على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و ان صلى ركعتين تشهد و سلم لما قلنا و كذا إذا قام إلى الثالثة قبل أن يقيدها بالسجدة يعود إلى التشهد و يسلم و لا يسلم على حالة قائما لان ما أتى به من القعدة كانت سنة و قعدة الختم فرض فعليه أن يعود إلى القعدة ثم يسلم ليكون متنفلا بركعتين فان كان قيد الثالثة بالسجدة أتمها لانه أدى الاكثر فلا يمكنه القطع و يدخل مع الامام فيجعلها تطوعا لما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه صلى في مسجد الخيف فرأى رجلين خلف الصف فقال على بهما فجئ بهما ترتعد فرائصهما فقال ما لكما لم تصليا معنا فقالا كنا صلينا في رحالنا فقال صلى الله عليه و سلم إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما امام قوم فصليا معه و اجعلا ذلك سبحة أى نافلة و كان ذلك في الظهر كذا روى عن أبى يوسف في الاملاء و لو كان في الركعة الاولى و لم يقيدها بالسجدة لم يذكر في الكتاب و الصحيح انه يقطعها ليدخل مع الامام فيحرز ثواب تكبيرة الافتتاح لان ما دون الركعة ليس له حكم الصلاة ألا ترى انه يعود من الركعة الثالثة ما لم يقيدها بالسجدة و كذا الجواب في العصر و العشاء الا انه لا يدخل في العصر مع الامام لان التنفل بعده مكروه و يخرج من المسجد لان المخالفة في الخروج أقل منها في المكث و أما في المغرب فان صلى ركعة قطعها لانه لو ضم إليها أخرى لادى الاكثر فلا يمكنه القطع و لو قطع كان به متنفلا بركعتين قبل المغرب و هو منهى عنه و ان قيد الثالثة بالسجدة مضى فيها لما قلنا و لا يدخل مع الامام لانه لا يخلو اما أن يقتصر على الثلاث كما يفعله الامام و التنفل بالثلاث مشروع و اما أن يصلى أربعا فيصير مخالفا لامامه و عن أبى يوسف انه يدخل مع الامام فإذا فرغ الامام يصلى ركعة اخرى لتصير شفعا له و قال بشر المريسي يسلم مع الامام لان هذا التغير بحكم الاقتداء و ذلك جائز كالمسبوق يدرك الامام في القعدة انه يقعد معه و ابتداء الصلاة لا يكون بالقعدة ثم جاز هذا التغيير بحكم الاقتداء كذا هذا فان دخل مع الامام صلى أربعا كما قال أبو يوسف لان بالقيام إلى الركعة الثانية صار ملتزما للركعتين لخروج الركعة الواحدة عن جواز التنفل بها قال ابن مسعود و الله ما أجزأت ركعة قط فلذلك يتم أربعا لو دخل مع الامام هذا إذا كان لم يصل المكتوبة فان كان قد صلاها ثم دخل المسجد فان كان صلاة لا يكره التطوع بعدها شرع في صلاة الامام و الا فلا ( فصل )و اما بيان أن السنة إذا فاتت عن وقتها هل تقضى أم لا فنقول و بالله التوفيق لا خلاف بين أصحابنا في سائر السنن سوى ركعتي الفجر انها إذا فاتت عن وقتها لا تقضى سواء فاتت وحدها أو مع الفريضة و قال الشافعي في قول تقضى قياسا على الوتر و لنا ما روت أم سلمة ان النبي صلى الله عليه و سلم دخل حجرتي بعد العصر فصلى ركعتين فقلت يا رسول الله ما هاتان الركعتان التان لم تكن تصليهما من قبل فقال رسول الله صلى الله عله و سلم ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر و فى رواية ركعتا الظهر شغلني عنهما الوفد فكرهت ان أصليهما بحضرة الناس فيرونى فقلت افأقضيهما إذا فاتتا فقال لا و هذا نص على ان القضاء واجب على الامة و انما هو شيء اختص به النبي صلى الله عليه و سلم و لا شركة لنا في خصائصه و قياس هذا الحديث ان لا يجب قضأ ركعتي الفجر أصلا الا أنا استحسانا القضاء إذا فاتتا مع الفرض لحديث ليلة التعريس و لان سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم عبارة عن طريقته و ذلك بالفعل في وقت خاص على هيئة مخصوصة على ما فعله النبي صلى الله عليه و سلم فالفعل في وقت آخر لا يكون سلوك طريقته فلا يكون سنة بل يكون تطوعا مطلقا و أما ركعتا الفجر إذا فاتتا مع الفرض فقد فعلهما النبي صلى الله عليه و سلم مع الفرض ليلة التعريس فنحن نفعل ذلك لتكون على طريقته و هذا بخلاف الوتر لانه واجب عند أبى حنيفة على ما ذكرنا و الواجب ملحق بالفرض في حق العمل و عندهما و ان كان سنة مؤكدة لكنهما عرفا وجوب القضاء بالنص الذي روينا فيما تقدم و اما سنة الفجر فان فاتت مع الفرض تقضى مع الفرض استحسانا لحديث ليلة لتعريس فان النبي صلى الله عليه و سلم لما نام في ذلك الوادي ثم استيقظ بحر الشمس فارتحل منه ثم نزل و أمر بلالا فاذن فصلى ركعتي الفجر ثم أمره فأقام فصلى صلاة الفجر و أما إذا فاتت وحدها لا تقضى عند أبى حنيفة و أبى يوسف و قال محمد تقضى إذا ارتفعت الشمس قبل الزوال و احتج بحديث ليلة التعريس انه صلى الله عليه و سلم قضاهما بعد
(288)
طلوع الشمس قبل الزوال فصار ذلك وقت قضائهما و لهما ان السنن شرعت توابع للفرائض فلو قضيت في وقت لا أداء فيه للفرائض لصارت السنن أصلا و بطلت التبعية فلم تبق سنة مؤكدة لانها كانت سنة بوصف التبعية و ليلة التعريس فاتتا مع الفرض فقضيتا تبعا للفرض و لا كلام فيه انما الخلاف فيما إذا فاتتا وحدهما و لا وجه إلى قضائهما وحدهما لما بينا و لهذا لا يقضى غيرهما من السنن و لا هما يقضيان بعد الزوال و أما الذي هو سنن الصحابة فصلاة التراويج في ليالي رمضان و الكلام في صلاة التراويج في مواضع في بيان وقتها و فى بيان صفتها و فى بيان قدرها و فى سننها و فى بيان انها إذا فاتت عن وقتها هل تقضى أم لا أما صفتها فهي سنة كذا روى الحسن عن أبى حنيفة انه قال القيام في شهر رمضان سنة لا ينبغى تركها و كذا روى عن محمد انه قال التراويج سنة الا انها ليست بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم لان سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ما واظب عليه و لم يتركه الا مرة أو مرتين لمعنى من المعاني و رسول الله صلى الله عليه و سلم ما واظب عليها بل أقامها في بعض الليالي روى انه صلاها لليلتين بجماعة ثم ترك و قال اخشى ان تكتب عليكم لكن الصحابة واظبوا عليها فكانت سنة الصحابة ( فصل )و أمآ ا قدرها فعشرون ركعة في عشر تسليمات في خمس ترويحات كل تسليمتين ترويحة و هذا قول عامة العلماء و قال مالك في قول ستة و ثلاثون ركعة و فى قول ستة و عشرون ركعة و الصحيح قول العامة لما روى ان عمر رضى الله عنه جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في شهر رمضان على أبى بن كعب فصلى بهم في كل ليلة عشرين ركعة و لم ينكر عليه أحد فيكون إجماعا منهم على ذلك و أما وقتها فقد اختلف مشايخنا فيه قال بعضهم وقتها ما بين العشاء و الوتر فلا تجوز قبل العشاء و لا بعد الوتر و قال عامتهم وقتها ما بعد العشاء إلى طلوع الفجر فلا تجوز قبل العشاء لانها تبع للعشاء فلا تجوز قبلها كسنة العشاء و ذكر الناطفى في امام صلى بقوم صلاة العشاء على وضوء ناسيا ثم صلى بهم امام آخر التراويح متوضأ ثم علم ان الاول كان على وضوء ان عليهم أن يعيدوا العشاء و التراويح جميعا أما العشاء فلا شك فيها و أما التراويح فلانها تصلى إلى طلوع الفجر لان ذلك وقتها و هل يكره تأخيرها إلى نصف الليل قال بعضهم يكره لانها تبع للعشاء و يكره تأخير العشاء إلى نصف الليل فكذا تأخيرها و الصحيح انه لا يكره لانها قيام الليل و قيام الليل في آخر الليل أفضل ( فصل )و أما سننها فمنها الجماعة و المسجد لان النبي صلى الله عليه و سلم قدر ما صلى من التراويح صلى بجماعة في المسجد فكذا الصحابة رضى الله عنهم صلوها بجماعة في المسجد فكان أداؤها بالجماعة في المسجد سنة ثم اختلف المشايخ في كيفية سنة الجماعة و المسجد انها سنة عين أم سنة كفاية قال بعضهم انها سنة على سبيل الكفاية إذا قام بها بعض أهل المسجد بجماعة سقط عن الباقين و لو ترك أهل المسجد كلهم اقامتها في المسجد بجماعة فقد أساؤا و أتموا و من صلاها في بيته وحده أو بجماعة لا يكون له ثواب سنة التراويح لتركه ثواب سنة الجماعة و المسجد و منها نية التراويح أو نية قيام رمضان أو نية سنة الوقت و لو نوى الصلاة مطلقا أو نوى التطوع قال بعض المشايخ لا يجوز لانها سنة و السنة لا تتأدى بنية مطلق الصلاة أو نية التطوع و استدلوا بما روى الحسن عن أبى حنيفة ان ركعتي الفجر لا تتأدى الا بنية السنة و قال عامة مشايخنا ان التراويح و سائر السنن تتأدى بمطلق النية لانها و ان كانت سنة لا تخرج عن كونها نافلة و النوافل تتأدى بمطلق النية الا أن الاحتياط ان ينوى التراويح أو سنة الوقت أو قيام رمضان احترازا عن موضع الخلاف و لو اقتدى من يصلى التراويح بمن يصلى المكتوبة أو النافلة قيل يصح اقتداؤه و يكون مؤديا للتراويح و قيل لا يصح اقتداؤه به هو الصحيح لانه مكروه لكونه مخالفا لعمل السلف و لو اقتدى من يصلى التسليمة الاولى بمن يصلى التسليمة الثانية قيل لا يجوز اقتداؤه و قيل يجوز و هو الصحيح لان الصلاة متحدة فكان نية الاولى و الثانية لغوا و لهذا صح اقتداء مصلى الركعتين بمصلى الاربع قبله فكذا هذا و منها أن الامام بعد تكبيرة الافتتاح يأتى بالثناء و التعوذ و التسمية في الركعة الاولى و المقتدى أيضا يأتى بالثناء و فى التعوذ خلاف معروف بناء على أن التعوذ تبع الثناء أو تبع القرأة على ما ذكرنا
(289)
في موضعه و لا يزيد الامام على قدر التشهد ان علم انه يثقل على القوم و ان علم انه لا يثقل على القوم يزيد عليه و يأتي بالدعوات المشهورة و منها ان يقرأ في كل ركعة عشر آيات كذا روى الحسن عن أبى حنيفة و قيل يقرأ فيها كما يقرأ في أخف المكتوبات و هي المغرب و قيل يقرأ كما يقرأ في العشاء لانها تبع للعشاء و قيل يقرأ في كل ركعة من عشرين إلى ثلاثين لانه روى ان عمر رضى الله عنه دعا بثلاثة من الائمة فاستقرأ هم و أمر أولهم ان يقرأ في كل ركعة بثلاثين آية و أمر الثاني ان يقرأ في كل ركعة خمسة و عشرين آية و أمر الثالث ان يقرأ في كل ركعة عشرين آية و ما قاله أبو حنيفة سنة اذ السنة ان يختم القرآن مرة في التراويح و ذلك فيما قاله أبو حنيفة و ما أمر به عمر فهو من باب الفضيلة و هو ان يختم القرآن مرتين أو ثلاثا و هذا في زمانهم و أما في زماننا فالأَفضل ان يقرأ الامام على حسب حال القوم من الرغبة و الكسل فيقرأ قدر ما لا يوجب تنفير القوم عن الجماعة لان تكثير الجماعة أفضل من تطويل القراءة و الافضل تعديل القراءة في الترويحات كلها و ان لم يعدل فلا بأس به و كذا الافضل تعديل القراءة في الركعتين في التسليمة الواحدة عند أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد يطول الاولى على الثانية كما في الفرائض و منها ان يصلى كل ركعتين بتسليمه على حدة و لو صلى ترويحة بتسليمه واحدة و قعد في الثانية قدر التشهد لا شك أنه يجوز على أصل أصحابنا ان صلوات كثيرة تتأدى بتحريمة واحدة بناء على أن التحريمة شرط و ليست بركن عندنا خلافا للشافعي لكن اختلف المشايخ انه هل يجوز عن تسليمتين أولا يجوز الا عن تسليمة واحدة قال بعضهم لا يجوز الا عن تسليمة واحدة لانه خالف السنة المتوارتة بترك التسليمة و التحريمة و الثناء و التعوذ و التسمية فلا يجوز الا عن تسليمة واحدة و قال عامتهم انه يجوز عن تسليمتين و هو الصحيح و على هذا لو صلى التراويح كلها بتسليمه واحدة و قعد في كل ركعتين ان الصحيح انه يجوز عن الكل لانه قد أتى بجميع أركان الصلاة و شرائطها لان تجديد التحريمة لكل ركعتين ليس بشرط عندنا هذا إذا قعد على رأس الركعتين قدر التشهد فاما إذا لم يقعد فسدت صلاته عند محمد و عند ابى حنيفة و أبى يوسف يجوز وأصل المسألة يصلى التطوع أربع ركعات إذا لم يقعد في الثانية قدر التشهد و قام و أتم صلاته انه يجوز استحسانا عندهما و لا يجوز عند محمد قياسا ثم إذا جاز عندهما فهل يجوز عن تسليمتين أولا يجوز الا عن تسليمة واحدة الاصح انه لا يجوز الا عن تسليمة واحدة لان السنة ان يكون الشفع الاول كاملا و كماله بالقعدة و لم توجد و الكامل لا يتأدى بالناقص و لو صلى ثلاث ركعات بتسليمه واحدة و لم يقعد في الثانية قال بعضهم لا يجزئه أصلا بناء على أن من تنفل بثلاث ركعات و لم يقعد الا في آخرها جاز عند بعضهم لانه لو كان فرضا و هو المغرب جاز فكذا النفل و لا يجوز عند بعضهم لان القعدة على رأس الثالثة في النوافل مشروعة بخلاف المغرب فصار كانه لم يقعد فيها و لو لم يقعد فيها لم تجز النافلة فكذا في التراويح ثم ان كان ساهيا في الثالثة لا يلزمه قضأ شيء لانه شرع في صلاة مظنونة و لانه لا يوجب القضاء عند أصحابنا الثلاثة و ان كان عمدا فعلى قول من قال بالجواز يلزمه ركعتان لان الركعة الثانية قد صحت لبقاء التحريمة و ان لم يكملها يضم ركعة أخرى إليها فيلزمه القضاء و على قول من قال بعدم الجواز يلزمه ركعتان عند ابى يوسف و عند أبى حنيفة لا يلزمه شيء لان التحريمة قد فسدت بترك القعدة في الركعة الثانية فشرع في الثالثة بلا تحريمه و انه لا يوجب القضاء عند أبى حنيفة و على هذا لو صلى عشر تسليمات كل تسليمة بثلاث ركعات بقعدة واحدة و لو صلى التراويح كلها بتسليمه واحدة و لم يقعد الا في آخرها قال بعضهم يجزئه عن التراويح كلها و قال بعضهم لا يجزئه الا عن تسليمة واحدة و هو الصحيح لانه أخل بكل شفع بترك القعدة و منها ان يصلى كل ترويحة امام واحد و عليه عمل أهل الحرمين و عمل السلف و لا يصلى الترويحة الواحدة امامان لانه خلاف عمل السلف و يكون تبديل الامام بمنزلة الانتظار بين الترويحتين و انه مستحب و لا يصلى امام واحد التراويح في مسجدين في كل مسجد على الكمال و لا له فعل و لا يحتسب التالي من التراويح و على القوم ان يعيدوا لان صلاة امامهم نافلة و صلاتهم سنة و السنة أقوى فلم يصح الاقتداء لان السنة لا تتكرر في وقت واحد و ما صلى في المسجد الاول محسوب و ليس على القوم ان يعيدوا و لا
(290)
بأس لغير الامام ان يصلى التراويح في مسجدين لانه اقتداء المتطوع بمن يصلى السنة و انه جائز كما لو صلى المكتوبة ثم أدرك الجماعة و دخل فيها و الله أعلم إذا صلوا التراويح ثم أرادوا أن يصلوها ثانيا يصلون فرادى لا بجماعة لان الثانية تطوع مطلق و التطوع المطلق بجماعة مكروه و يجوز التراويح قاعدا من عذر لانه تطوع الا انه لا يستحب لانه خلاف السنة المتوارثة و روى الحسن عن أبى حنيفة ان من صلى ركعتين الفجر قاعدا من غير عذر لا يجوز و كذا لو صلاها على الدابة من عذر و هو يقدر على النزول لاختصاص هذه السنة بزيادة توكيد و ترغيب بتحصيلها و ترهيب و تحذير على تركها فالتحقت بالواجبات كالوتر و منها ان الامام كلما صلى ترويحة قعد بين الترويحتين قدر ترويحة يسبح و يهلل و يكبر و يصلى على النبي صلى الله عليه و سلم و يدعو و ينتظر أيضا بعد الخامسة قدر ترويحة لانه متوراث من السلف و اما الاستراحة بعد خمس تسليمات فهل يستحب قال بعضهم نعم و قال بعضهم لا يستحب و هو الصحيح لانه خلاف عمل السلف و الله الموفق ( فصل )و أما بيان أدائها إذا فاتت عن وقتها هل تقضى أم لا فقد قيل انها تقضى و الصحيح انها لا تقضى لانها ليست بآكد من سنة المغرب و العشاء و تلك لا تقضى فكذلك هذه ( فصل )و أما صلاة التطوع فالكلام فيها يقع في مواضع في بيان ان التطوع هل يلزم بالشروع و فى بيان مقدار ما يلزم منه بالشروع و فى بيان أفضل التطوع و فى بيان ما يكره من التطوع و فى بيان ما يفارق التطوع الفرض فيه اما الاول فقد قال أصحابنا إذا شرع في التطوع يلزمه المضي فيه و إذا أفسده يلزمه القضاء و قال الشافعي لا يلزمه المضي في التطوع و لا القضاء بالافساد وجه قوله ان التطوع تبرع و انه ينافى الوجوب و إذا لم يجب المضي فيه لا يجب القضاء بالافساد لان القضاء تسليم مثل الواجب و لنا ان المؤدى عبادة و إبطال العبادة حرام لقوله تعالى و لا تبطلوا أعمالكم فيجب صيانتها عن الابطال و ذا بلزوم المضي فيها و إذا أفسدها فقد أفسد عبادة واجبة الاداء فيلزمه القضاء جبرا للفائت كما في المنذور و المفروض و قد خرج الجواب كما ذكره انه تبرع لانا نقول نعم قبل الشروع و أما بعد الشروع فقد صار واجبا لغيره و هو صيانة المؤدى عن البطلان و لو افتتح الصلاة مع الامام و هو ينوى التطوع و الامام في الظهر ثم قطعها فعليه قضاؤها لما قلنا فان دخل معه فيها ينوى التطوع فهذا على ثلاثة أوجه اما ان ينوى قضأ الاولى أو لم يكن له نية أصلا أو نوى صلاة أخرى ففى الوجهين الاوليين يسقط عنه و تنوب هذه عن قضأ ما لزمه بالافساد عندنا و عند زفر لا يسقط وجه قوله ان ما لزمه بالافساد صار دينا في ذمته كالصلاة المنذورة فلا يتأدى خلف امام يصلى صلاة أخرى و لنا أنه لو أتمها حين شرع فيها لا يلزمه شيء آخر فكذا إذا أتمها بالشروع الثاني لانه ما التزم بالشروع الا اداء هذه الصلاة مع الامام و قد اداها و ان نوى تطوعا آخر ذكر في الاصل أنه ينوب عما لزمه بالافساد و هو قول أبى حنيفة و أبى يوسف و ذكر في زيادات الزيادات أنه لا ينوب و هو قول محمد و وجهه أنه لما نوى صلاة أخرى فقد أعرض عما كان دينا عليه بالافساد فلا ينوب هذا المؤدى عنه بخلاف الاول وجه قولهما انه ما التزم في المرتين الا أداء هذه الصلاة مع الامام و قد أداها و الله أعلم ثم الشروع في التطوع في الوقت المكروه و غيره سواء في كونه سببا للزم في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر الشروع في التطوع في الاوقات المكروهة ملزم حتى لو قطعها الا شيء عليه عنده و عندنا الافضل ان يقطع و ان أثم فقد أساء و لا قضأ عليه لانه أداها كما وجبت و ان قطعها فعليه القضاء و أما الشروع في الصوم في الوقت المكروه فغير ملزم عند أبى حنيفة و زفر و عندهما ملزم فهما سويا بين الصوم و الصلاة و جعلا الشروع فيهما ملزما كالنذر لكون المؤدى عبادة و زفر سوى بينهما بعلة ارتكاب المنهي و جعل الشروع فيهما ملزم و أبو حنيفة فرق و الفرق له من وجوه أحدها انه لابد له من تقديم مقدمة و هي ان ما تركب من أجزاء متفقة ينطلق اسم الكل فيه على البعض كالماء فان ماء البحر يسمى ماء و قطرة منه تسمى ماء و كذا الخل و الزيت و كل مائع و ما تركب من أجزاء مختلفة لا يكون للبعض منه اسم الكل كالسنجبين لا يسمى الخل وحده و لا السكر وحده سكنجبينا و كذا الانف وحده لا يسمى وجها و لا الخد
(291)
وحده و لا العظم وحده يسمى آدميا ثم الصوم يتركب من أجزاء متفقة فيكون لكل جزء اسم الصوم و الصلاة تتركب من أجزاء مختلفة و هي القيام و القراءة و الركوع و السجود فلا يكون للبعض اسم الكل و من هذا قال أصحابنا ان من حلف لا يصوم ثم شرع في الصوم فكما شرع يحنث و لو حلف لا يصلى فما لم يقيد الركعة بالسجدة لا يحنث و إذا تقرر هذا الاصل فنقول انه نهى عن الصوم فكما شرع بأشر الفعل المنهي و نهى عن الصلاة لما لم يقيد الركعة بالسجدة لم يباشر منهيا فما انعقد انعقد قربة خالصة منهى عنها فبعد هذا يقول بعض مشايخنا ان الشروع سبب الوجوب و هو في الصوم منهى ففسد في نفسه فلم يصر سبب الوجوب و فى الصلاة ليس بمنهي فصار سببا للوجوب و إذا تحقق هذا فنقول وجوب المضي في التطوع لصيانة ما انعقد قربة و فى باب الصوم ما انعقد انعقد معصية من وجه و المضي أيضا معصية و المضي لو وجب وجب لصيانة ما انعقد و ما العقد عبادة و هو منهى عنه و تقرير العبادة و صيانتها واجب و تقرير المعصية و صيانتها معصية فالصيانة واجبة من وجه محظورة من وجه فلم تجب الصيانة عند الشك و ترجحت جهة الحظر على ما هو الاصل و الصيانة لا تحصل الا بما هو عبادة و بما هو معصية و إيجاب العبادة ممكن و إيجاب المعصية ممكن فلم يجب المضي عند التعارض بل يرجح جانب الحظر فاما في باب الصلاة فما انعقد انعقد عبادة خالصة لا حظر فيها فوجب تقريرها و صيانتها ثم صيالتها و ان كانت بالمضي و بالمضى يقع في المحظور لكن لو مضى تقررت العبادة و تقريرها واجب و ما يأتى به عبادة و محظور أيضا فكان محصلا للعبادة من وجهين و مرتكبا للنهي من وجه فترجحت جهة العبادة و لو امتنع عن المضي امتنع عن تحصيل ما هو منهى و لكن امتنع أيضا عن تحصيل ما هو عبادة و أبطل العبادة المتقررة و إبطالها محظور محض فكان المضي للصيانة أولى من الامتناع فيلزمه المضي فإذا أفسده يلزمه القضاء و منهم من فرق بينهما فقال ان النهى عن الصلاة في هذه الاوقات ثبت بدليل فيه شبهة العدم و هو خبر الواحد و قد اختلف العلماء في صحته و وروده فكان في ثبوته شك و شبهة و ما كان هذا سبيله كان قبوله بطريق الاحتياط و الاحتياط في حق إيجاب القضاء على من أفسد بالشروع أن يجعل كانه ما ورد بخلاف النهى عن الصوم لانه ثبت بالحديث المشهور و تلقته أئمة الفتوى بالقبول فكان النهى ثابتا من جميع الوجوه فلم يصح الشروع فلم يجب القضاء بالافساد و الفقيه الجليل أبو أحمد العياضى السمرقندي ذكر هذه الفروق و أشار إلى فرق آخر و هو ان الصوم وجوبه بالمباشرة و هو فعل من الصوم المنهي عنه فأما الصلاة فوجوبها بالتحريمة و هي قول و ليست من الصلاة فكانت بمنزلة النذر و الله أعلم انه لو أفسد مع هذا و قضى في وقت آخر كان أحسن لان الافساد ليؤدى أه كل لا يعد إفسادا و ههنا كذلك لانه يؤدى خاليا عن اقتران النهى به و لكن لو صلى مع هذا جاز لانه ما لزمه الا هذه الصلاة و قد أساء حيث أدى مقرونا بالنهى و لو افتتح التطوع وقت طلوع الشمس فقطعها ثم قضاها وقت تغير الشمس أجزأه لانها وجبت ناقصة و أداها كما وجبت فيجوز كما لو أتمها في ذلك الوقت ثم الشروع انما يكون سبب الوجوب إذا صح فأما إذا لم يصح فلا حتى لو شرع في التطوع على وضوء أو في ثوب نجس لا يلزمه القضاء و كذا القاري إذا شرع في صلاة الامى بنية التطوع أو في صلاة إمرأة أو جنب أو محدث ثم أفسدها على نفسه لا قضأ عليه لان شروعه في الصلاة لم يصح حيث اقتدى بمن لا يصلح اماما له و كذا الشروع في الصلاة المظنونة موجب حتى لو شرع في الصلاة على ظن انها عليه ثم تبين انها ليست عليه لا يلزمه المضي و لو أفسد لا يلزمه القضاء عقد أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر و فى باب الحج يلزمه التطوع بالشروع معلوما كان أو مظنونا و الفرق يذكر في كتاب الصوم ان شاء الله تعالى ( فصل )و أما بيان مقدار ما يلزم منه بالشروع فنقول لا يلزمه بالافتتاح أكثر من ركعتين و ان نوى أكثر من ذلك في ظاهر الروايات عن أصحابنا الا بعارض الاقتداء و روى عن أبى يوسف ثلاث روايات روى بشر بن الوليد عنه انه قال فيمن افتتح التطوع ينوى أربع ركعات ثم أفسدها قضى أربعا ثم رجع و قال يقضى ركعتين و روى بشر بن أبى الازهر عنه انه قال فيمن افتتح النافلة ينوى عددا يلزمه بالافتتاح ذلك العدد و ان كان مائة ركعة و ورى غسان
(292)
عنه انه قال ان نوى أربع ركعات لزمه و ان نوى أكثر من ذلك لم يلزمه و لا خلاف في انه يلزمه بالنذر ما تناوله و ان كثر وجه رواية ابن أبى الازهر عنه ان الشروع في كونه سبب للزوم كالنذر ثم يلزمه بالنذر جميع ما تناوله كذا بالشروع وجه رواية غسان عنه ان ما وجب بإيجاب الله تعالى بناء على مباشرة سبب الوجوب من العبد دون ما وجب بإيجاب الله تعالى ابتداء و ذا لا يزيد على الاربع فهذا أولى وجه ظاهر الرواية ان الوجوب بسبب الشروع ما ثبت وضعا بل ضرورة صيانة المؤدى عن البطلان و معنى الصيانة يحصل بتمام الركعتين فلا تلزم الزيادة من ضرورة بخلاف النذر لانه سبب الوجوب بصيغته وضعا فيتقدر الوجوب بقدر ما تناوله السبب و اما قوله ان الشروع سبب الوجوب كالنذر فنقول نعم لكنه سبب لوجوب ما وجد الشروع فيه و لم يوجد الشروع في الشفع الثاني فلا يجب و لانه ما وضع سببا للوجوب بل الوجوب لما ذكرنا من الضروره و لا ضرورة في حق الشفع الثاني بخلاف النذر فانه التزم صريحا فيلزمه بقدر ما التزم و كذا الجواب في السنن الراتبة انه لا يجب بالشروع فيها الا ركعتين حتى لو قعطها قضى ركعتين في ظاهر الرواية عن أصحابنا لانه نفل و على رواية أبى يوسف قضى أربعا في كل موضع يقضى في التطوع أربعا و من المتأخرين من مشايخنا اختار قول أبى يوسف فيما يؤدى من الاربع منها بتسليمه واحدة و هو الاربع قبل الظهر و قال لو قطعها يقضى أربعا و لو أخبر بالبيع فانتقل إلى الشفع الثاني لا تبطل شفعته و يمنع صحة الخلوة و هو الشيخ الامام أبو بكر محمد بن الفضل البخارى و إذا عرف هذا الاصل فنقول من وجب عليه ركعتان بالشروع ففرغ منهما و قعد على رأس الركعتين و قام إلى الثالثة على قصد الاداء يلزمه إتمام ركعتين أخراوين و يبنهما على التحريمة الاولى لان قدر المؤدى صار عبادة فيجب عليه إتمام الركعتين صيانة له عن البطلان و القيام إلى الثالثة على قصد الاداء بناء منه الشفع الثاني على التحريمة الاولى و أمكن البناء عليها لان التحريمة شرط الصلاة عندنا و الشرط الواحد يكفى لافعال كثيرة كالطهارة الواحدة انها تكفى لصلوات كثيرة و يلزمه في هاتين الركعتين القراءة كما في الاوليين لان كل شفع من التطوع صلاة على حدة و لهذا قالوا ان المتنفل إذا قام إلى الثالثة لقصد الاداء ينبغى أن يستفتح فيقول سبحانك أللهم و بحمدك الخ كما يستفتح في الابتداء لان هذا بناء الافتتاح و كل ركعتين من النفل صلاة على حدة لكن بناء على التحريمة الاولى فيأتى بالثناء المسنون فيه و لو صلى ركعتين تطوعا فسها فيهما فسجد لسهوه بعد السلام ثم أراد أن يبنى عليهما ركعتين أخراوين ليس له ذلك لانه لو فعل ذلك لوقع سجوده للسهو في وسط الصلاة و انه مشروع بخلاف المسافر إذا صلى الظهر ركعتين و سها فيهما فسجد للسهو ثم نوى الاقامة حيث يصح و يقوم لاتمام صلاته و ان كان يقع سهوه في وسط الصلاة و الفرق ان السلام محلل في الشرع الا ان الشرع منعه عن العمل في هذه الحالة أو حكم بعود التحريمة ضرورة تحصيل السجود لان سجود السهو لا يؤتى به الا في تحريمه الصلاة و الضرورة في حق تلك الصلاة و فيما يرجع إلى إكمالها فظهر بقاء التحريمة أو عودها في حقها لا في حق صلاة أخرى و لا ضرورة في صلاة التطوع لان كل شفع صلاة على حدة فيعمل التسليم عمله في التحليل و كان القياس في المتنفل بالاربع إذا ترك القعدة الاولى أن تفسد صلاته و هو قول محمد لان كل شفع لما كان صلاة على حدة كانت القعدة عقيبه فرضا كالقعدة الاخيرة في ذوات الاربع من الفرائض الا ان في الاستحسان لا تفسد و هو قول أبى حنيفة و أبى يوسف لانه لما قام إلى الثالثة قبل القعدة فقد جعلها صلاة واحدة شبيهة بالفرض و اعتبار النفل بالفرض مشروع في الجملة لانه تبع للفرض فصارت القعدة الاولى فاصلة بين الشفعتين و الخاتمة هى الفريضة فأما الفاصلة فواجبة و هذا بخلاف ما إذا ترك القراءة في الاوليين في التطوع و قام إلى الاخريين و قرأ فيهما حيث يفسد الشفع الاول بالاجماع و لم نجعل هذه الصلاة صلاة واحدة في حق القراءة بمنزلة ذوات الاربع لان القعدة انما صارت فرضا لغيرها و هو الخروج فإذا قام إلى الثالثة و صارت الصلاة من ذوات الاربع لم يأت أوان الخروج فلم تبق القعدة فرضا فاما القراءة فهي ركن بنفسها فإذا تركها في الشفع الاول فسد فلم يصح بناء الشفع الثاني عليه و على هذا قالوا إذا صلى التطوع ثلاث ركعات بقعدة
(293)
واحدة ينبغى أن يجوز اعتبارا للتطوع بالفرض و هو صلاة المغرب إذا صلاها بقعدة واحدة و الاصح انه لا يجوز لان ما اتصل به القعدة و هي الركعة الاخيرة فسدت لان التنفل بالركعة الواحدة مشروع فيفسد ما قبلها و لو تطوع بست ركعات بقعدة واحدة اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يجوز لانها لما جازت بتحريمة واحدة و تسليمة واحدة فتجوز بقعدة واحدة أيضا و الاصح انه لا يجوز لانا انما استحسنا جواز الاربع بقعدة واحدة اعتبارا بالفريضة و ليس في الفرائض ست ركعات يجوز أداؤها بقعدة واحدة فيعود الامر فيه إلى أصل القياس و الله أعلم ثم انما يجب بإفساد التطوع قضأ الشفع الذي اتصل به المفسد دون الشفع الذي مضى على الصحة حتى لو صلى أربعا فتكلم في الثالثة أو الرابعة قضى الشفع الثاني دون الاول لان كل شفع صلاة على حدة ففساد الثاني لا يوجب فساد الاول بخلاف الفرض لانه كله صلاة واحدة ففساد البعض يوجب فسادا لكل و لو اقتدى المتطوع بمصلى الظهر في أول الصلاة ثم قطعها أو اقتدى به في القعدة الاخيرة فعليه قضأ اربع ركعات لانه بالاقتداء التزم صلاة الامام و هي أربع ركعات و من نوى أن يصلى الظهر ستا لم يلزمه ركعتان لان الشروع لم يوجد في الركعتين و انما وجد في الظهر و هي أربع و لم يوجد في حق الركعتين الا مجرد النية و مجرد النية لا يلزم شيأ و كذا المسافر إذا نوى أن يصلى الظهر أربعا فصلى ركعتين فصلاته تامة لان الظهر في حق المسافر ركعتان فكانت نية الزيادة لغوا هذا إذا أفسد التطوع بشيء من أضداد الصلاة في الوضع من الحدث العمد و الكلام و القهقهة و عمل كثير ليس من أعمال الصلاة فاما إذا أفسده بترك القراءة بأن صلى التطوع أربعا و لم يقرأ فيهن شيأ فعليه قضأ ركعتين في قول أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف عليه قضأ الاربع و هي من المسائل المعروفة بثمان مسائل و الاصل فيها أن الشفع الاول متى فسد بترك القراءة تبقي التحريمة عند أبى يوسف فيصح الشروع في الشفع الثاني و عند محمد متى فسد الشفع الاول لا تبقي التحريمة فلا يصح الشروع في الشفع الثاني و عند أبى حنيفة ان فسد الشفع الاول بترك القراءة فيهما بطلت التحريمة فلا يصح الشروع في الشفع الثاني و ان فسد بترك القراءة في احداهما بقيت التحريمة فيصح الشروع في الشفع الثاني وجه قول محمد أن القراءة فرض في كل شفع من النفل في الركعتين جميعا فكما يفسد الشفع بترك القراءة فيهما يفسد بترك القراءة في احداهما لفوات ما هو ركن كما لو ترك الركوع أو السجود انه لا يفترق الحال بين الترك في الركعتين أو في احداهما كذا هذا و صار ترك القراءة في الافساد و الحدث العمد و الكلام سواء فإذا فسدت الافعال لم تبق التحريمة لانها تبقي لتوحيد الافعال المختلفة فإذا فسدت الافعال لا تبقي هى فلم يصح الشروع في الشفع الثاني لعدم التحريمة فلا يتصور الفساد و لابي يوسف أن الافعال و ان بطلت بترك القراءة لكون القراءة ركنا و لكن بقيت التحريمة لانها ما عقدت لهذا الشفع خاصة بل له و للشفع الثاني الا ترى أنه لو قرأ يصح بناء الشفع الثاني عليه فإذا لم تبطل التحريمة صح الشروع في الشفع الثاني ثم يفسد هو أيضا بترك القراءة فيه و لابي حنيفة أنه لا بقاء للتحريمة مع بطلان الافعال كما إذا ترك ركنا آخرا و تكلم أو أحدث عمدا لانها للجمع بين الافعال المختلفة لتجعلها كلها عبادة واحدة فتبطل ببطلان الافعال كما قال محمد انه إذا ترك القراءة في الشفع الاول في الركعتين جميعا علم فساد الشفع بيقين لترك الركن بيقين فاما إذا قرأ في احدى الاوليين لم يعلم يقينا بفساد هذا الشفع لان الحسن البصري كان يقول بجواز الصلاة بوجود القراءة في ركعة واحدة و قوله و ان كان فاسدا لكن انما عرفنا فساده بدليل اجتهادي موجب علم اليقين بل يجوز أن يكون الصحيح قوله انا عرفنا صحة ما ذهبنا اليه و فساد ما ذهب اليه بغالب الرأي فلم نحكم ببطلان التحريمة الثانية بيقين بالشك و لان الشفع الاول متى دار بين الجواز و الفساد كان الاحتياط في الحكم بفساده ليجب عليه القضاء و ببقاء التحريمة ليصح الشروع في الشفع الثاني ليجب عليه القضاء بوجوده مفسد في هذا الشفع أيضا إذا عرفت هذا الاصل فنقول إذا ترك القراءة في الاربع كلها يلزمه قضأ ركعتين في قول أبى حنيفة و محمد و زفر لان التحريمة قد بطلت بفساد الشفع الاول بيقين فلم يصح الشروع في الشفع الثاني فلا يلزمه القضاء بالافساد لعدم الافساد و عند أبى يوسف عليه قضأ الاربع لان التحريمة بقيت و ان فسد الشفع