أجزأه لحصول القراءة قبل السجدة و لو لم يأت بها على هيئة السجدة و لكنه ركع بها ذكر في الاصل ان القياس أن الركوع و السجود سواء و فى الاستحسان ينبغى أن يسجد قال و بالقياس نأخذ و انما أخذ أصحابنا بالقياس لان التفاوت ما بين القياس و الاستحسان ان ما ظهر من المعاني فهو قياس و ما خفى منها فهو استحسان و لا يرجح الخفى لخفائه و لا لظاهر لظهوره فيرجع في طلب الرجحان إلى ما اقترن بهما من المعاني فمتى قوى الخفى أخذوا به و متى قوى الظاهر أخذوا به و ههنا قوى دليل القياس عل ما نذكر فاخذوا به ثم ان مشايخنا اختلفوا في محل القياس و الاستحسان لاختلافهم فيما يقوم مقام سجدة التلاوة فقال عامة مشايخنا ان الركوع هو القائم مقام سجدة التلاوة و محل القياس و الاستحسان هذا أن القياس أن يقوم الركوع مقامها و فى الاستحسان لا يقوم و قال بعضهم محل القياس و الاستحسان خارج الصلاة بان تلاها في الصلاة و ركع في القياس يجزئه و فى الاستحسان لا يجزئه و هذا ليس بسديد بل لا يجزئه ذلك قياسا و استحسانا لان الركوع خارج الصلاة لم يجعل قربة فلا ينوب مناب القربة و ذكر الشيخ صدر الدين أبو المعين و قال رأيت في فتاوى أهل بلخ بخط الشيخ أبى عبد الله الحديدي عن محمد بن سلمة أنه قال السجدة الصلبية هى التي تقوم مقام سجدة التلاوة لا الركوع فكان القياس على قوله ان تقوم الصلبية مقام التلاوة و فى الاستحسان لا تقوم وجه قوله ان التحقيق لكون الجواز ثابتا بالقياس و عدم الجواز في الاستحسان لن يتصور الا على هذا فان القياس ان يجوز لان الواجب السجدة و قد وجدت و سقوط ما وجب من السجدة بالسجدة أمر ظاهر فكان قياسا و فى الاستحسان لا يجوز لان السجدة قائمة مقام نفسها فلا تقوم مقام غيرها كصوم يوم من رمضان لا يقع عن نفسه و عن قضأ يوم آخر عليه فكذا هذا و لا شك أن دليل القياس أظهر و دليل الاستحسان أخفى لان التسوية بين الشيئين من نوع واحد و اقامة أحدهما مقام الآخر أمر ظاهر و التفرقة بينهما لمعنى من المعاني أمر خفى لان التسوية باعتبار الذات و التفرقة باعتبار المعاني و العلم بذات ما يعاين أظهر من العلم بوصفه لحصول العلم بالذات بالحس و بالمعنى بالعقل عقيب التأمل و لا شك أن ذلك أظهر فثبت أن التسمية لكون الجواز ثابتا بالقياس و عدم الجواز بالاستحسان ممكن من هذا الوجه فاما لو كان الكلام في قيام الركوع مقام السجود فالقياس يأبى الجواز و فى الاستحسان يجوز لان الركوع مع السجود مختلفان ذاتا فلو ثبت بينهما مساواة لثبت من حيث المعنى فكان عدم جواز اقامة أحدهما مقام صاحبه من توابع الذات و العلم به ظاهر و جواز القيام من توابع المعنى و العلم به خفى فإذا كانت قضية القياس أن لا يجوز و قضية الاستحسان ان يجوز و جواب الكتاب على القلب من هذا فدل أن الصحيح ما ذكرنا و عامة مشايخنا يقولون لا بل الركوع هو القائم مقام سجدة التلاوة كذا ذكر محمد في الكتاب فانه قال في الكتاب قلت فان أراد أن يركع بالسجدة بعينها هل يجزئه ذلك قال أما في القياس فالركعة في ذلك و السجدة سواء لان كل ذلك صلاة الا ترى إلى قوله تعالى و خر راكعا و تفسيرها خر ساجدا فالركعة و السجدة سواء في القياس و أما في الاستحسان ينبغى له أن يسجد و بالقياس نأخذ و هذا كله لفظ محمد فثبت أن محل القياس و الاستحسان ما بينا و ما قاله محمد بن سلمة خلاف الرواية و ذكر أبو يوسف في الامالي و إذا قرأ آية السجدة في الصلاة فان شاء ركع لها و ان شاء سجد لها يعنى أن شاء أقام ركوع الصلاة مقامها و ان شاء سجد لها ذكر هذا التفسير أبو يوسف في الاملاء عن أبى حنيفة وجه القياس على ما ذكره ان معنى التعظيم فيهما ظاهر فكانا في حق حصول التعظيم بهما جنسا واحدا و الحاجة إلى تعظيم الله تعالى أما اقتداء بمن عظم الله تعالى و اما مخالفة لمن استكبر عن تعظيم الله تعالى فكان الظاهر هو الجواز وجه الاستحسان أن الواجب هو التعظيم بجهة مخصوصة و هي السجود بدليل انه لو لم يركع على الفور حتى طالت القراءة ثم نوى بالركوع ان يقع عن السجدة لا يجوز و كذا خارج الصلاة لو تلا آية السجدة و ركع و لم يسجد لا يخرج عن الواجب كذا ههنا ثم أخذوا بالقياس لقوة دليله و ذلك لما روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه و عبد الله بن عمر رضى الله عنهما انهما
(190)
كانا أجازا أن يركع عن السجود في الصلاة و لم يرو عن غيرهما خلاف ذلك فكان ذلك بمنزلة الاجماع و المعنى ما بينا أن الواجب هو التعظيم لله تعالى عند قراءة آية السجدة و قد وجد التعظيم و هذا لان الخضوع لله و التعظيم له بالركوع ليسا بأدون من الخضوع و التعظيم له بالسجود و لا حاجة هنا إلى السجود لعينه بل الحاجة إلى تعظيم مخالفة لمن استكبر عن تعظيمه أو اقتداء بمن خضع له و أذعن لربوبيته و اعترف على نفسه بالعبودية و قد حصلت هذه المعاني بالركوع حسب حصولها بالسجود و هذا المعنى يقتضى انه لو ركع خارج الصلاة مكان السجود ان يكون جائزا انه لم يجز الا لمكان أن الركوع أدون من السجود و لكن لان الركوع لم يجعل عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى إذا انفرد عن تحريمه الصلاة و السجود جعل عبادة بدون تحريمه الصلاة ثبت ذلك شرعا معقول المعنى فإذا لم توجد تحريمه الصلاة لم يكن الركوع مما يتقرب به إلى الله تعالى فلا يتأدى به التعظيم و الخضوع لله اللذان وجبا بالتلاوة بخلاف السجدة و بخلاف ما إذا ركع مكان السجدة الصلبية لان الواجب هناك عين السجدة مقصودة بنفسها فلا يقوم غيرها من حيث الصورة مقامها و بيان هذا أن الصلاة عبادة اشتملت على افعال مختلفة شكرا لما أنعم الله عليه من التقلب في الاحوال المختلفة بهذه الاعضاء اللينة و المفاصل السليمة و بالركوع لا يحصل شكر حالة السجود فيتعلق ذلك بعين السجود لا بما يوازيه في كونه تعظيما لله تعالى أما ههنا فبخلافه و بخلاف ما إذا لم يركع عقيب التلاوة و لم يسجد حتى طالت القراءة ثم ركع و نوى الركوع عن السجدة حيث لم يجز لانها تجب في الصلاة مضيقا لانها لوجوبها بما هو من أفعال الصلاة التحقت بافعال الصلاة و لهذا يجب اداؤها في الصلاة و لا يوجب حصولها فيها نقصانا ما فيها و تحصيل ما ليس من الصلاة فيها ان لم يوجب فسادها يوجب نقصا و لهذا لا تؤدى بعد الفراغ من الصلاة لو ترك اداءها في الصلاة لانها صارت جزأ من أجزاء الصلاة لما بينا فلا يتصور اداؤها الا بتحريمة الصلاة كسائر أفعال الصلاة و مبنى أفعال الصلاة أن يؤدى كل فعل منها في محله المخصوص فكذا هذه و إذا لم تؤد في محلها حتى فات صار دينا و الدين يقضى بما له لا بما عليه و الركوع و السجود عليه فلا يتأدى به الدين بخلاف ما إذا لم يصر دينا بعد لان الحاجة هنا إلى التعظيم و الخضوع و قد وجد فيكتفى بذلك كداخل المسجد إذا اشتغل بالفرض ناب ذلك مناب تحية المسجد لحصول تعظيم المسجد و المعتكف في رمضان إذا صام عن رمضان و كان أوجب اعتكاف شهر رمضان على نفسه كان ذلكا كافيا عن صوم هو شرط الاعتكاف و بمثله لو أوجب على نفسه اعتكاف شعبان فلم يعتكف حتى دخل رمضان فاعتكف لا ينوب ذلك عما وجب عليه من الصوم الذي هو شرط صحة الاعتكاف لان ذلك صار دينا عليه حقا لله تعالى بمضي الوقت و الدين يؤدى بما هو له لمن هو عليه لا بما عليه فكذا هذا و هذا بخلاف ما إذا نذر أن يصلى ركعتين يوم الجمعة فلم يصل حتى مضى يوم الجمعة ثم أداها بوضوء حصل بقصد التبرد حيث يجوز و لا يقال ان الوضوء الذي هو شرط صحة هذه العبادة وجب عليه بوجوب العبادة ثم بالفوات عن الوقت المعين صار دينا عليه و الدين يؤدى بماله لا بما عليه أو فاتته فريضة عن وقتها فاداها بوضوء حصل للتبرد أو للتعليم جاز لان هناك الوضوء شرط الاهلية و ليس هو مما يتقرب به إلى الله تعالى فلم يصر بفواته عن محله حقا لله تعالى بل بقي في نفسه عبادة فيجب تحصيله لضرورة حصول الاهلية لاداء ما عليه و قد حصل بأى طريق كان فاما السجدة و الصوم فكل واحد منهما مما يتقرب به إلى الله تعالى فإذا فاتا عن المحل و وجبا صارا حقين لله تعالى فلا يجوز اداؤهما بما عليه و هذا بخلاف ما إذا فاتت السجدة عن محلها في الصلاة و صارت بمحل القضاء فركع ينوى به قضأ السجدة الفائتة أنه لم يجز و ان حصل الركوع في تحريمه الصلاة و هو فيها مما يتقرب به إلى الله تعالى و يحصل بذلك التعظيم لله تعالى و الواجب عليه هذا القدر و ذلك لان الركوع لم يعرف قربة في الشريعة في محله المخصوص فما أمكننا جعله قربة فلم يحصل به التعظيم بخلاف السجدة فانها عرفت قربة في محلها الذي تكون فيه و لهذا ينجبر بها النقص المتمكن في الصلاة بطريق السهو و لا ينجبر
(191)
بالركوع ثم إذا ركع قبل أن يطول القراءة هل تشترط النية لقيام الركوع مقام سجدة التلاوة فقياس ما ذكرنا من النكتة يوجب أن لا يحتاج إلى النية لان الحاجة إلى تحصيل الخضوع و التعظيم في هذه الحالة و قد وجدا نوى أو لم ينو كالمعتكف في رمضان إذا لم ينو بصيامه عن الاعتكاف و الذى دخل المسجد إذا اشتغل بالفرض غيرنا و أن يقوم مقام تحية المسجد و من مشايخنا من قال يحتاج ههنا إلى النية و يدعى أن محمدا أشار اليه فانه قال إذا تذكر سجدة تلاوة في الركوع يخر ساجدا فيسجد كما نذكر ثم يقوم فيعود إلى الركوع و لم يفصل بين أن يكون الركوع الذي تذكر فيه التلاوة كان عقيب التلاوة بلا فصل أو تخلل بينهما فاصل و لو كان الركوع مما ينوب عن السجدة من نية لكان لا يأمره بأن يسجد للتلاوة بل قام نفس الركوع مقام التلاوة و لكنا نقول ليس في هذه المسألة كثير اشارة لان ال مسألة موضوعة فيما إذا تخلل بين التلاوة و الركوع ما يوجب صيرورة السجدة دينا لانه قال تذكر سجدة و التذكر انما يكون بعد النسيان و النسيان لسجدة التلاوة عند عدم تخلل شيء بين التلاوة و الركوع ممتنع أو نادر غاية الندرة بحيث لا ينبنى عليه حكم ثم يحتاج هذا القائل إلى الفرق بين هذا و بين المعتكف في رمضان حيث لا يحتاج إلى أن ينوى كون صومه شرطا للاعتكاف لحصول ما هو المقصود و كذا الذي دخل المسجد وادي الفرض كما دخل فاشتغل بالفرق بينهما فقال الواجب الاصلى ههنا هو السجود الا أن الركوع أقيم مقامه من حيث المعنى و بينهما من حيث الصورة فرق فلموافقة المعنى تتأدى السجدة بالركوع إذا نوى و لمخالفة الصورة لا تتأدى إذا لم ينو بخلاف صوم الشهر فان بينه و بين صوم الاعتكاف موافقة من جميع الوجوه و كذا في الصلاة و لكن هذا سديد لان المخالفة من حيث الصورة ان كان لها عبرة فلا يتأدى الواجب به و ان نوى فان من نوى اقامة ما وجب عليه مقام ما وجب لا يقوم إذا كان بينهما تفاوت و ان لم يكن لها عبرة فلا يحتاج إلى النية كما في الصوم و الصلاة و عذر الصوم ليس بمستقيم لان بين الصومين مخالفة من حيث سبب الوجوب فكانا جنسين مختلفين و لهذا قال هذا القائل انه لو لم ينو بالركوع أن يكون قائما مقام سجدة التلاوة و لم يقم يحتاج في السجدة الصلبية إلى أن ينوى أيضا لان بينهما مخالفة لاختلاف سبى وجوبهما فدل أنه ليس بمستقيم و ذكر القاضي الامام الاسبيجابى في شرحه مختصر الطحاوي أنه إذا أراد أن يركع يحتاج إلى النية و لو لم يوجد منه النية عند الركوع لا يجزئه و لو نوى في الركوع اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يجوز و قال بعضهم لا يجوز و لو نوى بعد ما رفع رأسه من الركوع لا يجوز بالاجماع هذا الذي ذكرنا في قيام الركوع مقام السجود فيما إذا لم تطل القراءة بين آية السجدة و بين الركوع فاما إذا طال فقد فاتت السجدة و صارت دينا فلا يقوم الركوع مقامها و أكثر مشايخنا لم يقدروا في ذلك تقديرا فكان الظاهر أنهم فوضوا ذلك إلى رأى المجتهد كما فعلوا في كثير من المواضع و بعض مشايخنا قالوا ان قرأ آية أو آيتين لم تطل القراءة و ان قرأ ثلاث آيات طالت و صارت السجدة بمحل القضاء ثم انه ناقض فانه قال لو لم ينو بالركوع أن يقوم مقام التلاوة و نوى بالسجدة الصلبية قام و لا شك أن مدة أداء الركوع و رفع الرأس من الركوع و الانحطاط إلى السجود يكون مثل مدة قراءة ثلاث آيات و كذا ان كانت تلك قراءة معتبرة فالركوع ركن معتبر و الاوجه أن يفوض ذلك إلى رأى المجتهد أو يعتبر ما يعد طويلا على ان جعل ثلاث آيات قاطعة للفور و إدخالها في حد الطول خلاف الرواية فان محمدا ذكر في كتاب الصلاة قلت أ رأيت الرجل يقرأ السجدة و هو في الصلاة و السجدة في آخر السورة الا آيات بقيت من السورة بعد آية السجدة قال هو بالخيار ان شاء ركع بها و ان شاء سجد بها قلت فان أراد أن يركع بها ختم السورة ثم ركع بها قال نعم قلت فان أراد أن يسجد بها عند الفراغ من السجدة ثم يقوم فيتلو ما بعدها من السورة و هو آيتان أو ثلاث ثم يركع قال نعم ان شاء و ان شاء وصل إليها سورة أخرى و هذا نص على أن ثلاث آيات ليست بقاطعة للفور و لا بمدخلة للسجدة في حيز القضاء ( فصل )و أما بيان وقت ادائها فما وجب اداؤها خارج الصلاة فوقتها جميع العمر لان وجوبها على التراخى على ما مر و أما ما وجب اداؤها في الصلاة فوقتها فور الصلاة لما مر أن وجوبها في الصلاة على الفور و هو أن
(192)
لا تطول المدة بين التلاوة و بين السجدة فاما إذا طالت فقد دخلت في حيز القضاء و صار آثما بالتفويت عن الوقت ثم الامر في مقدار الطول على ما ذكرنا من اختلاف المشايخ ( فصل )و أما سنن السجود فمنها أن يكبر عند السجود و عند رفع الرأس من السجود و روى الحسن عن أبى حنيفة أنه لا يكبر عند الانحطاط و هي رواية عن أبى يوسف لان التكبير للانتقال من الركن و لم يوجد ذلك عند الانحطاط و وجد عند الرفع و الصحيح ظاهر الرواية لما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال للتالي إذا قرأت سجدة فكبر و اسجد و إذا رفعت رأسك فكبر و لو ترك التحريمة يجوز عندنا و قال الشافعي لا يجوز لان هذا ركن من أركان الصلاة فلا يتأدى بدون التحريمة كالقيام في صلاة الجنازة الا ترى أنه يشترط له جميع شرائط الصلاة من ستر العورة و استقبال القبلة و يفسدها الكلام عند محمد و حرمة ما وراءها من الافعال أن يكون بدون التحريمة ( و لنا )أن الامر تعلق بمطلق السجود فلو أوجبنا شيأ آخر لزدنا على النص و لان السجود وجب تعظيما لله تعالى و خضوعا له و ترك التحريمة ليس بمناف للتعظيم و أما انكشاف العورة و استدبار القبلة و التكلم بما هو من كلام الناس فينا في التعظيم و الخشوع و حرمة الكلام ممنوعة بل لا يعتد بالسجود مع الكلام لانعدام ما هو المقصود و لان السجود فعل واحد و التحريمة تجعل الافعال المختلفة عبادة واحدة و ههنا الفعل واحد فلا حاجة إلى التحريمة بخلاف صلاة الجنازة لان هناك كل تكبيرة بمنزلة ركعة على ما يعرف هناك ان شاء الله تعالى و منها أن يقول في هذه السجدة من التسبيح ما يقول في سجدة الصلاة فيقول سبحان ربي الاعلى ثلاثا و ذلك أدناه و بعض المتأخرين استحبوا أن يقول فيها سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا لقوله تعالى يخرون للاذقان سجدا و يقولون سبحان ربنا الآية و استحبوا أيضا أن يقوم فيسجد لان الخرور سقوط من القيام و القرآن ورد به و ان لم يفعل لم يضره و منها أن الرجل إذا قرأ آية السجدة و معه قوم فسمعوها فالسنة أن يسجدوا معه لا يسبقونه بالوضع و لا بالرفع لان التالي امام السامعين لما روى عن عمر رضى الله عنه انه قال للتالي كنت امامنا لو سجدت لسجدنا معك و ان فعلوا أجزأهم لانه لا مشاركة بينه و بينهم في الحقيقة ألا ترى انه لو فسدت سجدته بسبب لا يتعدى إليهم و لا تشهد في هذه السجدة و كذا لا تسليم فيها لان التسليم تحليل و لا تحريمه لها عندنا فلا يعقل التحليل و على قياس مذهب الشافعي يسلم للخروج عن التحريمة و يكره للرجل ترك آية السجدة من سورة يقرأها لانه قطع لنظم القرآن و تغيير لتأليفه و اتباع النظم و التأليف مأمور به قال الله تعالى فإذا قرأناه فاتبع قرآنه أى تأليفه فكان التغيير مكروها و لانه في صورة الفرار عن وجوب العبادة و الاعراض عن تحصيلها بالفعل و ذلك مكروه و كذا فيه صورة هجر آية السجدة و ليس شيء من القرآن مهجورا و لو قرأ آية السجدة من بين السورة لم يضره ذلك لانها من القرآن و قراءة ما هو من القرآن طاعة كقراءة سورة من بين السؤر و المستحب أن يقرأ معها آيات لتكون أدل على مراد الآية و ليحصل بحق القراءة لا بحق إيجاب السجدة اذ القراءة للسجود ليست بمستحبة فيقرأ معها آيات ليكون قصده إلى التلاوة لا إلى إلزام السجود و لو قرأ آية السجدة و عنده ناس فان كانوا متوضئين متهيئين للسجدة قرأها فان كانوا متهيئين ينبغى أن يخفض قراءتها لانه لو جهر بها لصار موجبا عليهم شيأ ربما يتكاسلون عن أدائه فيقعون في المعصية و يكره للامام أن يتلوا آية السجدة في صلاة يخافت فيها بالقراءة و عند الشافعي لا يكره و احتج بما روى عن أبى سعيد الخدرى انه قال سجد بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في احدى صلاتي العشاء اما الظهر و اما العصر حتى ظننا انه قرأ ألم السجدة و لو كان مكروها لما فعله النبي صلى الله عليه و سلم ( و لنا )ان هذا لا ينفك عن أمر مكروه لانه إذا تلا و لم يسجد فقد ترك الواجب و ان سجد فقد لبس على القوم لانهم يظنون انه سها عن الركوع و اشتغل بالسجدة الصلبية فيسبحون و لا يتابعونه و ذا مكروه و لا ما لا ينفك عن مكروه كان مكروها و فعل النبي صلى الله عليه و سلم محمول على بيان الجواز فلم يكن مكروها و ان تلاها مع ذلك سجد بها لتقرر السبب في حقه و هو التلاوة و سجد القوم معه لوجوب المتابعة عليهم ألا ترى انه سجد رسول الله صلى الله عليه و سلم و سجد القوم معه و لو
(193)
تلاها الامام على المنبر يوم الجمعة سجدها و سجد معه من سمعها لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه تلا سجدة على المنبر فنزل و سجد و سجد الناس معه و فيه دليل على ان السامع يتبع التالي في السجدة ( فصل )و أما بيان مواضع السجدة في القرآن انها في أربعة عشر موضعا من القرآن أربع في النصف الاول في آخر الاعراف و فى الرعد و فى النحل و فى بني إسرائيل و عشر في النصف الآخر في مريم و فى الحج في الاولى و فى الفرقان و فى النمل و فى ألم تنزيل السجدة و فى ص و فى حم السجدة و فى النجم و فى إذا السماء انشقت و فى اقرأ و قد اختلف العلماء في ثلاثة مواضع منها أحدها ان في سورة الحج عندنا سجدة واحدة و عند الشافعي سجدتان احداهما في قوله تعالى اركعوا و اسجدوا و احتج بما روى عن عقبة بن عامر الجهنى انه قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أفى سورة الحج سجدتان قال نعم أو قال فضلت الحج بسجدتين من لم يسجدهما لم يقرأها و هكذا روى عن عمر و على و ابن عمر و أبى الدرداء رضى الله عنهم انهم قالوا فضلت سورة الحج بسجدتين و لنا ما روى عن أبى رضى الله عنه انه عد السجدات التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه و سلم وعد في الحج سجدة واحدة و قال عبد الله ابن عباس و عبد الله بن عمر رضى الله عنهم سجدة التلاوة في الحج هى الاولى و الثانية سجدة الصلاة و هو تأويل الحديث و هذا لان السجدة متى قرنت بالركوع كانت عبارة عن سجدة الصلاة كما في قوله فاسجدى و اركعي و الثاني ان في سورة ص عندنا سجدة التلاوة و عند الشافعي سجدة الشكر و فائدة الخلاف انه لو تلاها في الصلاة سجد عندنا و عنده لا يسجدها و احتج بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قرأ آية السجدة في ص و سجدها ثم قال سجدها داود توبة و نحن نسجدها شكرا و روى عن أبى سعيد الخدرى أنه قال قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر سورة ص فنزل و سجد و سجد الناس معه فلما كان في الجمعة الثانية قرأها فتشوف الناس للسجود فنزل و سجد و سجد الناس معه و قال لم أرد أن أسجدها فانها توبة نبى من الانبياء و انما سجدت لانى رأيتكم تشوفتم للسجود ( و لنا )حديث عثمان رضى الله عنه انه قرأ في الصلاة سورة ص و سجد و سجد الناس معه و كان ذلك بمحضر من الصحابة رضى الله عنهم و لم ينكر عليه أحد و لو لم تكن واجبة لما جاز إدخالها في الصلاة و روى ان رجلا من الصحابة فقال يا رسول الله رأيت كما يرى النائم كاني أكتب سورة ص فلما انتهيت إلى موضع السجدة سجدت الدواة و القلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم نحن أحق بها من الدواة و القلم فأمر حتى تليت في مجلسه و سجدها مع أصحابه و ما تعلق به الشافعي فهو دليلنا فانا نقول نحن نسجد ذلك شكرا لما أنعم الله على داود بالغفران و الوعد بالزلفى و حسن المآب و لهذا لا يسجد عندنا عقيب قوله و أناب بل عقيب قوله مآب و هذه نعمة عظيمة في حقنا فانه يطمعنا في اقالة عثراتنا و غفران خطايانا و زلاتنا فكانت سجدة تلاوة لان سجدة التلاوة ما كان سببها التلاوة و سبب وجوب هذه السجدة تلاوة هذه الآية التي فيها الاخبار عن هذه النعم على داود عليه الصلاة و السلام و اطماعنا في نيل مثله و كذا سجدة النبي صلى الله عليه و سلم في الجمعة الاولى و ترك الخطبة لاجلها يدل على انها سجدة تلاوة و تركه في الجمعة الثانية لا يدل على انها ليست بسجدة تلاوة بل كان يريد التأخير و هي عندنا لا تجب على الفور فكان يريد أن لا يسجدها على الفور و الثالث أن في المفصل عندنا ثلاث سجدات و عند مالك لا سجدة في المفصل و احتج بما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم لم يسجد في المفصل بعد ما هاجر إلى المدينة ( و لنا )ما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص انه قال أقراني رسول الله صلى الله عليه و سلم خمس عشرة سجدة ثلاث منها في المفصل و عن على رضى الله تعالى عنه انه قال عزائم السجود في القرآن أربعة ألم تنزيل السجدة و حم السجدة و النجم و اقرأ بإسم ربك و عن ابن مسعود قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ سورة النجم بمكة فسجد و سجد معه الناس المسلمون و المشركون الا شيخا وضع كفا من تراب على جبهته و قال هذا يكفينى فلقيته قتل كافرا و عن أبى هريرة رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قرأ إذا السماء انشقت فسجد و سجد معه أصحابه و لانه أمر بالسجود في سورة النجم و اقرأ بإسم ربك و الامر للوجوب و حديث ابن عباس رضى الله عنهما
(194)
محمول على أنه كان لا يسجدها عقيب التلاوة كما كان يسجد من قبل نحمله على هذا بدليل ما روينا ثم في سورة حم السجدة عندنا السجدة عند قوله و هم لا يسأمون و هو مذهب عبد الله بن عباس و وائل بن حجر و عند الشافعي عند قوله ان كنتم إياه تعبدون و هو مذهب على رضى الله عنه و احتج بما روى عن ابن مسعود و ابن عمر رضى الله عنهما هكذا و لان الامر بالسجود ههنا فكان السجود عنده ( و لنا )ان السجود مرة بالامر و مرة بذكر استكبار الكفار فيجب علينا مخالفتهم و مرة عند ذكر خشوع المطيعين فيجب علينا متابعتهم و هذه المعاني تتم عند قوله و هم لا يسأمون فكان السجود عنده أولى و لان فيما ذهب اليه أصحابنا أخذا بالاحتياط عند اختلاف مذاهب الصحابة رضى الله عنهم فان السجدة لو وجبت عند قوله تعبدون فالتأخير إلى قوله لا يسأمون لا يضر و يخرج عن الواجب و لو وجبت عند قوله لا يسأمون لكانت السجدة المؤداة قبله حاصلة قبل وجوبها و وجود سبب وجوبها فيوجب نقصانا في الصلاة و لم يؤد الثانية فيصير المصلى تاركا ما هو واجب في الصلاة فيصير النقص متمكنا في الصلاة من وجهين و لا نقص فيما قلنا البتة و هذا هو إمارة التبحر في الفقة و الله الموفق ( فصل )و أما الذي هو عند الخروج من الصلاة فلفظ السلام عندنا و عند مالك و الشافعي فرض و الكلام في التسليم يقع في مواضع في بيان صفته انه فرض أم لا و فى بيان قدره و فى بيان كيفيته و فى بيان سننه و فى بيان حكمه أما صفته فاصابة لفظة السلام ليست بفرض عندنا و لكنها واجبة و من المشايخ من أطلق اسم السنة عليها و انها لا تنافي الوجوب لما عرف و عند مالك و الشافعي فرض حتى لو تركها عامدا كان مسيأ و لو تركها ساهيا يلزمه سجود السهو عندنا و عندهما لو تركها تفسد صلاته احتجا بقوله صلى الله عليه و سلم و تحليلها التسليم خص التسليم بكونه محللا فدل ان التحليل بالتسليم على التعيين فلا يتحلل بدونه و لان الصلاة عبادة لها تحليل و تحريم فيكون التحليل فيها ركنا قياسا على الطواف في الحج ( و لنا )ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لا بن مسعود حين علمه التشهد إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت ما عليك ان شئت أن تقوم فقم و ان شئت أن تقعد فاقعد و الاستدلال به من وجهين أحدهما انه جعله قاضيا ما عليه عند هذا الفعل أو القول و ما للعموم فيما لا فيقضى أن يكون قاضيا جميع ما عليه و لو كان التسليم فرضا لم يكن قاضيا جميع ما عليه بدونه لان التسليم يبقى عليه و الثاني انه خيره بين القيام و القعود من شرط لفظ التسليم و لو كان فرضا ما خيره و لان ركن الصلاة ما تتأدى به الصلاة و السلام خروج عن الصلاة و لو ترك لها لانه كلام و خطاب لغيره فكان منافيا للصلاة فكيف يكون ركنا لها و أما الحديث فليس فيه نفى التحليل بغير التسليم الا أنه خص التسليم لكونه واجبا و الاعتبار بالطواف سديد لان الطواف بمحلل انما المحلل هو الحلق الا أنه توقف بالاحلال على الطواف فإذا طاف حل بالحلق لا بالطواف و الحلق ليس بركن فنزل السلام في باب الصلاة منزلة الحلق في باب الحج و يبنى على هذا ان السلام ليس من الصلاة عندنا و عند الشافعي التسليمة الاولى من الصلاة و الصحيح قولنا لما بينا ( و أما )الكلام في قدره فهو انه يسلم تسليمتين احداهما عن يمينه و الاخرى عن يساره عند عامة العلماء و قال بعضهم يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه و هو قول مالك و قيل هو قول الشافعي و قال بعضهم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه و قال مالك في قول يسلم المقتدى تسليمتين ثم يسلم تسليمة ثالثة ينوى بها رد السلام على الامام و احتجوا بما روى عن عائشة رضى الله عنها ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يسلم تسليمة تلقاء وجهه و روى عن سهل بن سعد رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يسلم تسليمة عن يمينه و لان التسليم شرع للتحليل و انه يقع بالواحدة فلا معنى للثانية ( و لنا )ما روى عن عبد الله بن مسعود انه قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم و خلف أبى بكر و عمر رضى الله عنهما و كانوا يسلمون تسليمتين عن ايمانهم و عن شمائلهم و روى عن على انه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسلم تسليمتين أولهما ارفعهما و لان احدى التسليمتين للخروج عن الصلاة و الثانية للتسوية بين القوم في التحية و أما الاحاديث فالأَخذ بما روينا أولى لان عليا و ابن مسعود كانا من كبار الصحابة و كانا يقومان بقربه صلى الله عليه و سلم كما قال ليليني منكم أولو الاحلام و النهى فكانا أعرف بحال
(195)
النبي صلى الله عليه و سلم و عائشة رضى الله عنها كانت تقوم في حيز صفوف النساء و هو آخر الصفوف و سهل بن سعد كان من الصغار و كان في أخريات الصفوف و كانا يسمعان التسليمة الاولى لرفعه صلى الله عليه و سلم بها صوته و لا يسمعان الثانية لخفضه بها صوته و قولهم التحليل يحصل بالاولى فكذلك و لكن الثانية ليست للتحليل بل للتسوية بين القوم في التسليم عليهم و التحية و به تبين انه لا حاجة إلى التسليمة الثالثة لانه لا يحصل بها التحليل و لا التسوية بين القوم في التحية ورد السلام على الامام يحصل بالتسليمتين اليه أشار أبو حنيفة حين سأله أبو يوسف هل يرد على الامام السلام من خلفه فيقول و عليك قال لا و تسليمهم رد عليه و لان التسليمة الثالثة لو كانت ثابتة لفعلها رسول الله صلى الله عليه و سلم و لعلمها الامة فعلا كما فعلوا التسليمتين ( و أما )كيفية التسليم فهو أن يقول السلام عليكم و رحمة الله و هذا قول عامة العلماء و قال مالك يقول السلام عليكم و لا يزيد عليه و الصحيح قول العامة لما روى عن ابن مسعود و عمار و عتبة و غيرهم عن النبي صلى الله عليه و سلم انه كان يقول هكذا ( و أما )سنن التسليم فنذكرها في باب سنن هذه الصلوات ( و أما )حكمه فهو الخروج من الصلاة ثم الخروج يتعلق بإحدى التسليمتين عند عامة العلماء و روى عن محمد انه قال التسليمة الاولى للخروج و التحية و التسليمة الثانية للتحية خاصة و قال بعضهم لا يخرج ما لم يوجد التسليمتين جميعا و هو خلاف إجماع السلف و لان التسليم تكليم القوم لانه خطاب لهم فكان منافيا للصلاة الا ترى انه لو وجد في وسط الصلاة يخرجه عن الصلاة ( فصل )و أما الذي هو في حرمة الصلاة بعد الخروج منها فالتكبير في أيام التشريق و الكلام فيه يقع في مواضع في تفسيره و فى وجوبه و فى وقته و فى محل أدائه و فيمن يجب عليه و فى انه هل يقضى بعد الفوات في الصلاة التي دخلت في حد القضاء ( أما )الاول فقد اختلفت الروايات عن الصحابة رضى الله عنهم في تفسير التكبير روى الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد و هو قول على و ابن مسعود رضى الله عنهما و كان ابن عمر يقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر و أجل الله أكبر و لله الحمد و به أخذ الشافعي و كان ابن عباس يقول الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله الحى القيوم يحيى و يميت و هو على كل شيء قدير و انما أخذنا بقول على و ابن مسعود رضى الله عنهما لانه المشهور و المتوارث من الامة و لانه أجمع لاشتماله على التكبير و التهليل و التحميد فكان أولى ( فصل )( و أما )بيان وجوبه فالصحيح انه واجب و قد سماه الكرخي سنة ثم فسره بالواجب فقال تكبير التشريق سنة ماضية نقلها أهل العلم و أجمعوا على العمل بها و إطلاق اسم السنة على الواجب جائز لان السنة عبارة عن الطريقة المرضية أو السيرة الحسنة و كل واجب هذه صفته و دليل الوجوب قوله تعالى و اذكروا الله في أيام معدودات و قوله و أذن في الناس بالحج إلى قوله في أيام معلومات قيل الايام المعدودات أيام التشريق و المعلومات أيام العشر و قيل كلاهما أيام التشريق و قيل المعلومات يوم النحر و يومان بعده و المعدودات أيام التشريق لانه أمر في الايام المعدودات بالذكر مطلقا و ذكر في الايام المعلومات الذكر على ما رزقهم من بهيمة الانعام و هي الذبائح و أيام الذبائح يوم النحر و يومان بعده و مطلق الامر للوجوب و روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال ما من أيام أحب إلى الله تعالى العمل فيهن من هذه الايام فاكثروا فيها من التكبير و التهليل و التسبيح ( فصل )و أما وقت التكبير فقد اختلف الصحابة رضى الله عنهم في ابتداء وقت التكبير و انتهائه اتفق شيوخ الصحابة نحو عمر و على و عبد الله بن مسعود و عائشة رضى الله عنهم على البداية بصلاة الفجر من يوم عرفة و به أخذ علماؤنا في ظاهر الرواية و اختلفوا في الختم قال ابن مسعود يختم عند العصر من يوم النحر يكبر ثم يقطع و ذلك ثمان صلوات و به أخذ أبو حنيفة رحمه الله و قال على يختم عند العصر من آخر أيام التشريق فيكبر لثلاث و عشرين صلاة و هو احدى الروايتين عن عمر رضى الله عنه و به أخذ أبو يوسف و محمد و فى رواية عن عمر رضى الله عنه يختم عند الظهر من آخر أيام التشريق و أما الشبان من الصحابة منهم ابن عباس و ابن عمر فقد اتفقوا على البداية بالظهر من يوم النحر و روى عن أبى يوسف انه أخذ به انهما اختلفا في الختم فقال ابن عباس يختم عند