بوجود الحدث لانه لا مضادة بينهما و انما تنعدم الاهلية فيوجد جزء من الصلاة لانعدام ما يضاده و يفسد هذا الجزء لحصوله ممن ليس بأهل و لا صحة للفعل الصادر من الاهل و إذا فسد هذا الجزء من صلاة الامام فسدت صلاة المقتدى لان صلاته مبنية على صلاة الامام فتتعلق بها صحة و فساد ألان الجزء لما فسد من صلاة الامام فسدت التحريمة المقارنة لهذا الفعل الفاسد لانها شرعت لاجل الافعال فتتصف بما تتصف الافعال صحة و فسادا فإذا فسدت هى فسدت تحريمه المقتدى فتفسد صلاته الا ان صلاة الامام و من تابعه من المدركين اتصفت بالتمام بدون الجزء الفاسد فاما المسبوق فقد فسد جزء من صلاته و فسدت التحريمة المقارنة لذلك الجزء فبعد ذلك لا يعود الا بالتحريمة و لم يوجد فلم يتصور حصول ما بقي من الاركان في حق المسبوق فتفسد صلاته بخلاف الكلام فانه ليس بمضاد لاهلية أداء الصلاة بل هو مضاد للصلاة نفسها و وجود الضد لا يفسد الضد الآخر بل يمنعه من الوجود فان أفعال الصلاة كانت توجد على التجدد و التكرار فإذا انعدم فعل يعقبه غيره من جنسه فإذا تعقبه ما هو مضاد للصلاة لا يتصور حصول جزء منها مقارنا للضد بل يبقى على العدم على ما هو الاصل عندنا في المتضادات و انتهت أفعال الصلاة فلم تتجدد التحريمة لان تجددها كان لتجدد الافعال و قد انتهت فانتهت هى أيضا و ما فسدت و بانتهاء تحريمه الامام لا تنتهى تحريمه المسبوق كما لو سلم فان تحريمه الامام منتهية و تحريمة المسبوق منتهية لما ذكرنا فلم تفسد صلاة المسبوقين بخلاف ما نحن فيه و اما اللاحقون فانه ينظر ان ادركوا الامام في صلاته وصلوا معه فصلاتهم تامة و ان لم يدركوا ففيه روايتان في رواية أبى سليمان تفسد و فى رواية أبى حفص لا تفسد هذا إذا كان العارض في هذه الحالة فعل المصلى فإذا لم يكن فعله كالمتيمم إذا وجد ماء بعد ما قعد قدر التشهد الاخير أو بعد ما سلم و عليه سجود السهو و عاد إلى السجود فسدت صلاته عند ابى حنيفة و يلزمه الاستقبال و عند ابى يوسف و محمد صلاته تامة و هذه من المسائل الاثنى عشرية و قد ذكرناها و ذكرنا الحجج في كتاب الطهارة في فصل التيمم أمى صلى بعض صلاته ثم تعلم سورة فقرأها فيما بقي من صلاته فصلاته فاسدة مثل الاخرس يزول خرسه في خلال الصلاة و كذلك لو كان قارئا في الابتداء فصلى بعض صلاته بقراءة ثم نسى القراءة فصار أميا فسدت صلاته و هذا قول أبى حنيفة و قال زفر لا تفسد في الوجهين جميعا و قال أبو يوسف و محمد تفسد فى الاول و لا تفسد في الثاني استحسانا وجه قول زفر أن فرض القراءة في الركعتين فقط ألا ترى ان القاري لو ترك القراءة في الاوليين و قرأ في الاخريين أجزأه فإذا كان قارئا في الابتداء فقد أدى فرض القراءة في الاوليين فعجزه عنها بعد ذلك لا يضره كما لو ترك مع القدر و إذا تعلم و قرأ في الاخريين فقد أدى فرض القراءة فلا يضره عجزه عنها في الابتداء كما لا يضره لو تركها وجه قولهما انه لو استقبل الصلاة في الاول لحصل الاداء على وجه الاكمل فامر بالاستقبال و لو استقبلها في الثاني لادى كل الصلاة بغير قراءة فكان البناء أولى ليكون مؤديا البعض بقراءة و لابي حنيفة ان القراءة ركن فلا يسقط الا بشرط العجز عنها في كل الصلاة فإذا قدر على القراءة في بعضها فات الشرط فظهر ان المؤدى لم يقع صلاة و لان تحريمه الامى لم تنعقد للقراءة بل انعقدت لا فعال صلاته لا فإذا قدر صارت القراءة من أركان صلاته فلا يصح أداؤها بلا تحريمه كاداء سائر الاركان و الصلاة لا توجد بدون أركانها ففسدت و لان الاساس الضعيف لا يحتمل بناء القوي عليه و الصلاة بقراءة أقوى فلا يجوز بناؤها على الضعيف كالعاري إذا وجد الثوب في خلال صلاته و المتيمم إذا وجد الماء و إذا كان قارئا في الابتداء فقد عقد تحريمته لاداء كل الصلاة بقراءة و قد عجز عن الوفاء بما التزم فيلزمه الاستقبال و لو اقتدى الامى بقاري بعد ما صلى ركعة فلما فرغ الامام قام الامى لاتمام الصلاة فصلاته فاسدة في القياس و قيل هو قول أبى حنيفة و فى الاستحسان يجوز و هو قولهما وجه القياس انه بالاقتداء بالقاري التزم أداء هذه الصلاة بقراءة و قد عجز عن ذلك حين قام للقضاء لانه منفرد فيما يقضى فلا تكون قراءة الامام قراءة الامام قراءة له فتفسد صلاته وجه الاستحسان انه انما التزم القراءة ضمنا للاقتداء و هو مقتد فيما بقي على الامام لا فيما سبقه به و لانه لو بني كان مؤديا بعض الصلاة بقراءة و لو استقبل كان مؤديا جميعها بغير قراءة و لا شك ان الاول أولى ( و منها )انكشاف
(239)
العورة في خلال الصلاة إذا كان كثيرا لان استتارها من شرائط الجواز فكان انكشافها في الصلاة مفسدا الا أنه سقط اعتبار هذا الشرط في القليل عندنا خلافا للشافعي للضرورة كما في قليل النجاسة لعدم إمكان التحرز عنه على ما بينا فيما تقدم و كذلك الحرة إذا سقط قناعها في خلال الصلاة فرفعته و غطت رأسها بعمل قليل قيل أن تؤدى ركنا من أركان الصلاة أو قبل أن تمكث ذلك القدر لا تفسد صلاتها لان المرأة قد تبتلي بذلك فلا يمكنها التحرز عنه فاما إذا بقيت كذلك حتى أدت ركنا أو مكثت ذلك القدر أو غطت من ساعتها لكن بعمل كثير فسدت صلاتها لانعدام الضرورة و كذلك الامة إذا عتقت في خلال صلاتها و هي مكشوفة الرأس فاخذت قناعها فهو على ما ذكرنا في الحرة و كذلك المدبرة و المكاتبة وأم الولد لان رؤوس هؤلاء ليست بعورة على ما يعرف في كتاب الاستحسان فإذا أعتقن أخذن القناع للحال لان خطاب الستر توجه للحال الا ان تبين ان عليها الستر من الابتداء لان رأسها انما صار عورة بالتحرير و هو مقصور على الحال فكذا صيرورة الرأس عورة بخلاف العاري إذا وجد كسوة في خلال الصلاة حيث تفسد صلاته لان عورته ما صارت عورة للحال بل كانت عند الشروع في الصلاة الا ان الستر كان قد سقط لعذر العدم فإذا زال تبين ان الوجوب كان ثابتا من ذلك الوقت و على هذا إذا كان الرجل يصلى في ازار واحد فسقط عنه في خلال الصلاة و هذا كله مذهب علمائنا الثلاثة و هو جواب الاستحسان و القياس أن تفسد صلاته في جميع ذلك و هو قول زفر و الشافعي لان ستر العورة فرض بالنص و الاستتار يفوت بالانكشاف و ان قل الا أنا استحسنا الجواز و جعلنا ما لا يمكن التحرز عنه عفوا دفعا للحرج و كذلك إذا حضرته الصلاة و هو عريان لا يجد ثوبا جازت صلاته لمكان الضرورة و لو كان معه ثوب نجس فقد ذكرنا تفصيل الجواب فيه انه ان كان ربع منه طاهرا لا يجوز له أن يصلى عريانا و لكن يجب عليه أن يصلى في ذلك الثوب بلا خلاف و ان كان كله نجسا فقد ذكرنا الاختلاف فيه بين أبى حنيفة و أبى يوسف و بين محمد في كيفية الصلاة فيما تقدم و منها محاذاة المرأة الرجل في صلاة مطلقة يشتركان فيها فسدت صلاته عندنا استحسانا و القياس أن لا تكون المحاذاة مفسدة صلاة الرجل و به أخذ الشافعي حتى لو قامت إمرأة خلف الامام و نوت صلاته و قد نوى الامام امامة النساء ثم حاذته فسدت صلاته عندنا و عنده لا تفسد وجه القياس ان الفساد لا يخلوا اما أن يكون لخساستها أو لاشتغال قلب الرجل بها و الوقوع في الشهوة لا وجه للاول لان المرأة لا تكون أخس من الكلب و الخنزير و محاذاتهما مفسدة و لان هذا المعنى يوجد في المحاذاة في صلاة لا يشتركان فيها و المحاذاة فيها مفسدة بالاجماع و لا سبيل إلى الثاني لهذا أيضا و لان المرأة تشارك الرجل في هذا المعنى فينبغي أن تفسد صلاتها أيضا و لا تفسد بالاجماع و الدليل عليه أن المحاذاة في صلاة الجنازة و سجدة التلاوة مفسدة فكذا في سائر الصلوات وجه الاستحسان ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال أخروهن من حيث أخرهن الله عقيب قوله خير صفوف الرجال أو لها و شرها آخرها و خير صفوف النساء آخرها و شرها أولها و الاستدلال بهذا الحديث من وجهين أحدهما أنه لما أمر بالتأخير صار التأخير فرضا من فرائض الصلاة فيصير بتركة التأخير تاركافر ضامن فرائضها فتفسد و الثاني أن الامر بالتأخير أمر بالتقدم عليها ضرورة فإذا لم تؤخر و لم يتقدم فقد قام مقاما ليس بمقام له فتفسد كما إذا تقدم على الامام و الحديث ورد في صلاة مطلقة مشتركة فبقى غيرها على أصل القياس و انما لا تفسد صلاتها لان خطاب التأخير يتناول الرجل و يمكنه تأخيرها من أن تتأخر هى بنفسها و يتقدم عليها فلم يكن التأخير فرضا عليها فتركه لا يكون مفسدا و يستوى الجواب بين محاذاة البالغة و بين محاذاة المراهقة التي تعقل الصلاة في حق فساد صلاة الرجل استحسانا و القياس أن لا تفسد محاذاة البالغة لان صلاتها تخلق و اعتياد لا حقيقة صلاة وجه الاستحسان انها مأمورة بالصلاة مضروبة عليها كما نطق به الحديث فجعلت المشاركة في أصل الصلاة و المشاركة في أصل الصلاة تكفى للفساد إذا وجدت المحاذاة و إذا عرف أن المحاذاة مفسدة فنقول إذا قامت في الصف إمرأة فسدت صلاة رجل عن يمينها و رجل عن يسارها و رجل خلفها بحذائها لان الواحدة تحاذي هؤلاء الثلاثة و لا تفسد صلاة غيرهم لان هؤلاء
(240)
صاروا حائلين بينها و بين غيرهم بمنزلة اسطوانه أو كارة من الثياب فلم تتحقق المحاذاة و لو كانتا اثنتين أو ثلاثا فالمروي عن محمد أن المرأتين تفسد ان صلاة أربعة نفر من على يمينهما و من على يسارهما و من خلفهما بحذائهما و الثلاث منهن يفسدن صلاة من على يمينهن و من على يسارهن و ثلاثة ثلاثة خلفهن إلى آخر الصفوف و عن أبى يوسف روايتان في رواية قال الثنتان يفسد ان صلاة أربعة نفر من على يمينها و من على يسارهما و اثنان من خلفهما بحذائهما و الثلاث يفسدن صلاة خمسة نفر من كان على يمينهن و من كان على شمالهن و ثلاثة خلفهن بحذائهن و فى رواية الثنتان تفسدان صلاة رجلين عن يمينهما و يسارهما و صلاة رجلين رجلين إلى آخر الصفوف و الثلاث يفسدن صلاة رجل عن يمينهن و رجل عن يسارهن و صلاة ثلاثة ثلاثة إلى آخر الصفوف و لا خلاف في انهن إذا كن صفا تاما فسدت صلاة الصفوف التي خلفهن و ان و كانوا عشرين صفا وجه الرواية الاولى لابى يوسف أن فساد الصلاة ليس لمكان الحيلولة لان الحيلولة انما تقع بالصف التام من النساء بالحديث و لم توجد و انما يثبت الفساد بالمحاذاة و لم توجد المحاذاة الا بهذا القدر وجه الرواية الثانية له أن للمثنى حكم الثلاث بدليل أن الامام يتقدم الاثنين و بصط فان خلفه كالثلاثة ثم حكم الثلاثة هذا فكذا حكم الاثنين وجه المروي عن محمد أن المرأتين لا تحاذيان الا أربعة نفر فلا تفسد ان صلاة غيرهم و فى الصف التام القياس هكذا أن تفسد صلاة صف واحد خلفهن لا لانعدام محاذاتهن لمن وراء هذا الصف الواحد الا أنا استحسنا فحكمنا بفساد صلاة الصفوف أجمع لحديث عمر موقوفا و مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال من كان بينه و بين الامام نهرا و طريق أوصف من النساء فلا صلاة له جعل صف النساء حائلا كالنهر و الطريق ففى حق الصف الذي يليهن من خلفهن وجد ترك التأخير منهم و الحيلولة بينهم و بين الامام بهن و فى حق الصفوف الاخر وجدت الحيلولة لا و كل واحد من المعنيين بانفراده علة كاملة للفساد ثم الثنتان ليستا بجميع حقيقة فلا يلحقان بالصف من النساء التي هى اسم جمع فانعدمت الحيلولة فيتعلق الفساد بالمحاذاة لا و المحاذاة لم توجد الا بهذا القدر فأما الثلاث منهن فجمع حقيقة فالحقن بصف كامل في حق من صرن حائلات بينه و بين الامام ففسدت صلاة ثلاثة ثلاثة إلى آخر الصفوف و فسدت صلاة واحد عن يمينهن و واحد عن يسارهن لان هناك الفساد بالمحاذاة لا بالحيلولة و لم توجد المحاذاة الا بهذا القدر و الله أعلم و لو وقفت بحذاء الامام فأتمت به و قد نوى الامام امامتها فسدت صلاة الامام و القوم كلهم اما صلاة الامام فلوجود المحاذاة في صلاة مطلقة مشتركة و أما صلاة القوم فلفساد صلاة الامام و كان محمد بن مقاتل الرازي يقول لا يصح اقتداؤها لان المحاذاة قارنت شروعها في الصلاة و لو طرأت كانت مفسدة فإذا اقترنت منعت من صحة اقتدائها به و هذا سديد لان المحاذاة انما تؤثر في فساد صلاة مشتركة و لا تقع الشركة الا بعد شروعها في صلاة الامام فلم يكن المفسد مقارنا للشروع فلا يمنع من الشروع و ان كانت بحذاء الامام و لم تأتم به لم تفسد صلاة الامام لانعدام المشاركة و كذا إذا قامت امام الامام فأتمت به لان اقتداءها لم يصح فلم تقع المشاركة و كذا إذا قامت إلى جنبه و نوت فرضا آخر بان كان الامام في الظهر و نوت في العصر فأتمت به ثم حاذته لم تفسد على الامام صلاته و هذا على رواية باب الحدث لانها لم تصر شارعة في الصلاة أصلا فلم تتحقق المشاركة فاما على رواية باب الاذان تفسد صلاة الامام لانها صارت شارعة في أصل الصلاة فوجدت المحاذاة في صلاة مشتركة ففسدت صلاته و فسدت صلاتها بفساد صلاة الامام و عليها قضأ التطوع لحصول الفساد بعد صحة شروعها كما إذا كان الامام في الظهر و قد نوى امامتها فأتمت به تنوى التطوع ثم قامت بجنبه تفسد صلاته و صلاتها و عليها قضأ التطوع فكذا هذا و قد مرت المسألة من قبل و بعض مشايخنا قالوا الجواب ما ذكر في باب الاذان و تأويل ما ذكر في باب الحدث أن الرجل لم ينو امامتها في صلاة العصر فتجعل هى في الاقتداء به بنية العصر بمنزلة ما لم ينو امامتها أصلا فلهذا لا تصير شارعة في صلاته تطوعا و لو قام رجل و إمرأة يقضيان ما سبقهما لامام لم تفسد صلاته و لو كانا أدركا أول الصلاة و كانا ناما أو أحدثا فسدت صلاته لان المسبوقين فيما يقضيان كل واحد منهما في حكم المنفرد الا ترى أن القراءة فرض على المسبوق و لو سها يلزمه سجود السهو فلم
(241)
يشتركا في صلاة فلا تكون المحاذاة مفسدة صلاته فاما المدر كان فهما كانهما خلف الامام بعد بدليل سقوط القراءة عنهما و انعدام وجوب سجدتي السهو عند وجود السهو كانهما خلف الامام حقيقة فوقعت المشاركة فوجدت المحاذاة في صلاة مشتركة فتوجب فساد صلاته و مرور المرأة و الحمار و الكلب بين يدى المصلى لا يقطع الصلاة عند عامة العلماء و قال أصحاب الظواهر يقطع و احتجوا بما روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال يقطع الصلاة مرور المرأة و الحمار و الكلب و فى بعض الروايات و الكلب الاسود فقيل لابى ذر و ما بال الاسود من غيره فقال أشكل على ما أشكل عليكم فسألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فقال الكلب الاسود شيطان و لنا ما روى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا يقطع الصلاة مرور شيء و ادرؤا ما استطعتم و أما الحديث الذي رووا فقد ردته عائشة رضى الله عنها فانها قالت لعروة يا عروة ما يقول أهل العراق قال يقولون يقطع الصلاة مرور المرأة و الحمار و الكلب فقالت يا أهل العراق و النفاق و الشقاق بئسما قرنتمونا بالكلاب و الحمر كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلى بالليل و أنا نائمة بين يديه معترضة كإعتراض الجنازة و قد ورد في المرأة نص خاص و كذا في الحمار و الكلب روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان يصلى في بيت أم سلمة فاراد ابنها عمر أن يمر بين يديه فأشار عليه أن قف فوقف ثم أرادت زينب بنتها أن تمر بين يديه فأشار إليها ان قفى فلم تقف فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من صلاته قال انهن أغلب و روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال زرت رسول الله صلى الله عليه و سلم مع أخى الفضل على حمار في بادية فنزلنا فوجدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلى فصلينا معه و الحمار يرتع بين يديه و فى بعض الروايات و الكلب و الحمار يمران بين يديه و لو دفع المار بالتسبيح أو بالاشارة أو أخذ طرف ثوبه من مشى و لا علاج لا تفسد صلاته لقوله صلى الله عليه و سلم فادرؤا ما استطعتم و قوله إذا نابت أحدكم نائبة في الصلاة فليسبح فان التسبيح للرجال و التصفيق للنساء و ذكر في كتاب الصلاة إذا مرت الجارية بين يدى المصلى فقال سبحان الله واو ما بيده ليصرفها لم تقطع صلاته و أحب إلى أن لا يفعل منهم من قال معناه أى لا يجمع بين التسبيح و الاشارة باليد لان بإحداهما كفاية و منهم من قال أى لا يفعل شيأ من ذلك و تأويل قول النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان في وقت كان العمل في الصلاة مباحا و منها الموت في الصلاة و الجنون و الاغماء فيها أما الموت فظاهر لانه معجز عن المضي فيها و أما الجنون و الا غماه فلانهما ينقضان الطهارة و يمنعان البناء لما بينا فيما تقدم أن اعتراضهما في الصلاة نادر فلا يلحقان بمورد النص و الاجماع في جواز البناء و هو الحدث السابق و سواء كان منفرد أو مقتديا أو اماما حتى يستقبل القوم صلاتهم عندنا و عند الشافعي يقوم القوم فيصلون وحدانا كما إذا أحدث الامام و منها العمل الكثير الذي ليس من أعمال الصلاة في الصلاة من ضرورة فاما القليل فغير مفسد و اختلف في الحد الفاصل بين القليل و الكثير قال بعضهم الكثير ما يحتاج فيه إلى استعمال اليدين و القليل ما لا يحتاج فيه إلى ذلك حتى قالوا اذا زر قميصه في الصلاة فسدت صلاته و إذا حل ازراره لا تفسد و قال بعضهم كل عمل لو نظر الناظر اليه من بعيد لا يشك انه في الصلاة فهو كثير و كل عمل لو نظر اليه ناظر ربما يشتبه عليه انه في الصلاة فهو قليل و هو الاصح و على هذا الاصل يخرج ما إذا قاتل في صلاته في حالة الخوف أنه تفسد صلاته لانه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة لما بينا و كذا إذا أخذ قوسا و رمى بها فسدت صلاته لان أخذ القوس و تثقيف السهم عليه و مده حتى يرمى عمل كثير الا ترى أنه يحتاج فيه إلى استعمال اليدين و كذا الناظر اليه من يعيد لا يشك أنه في الصلاة و بعض أهل الادب عابوا على محمد في هذا اللفظ و هو قوله و رمى بها فقالوا الرمى بالقوس إلقاؤها من يده و انما يقال في الرمى بالسهم رمى عنها لا رمى بها و الجواب عن هذا أن غرض محمد تعليم العامة و قد وجد هذا اللفظ معروفا في لسانهم فاستعمله ليكون أقرب إلى فهمهم فلذلك ذكره و كذا لو ادهن أو سرح رأسه أو حملت إمرأة صبيها و أرضعته لوجود حد العمل الكثير على العبارتين فاما حمل الصبي بدون الارضاع فلا يوجب فساد الصلاة لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلى في بيته و قد حمل امامة بنت
(242)
أبى العاص على عاتقه فكان إذا سجد وضعها و إذا قام رفعها ثم هذا الصنيع لم يكره منه صلى الله عليه و سلم لانه كان محتاجا إلى ذلك لعدم من يحفظها أو لبيانه الشرع بالفعل ان هذا موجب فساد الصلاة و مثل هذا في زماننا أيضا لا يكره لو احد منا لو فعل ذلك عند الحاجة أما بدون الحاجة فمكروه و لو صلى و فى فيه شيء بمكة ان كان لا يمنعه من القراءة و لكن يخل بها كدرهم أو دينارا و لؤلؤة لا تفسد صلاته لانه لا يفوت شيء من الركن و لكن يكره لانه يوجب الاخلال بالركن حتى لو كان لا يخل به لا يكره و ان كان يمنعه من القراءة فسدت صلاته لانها يفوت الركن و ان كان في فيه سكرة لا تجوز صلاته لانه أكل و كذلك ان كان في كفه متاع يمسكه جازت صلاته أنه ان كان يمنعه عن الاخذ بالركب في الركوع أو الاعتماد على الراحتين عند السجود يكره لمنعه عن تحصيل السنة و الا فلا و لو رمى طائرا بحجر لا تفسد صلاته لانه عمل قليل و يكره لانه ليس من أعمال الصلاة و لو أكل أو شرب في الصلاة فسدت صلاته لوجود العمل الكثير و سواء كان عامدا أو ساهيا فرق بين الصلاة و الصوم حيث كان الاكل و الشرب في الصوم ناسيا مفسد إياه و الفرق أن القياس أن لا يفصل في باب الصوم بين العمد و السهو أيضا لوجود ضد الصوم في الحالين و هو ترك الكف الا أنا عرفنا ذلك بالنص و الصلاة ليست في معناه لان الصائم كثيرا ما يبتلى به في حالة الصوم فلو حكمنا بالفساد يؤدى إلى الحرج بخلاف الصلاة لان الاكل و الشرب في الصلاة ساهيا نادر غاية الندرة فلم يكن في معنى مورد النص فيعمل فيها بالقياس المحض و هو أنه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة الا ترى أنه لو نظر الناظر اليه لا يشك أنه في الصلاة و لو مضغ العلك في الصلاة فسدت صلاته كذا ذكره محمد لان الناظر اليه من بعد لا يشك أنه في الصلاة و بهذا تبين أن الصحيح من التحديد هو العبارة الثانية حيث حكمنا بفساد الصلاة من الحاجة إلى استعمال اليد رأسا فضلا عن استعمال اليدين و لو بقي بين أستانه شيء فابتعله ان كان دون الحمصة لم يضره لان ذلك القدر في حكم التبع لريقه لقلته و لانه لا يمكن التحرز عنه لانه يبقى بين الاسنان عادة فلو جعل مفسدا لوقع الناس في الحرج و لهذا لا يفسد الصوم به و ان كان قدر الحمصة فصاعدا فسدت صلاته و لو قلس أقل من ملء فيه ثم رجع فدخل جوفه و هو لا يملكه لا تفسد صلاته لان ذلك بمنزلة ريقه و لهذا لا ينقض وضوؤه و كذا المتهجد بالليل قد يبتلى به خصوصا في ليالي رمضان عند امتلاء الطعام عند الفطر فلو جعل مفسد الادى إلى الحرج و قتل الحية و العقرب في الصلاة لا يفسدها لقول النبي صلى الله عليه و سلم اقتلوا الاسودين و لو كنتم في الصلاة و روى أن عقربا لدغ رسول الله صلى الله عليه و سلم في الصلاة فوضع عليه نعله و غمزه حتى قتله فلما فرغ من صلاته قال لعن الله العقرب لا تبالى نبيا و لا غيره أو قال مصليا و لا غيره و به تبين أنه لا يكره أيضا لانه صلى الله عليه و سلم ما كان ليفعل المكروه خصوصا في الصلاة و لانه يحتاج اليه لدفع الاذى فكان موضع الضرورة هذا إذا أمكنه قتل الحية بضربة واحدة كما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم في العقرب و أما إذا احتاج إلى معالجة و ضربات فسدت صلاته كما إذا قاتل في صلاته لانه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة و ذكر شيخ الاسلام السرخسي أن الاظهر أنه لا تفسد صلاته لان هذا عمل رخص فيه للمصلى فاشبه المشي بعد الحدث و الاستقاء من البئر و التوضؤ هذا الذي ذكرنا من العمل الكثير الذي ليس من أعمال الصلاة إذا عملها المصلى في الصلاة من ضرورة فاما في حالة الضرورة فانه لا يفسد الصلاة كما في حالة الخوف و الله أعلم ( فصل )و الكلام في صلاة الخوف في مواضع في بيان شرعيتها بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم و فى بيان قدرها و فى بيان كيفيتها و فى بيان شرائط جوازها أما الاول فصلاه الخوف مشروعة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم في قول أبى حنيفة و محمد و هو قول أبى يوسف الاول و قال الحسن بن زياد لا تجوز و هو قول أبى يوسف الآخر و احتجا بقوله تعالى و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك الآية جوز صلاة الخوف بشرط كون الرسول فيهم فإذا خرج من الدنيا العدمت الشرطية و لان الجواز حال حياته ثبت مع المنافى لما فيها من أعمال كثيرة ليست من الصلاة و هي الذهاب و المجئ و لا بقاء للشيء مع ما ينافيه الا أن الشرع أسقط اعتبار المنافى
(243)
حال حياة النبي صلى الله عليه و سلم لحاجة الناس إلى استدراك فضيلة الصلاة خلفه و هذا المعنى منعدم في زماننا فوجب اعتبار المنافى فيصلى كل طائفة بإمام على حدة و لابي حنيفة و محمد إجماع الصحابة رضى الله عنهم على جوازها فانه روى عن على رضى الله عنه أنه صلى صلاة الخوف و روى عن أبى موسى الاشعرى أنه صلى صلاة الخوف بإصبهان و سعيد بن العاص كان يحارب المجوس بطبرستان و معه جماعة من الصحابة منهم الحسن و حذيفة و عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهم فقال أيكم شهد صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال حذيفة أنا فقام وصلى بهم صلاة الخوف على نحو ما يقوله فانعقد إجماع الصحابة على الجواز و به تبين أن ما ذكرا من المعنى سديد لخروجه عن معارضة الاجماع مع أن ذلك ترك الواجب و هو ترك المشي في الصلاة لا حراز الفضيلة و ذا لا يجوز على أن الحاجة إلى استدراك الفضيلة قائمة لان كل طائفة يحتاجون إلى الصلاة خلف أفضلهم و إلى إحراز فضيلة تكثير الجماعة و لان الاصل في الشرع أن يكون عاما في الاوقات كلها الا إذا قام دليل التخصيص و إحراز الفضيلة لا يصلح مخصصا لما بينا و أما الآية فليس فيها أنه إذا لم يكن الرسول فيهم لا تجوز فكان تعليقا بالسكوت و أنه صحيح ( فصل )و أما مقدارها فيصلى الامام بهم ركعتين ان كانوا مسافرين أو كانت الصلاة من ذوات ركعتين كالفجر و ان كانوا مقيمين و الصلاة من ذوات الاربع أو الثلاث صلى بهم أربعا أو ثلاثا و لا ينتقض عدد الركعات بسبب الخوف عندنا و هو قول عامة الصحابة و كان ابن عباس يقول صلاة المقيم أربع ركعات و صلاة المسافر ركعتان و صلاة الخوف ركعة واحدة و به أخذ بعض العلماء و احتج بما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع بكل طائفة ركعة فكانت له ركعتان و لكل طائفة ركعة و لنا ما روى ابن مسعود و غيره من الصحابة رضى الله عنهم صلاه رسول الله صلى الله عليه و سلم نحو ما قلنا و هكذا فعل الصحابة بعده فيكون إجماعا منهم و ما نقل عن ابن عباس فتأويله أنها ركعة مع الامام و عندنا يصلى الامام بكل طائفة ركعة واحدة إذا كانوا مسافرين و هو تأويل الحديث ( فصل )و أما كيفيتها فقد اختلف العلماء فيها اختلافا فاحشا لاختلاف الاخبار في الباب قال علماؤنا يجعل الامام الناس طائفتين طائفة بازاء العدو و يفتتح الصلاة بطائفة فيصلى بهم ركعة ان كان مسافرا أو كانت الصلاة صلاة الفجر و ركعتين ان كان مقيما و الصلاة من ذوات الاربع و ينصرفون إلى وجه العدو ثم تأتي الطائفة الثانية فيصلى بهم بقية الصلاة فينصرفون إلى وجه العدو ثم تأتي الطائفة الاولى فيقضون بقية صلاتهم بغير قراءة و ينصرفون إلى وجه العدو ثم تجئ الطائفة الثانية فيقضون بقية صلاتهم بقراءة و قال مالك يجعل الناس طائفتين طائفة بازاء العدو و يفتتح الصلاة بطائفة فيصلى بهم ركعة ثم يقوم الامام و يمكث قائما فتتم هذه الطائفة صلاتهم و يسلمون و ينصرفون إلى وجه العدو ثم تأتي الطائفة الثانية فيصلى بهم الركعة الثانية و يسلم الامام و لا يسلمون بل يقومون فيتمون صلاتهم و هو قول الشافعي الا أنه يقول لا يسلم الامام حتى تنم الطائفة الثانية صلاتهم ثم يسلم الامام و يسلمون معه و روى أبو هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم لما صلى بالطائفة الاولى ركعة انتظرهم حتى أتموا صلاتهم و ذهبوا إلى العدو و جاءت الطائفة الاخرى فبدؤا بالركعة الاولى و النبي صلى الله عليه و سلم ينتظرهم ثم صلى بهم الركعة الثانية و لم يأخذ به أحد من العلماء و روى شاذا أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى بكل طائفة ركعتين فكانت له أربع ركعات و لكل طائفة ركعتين احتج الشافعي بما روى سهل بن أبى خيثمه أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى صلاة الخوف على نحو ما قلنا و لنا ما روى ابن مسعود و ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى صلاها على نحو ما قلنا و روينا عن حذيفة أنه أقام صلاة الخوف بطبرستان بجماعة من الصحابة على نحو ما قلنا و لم ينكر عليه أحد فكان إجماعا و به تبين أن الاخذ بما روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أولى و لان الرواية عن هؤلاء لم تتعارض و الرواية عن سهل بن أبى خيثمة متعارضة فان بعضهم روى عنه مثل
(244)
مذهبنا فكان الاخذ بروايتهم أولى مع أن فيما رواه الشافعي ما يدل على كونه منسوخا لان فيه أن فيه أن الطائفة الثانية يقضون ما سبقوا به قبل فراغ الامام ثم يسلمون معه و هذا كان في الابتداء أن المسبوق يبدأ بقضاء ما فاته ثم يتابع الامام ثم نسخ و لهذا لم يأخذ أحد من العلماء برواية أبى هريرة و ما روى في الشاذ غيره قبول لان في حق الطائفة الثانية يكون اقتداء المفترض بالمتنفل و ذا لا يصح عندنا الا أن يكون مؤولا و تأويله انه كان مقميا فصلى بكل طائفة ركعتين و قضت كل طائفة ركعتين و هو المذهب و عندنا أنه يصلى بكل طائفة شطر الصلاة هذا إذا لم يكن العدو بازاء القبلة فان كان العدو بازاء القبلة فالأَفضل عندنا أن يجعل الناس طائفتين فيصلى بكل طائفة شطر الصلاة على النحو الذي ذكرنا و ان صلى بهم جملة جاز و هو أن يجعل الناس صفين و يفتتح الصلاة بهم جميعا فإذا ركع الامام ركع الكل معه و إذا رفع رأسه من الركوع رفعوا جميعا و إذا سجد الامام سجد معه الصف الاول و الصف الثاني قيام يحرسونهم فإذا رفعوا رؤوسهم سجد الصف الثاني و الصف الاول قعود يحرسونهم فإذا رفعوا رؤوسهم سجد الامام السجدة الثانية و سجد معه الصف الاول و الصف الثاني قعد و يحرسونهم فإذا رفعوا رؤوسهم تأخر الصف الاول و تقدم الصف الثاني فيصلى بهم الركعة الثانية بهذه الصفة أيضا فإذا قعد و سلم سلموا معه و عند الشافعي و ابن أبى ليلي لا تجوز الا بهذه الصفة و احتجا بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه صلى صلاة الخوف هكذا بعسفان عند استقبال العد و القبلة و لانه ليس في هذه الصلاة بهذه الصفة ذهابا و مجيأ و استدبار القبلة و انها أفعال منافية للصلاة في الاصل فيجب اعتبارها ما أمكن و نحن نقول كل ذلك جائز و الافضل أن يصلى على نحو ما يصلى أن لو كان العدو مستدبر القبلة لانه موافق لظاهر الآية قال الله تعالي فلتقم طائفة منهم معك و قال و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك أمر بجعل الناس طائفتين و لان الحراسة بهذا الوجه أبلغ لان الطائفة الثانية لم يكونوا يشاركونهم في الصلاة في الركعة الاولي فكانوا أقدر على الحراسة و لان فيما قالا يخالف كل صف امامهم في سجدة و مخالفة الامام منهية لا تجوز بحال من الاحوال بخلاف المشي و استدبار القبلة فان ذلك جائز بحال فان من سبقه الحدث يستدبر القبلة و يمشى عندنا و عند الشافعي المتطوع على الدابة يصلى أينما توجهت الدابة ثم لا شك ان الطائفة الاولي لا يقرؤن في الركعة الثانية لانهم أدركوا أول الصلاة و عجزوا عن الاتمام لمعنى من المعاني فصار كالنائم و من سبقه الحدث فذهب و توضأ و جاء و لا شك أيضا ان الطائفة الثانية يقرؤن لانهم مسبوقون فيقضون بقراءة هذا الذي ذكرنا في ذوات الاربع أو ذوات ركعتين و أما في المغرب فيصلى بالطائفة الاولى ركعتين و بالثانية الركعة الثالثة و قال سفيان الثورى يصلى بالطائفة الاولي ركعة و بالثانية ركعتين و قال الشافعي هو بالخيار وجه قول سفيان ان فرض القراءة في الركعتين الاوليين فينبغي أن يكون لكل طائفة في ذلك حظا و ذلك فيما قلنا و الشافعي يقول مراعاة التنصيف ممكن فان شاء يصلى بهؤلاء ركعتين و ان شاء صلى بأولئك و لنا ان التنصيف واجب و قد تعذر ههنا و كان تفويت التنصيف على الطائفة الثانية أولي لانه لا تفويت قصدا بل حكما لا يقاء حق الطائفة الاولي لانه يجب على الامام أن يصلى بهم ركعة و نصفا لتتحقق المعادلة في القسمة فشرع في الركعة الثانية قضأ لحقهم الا انها لا تتجزأ فيجب عليه إتمامها فاما لو صلى بالطائفة الاولي ركعة و بالثانية ركعتين فقد فوت التنصيف على الطائفة الاولى قصد الا حكما لا يقاء حقهم لانه لم يشتغل بعد بايقاء حق الثانية و معلوم ان تفويت الحق حكما دون تفويته قصدا لذلك كان الامر على ما وصفنا و الله أعلم ثم الطائفة الاولى تقضى الركعة الثانية بغير قراءة لانهم لا حقون و الطائفة الثانية يصلون الركعتين الاوليين بغير قراءة و يقعدون بينهما و بعدهما كما يفعل المسبوق بركعتين في المغرب ( فصل )و أما شرائط الجواز فمنها أن لا يقاتل في الصلاة فان قاتل في صلاته فسدت صلاته عندنا و قال مالك لا تفسد و هو قول الشافعي في القديم و احتجا بقوله تعالى و ليأخذوا أسلحتهم أباح لهم أخذ السلاح فيباح القتال و لان أخذ السلاح لا يكون الا للقتال به و لانه سقط اعتبار المشي في الصلاة فيسقط اعتبار القتال و لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم شغل عن أربع صلوات يوم الخندق فقضاهن بعد هوى من الليل و قال شغلونا عن الصلاة الوسطى ملا