجوز بالاجماع لانه يراه و يبصره فكان النسيان نادرا و ان كان في مقدم الرحل فهو على الاختلاف المحبوس في المصر في مكان طاهر يتيمم و يصلى ثم يعيد إذا خرج و روى الحسن عن أبى حنيفة انه لا يصلى و هو قول زفر و روى عن أبى يوسف انه لا يعيد الصلاة وجه رواية أبى يوسف انه عجز عن استعمال الماء حقيقة بسبب الحبس فاشبه العجز بسبب المرض و نحوه فصار الماء عدما معنى في حقه فصار مخاطبا بالصلاة بالتيمم فالقدرة بعد ذلك لا تبطل الصلاة المؤداة كما في سائر المواضع و كما في المحبوس في السفر وجه رواية الحسن انه ليس بعادم للماء حقيقة و حكما اما الحقيقة فظاهرة و اما الحكم فلان الحبس ان كان بحق فهو قادر على ازالتة بإيصال الحق إلى المستحق و ان كان بغير حق فالظلم لا يدوم في دار الاسلام بل يرفع فلا يتحقق العجز فلا يكون التراب طهورا في حقه وجه ظاهر الرواية ان العجز للحال قد تحقق الا انه يحتمل الارتفاع فانه قادر على رفعه إذا كان بحق و ان كان بغير حق فكذلك لان الظلم يدفع و له ولاية الدفع بالرفع إلى من له الولاية فامر بالصلاة احتياطا لتوجه الامر بالصلاة بالتيمم لان احتمال الجواز ثابت لاحتمال ان هذا القدر من العجز يكفى لتوجيه الامر بالصلاة بالتيمم و أمر بالقضاء في الثاني لان احتمال عدم الجواز ثابت لاحتمال ان المعتبر حقيقة القدرة دون العجز الحالى فيؤمر بالقضاء عملا بالشبهين و أخذ بالثقة و الاحتياط و صار كالمقيد انه يصلى قاعدا ثم يعيد إذا أطلق كذا هذا بخلاف المحبوس في السفر لان ثمة تحقق العجز من كل وجه لانه إنضاف إلى المنع الحقيقي السفر و الغالب في السفر عدم الماء ( و اما )

المحبوس في مكان نجس لا يجد ماء و لا ترابا نظيفا فانه لا يصلى عند أبى حنيفة و قال أبو يوسف يصلى بالايماء ثم يعيد إذا خرج و هو قول الشافعي و قول محمد مضطرب و ذكر في عامة الروايات مع أبى حنيفة و في نوادر أبى سليمان مع أبى يوسف وجه قول أبى يوسف انه ان عجز عن حقيقة الاداء فلم يعجز عن التشبه فيؤمر بالتشبه كما في باب الصوم و قال بعض مشايخنا انما يصلى بالايماء على مذهبه إذا كان المكان رطبا اما إذا كان يابسا فانه يصلى بركوع و سجود و الصحيح عنده انه يومى كيفما كان لانه لو سجد لصار مستعملا للنجاسة و لابي حنيفة أن الطهارة شرط أهلية أداء الصلاة فان الله تعالى جعل أهل مناجاته الطاهر لا المحدث و التشبه انما يصح من الاهل الا ترى ان الحائض لا يلزمها التشبه في باب الصوم و الصلاة لانعدام الاهلية بخلاف المسألة المتقدمة لان هناك حصلت الطهارة من وجه فكان أهلا من وجه فيؤدى الصلاة ثم يقضها احتياطا مسافر مر بمسجد فيه عين ماء و هو جنب و لا يجد غيره جاز له التيمم لدخول المسجد لان الجنابة مانعة من دخول المسجد عندنا على كل حال سواء كان الدخول على قصد المكث أولا الاجتياز على ما ذكرنا فيما تقدم فكان عاجزا عن استعمال هذا الماء فكان هذا الماء ملحقا بالعدم في حق جواز التيمم فلا يمنع جواز التيمم ثم وجود الماء انما يمنع من جواز التيمم إذا كان القدر الموجود يكفى للوضوء ان كان محدثا و للاغتسال ان كان جنبا فان كان لا يكفى لذلك فوجوده لا يمنع جواز التيمم عندنا و قال الشافعي يمنع قليله و كثيره حتى ان المحدث إذا وجد من الماء قدر ما يغسل بعض اعضاء وضوئه جاز له ان يتيمم عندنا مع قيام ذلك الماء و عنده لا يجوز مع قيامه و كذلك الجنب إذا وجد من الماء قدر ما يتوضأ به لا اجزأه التيمم عندنا و عنده لا يجزئه الا بعد تقديم الوضوء حتى يصير عاد ما للماء و احتج بقوله تعالى في آية التيمم فلم تجدوا ماء ذكر الماء نكرة في محل النفي فيقتضى الجواز عند عدم كل جزء من اجزاء الماء و لان النجاسة الحكمية و هي الحدث تعتبر بالنجاسة الحقيقة ثم لو كان معه من الماء ما يزيل به بعض النجاسة الحقيقة يؤمر بالازالة كذا هنا ( و لنا )

ان المأمور به الغسل المبيح للصلاة و الغسل الذي لا يبح الصلاة وجوده و العدم بمنزلة واحدة كما لو كان الماء نجسا و لان الغسل إذا لم يفد الجواز كان الاشتغال به سفها مع ان فيه تضببع

(51)

الماء و انه حرام فصار كمن وجد ما يطعم به خمسة مساكين فكفر بالصوم انه يجوز و لا يؤمر بإطعام الخمسة لعدم الفائدة فكذا هذا بل أولى لان هناك لا يؤدى إلى تضييع المال لحصول الثواب بالتصدق و مع ذلك لم يؤمر به لما قلنا فههنا أولى و به تبين ان المراد من الماء المطلق في الآية هو المقيد و هو الماء المفيد لاباحة الصلاة عند الغسل به كما يقيد بالماء الطاهر و لان مطلق الماء ينصرف إلى المتعارف و المتعارف من الماء في باب الوضوء و الغسل هو الماء الذي يكفى للوضوء و الغسل فينصرف المطلق اليه و اعتباره بالنجاسة الحقيقية سديد لانهما مختلفان في الاحكام فان قليل الحدث ككثيره في المنع من الجواز بخلاف النجاسة الحقيقية فيبطل الاعتبار واو تيمم الجنب ثم أحدث بعد ذلك و معه من الماء قدر ما يتوضأ به فانه يتوضأ به و لا يتيمم لان التيمم الاول أخرجه من الجنابة إلى ان يجد من الماء ما يكفيه للاغتسال فهذا محدث و ليس بجنب و معه من الماء قدر ما يكفيه للوضوء فيتوضأ به فان توضأ و ليس خفيه ثم مر على الماء فلم يغتسل ثم حضرته الصلاة و معه من الماء قدر ما يتوضأ به فانه لا يتوضأ به و لكنه يتيمم لانه بمروره على الماء عاد جنبا كما كان فعادت المسألة الاولى و لا ينزع الخفين لان القدم ليست بمحل للتيمم فان تيمم ثم أحدث و قد حضرته صلاة أخرى و عنده من الماء قدر ما يتوضأ به توضأ به و لا يتيمم لما مر و نزع خفيه و غسل رجليه لانه بمروره بالماء عاد جنبا فسرى الحدث السابق إلى القدمين فلا يجوز له أن يمسح بعد ذلك و لو كان ببعض اعضاء الجنب جراحة أو جدرى فان كان الغالب هو الصحيح غسل الصحيح و ربط على السقيم الجبائر و مسح عليها و ان كان الغالب هو السقيم تيمم لان العبرة للغالب و لا يغسل الصحيح عندنا خلافا للشافعي لما مر و لان الجمع بين الغسل و التيمم ممتنع الا في حال وقوع الشك في طهورية الماء و لم يوجد و على هذا لو كان محدثا و ببعض اعضاء وضوئه جراحة أو جدرى لما قلنا و ان استوى الصحيح و السقيم لم يذكر في ظاهر الرواية و ذكر في النوادر انه يغسل الصحيح و يربط الجبائر على السقيم و يمسح عليها و ليس في هذا جمع بين الغسل و المسح لان المسح على الجبائر كالغسل لما تحتها و هذا الشرط الذي ذكرنا لجواز التيمم و هو عدم الماء فيما وراء صلاة الجنازة و صلاة العيدين فاما في هاتين الصلاتين فليس بشرط بل الشرط فيهما خوف الفوت لو اشتغل بالوضوء حتى لو حضرته الجنازة و خاف فوت الصلاة لو اشتغل بالوضوء تيمم وصلى و هذا عند أصحابنا و قال الشافعي لا يتيمم استدلالا بصلاة الجمعة و سائر الصلوات و سجدة التلاوة ( و لنا )

ما روى عن ابن عمر رضى الله عنهما انه قال إذا فجأتك جنازة تخشى فوتها و أنت على وضوء فتيمم لها و عن ابن عباس رضى الله عنهما مثله و لان شرع التيمم في الاصل لخوف فوات الاداء و قد وجد ههنا بل أولى لان هناك تفوت فضيلة الاداء فقط فاما الاستدراك بالقضاء فممكن و ههنا تفوت صلاة الجنازة أصلا فكان أولى بالجواز حتى لو كان ولي الميت لا يباح له التيمم كذا روى الحسن عن أبى حنيفة لان له ولاية لا عادة فلا يخاف الفوت و حاصل الكلام فيه راجع إلى ان صلاة الجنازة لا تقضى عندنا و عنده تقضى على ما نذكر في موضعه ان شاء الله تعالى بخلاف الجمعة لان فرض الوقت قائم و هو الظهر و بخلاف سائر الصلوات لانها تفوت إلى خلف و هو القضاء و الفائت إلى خلف قائم معنى و سجدة التلاوة لا يخاف فوتها رأسا لانه ليس لا دائها وقت معين لانها وجبت مطلقة عن الوقت و كذا إذا خاف فوت صلاة العيدين يتيمم عندنا لانه لا يمكن استدراكها بالقضاء لاختصاصها بشرائط يتعذر تحصيلها لكل فرد هذا إذا خاف فوت الكل فان كان يرجوا ان يدرك البعض لا يتيمم لانه لا يخاف الفوت لانه إذا أدرك البعض يمكنه اداء الباقى وحده و لو شرع في صلاة العيد متيمما ثم سبقه الحدث جاز له ان يبنى عليها بالتيمم بإجماع من أصحابنا لانه لو ذهب و توضأ لبطلت صلاته من الاصل لبطلان التيمم فلا يمكنه البناء و اما إذا شرع فيها متوضأ ثم سبقه الحدث فان كان يخاف انه لو اشتغل بالوضوء زالت الشمس تيمم و بني و ان كان لا يخاف زوال الشمس فان كان يرجوا انه لو توضأ يدرك شيأ من الصلاة مع الامام توضأ و لا يتيمم لانها لا تفوت لانه إذا أدرك البعض يتم الباقى وحده و ان كان لا يرجو إدراك الامام يباح له التيمم عند أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد لا

(52)

يباح وجه قولهما انه لو ذهب و توضأ لا تفوته الصلاة لانه يمكنه إتمام البقية وحده لانه لا حق و لا عبرة بالتيمم عند عدم خوف الفوت أصلا ( و لابي )

حنيفة انه ان كان لا يخاف الفوت من هذا الوجه يخاف الفوت بسبب الفساد لازدحام الناس فقلما يسلم عن عارض يفسد عليه صلاته فكان في الانصراف للوضوء تعريض صلاته للفساد و هذا لا يجوز فيتيمم و الله أعلم ( و منها )

النية و الكلام في النية في موضعين أحدهما في بيان انها شرط جواز التيمم و الثاني في بيان كيفيتها اما الاول فالنية شرط جواز التيمم في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر ليست بشرط وجه قوله ان التيمم خلف و الخلف لا يخالف الاصل في الشروط ثم الوضوء يصح بدون النية كذا التيمم ( و لنا )

ان التيمم ليس بطهارة حقيقية و انما جعل طهارة عند الحاجة و الحاجة انما تعرف بالنية بخلاف الوضوء لانه طهارة حقيقية فلا يشترط له الحاجة ليصير طهارة فلا يشترط له النية و لان مأخذ الاسم دليل كونها شرطا لما ذكرنا أنه ينبى عن القصد و النية هى القصد فلا يتحقق بدونها فاما الوضوء فانه مأخوذ من الوضاءة و انها تحصل بدون النية و أما كيفية النية في التيمم فقد ذكر القد ورى أن الصحيح من المذهب أنه إذا نوى الطهارة أو نوى استباحة الصلاة اجزأه و ذكر الجصاص أنه لا يجب في التيمم نية التطهير و انما يجب نية التمييز و هو أن ينوى الحدث أو الجنابة لان التيمم لهما يقع على صفة واحدة فلا بد من التميز بالنية كما في صلاة الفرض أنه لا بد فيها من نية الفرض لان الفرض و النفل يتأديان على هيئة واحدة و الصحيح أن ذلك ليس بشرط فان ابن سماعة روى عن محمد أن الجنب إذا تيمم يريد به الوضوء أجزأه عن الجنابة و هذا لما بينا أن افتقار التيمم إلى النية ليصبر طهارة اذ هو ليس بتطهير حقيقة و انما جعل تطهيرا شرعا للحاجة و الحاجة تعرف بالنية و نية الطهارة تكفى دلالة على الحاجة و كذا نية الصلاة لانه لا جواز للصلاة بدون الطهارة فكانت دليلا على الحاجة فلا حاجة النى نية التمييز أنه للحدث أو للجنابة واو تيمم و نوى مطلق الطهارة أو نوى استباحة الصلاة فله أن يفعل كل ما لا يجوز بدون الطهارة كصلاة الجنازة و سجدة التلاوة و مس المصحف و نحوها لانه لما أيبح له اداء الصلاة فلان يباح له ما دونها أو ما هو جزء من أجزائها أولى و كذا لو تيمم لصلاة الجنازة أو لسجدة التلاوة أو لقراءة القرآن بأن كان جنبا جاز له أن يصلى به سائر الصلوات لان كل واحد من ذلك عبادة مقصودة بنفسها و هو من جنس اجزاء الصلاة فكان نيتها عند التيمم كنية الصلاة فاما إذا تيمم لدخول المسجد أو لمس المصحف لا يجوز له أن يصلى به لان دخول المسجد و مس المصحف ليس بعبادة مقصودة بنفسه و لا هو من جنس أجزاء الصلاة فيقع طهور الماء أوقعه له لا ( و منها )

الاسلام فانه شرط وقوعه صحيحا عند عامة العلماء حتى لا يصح تيمم الكافر و ان أراد به الاسلام و روى عن أبى يوسف إذا تيمم ينوى الاسلام جاز حتى لو أسلم لا يجوز له أن يصلى بذلك التيمم عند العامة و على رواية أبى يوسف يجوز وجه روايته أن الكافر من أهل نية الاسلام و الاسلام رأس العبادة فيصح تيممه له بخلاف ما إذا تيمم للصلاة لانه ليس من أهل الصلاة فكان تيممه الصلاة سفها فلا يعتبر ( و لنا )

ان التيمم ليس بطهور حقيقة و انما جعل طهورا للحاجة إلى فعل لا صحة له بدون الطهارة و الاسلام يصح بدون الطهارة فلا حاجة إلى أن يجعل إلى أن يجعل طهورا في حقه بخلاف الوضوء لانه يصح من الكافر عندنا لانه طهور حقيقة فلا تشترط له الحاجة ليصير طهورا و لهذا لو تيمم مسلم بنية الصوم لم يصح و ان كان الصوم عبادة فكذا ههنا بل أولى لان هناك باشتغاله بالتيمم لم يرتكب نهيا و ههنا ارتكب أعظم نهى لانه بقدر ما اشتغل صار باقيا على الكفر مؤخر الللاسلام و تأخير الاسلام من أعظم العصيان ثم لما لم يصح ذاك فلان لم يصح هذا أولى مسلم تيمم ثم ارتد عن الاسلام و العياذ بالله لم يبطل تيممه حتى لو رجع إلى الاسلام له أن يصلى بذلك التيمم و عند زفر بطل تيممه حتى لا يجوز له أن يصلى بذلك التيمم بعد الاسلام فالإِسلام عندنا شرط وقوع التيمم صحيحا لا شرط بقائه على الصحة و عند زفر هو شرط بقائه على الصحة أيضا فزفر يجمع بين حالة الابتداء و البقاء بعلة جامعة بينهما و هي ما ذكرنا أنه جعل طهورا مع أنه ليس بطهور حقيقة لمكان الحاجة إلى ما لا صحة له بدون الطهارة من الصلاة

(53)

و غيرها و ذا لا يتصور من الكافر فلا يبقى طهارة في حقه و لهذا لم اننعقد طهارة مع الكفر فلا تبقي طهارة معه ( و لنا )

أن التيمم وقع طهارة صحيحة فلا يبطل بالردة لان أثر الردة في إبطال العبادات و التيمم بعبادة عندنا لكنه طهور و الردة لا تبطل صفة الطهورية كما لا تبطل صفة الوضوء و احتمال الحاجة باق لانه مجبور على الاسلام و الثابت بيقين يبقى لو هم الفائدة في أصول الشرع الا أنه لم ينعقد طهارة مع الكفر لان جعله طهارة للحاجة و الحاجة زائلة للحال بيقين و غير الثابت بيقين لا يثبت لو هم الفائدة مع ما أن رجاء الاسلام منه على موجب ديانته و اعتقاده منقطع و الجبر على الاسلام منعدم و هو الفرق بين الابتداء و البقاء ( و منها )

ان يكون التراب طاهرا فلا يجوز التيمم بالتراب النجس لقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا و لا طيب مع النجاسة و لو تيمم بأرض قد أصابتها نجاسة فجفت و ذهب أثرها لم يجز في ظاهر الرواية و روى ابن الكاس النخعي عن أصحابنا انه يجوز وجه هذه الرواية ان النجاسة قد استحالت أرضا بذهاب أثرها و لهذا جازت الصلاة عليها فيجوز التيمم بها أيضا ( و لنا )

ان احراق الشمس و نسف الرياح و نسف الارض أثرها في تقليل النجاسة دون استثصالها و النجاسة و ان قلت تنافي وصف الطهارة فلم يكن اتيانا بالمأمور به فلم يجز فأما النجاسة القليلة فلا تمنع جواز الصلاة عند أصحابنا و لا يمتنع أن يعتبر القليل من النجاسة في بعض الاشياء دون البعض ألا ترى ان النجاسة القليلة لو وقعت في الانآء تمنع جواز الوضوء به و لو أصابت الثوب لا تمنع جواز الصلاة و لو تيمم جنب أو محدث من مكان ثم تيمم غيره من ذلك المكان أجزأه لان التراب المستعمل مالتزق بيد المتيمم الاول لا ما بقي على الارض فنزل ذلك منزلة ماء فضل في الانآء بعد وضوء الاول أو اغتساله به و ذلك طهور في حق الثاني كذا هذا ( فصل )

و اما بيان ما يتيمم به فقد اختلف فيه قال أبو حنيفة و محمد يجوز التيمم بكل ما هو من جنس الارض و عن أبى يوسف روايتان في رواية بالتراب و الرمل و في رواية لا يجوز الا بالتراب خاصة و هو قوله الآخر ذكره القدوري و به أخذ الشافعي و الكلام فيه يرجع إلى ان الصعيد المذكور في الآية ما هو فقال أبو حنيفة و محمد هو وجه الارض و قال أبو يوسف هو التراب المنبت و احتج بقول ابن عباس رضى الله عنهما انه فسر الصعيد بالتراب الخالص و هو مقلد في هذا الباب و لانه ذكر الصعيد الطيب و الصعيد الطيب هو الذي يصلح للنبات و ذلك هو التراب دون السبخة و نحوها ( و لهما )

ان الصعيد مشتق من الصعود و هو العلو قال الاصمعى فعيل بمعنى فاعل و هو الصاعد و كذا قال ابن الاعرابى انه اسم لما تصاعد حتى قيل للقبر صعيد لعلوه و ارتفاعه و هذا لا يوجب الاختصاص بالتراب بل يعم جميع أنواع الارض فكان التخصيص ببعض الانواع تقييد المطلق الكتاب و ذلك لا يجوز بخبر الواحد فكيف بقول الصحابي و الدليل على ان الصعيد لا يختص ببعض الانواع ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال عليكم بالارض من فصل و قال جعلت لي الارض مسجدا و طهورا و اسم الارض يتناول جميع أنواعها ثم قال أينما أدركتني الصلاة تيممت و صليت و ربما تدركه الصلاة في الرمل و ما لا يصلح للانبات فلا بد و أن يكون بسبيل من التيمم به و الصلاة معه بظاهر الحديث ( و أما )

قوله سماء طيبا فنعم لكن الطيب يستعمل بمعنى الطاهر و هو الاليق ههنا لانه شرع مطهرا و التطهير لا يقع الا بالطاهر مع ان معنى الطهارة صار مرادا بالاجماع حتى لا يجوز التيمم بالصعيد النجس فخرج غيره من أن يكون مرادا اذ المشترك لا عموم له ثم لابد من معرفة جنس الارض فكل ما يحترق بالنار فيصير رمادا كالحطب و الحشيش و نحوهما أو ما ينطبع و يلين كالحديد و الصفر و النحاس و الزجاج و عين الذهب و الفضة و نحوها فليس من جنس الارض و ما كان بخلاف ذلك فهو من جنسها ثم اختلف أبو حنيفة و محمد فيما بينهما فقال أبو حنيفة يجوز التيمم بكل ما هو من جنس الارض التزق بيده شيء أولا و قال محمد لا يجوز الا إذا التزق بيده شيء من أجزائه فالأَصل عنده انه لابد من استعمال جزء من الصعيد و لا يكون ذلك الا بان يلتزق بيده شيء ( و عند )

أبى حنيفة هذا ليس بشرط مس وجه الارض باليدين و أمر ارهما على العضوين و إذا عرف هذا فعلى قول أبى حنيفة يجوز التيمم بالجص و النورة

(54)

و الزرنيخ و الطين الاحمر و الاسود و الابيض و الكحل و الحجر الاملس و الحائط المطين و المجصص و الملح الجبلى دون المائى و المرداسنج المعدني و الآجر و الخزف المتخذ من طين خالص و الياقوت و الفيروزج و الزمرد و الارض الندية و الطين الرطب ( و عند )

محمد ان التزق بيده شيء منها بان كان عليها غبار أو كان مدقوقا يجوز و الا فلا وجه قول محمد ان المأمور به استعمال الصعيد و ذلك بأن يلتزق بيده شيء منه فأما ضرب اليد على ماله صلابة و ملاسة من استعمال جزء منه فضرب من السفه ( و لابي )

حنيفة ان المأمور به هو التيمم بالصعيد مطلقا من شرط الالتزاق و لا يجوز تقييد المطلق الا بدليل و قوله الاستعمال شرط ممنوع لان ذلك يؤدى إلى التغيير الذي هو شبيه المثلة و علامة أهل النار و لهذا أمر بنفض اليدين بل الشرط إمساس اليد المضروبة على وجه الارض على الوجه و اليدين تعبدا معقول المعنى لحكمة استأثر الله تعالى بعلمها و لا يجوز التيمم بالرماد بالاجماع لانه من أجزاء الخشب و كذا باللآلئ سواء كانت مدقوقة أولا لانها ليست من أجزاء الارض بل هى متولدة من الحيوان و يجوز التيمم بالغبار بان ضرب يده على ثوب أو لبد أو صفة سرج فارتفع غبارا و كان على الذهب أو الفضة أو على الحنطة أو الشعير أو نحوها غبار فتيمم به أجزأه في قول أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف لا يجزيه و بعض المشايخ قالوا إذا لم يقدر على الصعيد يجوز عنده و الصحيح انه لا يجوز في الحالين و روى عنه انه قال و ليس عندي من الصعيد و هذا وجه قوله ان المأمور به التيمم بالصعيد و هو اسم للتراب الخالص و الغبار ليس بتراب خالص بل هو تراب من وجه دون وجه فلا يجوز التيمم ( و لهما )

أنه جزء من أجزاء الارض الا انه لطيف فيجوز التيمم به كما يجوز بالكثيف بل أولى و قد روى أن عبد الله بن عمر رضى الله عنه كان بالجابية فمطروا فلم يجدوا ماء يتوضؤن به و لا صعيدا يتيممون به فقال ابن عمر لينفض كل واحد منكم ثوبه أو صفة سرجه و ليتيم و ليصل و لم ينكر عليه أحد فيكون إجماعا و لو كان المسافر في طين و ردغة لا يجد ماء و لا صعيدا و ليس في ثوبه و سرجه غبار لطخ ثوبه أو بعض جسده بالطين فإذا جف تيمم به و لا ينبغى أن يتيمم بالطين ما لم يخف ذهاب الوقت لان فيه تلطيخ الوجه من ضرورة فيصير بمعنى المثلة و ان كان لو تيمم به أجزأه عند أبى حنيفة و محمد لان الطين من أجزاء الارض و ما فيه من الماء مستهلك و هو يلتزق باليد فان خاف ذهاب الوقت تيمم وصلى عندهما و على قياس قول أبى يوسف صلى بغير تيمم بالايماء ثم يعيد إذا قدر على الماء أو التراب كالمحبوس في المخرج إذا لم يجد ماء و لا ترابا نظيفا على ما ذكرنا ( فصل )

و اما بيان ما يتيمم منه فهو الحدث و الجنابة و الحيض و النفاس و قد ذكرنا دلائل جواز التيمم من الحدث في صدر فصل التيمم و ذكرنا اختلاف الصحابة رضى الله عنهم في جواز التيمم من الجنابة و ترجيح قول المجوزين لمعاضدة الاحاديث إياه و الحيض و النفاس ملحقان بالجنابة لانهما في معناها مع انه ثبت جواز التيمم منهما لعموم بعض الاحاديث التي رويناها و الله أعلم ( فصل )

و أما بيان وقت التيمم فالكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان أصل الوقت و الثاني في بيان الوقت المستحب ( أما )

الاول فالأَوقات كلها وقت للتيمم حتى يجوز التيمم بعد دخول وقت الصلاة و قبل دخوله و هذا عند أصحابنا و قال الشافعي لا يجوز الا بعد دخول وقت الصلاة و الكلام فيه راجع إلى أصل و هو أن التيمم بدل مطلق أم بدل ضروري فعندنا بدل مطلق و عنده بدل ضروري و سنذكر تفسير البدل المطلق و الضرورى و دليله في بيان صفة التيمم ان شاء الله تعالى ( و أما )

الثاني و هو بيان الوقت المستحب للتيمم فقد قال أصحابنا ان المسافر ان كان على طمع من وجود الماء في آخر الوقت يؤخر التيمم إلى آخر الوقت و ان لم يكن على طمع من وجود الماء في آخر الوقت لا يؤخر و هكذا روى المعلى عن أبى حنيفة و أبى يوسف انه ان كان على طمع من وجود الماء في آخر الوقت أخر إلى آخر الوقت مقدار ما لو لم يجد الماء يمكنه ان يتيمم و يصلى في الوقت و ان لم يكن على طمع لا يؤخر و يتيمم و يصلى في الوقت المستحب و ذكر في الاصل أحب إلى أن يؤخر التيمم إلى آخر الوقت و لم يفصل بين ما إذا

(55)

كان يرجو وجود الماء في آخره أولا يرجو و هذا لا يوجب اختلاف الرواية بل يجعل رواية المعلى تفسيرا لما أطلقه في الاصل و هو قول جماعة من التابعين مثل الزهرى و الحسن و ابن سيرين رضى الله عنهم فانهم قالوا يؤخر التيمم إلى آخر الوقت إذا كان يرجو وجود الماء و قال جماعة لا يؤخر ما لم يستيقن بوجود الماء في آخر الوقت و به أخذ الشافعي و قال مالك المستحب له أن يتيمم في وسط الوقت و الصحيح قولنا لما روى عن على رضى الله عنه انه قال في مسافر أجنب يتلوم إلى آخر الوقت و لم يرو عن غيره من الصحابة خلافه فيكون إجماعا و المعنى فيه ان أداء الصلاة بطهارة الماء أفضل لانها أصل و التيمم بدل و لانها طهارة حقيقة و حكما و التيمم طهارة حكما لا حقيقة فإذا كان يرجو وجود الماء في آخر الوقت كان في التأخير اداء الصلاة باكمل الطهارتين فكان التأخير مستحبا فاما إذا لم يرج لا يستحب اذ لا فائدة في التأخير و لو تيمم في أول الوقت وصلى فان كان عالما أن الماء قريب بان كان بينه و بين الماء أقل من ميل لم تجز صلاته بلا خلاف لانه واجد للماء و ان كان ميلا فصاعدا جازت صلاته و ان كان يمكنه ان يذهب و يتوضأ و يصلى في الوقت و عند زفر لا يجوز لما يذكر و ان لم يكن عالما بقرب الماء أو بعده تجوز صلاته سواء كان يرجوا وجود الماء في آخر الوقت أولا سواء كان بعد الطلب أو قبله عندنا خلافا للشافعي لما مر أن العدم ثابت ظاهرا و احتمال الوجود لا دليل عليه فلا يعارض الظاهر و لو أخبر في آخر الوقت أن الماء بقرب منه بان كان بينه و بين الماء أقل من ميل لكنه يخاف لو ذهب اليه و توضأ تفوته الصلاة عن وقتها لا يجوز له التيمم بل يجب عليه ان يذهب و يتوضأ و يصلى خارج الوقت عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر يجزئه التيمم و الاصل أن المعتبر عند أصحابنا الثلاثة القرب و البعد لا الوقت و عند زفر المعتبر هو الوقت لا قرب الماء و بعده وجه قوله أن التيمم شرع للحاجة إلى أداء الصلاة في الوقت فكان المنظور اليه هو الوقت فيتيمم كيلا تفوته الصلاة عن الوقت كما في صلاة الجنازة و العيدين ( و لنا )

أن هذه الصلاة لا تفوته أصلا بل إلى خلف و هو القضاء و الفائت إلى خلف قائم معنى بخلاف صلاة الجنازة و العيدين لانها تفوت أصلا لما يذكر في موضعه فجاز التيمم فيها لخوف الفوات و الله أعلم ( فصل )

و أما صفة التيمم فهي انه بدل بلا شك لان جوازه معلق بحال عدم الماء لكنهم اختلفوا في كيفية البدلية من وجهين أحدهما الخلاف فيه مع أصحابنا و الثاني مع أصحابنا ( أما )

الاول فقد قال أصحابنا ان التيمم بدل مطلق و ليس ببدل ضروري و عنوا به أن الحدث يرتفع بالتيمم إلى وقت وجود الماء في حق الصلاة المؤداة الا أنه يباح له الصلاة مع قيام الحدث و قال الشافعي التيمم بدل ضروري و عنى به أنه يباح له الصلاة مع قيام الحدث حقيقة للضرورة كطهارة المستحاضة وجه قوله لتصحيح هذا الاصل أن التيمم لا يزيل هذا الحدث بدليل أنه لو رأى الماء تعود الجنابة و الحدث مع أن رؤية الماء ليست بحدث فعلم أن الحدث لم يرتفع لكن أبيح له أداء الصلاة مع قيام الحدث للضرورة كما في المستحاضة ( و لنا )

ما ورى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال التيمم وضوء المسلم و لو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء أو يحدث فقد سمى التيمم و ضوأ و الوضوء مزيل للحدث و قال صلى الله عليه و سلم جعلت لي الارض مسجدا و طهورا و الطهور اسم للمطهر فدل على أن الحدث يزول بالتيمم الا أن زواله مؤقت إلى غاية وجود الماء فإذا وجد الماء يعود الحدث السابق لكن في المستقبل لا في الماضي فلم يظهر في حق الصلاة المؤداة و على هذا الاصل يبنى التيمم قبل دخول الوقت أنه جائز عندنا و عند الشافعي لا يجوز لانه بدل مطلق عند عدم الماء فيجوز قبل دخول الوقت و بعده و عنده بدل ضروري فتتقدر بدليته بقدر الضرورة و لا ضرورة قبل دخول الوقت و على هذا يبنى أيضا انه إذا تيمم في الوقت له ان يؤدى ما شاء من الفرائض و النوافل ما لم يجد الماء أو يحدث عندنا و عنده لا يجوز له ان يؤدى به فرضا آخر ما تيمم لاجله و له أن يصلى به النوافل لكونها تابعة للفرائض و ثبوت الحكم في التبع لا يقف على وجود علة على حدة أو شرط على حدة فيه بل وجود ذلك في الاصل يكفى لثبوته في التبع كما هو مذهبه في طهارة المستحاضة و على هذا يبنى أنه إذا تيمم للنفل




/ 48