هذا التكبير و لابي حنيفة ما روى عن ابن عباس انه حمله قائده يوم الفطر فسمع الناس يكبرون فقال لقائده أكبر الامام قال لا قال أفجن الناس و لو كان الجهر بالتكبير سنة لم يكن لهذا الانكار معنى و لان الاصل في الاذكار هو الاخفاء الا فيما ورد التخصيص فيه و قد ورد في عيد الاضحى فبقى الامر في عيد الفطر على الاصل و أما الآية فقد قيل ان المراد منه صلاة العيد على ان الآية تتعرض لاصل التكبير و كلامنا في وصف التكبير من الجهر و الاخفاء و الآية ساكتة عن ذلك ( و منها )ان يتطوع بعد صلاة العيد أى بعد الفراغ من الخطبة لما روى عن على رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال من صلى بعد العيد أربع ركعات كتب الله له بكل نبت نبت و بكل ورقة حسنة و أما قبل صلاة العيد فلا يتطوع في المصلى و لا في بيته عند أكثر أصحابنا لما نذكر في بيان الاوقات التي يكره فيها التطوع ان شاء الله تعالى ( و منها )انه يستحب للامام إذا خرج إلى الجبانة لصلاة العيد أن يخلف رجلا يصلى بأصحاب العلل في المصر صلاة العيد لما روى عن على رضى الله عنه انه لما قدم الكوفة استخلف أبا موسى الاشعرى ليصلى بالضعفة صلاة العيد في المسجد و خرج إلى الجبانة مع خمسين شيخا يمشى و يمشون و لان في هذا اعانة للضعفة على إحراز الثواب فكان حسنا و ان لن يفعل لا بأس بذلك لانه لم ينقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا عن الخلفاء الراشدين سوى على رضى الله عنه و لانه لا صلاة على الضعفة و لكن لو خلف كان أفضل لما بينا و لا يخرج المنبر في العيدين لما روينا ان النبي صلى الله عليه و سلم لم يفعل ذلك و قد صح انه كان يخطب في العيدين على ناقتة و به جرى التوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا و لهذا اتخذوا في المصلى منبرا على حدة من اللبن و الطين و اتباع ما اشتهر العمل به في الناس واجب ( فصل )و أما صلاة الكسوف و الخسوف أما صلاة الكسوف فالكلام في صلاة الكسوف في مواضع في بيان انها واجبة أم سنة و فى بيان قدرها و كيفيتها و فى بيان موضعها و فى بيان وقتها أما الاول فقد ذكر محمد رحمه الله تعالى في الاصل ما يدل على عدم الوجوب فانه قال و لا تصلى نافلة في جماعة الا قيام رمضان و صلاة لكسوف فاستثنى صلاة الكسوف من الصلوات النافلة و المستثنى من جنس المستثنى منه فيدل على كونها نافلة و كذا روى الحسن بن زياد ما يدل عليه فانه روى عن أبى حنيفة انه قال في كسوف الشمس ان شاوا صلوا ركعتين و ان شاؤوا صلوا أربعا و ان شاؤوا أكثر من ذلك و التخيير يكون في النوافل لا في الواجبات و قال بعض مشايخنا واجبة لما روى عن ابن مسعود انه قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم مات ابنه إبراهيم فقال الناس انما انكسفت لموت إبراهيم فسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ألا ان الشمس و القمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فإذا رأيتم من هذا شيأ فاحمدوا الله و كبروه و سبحوه وصلوا حتى تنجلى و فى رواية أبى مسعود الانصاري فإذا رأيتموها فقوموا وصلوا و مطلق الامر للوجوب و عن أبى موسى الاشعرى انه قال انكسفت الشمس في زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام فزعا فخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام فصلى فأطال القيام و الركوع و السجود و قال ان هذه الآيات ترسل لا تكون لموت أحد و لا لحياته و لكن الله تعالى يرسلها ليخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيأ فارغبوا إلى ذكر الله تعالى و استغفروه و فى بعض الروايات فافزعوا إلى الله تعالى بالصلاة و تسمية محمد رحمه الله إياها نافلة لا ينفى الوجوب لان النافلة عبارة عن الزيادة و كل واجب زيادة على الفرائض الموظفة ألا ترى انه قرنها بقيام رمضان و هو التراويج و انها سنة مؤكدة و هي في معنى الواجب و رواية الحسن لا تنفى الوجوب لان التخيير قد يجرى و من الواجبات كما في قوله تعالى فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ( فصل )و أما الكلام في قدرها و كيفيتها فيصلى ركعتين كل ركعة بركوع و سجدتين كسائر الصلوات و هذا عندنا و عند الشافعي ركعتان كل ركعة بركوعين و قومتين و سجدتين يقرأ ثم يركع ثم يرفع رأسه ثم يقرأ ثم يركع و احتج بما روى عن ابن عباس و عائشة رضى الله عنهما انهما قالا كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله
(281)
عليه و سلم فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع رأسه فقام قياما طويلا و هو دون القيام الاول ثم ركع ركوعا طويلا و هو دون الركوع الاول و هذا نص في الباب ( و لنا )ما روى محمد باسناده عن أبى بكرة انه قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم يجر ثوبه حتى دخل المسجد فصلى ركعتين فأطالهما حتى تجلت الشمس و ذلك حين مات ولده إبراهيم ثم قال ان الشمس و القمر آيتان من آيات الله تعالى و انهما لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فإذا رأيتم من هذه الافزاع شيأ فافزعوا إلى الصلاة و الدعاء لينكشف ما بكم و مطلق اسم الصلاة ينصرف إلى الصلاة المعهودة و فى رواية عن أبى بكرة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى ركعتين نحو صلاة أحدكم و روى الجصاص عن على و النعمان بن بشير و عبد الله بن عمر و سمرة بن جندب و المغيرة بن شعبة رضى الله عنهم ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى في الكسوف ركعتين كهيئة صلاتنا و الجواب عن تعلقه بحديث ابن عباس و عائشة رضى الله عنهما ان روايتهما قد تعارضت روى كما قلتم و روى انه صلى أربع ركعات في أربع سجدات و المتعارض لا يصلح معارضا أو نقول تعاضد ما روينا بالاعتبار بسائر الصلوات فكان العمل به أولى أو نحمل ما رويتم على أن النبي صلى الله عليه و سلم ركع فأطال الركوع كثيرا زيادة على قدر ركوع سائر الصلوات لما روى انه عرض عليه الجنة و النار في تلك الصلاة فرفع أهل الصف الاول رؤوسهم ظنا منهم انه صلى الله عليه و سلم رفع رأسه من الركوع فرفع من خلفهم رؤوسهم فلما رأى أهل الصف الاول رسول الله صلى الله عليه و سلم راكعا ركعوا و ركع من خلفهم فلما رفع رسول الله صلى الله عليه و سلم رأسه من الركوع رفع القوم رؤوسهم فمن كان خلف الصف الاول ظنوا انه ركع ركوعين فرووا على حسب ما وقع عندهم و علم الصف الاول حقيقة الامر فنقلوا على حسب ما علموه و مثل هذا الاشتباه قد يقع لمن كان في آخر الصفوف و عائشة رضى الله عنها كانت واقفة في خير صفوف النساء و ابن عباس في صف الصبيان في ذلك الوقت فنقلا كما وقع عندهما فيحمل على هذا توفيقا بين الروايتين كذا وفق محمد رحمه الله في صلاة الاثر و ذكر الشيخ أبو منصور ان اختلاف الروايات خرج مخرج التناسخ لا مخرج التخيير لاختلاف الائمة في ذلك و لو كان على التخيير لما اختلفوا ثم فيظهر أنه قد ظهر انتساخ زيادات كانت في الابتداء في الصلوات و استقرت الصلاة على الصلاة المعهودة اليوم عندنا فكان صرف النسخ إلى ما ظهر انتساخه أولى من صرفه إلى ما لم يظهر انه نسخه غيره و روى الشيخ أبو منصور عن أبى عبد الله البلخى أنه قال ان الزيادة ثبتت في صلاة الكسوف لا للكسوف بل لاحوال اعترضت حتى روى انه صلى الله عليه و سلم تقدم في الركوع حتى كان كمن يأخذ شيأ ثم تأخر كمن ينفر عن شيء فيجوز أن تكون الزيادة منه باعتراض تلك الاحوال فمن لا يعرفها لا يسعه التكلم فيها و يحتمل أن يكون فعل ذلك لانه سنة فلما أشكل الامر لم يعدل عن المعتمد عليه الا بيقين ثم هذه الصلاة تقام بالجماعة لان رسول الله صلى الله عليه و سلم أقامها بالجماعة و لا يقيمها الا الامام الذي يصلى بالناس الجمعة و العيدين فاما أن يقيمها كل قوم في مسجدهم فلا و روى عن أبى حنيفة انه قال ان كان لكل مسجد امام يصلى بجماعة لان هذه الصلاة متعلقة بالمصر فلا تكون متعلقة بالسلطان كغيرها من الصلوات و الصحيح ظاهر الرواية لان اداء هذه الصلاة بالجماعة عرف بإقامة رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يقيمها الا من هو قائم مقامه و لا نسلم عدم تعلقها بالمصر لان مشايخنا قالوا انها متعلقة بالمصر فكانت متعلقة بالسلطان فان لم يقمها الامام حينئذ صلى الناس فرادى ان شاؤوا ركعتين و ان شاؤوا أربعا و الاربع أفضل ثم ان شاؤوا طولوا القراءة و ان شاؤوا قصروا بالدعاء حتى تنجلى الشمس لان عليهم الاشتغال بالتضرع إلى ان تنجلى الشمس و ذلك بالدعاء تارة و بالقراءة اخرى و قد صح في الحديث ان قيام رسول الله صلى الله عليه و سلم في الركعة الاولى كان بقدر سورة البقرة و فى الركعة الثانية بقدر سورة آل عمران فالأَفضل تطويل القراءة فيها و لا يجهر بالقراءة في صلاة الجماعة في كسوف الشمس عند ابى حنيفة و عند أبى يوسف يجهر بها و قول محمد مضطرب ذكر في عامة الروايات قوله مع قول أبى حنيفة وجه قول من خالف أبا
(282)
حنيفة ما روى عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى صلاة الكسوف و جهر فيها بالقراءة لانها صلاة تقام بجمع عظيم فيجهر بالقراءة فيها كالجمعة و العيدين و لابي حنيفة حديث سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قام قياما طويلا لم يسمع له صوت و روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الكسوف و كنت إلى جنبه فلم اسمع منه حرفا و قال صلى الله عليه و سلم صلاة النهار عجماء أى ليس فيها قراءة مسموعة و لان القوم لا يقدرون على التأمل في القراءة لتصير ثمرة القراءة مشتركة لاشتغال قلوبهم بهذا الفزع كما لا يقدرون على التأمل في سائر الايام في صلوات النهار لاشتغال قلوبهم بالمكاسب و حديث عائشة تعارض بحديث ابن عباس فبقى لنا الاعتبار الذي ذكرنا مع ظواهر الاحاديث الاخر و نحمل ذلك على انه جهر ببعضها اتفاقا كما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يسمع الآية و الآيتين في صلاة الظهر أحيانا و الله أعلم و ليس في هذه الصلاة أذان و لا اقامة لانهما من خواص المكتوبات و لا خطبة فيها عندنا و قال الشافعي يخطب خطبتين لحديث عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى في كسوف الشمس ثم خطب فحمد الله و اثنى عليه و لنا أن الخطبة لم تنقل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و معنى قولها خطب اى دعا أو لانه احتاج إلى الخطبة رد القول الناس انما كسفت الشمس لموت إبراهيم لا للصلاة و الله أعلم ( و أما )خسوف القمر فالصلوة فيها حسنة لما روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال إذا رأيتم من هذه الافزاع شيأ فافزعوا إلى الصلاة و هي لا تصلى بجماعة عندنا و عند الشافعي تصلى بجماعة و احتج بما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه صلى بالناس في خسوف القمر و قال صليت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم و لنا أن الصلاة بجماعة في خسوف القمر لم تنقل عن النبي صلى الله عليه و سلم مع ان خسوفه كان أكثر من كسوف الشمس و لان الاصل أن المكتوبة لا تؤدى بجماعة قال النبي صلى الله عليه و سلم صلاة الرجل في بيته أفضل الا المكتوبة الا إذا ثبت بالدليل كما في العيدين و قيام رمضان و كسوف الشمس و لان الاجتماع بالليل متعذرا و سبب الوقوع في الفتنة و حديث ابن عباس مأخوذ به لكونه خبر آحاد في محل الشهرة و كذا تستحب الصلاة في كل فزع كالريح الشديدة و الزلزلة و الظلمة و المطر الدائم لكونها من الافزاع و الاهوال و قد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه صلى لزلزلة بالبصرة و أما موضع الصلاة أما في خسوف القمر فيصلون في منازلهم لان السنة فيها أن يصلوا وحدانا على ما بينا و أما في كسوف الشمس فقد ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه يصلى في الموضع الذي يصلى فيه العيد أو المسجد الجامع و لانهما من شعائر الاسلام فتؤدى في المكان المعد لاظهار الشعائر و لو اجتمعوا في موضع آخر وصلوا بجماعة أجزأهم و الاول أفضل لما مر و أما وقتها فهو الوقت الذي يستحب فيه اداء سائر الصلوات دون الاوقات المكروهة و لان هذه الصلاة ان كانت نافلة فالنوافل في هذه الاوقات مكروهة و ان كانت لها أسباب عندنا كركعتى التحية و ركعتي الطواف لما نذكر في موضعه و ان كانت واجبة فاداء الواجبات في هذه الاوقات مكروهة كسجدة التلاوة و غيرها و الله الموفق ( فصل و أما صلاة الاستسقاء )فظاهر الرواية عن أبى حنيفة أنه قال لا صلاة في الاستسقاء و انما فيه الدعاء و أراد بقوله لا صلاة في الاستسقاء الصلاة بجماعة أى لا صلاة فيه بجماعة بدليل ما روى عن أبى يوسف أنه قال سألت أبا حنيفة عن الاستسقاء هل فيه صلاة أو دعاء موقت أو خطبة فقال أما صلاة بجماعة فلا و لكن الدعاء و الاستغفار و ان صلوا وحدانا فلا بأس به و هذا مذهب أبى حنيفة و قال محمد يصلى الامام أو نائبه في الاستسقاء ركعتين بجماعة كما في الجمعة و لم يذكر في ظاهر الرواية قول أبى يوسف و ذكر في بعض المواضع قوله مع قول أبى حنيفة و ذكر الطحاوي قوله مع قول محمد و هو الاصح و احتجا بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى بجماعة في الاستسقاء ركعتين و المروي في حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى فيه ركعتين كصلاة العيد و لابي حنيفة قوله تعالى فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا و المراد منه الاستغفار في الاستسقاء بدليل قوله يرسل السماء
(283)
عليكم مدارا أمر بالاستغفار في الاستسقاء فمن زاد عليه الصلاة فلا بد له من دليل و كذا لم ينفل عن النبي صلى الله عليه و سلم في الروايات المشهورة أنه صلى في الاستسقاء فانه روى أنه صلى الله عليه و سلم صلى الجمعة فقام رجل فقال يا رسول الله أجدبت الارض و هلكت المواشي فاسق لنا الغيث فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه إلى السماء و دعا فما ضم يديه حتى مطرت السماء فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لله در أبى طالب لو كان في الاحياء لقرت عيناه فقال على رضى الله عنه تعني يا رسول الله قوله و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للارامل فقال صلى الله عليه و سلم أجل و فى بعض الروايات قام ذلك الاعرابى و أنشد فقال أتيناك و العذراء يدمى لبانها و قد شغلت أم الصبي عن الطفل و قال في آخره - و ليس لنا الا إليك فرارنا و ليس فرار الناس الا إلى الرسل فبكى النبي صلى الله عليه و سلم حتى اخضلت لحيته الشريفة ثم صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه و رفع يديه إلى السماء و قال أللهم إسقنا غيثا مغيثا عذبا طيبا نافعا ضار عاجلا آجل فما رد رسول الله صلى الله عليه و سلم يده إلى صدره حتى مطرت السماء و جاء أهل البلد يصيحون الغرق الغرق يا رسول الله فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى بدت نواجذه فقال أللهم حوالينا و لا علينا فانجابت السحابة حتى أحدقت بالمدينة كالاكليل فقال النبي صلى الله عليه و سلم لله در أبى طالب لو كان حيا لقرت عيناه من ينشدنا قوله فقام على رضى الله عنه و أنشد البيت المتقدم أولا و ما روى أنه صلى الله عليه و سلم صلى و عن عمر رضى الله عنه أنه خرج إلى الاستسقاء و لم يصل بجماعة بل صعد المنبر و استغفر الله و ما زاد عليه فقالوا ما استسقيت يا أمير المؤمنين فقال لقد استسقيت بمجاديح السماء التي بها يستنزل الغيث و تلا قوله تعالى استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا و روى أنه خرج بالعباس فأجلسه على المنبر و وقف بجنبه يدعو و يقول أللهم انا نتوسل إليك بعم نبيك و دعا بدعاء طويل فما نزل عن المنبر حتى سقوا و عن على انه استسقى و لم يصل و ما روى أنه صلى الله عليه و سلم صلى بجماعة حديث شاذ ورد في محل الشهرة لان الاستسقاء يكون بملا من الناس و مثل هذا الحديث يرجح كذبه على صدقه أو وهمه على ضبطه فلا يكون مقبولا مع ان هذا مما تعم به البلوى في ديارهم و ما تعم به البلوى و يحتاج الخاص و العام الي معرفته لا يقبل فيه الشاذ و الله أعلم ثم عندهما يقرأ في الصلاة ما شاء جهرا كما في صلاة العيدين لكن الافضل أن يقرأ سبح اسم ربك الاعلى و هل أتاك حديث الغاشية لان النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ هما في صلاة العيد و لا يكبر فيها في المشهور من الرواية عنهما و روى عن محمد انه يكبر و ليس في الاستسقاء أذان و لا اقامة اما عند أبى حنيفة فلا يشكل لانه ليس فيه صلاة الجماعة و ان شاؤوا صلوا فرادى و ذلك في معنى الدعاء و عندهما ان كان فيه صلاة بالجماعة و لكنها ليست بمكتوبة و الاذان و الاقامة من خواص المكتوبات كصلاة العيد ثم بعد الفراغ من الصلاة يخطب عندهما و عند أبى حنيفة لا يخطب و لكن لو صلوا وحدانا يشتغلون بالدعاء بعد الصلاة لان الخطبة من توابع الصلاة بجماعة و الجماعة مسنونة في هذه الصلاة عنده و عندهما سنة فكذا الخطبة ثم عند محمد يخطب خطبتين يفصل بينهما بالجلسة كما في صلاة الغيد و عن أبى يوسف انه يخطب خطبة واحدة لان المقصود منها الدعاء فلا يقطعها بالجلسة و لا يخرج المنبر في الاستسقاء و لا يصعده لو كان في موضع الدعاء منبر لانه خلاف السنة و قد عاب الناس على مروان بن الحكم عند إخراجه المنبر في العيدين و نسبوه إلى خلاف السنة على ما بينا و لكن يخطب على الارض معتمدا على قول أو سيف و ان توكأ على عصا فحسن لان خطبته تطول فيستعين بالاعتماد على عصا و يخطب مقبلا بوجهه إلى الناس و هم مقبلون عليه لان الاسماع و الاستماع انما يتم عند المقابلة و يستمعون الخطبة و ينصتون لان الامام يعظهم فيها فلا بد من الانصات و الاستماع و إذا فرغ من الخطبة جعل ظهره إلى الناس و وجهه إلى القبلة و يشتغل بدعاء الاستسقاء و الناس قعود مستقبلون بوجوههم إلى القبلة في الخطبة و الدعاء لان الدعاء مستقبل
(284)
القبلة أقرب إلى الاجابة فيدعو الله و يستغفر للمؤمنين و يجددون التوبة و يستسقون و هل يقلب الامام رداءه لا يقلب في قول أبى حنيفة و عندهما يقلب إذا مضى صدر من خطبته فاحجتا بما روى ان النبي صلى الله عليه و سلم قلب رداءه و لابي حنيفة ما روى انه عليه السلام استسقى يوم الجمعة و لم يقلب الرداء و لان هذا دعاء فلا معنى لتغيير الثوب فيه كما في سائر الادعية و ما روى انه قلب الرداء محتمل يحتمل انه تغير عليه فأصلحه فظن الراوي انه قلب أو يحتمل انه عرف من طريق الوحي ان الحال ينقلب من الجدب إلى الخصب متى قلب الرداء بطريق التفاؤل ففعل و هذا لا يوجد في حق غيره و كيفية تقليب الرداء عندهما أنه كان مربعا جعل أعلاه أسفله و أسفله أعلاه و ان كان مدورا جعل الجانب الايمن على الايسر و الايسر على الايمن و أما القوم فلا يقلبون أرديتهم عند عامة العلماء و عند مالك يقلبون أيضا و احتج بما روى عن عبد الله بن زيد ان النبي صلى الله عليه و سلم حول رداءه و حول الناس أرديتهم و هما يقولان ان تحويل الرداء في حق الامام أمر ثبت بخلاف القياس بالنص على ما ذكرنا فنقتصر على مورد النص و ما روى من الحديث شاذ على انه يحتمل انه صلى الله عليه و سلم عرف ذلك فلم ينكر عليهم فيكون تقريرا و يحتمل انه لم يعرف لانه كان مستقبل مستدبرا لهم فلا يكون حجة مع الاحتمال ثم ان شاء رفع يديه نحو السماء عند الدعاء و ان شاء أشار بأصبعه كذا روى عن أبى يوسف لان رفع اليدين عند الدعاء سنة لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدعو بعرفات باسطا يديه كالمستطعم المسكين ثم المستحب أن يخرج الامام و الناس إلى الاستسقاء ثلاثة أيام متتابعة لان المقصود من الدعاء الاجابة و الثلاثة مدة ضربت لا بلاء الاعذار و ان امر الامام الناس بالخروج و لم يخرج بنفسه خرجوا لما روى ان قوما شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم القحط فأمرهم أن يجثوا على الركب و لم يخرج بنفسه و إذا خرجوا اشتغلو بالدعاء و لم يصلوا بجماعة الا إذا أمر الامام إنسانا أن يصلى بهم جماعة لان هذا دعاء فلا يشترط له حضور الامام و ان خرجوا بغير اذنه جاز لانه دعاء فلا يشترط له اذن الامام و لا يمكن أهل الذمة من الخروج إلى الاستسقاء عند عامة العلماء و قال مالك ان خرجوا لم يمنعوا و الصحيح قول العامة لان المسلمين بخروجهم إلى الاستسقاء ينتظرون نزول الرحمة عليهم و الكفار منازل اللعنة و السخطة فلا يمكنون من الخروج و الله أعلم ( فصل )و أما الصلاة المسنونة فهي السنن المعهودة للصلوات المكتوبة و الكلام فيها يقع في مواضع في بيان مواقيت هذه السنن و مقاديرها جملة و تفصيلا و فى بيان صفة القراءة فيها و فى بيان ما يكره فيها و فى بيان انها إذا فاتت عن وقتها هل تقضى أم لا أما الاول فوقت جملتها وقت المكتوبات لانها توابع للمكتوبات فكانت تابعة لها في الوقت و مقدار جملتها اثنا عشر ركعة ركعتان و أربع و ركعتان و ركعتان و ركعتان في ظاهر الرواية و أما مقدار كل واحدة منها و وقتها على التفصيل فركعتان قبل الفجر و أربع قبل الظهر لا يسلم الا في آخرهن و ركعتان بعده و ركعتان بعد المغرب و ركعتان بعد العشاء كذا ذكر محمد في الاصل و ذكر في العصر و العشاء ان تطوع بأربع قبله فحسن و ذكر الكرخي هكذا الا أنه قال في العصر و أربع قبل العصر و فى العشاء و أربع بعد العشاء و روى الحسن عن أبى حنيفة و ركعتان قبل العصر و العمل فيما روينا على المذكور في الاصل و الاصل في السنن ما روى عن عائشة رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال من ثابر على اثنى عشرة ركعة في اليوم و الليلة بني الله له بيتا في الجنة ركعتين قبل الفجر و أربع قبل الظهر و ركعتين بعدها و ركعتين بعد المغرب و ركعتين بعد العشاء و قد واظب رسول الله صلى الله عليه و سلم عليها و لم يترك شيأ منها الا مرة أو مرتين لعذر و هذا تفسير السنة و أقوى السنن ركعتا الفجر لورود الشرع بالترغيب فيهما ما لم رد في غيرهما فانه روى عن عائشة رضى الله عنها ان النبي صلى الله عليه و سلم قال ركعتا الفجر خير من الدنيا و ما فيها و عن ابن عباس في تأويل قوله تعالى و أدبار النجوم انه ركعتا الفجر و روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال صلوهما فان فيهما الرغائب و روى عنه انه قال صلوهما و لو طردتكم الخيل و روى جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه و سلم انه كان يصلى بعد الزوال في كل يوم أربع ركعات منهم أبو أيوب الانصاري
(285)
رضى الله عنه و روى عنه أيضا قولا على ما نذكر و عن عبيدة السلمانى انه قال ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم على شيء كاجتماعهم على محافظة الاربع قبل الظهر و تحريم نكاح الاخت في عدة الاخت ثم هذه الاربع بتسليمه واحدة عندنا و عند الشافعي بتسليمتين و احتج بحديث ابن عمر رضى الله عنه انه ذكر اثنتي عشرة ركعة كما ذكرت عائشة الا انه زاد و أربعا قبل الظهر بتسليمتين و لنا حديث أبى أيوب الانصاري انه قال كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلى بعد الزوال أربع ركعات فقلت ما هذه الصلاة التي تداوم عليها يا رسول الله فقال هذه ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح فقلت أفى كلهن قراءة قال نعم فقلت بتسليمه أم بتسليمتين فقال بتسليمه واحدة و هذا نص في الباب و التسليم في حديث ابن عمر عبارة عن التشهد لما فيه من السلام كما فيه الشهادة على ما مر و انما ذكر في الاصل ان التطوع بالاربع قبل العصر حسن لان كون الاربع من السنن الراتبة ثابت لانها لم تذكر في حديث عائشة و لم يرو انه صلى الله عليه و سلم كان يواظب على ذلك و لذا اختلفت الروايات في فصله إياها روى في بعضها انه صلى أربعا و فى بعضها ركعتين فان صلى أربعا كان حسنا لحديث أم حبيبة رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال من صلى أربع ركعات قبل العصر كانت له جنة من النار و ذكر في الاصل و ان تطوع بعد المغرب بست ركعات كتب من الاوابين و تلا قوله تعالى انه كان للاوابين غفورا و انما قال في الاصل ان التطوع بالاربع قبل العشاء حسن لان التطوع بها لم يثبت انه من السنن الراتبة و لو فعل ذلك فحسن لان العشاء نظير الظهر في انه يجوز التطوع قبلها و بعدها و وجه رواية الكرخي في الاربع بعد العشاء ما روى عن ابن عمر رضى الله عنه موقوفا عليه و مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال من صلى بعد العشاء أربع ركعات كن له كمثلهن من ليلة القدر و روى عن عائشة انها سئلت عن قيام رسول الله صلى الله عليه و سلم في ليالي رمضان فقالت كان قيامه في رمضان و غيره سواء كان يصلى بعد العشاء أربعا لا تسأل عن حسنهن و طولهن ثم أربعا لا تسأل عن حسنهن و طولهن ثم كان يوتر بثلاث و أما السنة قبل الجمعة و بعدها فقد ذكر في الاصل و أربع قبل الجمعة و أربع بعدها و كذا ذكر الكرخي و ذكر الطحاوي عن أبى يوسف انه قال يصلى بعدها ستا و قيل هو مذهب على رضى الله عنه و ما ذكرنا انه كان يصلى أربعا مذهب ابن مسعود و ذكر محمد في كتاب الصوم ان المعتكف يمكث في المسجد الجامع مقدار ما يصلى أربع ركعات أو ست ركعات أما الاربع قبل الجمعة فلما روى عن ابن عمر رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يتطوع قبل الجمعة بأربع ركعات و لان الجمعة نظير الظهر ثم التطوع قبل الظهر أربع ركعات كذا قبلها و أما بعد الجمعة فوجه قول أبى يوسف ان فيما قلنا جمعا بين قول النبي صلى الله عليه و سلم و بين فعله فانه روى انه أمر بالاربع بعد الجمعة و روى انه صلى ركعتين بعد الجمعة فجمعنا بين قوله و فعله قال أبو يوسف ينبغى أن يصلى أربعا ثم ركعتين كذا روى عن على رضى الله عنه كيلا يصير متطوعا بعد صلاة الفرض بمثلها وجه ظاهر الرواية ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال من كان مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا و ما روى من فعله صلى الله عليه و سلم فليس فيه ما يدل على المواظبة و نحن لا نمنع من يصلى بعدها كم شاء انا نقول السنة بعدها أربع ركعات لا لما روينا ( فصل )و أما صفة القراءة فيها فالقراءة في السنن في الركعات كلها فرض لان السنة تطوع و كل شفع من التطوع صلاة على حدة لما نذكر في صلاة التطوع فكان كل شفع منها بمنزلة الشفع الاول من الفرائض و قد روينا في حديث أبى أيوب انه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الاربع قبل الظهر أفى كلهن قراءة قال نعم و الله أعلم ( فصل )و أما بيان ما يكره منها فيكره للامام أن يصلى شيأ من السنن في المكان الذي صلى فيه المكتوبة لما ذكرنا فيما تقدم و قد روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال أ يعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر و لا يكره ذلك للمأموم لان الكراهة في حق الامام للاشتباه و هذا لا يوجد في حق المأموم لكن يستحب له أن يتنحى أيضا حتى تنكسر الصفوف و يزول الاشتباه على الداخل من كل وجه على ما مر و يكره أن
(286)
يصلى شيأ منها و الناس في الصلاة أو أخذ المؤذن في الاقامة الا ركعتي الفجر فانه يصليهما خارج المسجد و ان فاتته ركعة من الفجر فان خاف ان تفوته الفجر تركهما و جملة الكلام فيه ان الداخل إذا دخل المسجد للصلاة لا يخلو اما ان كان يصلى المكتوبة و اما ان كان لم يصل و اما ان كان لم يصلها فلا يخلو اما ان دخل المسجد و قد أخذ المؤذن في الاقامة أو دخل المسجد و شرع في الصلاة ثم أخذ المؤذن في الاقامة فان دخل و قد كان المؤذن أخذ في الاقامة يكره له التطوع في المسجد سواء كان ركعتي الفجر أو غيرهما من التطوعات لانه يتهم بأنه لا يرى صلاة الجماعة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم و أما خارج المسجد فكذلك في سائر التطوعات و أما في ركعتي الفجر فالأَمر فيه على التفصيل الذي ذكرنا لان إدراك فضيلة الافتتاح أولي من الاشتغال بالنفل قال النبي صلى الله عليه و سلم تكبيرة الافتتاح خير من الدنيا و ما فيها و ليست هذه المرتبة لسائر النوافل و فى الاشتغال باستداركها فوات النوافل و فى الاشتغال باستدراك النوافل فوتها و هي أعظم ثوابا فكان إحراز فضيلتها أولي بخلاف ركعتي الفجر فان الترغيب فيهما قد وجد حسبما وجد في تكبيرة الافتتاح قال صلى الله عليه و سلم ركعتا الفجر خير من الدنيا و ما فيها فقد استويا في الدرجة و اختلف تخريج مشايخنا في ذلك منهم من قال موضوع المسألة ان الرجل إذا انتهى إلى الامام و قد سبقه بالتكبيرة و شرع في قراءة السورة فيأتى بركعتي الفجر لينال هذه الفضيلة عند فوت تلك الفضيلة لان إدراك تكبيرة الافتتاح موهوم فإذا عجز عن إحراز احدى الفضيلتين يحرز الاخرى فإذا كان الامام لم يأت بتكبيرة الافتتاح بعد يشتغل باحرازها لانها عند التعارض تأيدت بالانضمام إلى فضيلة الجماعة فكان إحرازها أولي ان موضوع المسألة على خلاف هذا فان محمدا وضع المسألة فيما إذا أخذ المؤذن في الاقامة و مع ذلك قال انه يشتغل بالتطوع إذا كان يرجو إدراك ركعة واحدة و ان استويا في الدرجة على ما مر و الوجه فيه انه لو اشتغل بإحراز فضيلة تكبيرة الافتتاح لفاتته فضيلة ركعتي الفجر أصلا و لو اشتغل بركعتي الفجر لما فاتته فضيلة تكبيرة الافتتاح من جميع الوجوه لانها باقية من كل وجه ما دامت الصلاة باقية لان تكبيرة الافتتاح هى التحريمة و هي تبقي ما دامت الاركان باقية فكانت تكبيرة الافتتاح باقية ببقاء التحريمة من وجه فصار مدركا من وجه و صار مدركا أيضا فضيلة الجماعة قال النبي صلى الله عليه و سلم من أدرك ركعة من الفجر فقد أدركها و لانه أدرك أكثر الصلاة لان الفائت ركعة لا و المستدرك ركعة و قعدة و للاكثر حكم الكل فكان الاشتغال بركعتي الفجر أولي بخلاف ما إذا كان يخاف فوت الركعتين جميعا لانهما إذا فاتتا لم يبق شيء من الاركان الاصلية و لو بقي شيء قليل لا عبرة له بمقابلة ما فات لانه أقل و الفائت أكثر و للاكثر حكم الكل فعجز عن إحرازهما فيختار تكبيرة الافتتاح لما انضم إلى إحرازها فضيلة الجماعة في الفرض و النبي صلى الله عليه و سلم يقول تفضل الصلاة بجماعة على صلاة الفذ بخمس و عشرين درجة و فى رواية بسبع و عشرين درجة فكان هذا أولى و الله أعلم أما إذا دخل المسجد و شرع في الصلاة ثم أخذ المؤذن في الاقامة فهذا أيضا على وجهين اما ان شرع في التطوع و اما ان شرع في الفرض فان شرع في التطوع ثم أقيمت الصلاة أتم الشفع الذي هو فيه و لا يزيد عليه اما إتمام الشفع فلان صوته عن البطلان واجب و قد أمكنه ذلك و لا يزيد عليه لانه لا يلزمه بالشروع في التطوع زيادة على الشفع فكانت الزيادة عليه كابتداء تطوع آخر و قد ذكرنا ان ابتداء التطوع في المسجد بعد الاقامة مكروه و أما إذا شرع في الفرض ثم أقيمت الصلاة فان كان في صلاة الفجر يقطعها ما لم يقيد الثانية بالسجدة لان القطع و ان كان نقصا صورة فليس بنقص معنى لانه للاداء على وجه الاكمل و الهدم ليبنى أكمل يعد إصلاحا لا هدما ألا ترى ان من هدم مسجدا ليبنى أحسن من الاول لا يأثم و إذا قيد الثانية بالسجدة لم يقطع لانه أتى بالاكثر و للاكثر حكم الكل و الفرض بعد إتمامه لا يحتمل الانتقاض و لا يدخل في صلاة الامام لان التنفل بعد صلاة الفجر مكروه و ان كان في صلاة الظهر فان كان صلى ركعة ضم إليها أخرى لانه يمكنه صون المؤدى و استدراك فضيلة الجماعة لان صلاة الرجل بالجماعة تزيد على صلاة الفذ بخمس و عشرين درجة