الوتر ثم تبسط اللفافة و هي الرداء طولا ثم يبسط الازار عليها طولا ثم يلبسه القميص ان كان له قميص و ان لم يكن له سر و له لان اللبس بعد الوفاة معتبر بحال الحياة الا ان في حياته كان يلبس السراويل حتى لا تنكشف عورته عند المشي و لا حاجة إلى ذلك بعد موته فأقيم الازار مقام السراويل الا أن الازار في حال حياته تحت القميص و بعد الموت فوق القميص من المنكب إلى القدم لان الازار تحت القميص حالة الحياة ليتيسر عليه المشي و بعد الموت لا يحتاج إلى المشي ثم يوضع الحنوط في رأسه و لحيته لما روى ان آدم صلوات الله و سلامه عليه لما توفى غسلته الملائكة و حنطوه و يوضع الكافور على مساجده يعنى جبهته و أنفه و يديه و ركبتيه و قدميه لما روى عن ابن مسعود انه قال و تتبع مساجده بالطيب يعنى بالكافور و لان تعظيم الميت واجب و من تعظيمه ان يطيب لئلا تجئ منه رائحة منتنة و ليصان عن سرعة الفساد و أولى المواضع بالتعظيم مواضع السجود و كذا الرأس و اللحية هما من أشرف الاعضاء لان الرأس موضع الدماغ و مجمع الحواس و اللحية من الوجه و الوجه من أشرف الاعضاء و عن زفر انه قال يذر الكافور على عينيه و أنفه و فمه لان المقصود ان يتباعد الدود من الموضع الذي يذر عليه الكافر فخص هذه المحال من بدنه لهذا و ان لم يجد ذلك لم يضره و لا بأس بسائر الطيب الزعفران و الورس في حق الرجل لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه نهى الرجال عن المزعفر و لم يذكر في الاصل انه هل تحشي محارقه و قالوا ان خشى خروج شيء يلوث الاكفان فلا بأس بذلك في أنفه و فمه و قد جوز الشافعي في دبره أيضا و استقبح ذلك مشايخنا و ان لم يخش جاز الترك لانعدام الحاجة اليه ثم يعطف الازار عليه من قبل شقه الايسر و ان كان الازار طويلا حتى يعطف على رأسه و سائر جسده فهو أولى ثم يعطف من قبل شقه الايمن كذلك فيكون الايمن فوق الايسر ثم تعطف اللفاقة و هي الرداء كذلك لان المنتقب في حالة الحياة هكذا يفعل إذا تحزم بدأ بعطف شقه الايسر على الايمن ثم يعطف الايمن على الايسر فكذا يفعل به بعد الممات فان خيف ان تنتشر اكفانه تعقد و لكن إذا وضع في قبره تحل العقد لزوال ما لاجله عقد و الله أعلم و أما المرأة فيبسط لها اللفاقة و الازار و اللفافة فوق الخمار و الخرقة يربط فوق الاكفان عند الصدر فوق الثديين و البطن كى لا ينتشر الكفن باضطراب ثدييها عند الحمل على السرير و عرض الخرقة ما بين الثدي و السرة هكذا ذكر محمد في رواية الاصول و يسدل شعرها ما بين ثدييها من الجانبين جميعا تحت الخمار و لا يسدل شعرها خلف ظهرها و عند الشافعي يسدل خلف ظهرها و احتج بحديث أم عطية انها قالت لما توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ضفرنا شعرها ثلاثة فروق في ناصيتها و قرنيها و القيناها خلفها فدل أن السنة هكذا و لنا ان القاءها إلى ظهرها من باب الزينة و هذه ليست بحال زينة و لا حجة في حديث أم عطية لان ذلك كان فعل أم عطية و ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم علم ذلك ثم المحرم يكفن كما يكفن الحلال عندنا أى تغطى رأسه و وجهه و يطيب و قال الشافعي لا يخمر رأسه و لا يقرب منه طيب و احتج بما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن محرم وقصت به ناقتة و اندق عنقه فقال اغسلوه بماء و سدر و كفنوه في ثوبه و لا تخمروا رأسه فانه يبعث يوم القيامة ملبيا و فى رواية قال و لا تقربوا منه طيبا و لنا ما روى عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال في المحرم يموت خمروهم و لا تشبهوهم باليهود و روى عن على أنه قال في المحرم إذا مات انقطع إحرامه و لان النبي صلى الله عليه و سلم قال إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاثة ولد صالح يدعو له و صدقة جارية و علم علمه الناس ينتفعون به و الاحرام ليس من هذه الثلاثة و ما روى معارض بما روينا في المحرم فبقى لنا الحديث المطلق الذي روينا ان هذا العمل منقطع على أن ذلك الحديث محمول على محرم خاص جعله النبي صلى الله عليه و سلم مخصوصا به بدليل ما روينا ( فصل )و أما بيان من يجب عليه الكفن فنقول كفن الميت في ماله ان كان له مال و يكفن من جميع ماله قبل الدين و الوصية و الميراث لان هذا من أصول حوائج الميت فصار كنفقته في حال حياته و ان لم يكن له مال فكفنه على من تجب عليه نفقته كما تلزمه كسوته في حال حياته الا المرأة فانه لا يجب كفنها على زوجها عند محمد لان الزوجية
(309)
انقطعت بالموت فصار كالأَجنبي و عند أبى يوسف يجب عليه كفنها كما تجب عليه كسوتها في حال حياتها و لا يجب على المرأة كفن زوجها بالاجماع كما لا يجب عليها كسوته في حال الحياة و ان لم يكن له مال و لا من ينفق عليه فكفنه في بيت المال كنفقته في حال حياته لانه أعد لحوائج المسلمين و على هذا إذا نبش الميت و هو طرى لم يتفسخ بعد كفن ثانيا من جميع المال لان حاجته إلى الكفن في المرة الثانية كحاجته اليه في المرة الاولى فان قسم المال فهو على الوارث دون الغرماء و أصحاب الوصايا لان بالقسم انقطع حق الميت عنه فصار كانه مات و لا مال له فكيفنه وارثه ان كان له مال و ان لم يكن له مال و لا من تفترض عليه نفقته فكفنه في بيت المال بمنزلة نفقته في حال حياته و ان نبش بعد ما تفسخ و أخذ كفنه كفن في ثوب واحد لانه إذا تفسخ خرج عن حكم الآدميين الا ترى انه لا يصلى عليه فصار كالسقط و الله أعلم ثم إذا كفن الميت يحمل على الجنازة ( فصل )و الكلام في حمله على الجنازة في مواضع في بيان كمية من يحمل الجنازة و كيفية حملها و تشييعها و وضعها و ما يتصل بذلك مما يسن و ما يكره اما بيان كمية من يحمل الجنازة و كيفية حملها فالسنة في حمل الجنازة ان يحملها أربعة نفر من جوانبها الاربع عندنا و قال الشافعي السنة حملها بين العمودين و هو ان يحملها رجلان يتقدم أحدهما فيضع جانبي الجنازة على كتفيه و يتأخر الآخر فيفعل مثل ذلك و هذا النوع من الحمل مكروه كذا ذكره الحسن ابن زياد في المجرد و احتج الشافعي بما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين و اما ما روى عن عبد الله بن مسعود انه قال السنة ان تحمل الجنازة من جوانبها الاربع و روى أن ابن عمر رضى الله عنهما كان يدور على الجنازة من جوانبها الاربع و لان عمل الناس اشتهر بهذه الصفة و هو آمن من سقوط الجنازة و أيسر على الحاملين المتداولين بينهم و أبعد من تشبيه حمل الجنازة بحمل الاثقال و قد أمرنا بذلك و لهذا يكره حملها على الظهر أو على الدابة و أما الحديث فتأويله انه كان لضيق المكان أو لعوز الحاملين و من أراد اكمال السنة في حمل الجنازة ينبغى له ان يحملها من الجوانب الاربع لما روينا عن ابن عمر رضى الله عنهما انه كان يدور على الجنازة على جوانبها الاربع فيضع مقدم الجنازة على يمينه ثم مؤخرها على يمينه ثم مقدمها على يساره ثم مؤخرها على يساره كما بين في الجامع الصغير و هذا لان النبي صلى الله عليه و سلم كان يحب التيامن في كل شيء و إذا حمل هكذا حصلت البداية بيمين الحامل و يمين الميت و انما بدانا بالايمن المقدم دون المؤخر لان المقدم أول الجنازة و البداية بالشيء انما تكون من أوله ثم يضع مؤخرها الايمن على يمينه لانه لو وضع مقدمها الايسر على يساره لاحتاج إلى المشي امامها و المشي خلفها أفضل و لانه لو فعل ذلك أو وضع مؤخرها الايسر على يساره لقدم الايسر على الايمن ثم يضع مقدمها الايسر على يساره لانه لو فعل كذلك يقع الفراغ خلف الجنازة فيمشى خلفها و هو أفضل كذلك كان الحمل و لكمال السنة كما وصفنا من الترتيب و ينبغي ان يحمل من كل جانب عشر خطوات لما روى في الحديث من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت أربعين كبيرة و أما جنازة الصبي فالأَفضل ان يحملها الرجال و يكره ان توضع جنازته على دابة لان الصبي مكرم محترم كالبالغ و لهذا يصلى عليه كما يصلى على البالغ و معنى الكرامة و الاحترام في الحمل على الايدى فاما الحمل على الدابة فاهانة له لانه يشبه حمل الامتعة و إهانة المحترم مكروه و لا بأس بان يحمله راكب على دابته و هو ان يكون الحامل له راكبا لان معنى الكرامة حاصل و عن أبى حنيفة في الرضيع و الفطيم لا بأس بان يحمل في طبق يتداولونه و الله أعلم و الاسراع بالجنازة أفضل من الابطاء لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال عجلوا بموتاكم فان يك خيرا قدمتموه اليه و ان يك شرا القيتموه عن رقابكم و فى رواية فبعدا لاهل النار لكن ينبغى ان يكون الاسراع دون الخبب لما روى عن ابن مسعود رضى الله عنه انه قال سألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المشي بالجنازة فقال ما دون الخبب و لان الخبب يؤدى إلى الاضرار بمشيعى الجنازة و يقدم الرأس في حال حمل الجنازة لانه من أشرف الاعضاء فكان تقديمه أولى و لان معنى الكرامة في التقديم و اما كيفية التشييع فالمشى خلف الجنازة افضل عندنا و قال الشافعي المشي امامها أفضل و احتج بما روى الزهرى عن سالم عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر
(310)
كانوا يمشون امام الجنازة و هذا حكاية عادة و كانت عادتهم اختيار الافضل و لانهم شفعاء الميت و الشفيع أبدا يتقدم لانه أحوط للصلاة لما فيه من التحرز عن احتمال الفوت و لنا ما روى عن ابن مسعود موقوفا عليه و مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال الجنازة متبوعة و ليست بتابعة ليس معها من تقدمها و روى عنه انه عليه السلام كان يمشى خلف جنازة سعد بن معاذ و روى معمر عن طاوس عن أبيه قال ما مشى رسول الله حتى مات الا خلف الجنازة و عن ابن مسعود فضل المشي خلف الجنازة على المشي امامها كفضل المكتوبة على النافلة و لان المشي خلفها أقرب إلى الاتعاظ لانه يعاين الجنازة فيتعظ فكان أفضل و المروي عن النبي صلى الله عليه و سلم لبيان الجواز و تسهيل الامر على الناس عند الازدحام و هو تأويل فعل أبى بكر و عمر و الدليل عليه ما روى عن عبد الرحمن ابن أبى ليلي انه قال بينا أنا أمشي مع على خلف الجنازة و أبو بكر و عمر يميشان امامها فقلت لعلى ما بال أبى بكر و عمر يمشيان امام الجنازة فقال انهما يعلمان ان المشي خلفها أفضل من المشي امامها الا انهما يسهلان على الناس و معناه أن الناس يتحرزون عن المشي امامها تعظيما لها فلو اختار المشي خلف الجنازة لضاق الطريق على مشيعيها و أما قوله ان الناس شفعاء الميت فينبغي أن يتقدموا فيشكل هذا بحالة الصلاة فان حالة الصلاة الشفاعة و مع ذلك لا يتقدمون الميت بل الميت قدامهم و قوله هذا أحوط للصلاة قلنا عندنا انما يكون المشي خلفها أفضل إذا كان بقرب منها بحيث يشاهدها و فى مثل هذا لا تفوت الصلاة و لو مشى قدامها كان واسعا لان النبي صلى الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر رضى الله عنهما فعلوا ذلك في الجملة على ما ذكرنا انه يكره أن يتقدم الكل عليها لان فيه إبطال متبوعية الجنازة من كل وجه و لا بأس بالركوب إلى صلاة الجنازة و المشي أفضل لانه أقرب إلى الخشوع و أليق بالشفاعة و يكره للراكب أن يتقدم الجنازة لان ذلك لا يخلو عن الضرر بالناس و لا تتبع الجنازة بنار إلى قبره يعنى الاجمار في قبره لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج في جنازة فرأى إمرأة في يدها مجمر فصاح عليها و طردها حتى توارت بالاكام و روى عن أبى هريرة رضى الله عنه انه قال لا تحملوا معي مجمرا و لانها آلة العذاب فلا تتبع معه تفاؤلا قال إبراهيم النخعي أكره أن يكون آخر زاده من الدنيا نارا و لان هذا فعل أهل الكتاب فيكره التشبه بهم و لا ينبغى أن يرجع من يتبع الجنازة حتى يصلى لان الاتباع كان للصلاة عليها فلا يرجع قبل حصول المقصود و لا ينبغى للنساء أن يخرجن في الجنازة لان النبي صلى الله عليه و سلم نهاهن عن ذلك و قال انصرفن مأزورات مأجورات و لا ينبغى لاحد أن يقوم للجنازة إذا أتى بها بين يديه الا أن يريد اتباعها و يكره النوح و الصياح في الجنازة و منزل الميت لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه نهى عن الصوتين الاحمقين صوت النائحة و المغنية فاما البكاء فلا بأس به لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه بكى على ابنه إبراهيم و قال العين تدمع و القلب يخشع و لا نقول ما يسخط الرب و انا عليك يا إبراهيم لمحزونون و إذا كان مع الجنازة نائحة أو صائحة زجرت فان لم تنزجر فلا بأس بان يتبع الجنازة معها و لا يمتنع لاجلها لان اتباع الجنازة سنة فلا يترك ببدعة من غيره و يطيل الصمت إذا اتبع الجنازة و يكره رفع الصوت بالذكر لما روى عن قيس بن عبادة انه قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يكرهون رفع الصوت عند ثلاثة عند القتال و عند الجنازة و الذكر و لانه تشبه بأهل الكتاب فكان مكروها و يكره لمتبعى الجنازة أن يقعدوا قبل وضع الجنازة لانهم أتباع الجنازة و التبع لا يقعد قبل قعود الاصل و لانهم انما حضروا تعظيما للميت و ليس من التعظيم الجلوس قبل الوضع فاما بعد الوضع فلا بأس بذلك لما روى عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يجلس حتى يوضع الميت في اللحد و كان قائما مع أصحابه على رأس قبر فقال يهودى هكذا نفعل بموتانا فجلس صلى الله عليه و سلم و قال لاصحابه خالفوهم و أما كيفية الوضع فنقول انها توضع عرضا للقبلة هكذا توارثه الناس و الله أعلم ثم إذا وضعت الجنازة يصلى عليها ( فصل )و الكلام في صلاة الجنازة في مواضع في بيان انها فريضة و فى بيان كيفية فريضتها و فى بيان من يصلى عليه و فى بيان كيفية الصلاة و فى بيان ما تصح به الصلاة و ما يفسدها و ما يكره و فى بيان من له ولاية الصلاة أما
(311)
الاول فالدليل على فرضيتها ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال صلوا على كل بر و فاجر و روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال للمسلم على المسلم ست حقوق و ذكر من جملتها أنه يصلى على جنازته و كلمة على للايجاب و كذا مواظبة النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه رضى الله عنهم و الامة من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا عليها دليل الفرضية و الاجماع منعقد على فرضيتها أيضا الا انها فرض كفاية إذا قام به البعض يسقط عن الباقين لان ما هو الفرض و هو قضأ حق الميت يحصل بالبعض و لا يمكن إيجابها على كل واحد من آحاد الناس فصار بمنزلة الجهاد لكن لا يسع الاجتماع على تركها كالجهاد و أما بيان من يصلى عليه فكل مسلم مات بعد الولادة يصلى عليه صغيرا كان أو كبيرا ذكرا كان أو أنثى حرا كان أو عبدا الا البغاة و قطاع الطريق و من بمثل حالهم لقول النبي صلى الله عليه و سلم صلوا على كل بر و فاجر و قوله للمسلم على المسلم ست حقوق و ذكر من جملتها أن يصلى على جنازته من فصل الا ما خص بدليل و البغاة و من بمثل حالهم مخصوصون لما ذكرنا و لما يصلى على من وجد ميتا و قد ذكرناه في باب الغسل و ان مات في حال ولادته فان كان خرج أكثره صلى عليه و ان كان أقله لم يصلى عليه اعتبارا للاغلب و ان كان خرج نصفه لم يذكر في الكتاب و يجب أن يكون هذا على قياس ما ذكرنا من الصلاة على نصف الميت و لا يصلى على بعض الانسان حتى يوجد الاكثر منه عندنا لانا لو صلينا على هذا البعض يلزمنا الصلاة على الباقى إذا وجدناه فيؤدى إلى التكرار و انه ليس بمشروع عندنا بخلاف الاكثر لانه إذا صلى عليه لم يصل على الباقى إذا وجد و قد ذكرناه في باب الغسل و ذكرنا اختلاف رواية الكرخي و الطحاوي في النصف المقطوع و لا يصلى على ميت الا مرة واحدة لا جماعة و لا وحدانا عندنا الا أن يكون الذين صلوا عليها أجانب بغير أمر الاولياء ثم حضر الولى فحينئذ له أن يعيدها و قال الشافعي يجوز لمن لم يصلى أن يصلى و احتج بما روى ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى على النجاشي و لا شك انه كان صلى عليه و روى انه صلى الله عليه و سلم مر بقبر جديد فسأل عنه فقيل قبر فلانة فقال هلا آذنتمونى بالصلاة عليها فقيل انها دفنت ليلا فخشينا عليك هوام الارض فقال صلى الله عليه و سلم إذا مات إنسان فآذنوني فان صلاتي عليه رحمة و قام و جعل القبر بينه و بين القبلة وصلى عليه و كذا الصحابة رضى الله عنهم صلوا على النبي صلى الله عليه وسم جماعة بعد جماعة و لانها دعاء و لا بأس بتكرار الدعاء و لان حق الميت و ان قضى فلكل مسلم في الصلاة حق و لانه يثاب بذلك و عسى أن يغفر له ببركة هذا الميت كرامة له و لم يقض هذا الحق في حق كل شخص فكان له أن يقضى حقه ( و لنا )ما روى ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى على جنازة فلما فرغ جاء عمر و معه قوم فاراد أن يصلى ثانيا فقال له النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة على الجنازة لا تعاد و لكن ادع للميت و استغفر له و هذا نص في الباب و روى ابن عباس و ابن عمر رضى الله تعالى عنهم فاتتهما صلاة على جنازة فلما حضرا ما زاد على الاستغفار له و روى عن عبد الله بن سلام انه فاتته الصلاة على جنازة عمر رضى الله عنه فلما حضر قال ان سبقتمونى بالصلاة عليه فلا تسبقوني بالدعاء له و الدليل عليه ان الامة توارثت ترك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم و على الخلفاء الراشدين و الصحابة رضى الله عنهم و لو جاز لما ترك مسلم الصلاة عليهم خصوصا على رسول الله صلى الله عليه و سلم لانه في قبره كما وضع فان لحوم الانبياء حرام على الارض به ورد الاثر و تركهم ذلك إجماعا منهم دليل على عدم جواز التكرار و لان الفرض قد سقط بالفعل مرة واحدة لكونها فرض كفاية و لهذا ان من لم يصل لو ترك الصلاة ثانيا لا يأثم و إذا سقط الفرض فلو صلى ثانيا نفلا و التنفل بصلاة الجنازة مشروع بدليل ان من صلى مرة لا يصلى ثانيا و هذا بخلاف ما إذا تقدم الولى فصلى ان للولي أن يصلى عليه لانه إذا لم يجز الاول تبين ان الاول لم يقع فرضا لان حق التقدم كان له فإذا تقدم غيره بغير اذنه كان له أن يستوفى حقه في التقدم فيقع الاول فرضا فهو الفرق و النبي صلى الله عليه و سلم انما أعاد لان ولاية الصلاة كانت له فانه كان أولى الاولياء قال الله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم و روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال لا يصلى على موتاكم غيري ما دمت بين أظهركم فلم يسقط الفرض باداء غيره و هذا هو تأويل فعل الصحابة رضى الله عنهم فان
(312)
الولاية كانت لابى بكر لانه هو الخليفة الا أنه كان مشغولا بتسوية الامور و تسكين الفتنة فكانوا يصلون عليه قبل حضوره فلما فرغ صلى عليه ثم لم يصل بعده عليه و الله أعلم و أما حديث النجاشي فيحتمل انه دعاء لان الصلاة تذكر و يراد بها الدعاء و يحتمل انه خصه بذلك و أما قوله ان لكل واحد من الناس حقا في الصلاة عليه قلنا نعم لكن لا وجه لاستدراك ذلك لسقوط الفرض و عدم جواز التنفل بها و هو الجواب عن قوله انها دعاء و استغفار لان التنفل بالدعاء و الاستغفار مشروع و بالصلاة على الجنازة مشروع و على هذا قال أصحابنا لا يصلى على ميت غائب و قال الشافعي يصلى عليه استدلالا بصلاة النبي صلى الله عليه و سلم على النجاشي و هو غائب و لا حجة له فيه لما بينا على انه روى ان الارض طويت له و لا يوجد مثل ذلك في حق غيره ثم ما ذكره سديد لان الميت ان كان في جانب المشرق فان استقبل القبلة في الصلاة عليه كان الميت خلفه و ان استقبل الميت كان مصليا لغير القبلة و كل ذلك لا يجوز و لا يصلى على صبي و هو على الدابة و على أيدي الرجال حتى يوضع لان الميت بمنزلة الامام لهم فلا يجوز أن يكون محمولا و هم على الارض و لا يصلى على البغاة و قطاع الطريق عندنا و قال الشافعي يصلى عليهم لانهم مسلمون قال الله تعالى و ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية فدخلوا تحت قول النبي صلى الله عليه و سلم صلوا على كل بر و فاجر ( و لنا )ما روى عن على انه لم يغسل أهل نهروان و لم يصل عليهم فقيل له أكفارهم فقال لا و لكن هم اخواننا بغوا علينا أشار إلى ترك الغسل و الصلاة عليهم إهانة لهم ليكون زجرا لغيرهم و كان ذلك بمحضر من الصحابة رضى الله عنهم و لم ينكر عليه أحد فيكون إجماعا و هو نظير المصلوب ترك على خشبته إهانة له و زجرا لغيره كذا هذا و إذا ثبت الحكم في البغاة ثبت في قطاع الطريق لانهم في معناهم إذ هم يسعون في الارض بالفساد كالبغاة فكانوا في استحقاق الاهانة مثلهم و به تبين ان البغاة و من بمثلهم مخصوصون عن الحديث بإجماع الصحابة رضى الله عنهم و كذلك الذي يقتل بالخنق كذا روى عن أبى حنيفة و قال أبو يوسف و كذلك من يقتل على متاع يأخذه و المكاثرون في المصر بالسلاح لانهم يسعون في الارض بالفساد فيلحقون بالبغاة و الله أعلم ( فصل )و أما بيان كيفية الصلاة على الجنازة فينبغي أن يقوم الامام عند الصلاة بحذاء الصدر من الرجل و المرأة و روى الحسن في كتاب صلاته عن أبى حنيفة انه قال في الرجل يقوم بحذاء وسطه و من المرأة بحذاء صدرها و هو قول ابن أبى ليلي وجه رواية الحسن ان في القيام بحذاء الوسط تسوية بين الجانبين في الحظ من الصلاة الا ان في المرأة يقوم بحذاء صدرها ليكون أبعد عن عورتها الغليظة وجه ظاهر الرواية ان الصدر هو وسط البدن لان الرجلين و الرأس من جملة الاطراف فيبقى البدن من العجيزة إلى الرقبة فكان وسط البدن هو الصدر و القيام بحذاء الوسط أولى ليستوي الجانبان في الحظ من الصلاة و لان القلب معدن العلم و الحكمة فالوقوف بحياله أولى و لا نص عن الشافعي في كيفية القيام و أصحابه يقولون يقوم بحذاء رأس الرجل و بحذاء عجز المرأة و يكون هذا مذهب الشافعي لما روى عن أنس أنه صلى على إمرأة فوقف عند عجيزتها وصلى على رجل فقام عند رأسه فقيل له أ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلى كذلك قال نعم قالوا و مذهب الشافعي لا يخالف السنة فيكون هذا مذهبه و ان لم يرو عنه و لكنا نقول هذا معارض بما روى سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى على أم قلابة ماتت في نفاسها فقام وسطها و هذا موافق لمذهبنا لما ذكرنا أنه يقوم بحذاء صدر كل واحد منهما لان الصدر وسط البدن أو نؤول فنقول يحتمل أنه وقف بحذاء الوسط الا أنه مال في أحد الموضعين إلى الرأس و فى الآخر إلى العجز فظن الراوي أنه فرق بين الامرين ثم يكبر أربع تكبيرات و كان ابن أبى ليلي يقول خمس تكبيرات و هو رواية عن أبى يوسف و قد اختلفت الروايات في فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم فروى عنه الخمس و السبع و التسع و أكثر من ذلك الا أن آخر فعله كان أربع تكبيرات لما روى عن عمر أنه جمع الصحابة رضى الله عنهم حين اختلفوا في عدد التكبيرات و قال لهم انكم اختلفتم فمن يأتى بعدكم يكون أشد اختلافا فانظروا آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه و سلم على جنازة فحذوا بذلك فوجده صلى على إمرأة كبر عليها أربعا فاتفقوا على ذلك فكان هذا دليلا على كون التكبيرات
(313)
في صلاة الجنازة أربعا لانهم أجمعوا عليها حتى قال عبد الله بن مسعود حين سئل عن تكبيرات الجنازة كل ذلك قد كان و لكني رأيت الناس أجمعوا على أربع تكبيرات و الاجماع حجة و كذا رووا عنه أنه صلى الله عليه و سلم كذا كان يفعل ثم أخبروا أن آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه و سلم كانت بأربع تكبيرات و هذا خرج مخرج التناسخ حيث لم تحمل الامة الافعال المختلفة على التخيير فدل أن ما تقدم نسخ بهذه التي صلاها آخر صلاته و لان كل تكبيرة قائمة مقام ركعة و ليس في المكتوبات زيادة على أربع ركعات الا أن ابن أبى ليلي يقول التكبيرة الاولى للافتتاح فينبغي أن يكون بعدها أربع تكبيرات كل تكبيرة قائمة مقام ركعة و الرافضة زعمت أن عليا كان يكبر على أهل بيته خمس تكبيرات و على سائر الناس أربعا و هذا افتراء منهم عليه فانه روى عنه أنه كبر على فاطمة أربعا و روى أنه صلى على فاطمة أبو بكر و كبر أربعا و عمر صلى على أبى بكر الصديق و كبر أربعا فإذا كبر الاولي أثنى على الله تعالى و هو أن يقول سبحانك أللهم و بحمدك إلى آخره و ذكر الطحاوي أنه لا استفتاح فيه و لكن النقل و العادة أنهم يستفتحون بعد تكبيرة الافتتاح كما يستفتحون في سائر الصلوات و إذا كبر الثانية يأتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم و هي الصلاة المعروفة و هي أن يقول أللهم صل على محمد و على آل محمد إلى قوله انك حميد مجيد و إذا كبر الثالثة يستغفرون للميت و يشفعون و هذا لان صلاة الجنازه دعاء للميت و السنة في الدعاء أن يقدم الحمد ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ثم الدعاء بعد ذلك ليكون أرجى أن يستجاب و الدعاء أن يقول أللهم اغفر لحينا و ميتنا ان كان يحسنه و ان لم يحسنه يذكر ما يدعو به في التشهد أللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات إلى آخره هذا إذا كان بالغا فاما إذا كان صبيا فانه يقول أللهم اجعله لنا فرطا و ذخرا و شفعه فينا كذا روى عن أبى حنيفة و هو المروي عن النبي صلى الله عليه و سلم ثم يكبر التكبيرة الرابعة و يسلم تسليمتين لانه جاء أوان التحلل و ذلك بالسلام و هل يرفع صوته بالتسليم لم يتعرض له في ظاهر الرواية و ذكر الحسن بن زياد أنه لا يرفع صوته بالتسليم في صلاة الجنازة لان رفع الصوت مشروع للاعلام و لا حاجة إلى الاعلام بالتسليم في صلاة الجنازه لانه مشروع عقب التكبيرة الرابعة فلا فصل و لكن العمل في زماننا هذا يخالف ما يقوله الحسن و ليس في ظاهر المذهب بعد التكبيرة الرابعة دعاء سوى السلام و قد اختار بعض مشايخنا ما يختم به سائر الصلوات أللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة و فى الآخرة حسنة الخ فان كبر الامام خمسا لم يتابعه المقتدى في الخامسة و عند زفر يتابعه وجه قوله أن هذا مجتهد فيه فيتابع المقتدى امامه كما في تكبيرات العيد و لنا أن هذا عمل بالمنسوخ لان ما زاد على أربع تكبيرات ثبت انتساخه بما روينا فظهر خطأه بيقين فيه فلا يتابعه في الخطا بخلاف تكبيرات العيدين لانه لم يظهر خطأه بيقين حتى لو ظهر لا يتابعه على ما ذكرنا في صلاة العيدين ثم اختلفت الروايات عن أبى حنيفة أن المقتدى ماذا يفعل إذا لم يتابعه في التكبيرة الزائدة في رواية قال ينتظر الامام حتى يتابعه في التسليم لان البقاء في حرمة الصلاة ليس بخطأ انما الخطأ متابعته في التكبير فينتظره و لا يتابع و فى رواية قال يسلم و لا ينتظر لان البقاء في التحريمة بعد التكبيرة الرابعة خطأ لان التحليل عقيبها هو المشروع بلا فصل فلا يتابعه في البقاء كما لا يتابعه في التكبيرة الزائدة و لا يقرأ في الصلاة على الجنازة بشيء من القرآن و قال الشافعي يفترض قراءة الفاتحة فيها و ذلك عقيب التكبيرة الاولى بعد الثناء عندنا لو قرأ الفاتحة على سبيل الدعاء و الثناء لم يكره و احتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه و سلم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و قوله لا صلاة الا بقراءة و هذه صلاة بدليل شرط الطهارة و استقبال القبلة فيها و عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم كبر على ميت أربعا و قرأ فاتحة الكتاب بعد التكبيرة الاولى و عن ابن عباس رضى الله عنه انه صلى على جنازة فقرأ فيها بفاتحة الكتاب و جهر بها و قال انما جهرت لتعلموا أنها سنة و لنا ما روى عن ابن مسعود أنه سئل عن صلاة الجنازة هل يقرأ فيها فقال لم يوقت لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم قولا و لا قراءة و فى رواية دعاء و لا قراءة كبر ما كبر الامام و اختر من أطيب الكلام ما شئت و فى رواية و اختر من الدعاء أطيبه و روى عن عبد الرحمن بن عوف و ابن عمر أنهما قالا ليس فيها قراءة شيء من القرآن
(314)
و لانها شرعت للدعاء و مقدمة الدعاء الحمد و الثناء و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم لا القراءة و قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و لا صلاة الا بقراءة لا يتناول صلاة الجنازة لانها ليست بصلاة حقيقة انما هى دعاء و استغفار للميت الا ترى أنه ليس فيها الاركان التي تتركب منها الصلاة من الركوع و السجود الا أنها تسمى صلاة لما فيها من الدعاء و اشتراط الطهارة و استقبال القبلة فيها لا يدل على كونها صلاة حقيقية كسجدة التلاوة و لانها ليست بصلاة مطلقة فلا يتناولها مطلق الاسم و حديث ابن عباس معارض بحديث ابن عمر و ابن عوف و تأويل حديث جابر أنه كان قرأ على سبيل الثناء لا على سبيل قراءة القرآن و ذلك ليس بمكروه عندنا و لا يرفع يديه الا في التكبيرة الاولى و كثير من أثمة بلخ اختاروا رفع اليد في كل تكبيرة من صلاة الجنازة و كان نصير من يحيى يرفع تارة و لا يرفع تارة وجه قول من اختار الرفع أن هذه تكبيرات يؤتى بها في قيام مستوى فيرفع اليد عندها كتكبيرات العيد و تكبيرات القنوت و الجامع الحاجة إلى إعلام من خلفه من الاصم وجه ظاهر الرواية قول النبي صلى الله عليه و سلم لا ترفع الايدى الا في سبع مواطن و ليس فيها صلاة الجنازة و عن على و ابن عمر رضى الله عنهما أنهما قالا لا ترفع الايدى فيها الا عند تكبيرة الافتتاح لان كل تكبيرة قائمة مقام ركعة ثم لا ترفع الايدى في سائر الصلوات الا عند تكبيرة الافتتاح عندنا فكذا في صلاة الجنازة و لا يجهر بما يقرأ عقيب كل تكبيرة لانه ذكروا السنة فيه المخافتة و إذا صلين النساء جماعة على جنازة قامت الامامة وسطهن كما في الصلاة المفروضة المعهودة و لو كبر الامام تكبيرة أو تكبيرتين أو ثلاث تكبيرات ثم جاء رجل لا يكبر و لكنه ينتظر حتى يكبر الامام فيكبر معه ثم إذا سلم الامام قضى ما عليه قبل أن ترفع الجنازة و هذا في قول أبى حنيفة و محمد و قال أبو يوسف يكبر واحدة حين يحضر ثم ان كان الامام كبر واحدة لم يقض شيأ و ان كان كبر ثنتين قضى واحدة و لا يقضى تكبيرة الافتتاح هو يقول انه مسبوق فلا بد من أن يأتى بتكبيرة الائتمام حين انتهى إلى الامام كما في سائر الصلوات و كما لو كان حاضرا مع الامام و وقع تكبير الافتتاح سابقا عليه أنه يأتى بالتكبير و لا ينتظر أن يكبر الامام الثانية بالاجماع كذا هذا و لهما ما روى عن ابن عباس أنه قال في الذي انتهى إلى الامام و هو في صلاة الجنازة و قد سبقه الامام بتكبيرة أنه لا يشتغل بقضاء ما سبقه الامام بل يتابعه و هذا قول روى عنه و لم يرو عن غيره خلافه فحل محل الاجماع و لان كل تكبيرة من هذه الصلاة قائمة مقام ركعة بدليل أنه لو ترك تكبيرة منها تفسد صلاته كما لو ترك ركعة من ذوات الاربع و المسبوق بركعة يتابع الامام في الحالة التي أدركها و لا يشتعل بقضاء ما فاته أولا لان ذاك أمر منسوخ كذا ههنا و هذا بخلاف ما إذا كان حاضرا لان من كان خلف الامام فهو في حكم المدرك لتكبيرة الافتتاح الا ترى أن في تكبيرة الافتتاح يكبرون بعد الامام و يقع ذلك اداء لا قضأ فيأتى بها حين حضرته النية بخلاف المسبوق فانه مدرك للتكبيرة الاولى و هي قائمة مقام ركعة فلا يشتغل بقضائها قبل سلام الامام كسائر التكبيرات ثم عندهما يقضى ما فاته لان المسبوق يقضى الفائت لا محالة و لكن قبل أن ترفع الجنازة لان صلاة الجنازة بدون الجنازه لا تتصور و عند أبى يوسف ان كان الامام كبر واحدة لم يقض شيأ و ان كبر ثنتين قضى واحدة لما ذكرنا و لو جاء بعد ما كبر الامام الرابعة قبل السلام لم يدخل معه و قد فاتته الصلاة عند أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف يكبر واحدة و إذا سلم الامام قضى ثلاث تكبيرات كما لو كان حاضرا خلف الامام و لم يكبر شيأ حتى كبر الامام الرابعة و الصحيح قولهما لانه لا وجه إلى أن يكبر وحده لما قلنا و الامام لا يكبر بعد هذا لتتابعه و الاصل في الباب عندهما أن المقتدى يدخل بتكبيرة الامام فإذا فرغ الامام من الرابعة تعذر عليه الدخول و عند أبى يوسف يدخل إذا بقيت التحريمة و ذكر عصام بن يوسف أن عند محمد ههنا يكبر أيضا بخلاف ما إذا جاء و قد كبر الامام ثلاث تكبيرات حيث لا يكبر بل ينتظر الامام حتى يكبر الرابعة عند محمد لان الاشتغال بقضاء ما سبق قبل فراغ الامام ان كان لا يجوز لكن جوزنا ههنا لمكان الضرورة لانه لو انتظر الامام ههنا فاتته الصلاة بخلاف تلك الصورة و الله تعالى أعلم