نذكرت حين جذبتنى و لا شك أن المكان الذي يمكن الجذب عنه ما دون القامة و كذا الدكان المذكور يقع على المتعارف و هو ما دون القامة و لان كثير المخالفة بين الامام و القوم يمنع الصحة فقليلها يورث الكراهة و لان هذا صنيع أهل الكتاب و ان كان امام أسفل من القوم يكره في ظاهر الرواية و روى الطحاوي عن أصحابنا انه لا يكره و وجهه ان الموجب للكراهة التشبه بأهل لا كتاب في صنيعهم و لا تشبه ههنا لان مكان امامهم لا يكون أسفل من مكان القوم و جواب ظاهر الرواية أقرب إلى الصواب لان كراهة كون المكان ارفع كان مطلوبهم بعلتين التشبه بأهل الكتاب و وجود بعض المفسد و هو اختلاف المكان و ههنا وجدت احدى العلتين و هي وجود بعض المخالفة هذا إذا كان الامام وحده فان كان بعض القوم معه اختلف المشايخ فيه فمن اعتبر معنى التشبه قال لا يكره و هو قياس رواية الطحاوي لزوال معنى التشبه لان أهل الكتاب لا يشاركون الامام في المكان و من اعتبر وجود بعض المفسد قالا يكره و هو قياس ظاهر الرواية لوجود بعض المخالفة و أما في حالة العذر كما فى الجمع و الاعياد لا يكره كيفما كان لعدم إمكان المراعاة و يكره للماران يمر بين يدى المصلى لقول النبي صلى الله عليه و سلم لو علم المار بين يدى المصلى ما عليه من الوزر لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه و لم يوقت يوما أو شهرا أو سنة و لم يذكر في الكتاب قدر المرور و اختلف المشايخ فيه قال بعضهم قدر موضع السجود و قال بعضهم مقدار الصفين و قال بعضهم قدر ما يقع بصره على المار لو صلى بخشوع و فيما وراء ذلك لا يكره و هو الاصح و ينبغي للمصلى ان يدرأ المأ رأى يدفعه حتى لا يمر حتى لا يشغله عن صلاته لما روى عن أبى سعيد الخدرى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا يقطع الصلاة مرور شيء فادرؤاما استطعتم و لو مر لا تقطع الصلاة سواء كان المار رجلا أو إمرأة لما نذكر في موضعه الا انه ينبغى ان يدفع بالتسبيح أو بالاشارة أو الاخذ بطرف ثوبه من مشى و معالجة شديدة حتى لا تفسد صلاته و من الناس من قال ان لم يقف بإشارته جاز دفعه بالقتال لحديث أبى سعيد الخدرى انه كان يصلى فاراد ابن مروان ان يمر بين يديه فأشار اليه فلم يقف فلما حاذاء ضربه في صدره ضربة أقعده على استه فجاء إلى أبيه يشكو ابا سعيد فقال لم ضربت ابنى فقال ما ضربت ابنك انما ضربت شيطانا فقال لم تسمى ابنى شيطانا فقال لانى سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا صلى أحدكم فاراد مار أن يمر بين يديه فليدفعه فان ابى فليقاتله فانه شيطان و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم ان في الصلاة لشغلا يعنى أعمال الصلاة و القتال ليس من أعمال الصلاة فلا يجوز الاشتغال به و حديث أبى سعيد كان في وقت كان العمل في الصلاة مباحا و من المشايخ من قال ان الدرء رخصة و الافضل ان لا يدرأ لانه ليس من أعمال الصلاة و كذا روى امام الهدى الشيخ أبو منصور عن أبى حنيفة ان الافضل ان يترك الدرء و الامر بالدرء في الحديث لبيان الرخصة كالأَمر بقتل الاسودين هذا إذا لم يكن بينهما حائل كالاسط و انة و نحوها فاما ان كان بينهما حائل فلا بأس بالمرور فيما وراء الحائل و المستحب لمن يصلى في الصحراء ان ينصب بين يديه عودا أو يضع شيأ أدناه طول ذراع كى لا يحتاج إلى الدرء لقول النبي صلى الله عليه و سلم إذا صلى أحدكم في الصحراء فليتخذ بين يديه سترة و روى أن العنزة كانت تحمل مع رسول الله صلى الله عليه و سلم لتركز في الصحراء بين يديه فيصلى إليها حتى قال عون بن جحيفة عن أبيه رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم بالبطحاء في قبة حمراء من أدم فاخرج بلال العنزة و خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى إليها و الناس يمرون من ورائها و انما قدر أدناه بذراع طولا دون اعتبار العرض و قيل ينبغى ان يكون في غلظ اصبع لقول ابن مسعود يجزئ من السترة السهم و لان الغرض منه المنع من المرور و ما دون ذلك لا يبدو للناظر من بعيد فلا يمتنع و يدنو من السترة لقوله صلى الله عليه و سلم من صلى إلى سترة فليدن منها فان لم يجد سترة هل يخط بين يديه خطا حكى أبو عصمة عن محمد انه قال لا يخط بين يديه فان الخط و تركه سواء لانه لا يبدو للناظر من بعيد فلا يمتنع فلا يحصل المقصود و من الناس من قال يخط بين يديه خطا اما طولا شبه ظل السترة أو عرضا شبه المحراب لقوله صلى الله عليه و سلم إذا صلى أحدكم في الصحراء فليتخذ بين يديه سترة فان لم
(218)
يجد فليخط بين يديه خطا و لكن الحديث غريب ورد فيما تعم به البلوى فلا نأخذ به و لا بأس بقتل العقرب أو الحية في الصلاة لانه يشغل القلب و ذلك أعظم من قتله و قال النبي صلى الله عليه و سلم اقتلوا الاسودين و لو كنتم في الصلاة و هما الحية و العقرب و هذا ترخيص و إباحة ان كانت صيغته صيغة الامر لان قتلهما ليس من أعمال الصلاة حتى لو عالج معالجة كثيرة في قتلهما تفسد صلاته على ما نذكر و يكره للمأموم ان يسبق الامام بالركوع و السجود لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لا تبادروني بالركوع و السجود فانى قد بدنت و لو سبقه ينظر ان لم يشاركه الامام في الركن الذي سبقه أصلا لا يجزئه ذلك حتى انه لو يعد الركن و سلم تفسد صلاته لان الاقتداء عبارة عن المشاركة و المتابعة و لم توجد في الركن و ان شاركه الامام في ذلك الركن أجزأه عندنا خلافا لزفر وجه قوله أن الابتداء وقع باطلا و الباقى بناء عليه فأخذ حكمه و لنا أن القدر الذي وقعت فيه المشاركة ركوع تام فيكتفى به و انعدام المشاركة فيما قبله لا يضر لانه ملحق بالعدم و يكره ان يرفع رأسه من الركوع و السجود قبل الامام لقوله صلى الله عليه و سلم انما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه و يكره ان يقرأ في حال القيام لانه صلى الله عليه و سلم نهى عن القراءة في الركوع و السجود و قال اما الركوع فعظموا فيه الرب و أما السجود فاكثروا فيه من الدعاء فانه فمن ان يستجاب لكم و يكره النفخ في الصلاة لانه ليس من أعمال الصلاة و لا ضرورة فيه بخلاف التنفس فان فيه ضرورة و هل تفسد الصلاة بالنفخ فان لم يكن مسموعا لا تفسد و ان كان مسموعا تفسد في قول أبى حنيفة و محمد و نذكر المسألة في بيان ما يفسد الصلاة و يكره لمن أتى الامام و هو راكع ان يركع دون الصف و ان خاف الفوت لما روى عن أبى بكرة انه دخل المسجد فوجد النبي صلى الله عليه و سلم في الركوع فكبر كما دخل المسجد و دب راكعا حتى التحق بالصفوف فلما فرغ النبي صلى الله عليه و سلم قال له زادك الله حرصا و لا تعد و لانه لا يخلو عن احدى الكراهتين اما أن يتصل بالصفوف فيحتاج إلى المشي في الصلاة و انه فعل مناف للصلاة في الاصل حتى قال بعض المشايخ ان مشى خطوة خطوة لا تفسد صلاته و ان مشى خطوتين خطوتين تفسد و عند بعضهم لا تفسد كيفما كان لان المسجد في حكم مكان واحد لكن لا اقل من الكراهة و اما ان يتم الصلاة في الموضع الذي ركع فيه فيكون مصليا خلف الصفوف وحده و انه مكروه لقوله عليه الصلاة و السلام لا صلاة لمنتبذ خلف الصفوف و أدنى أحوال النفي هو نفى الكمال ثم الصلاة منفردا خلف الصف انما تكره إذا وجد فرجة في الصف فاما إذا لم يجد فلا تكره لان الحال حال العذر و انها مستثناة الا ترى أنها لو كانت إمرأة يجب عليها أن تقوم خلف الصف لان محاذاتها الرجل مفسدة صلاة الرجل فوجب الانفراد للضرورة و ينبغي إذا لم يجد فرجة أن ينتظر من يدخل المسجد ليصطف معه خلف الصف فان لم يجد أحدا و خاف فوت الركعة جذب من الصف إلى نفسه من يعرف منه علما و حسن الخلق لكيلا يغضب عليه فان لم يجد يقف حينئذ خلف الصف بحذاء الامام قال محمد و يؤمر من أدرك القوم ركوعا أن يأتى و عليه السكينة و الوقار و لا يجعل في الصلاة حتى يصل إلى الصف فما أدرك مع الامام صلى بالسكينة و الوقار و ما فاته قضى و أصله قول النبي صلى الله عليه و سلم إذا أتيتم الصلاة فأتوها و أنتم تمشون و لا تأتوها و أنتم تسعون عليكم بالسكينة و الوقار ما أدركتم فصلوا و ما فاتكم فاقضوا و يكره لمصلى المكتوبة أن يعتمد على شيء الا من عذر لان الاعتماد بخل بالقيام و ترك القيام في الفريضة لا يجوز الا من عذر فكان الاخلال به مكروها الا من عذر و لو فعل جازت صلاته لوجود أصل القيام و هل يكره ذلك لمصلى التطوع لم يذكره في الاصل و اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا بأس به لان ترك القيام في التطوع جائز من عذر فالا خلال به أولى و قال بعضهم يكره لما روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى حبلا ممدودا في المسجد فقال لمن هذا فقيل لفلانة تصلى بالليل فإذا أعيت اتكأت فقال صلى الله عليه و سلم لتصلى فلانة بالليل فإذا أعتيت فلتنم و لان في الاعتماد بعض التنعم والتحبر و لا ينبغى للمصلى أن يفعل شيأ من ذلك من عذر و يكره السدل في الصلاة و اختلف في تفسيره ذكر الكرخي أن سدل الثوب هو أن يجعل ثوبه على رأسه أو على
(219)
كتفيه و يرسل أطرافه من جوانبه إذا لم يكن عليه سراويل و روى عن الاسود و إبراهيم النخعي انهما قالا السدل يكره سواء كان عليه قميص أو لم يكن و روى المعلى عن أبى يوسف عن أبى حنية أنه يكره السدل على القميص و على الازار و قال لانه صنع أهل الكتاب فان كان السدل بدون السراويل فكراهته لاحتمال كشف العورة عند الركوع و السجود و ان كان مع الازار فكراهته لاجل التشبه بأهل الكتاب و قال مالك لا بأس به كيفما كان و قال الشافعي ان كان من الخيلاه يكره و الا فلا و الصحيح مذهبنا لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى من السدل من فصل و يكره لبسة الصماء و اختلف في تفسيرها ذكر الكرخي هو أن يجمع طرفي ثوبه و تخرجهما تحت احدى يديه على احدى كتفيه إذا لم يكن عليه سراويل و انما كره لانه لا يؤمن انكشاف العورة و محمد رحمه الله فصل بين الاضطباع و لبسة الصماء فقال انما تكون لبسة الصماء إذا لم يكن عليه ازار فان كان عليه ازار فهو اضطباع لانه يدخل طرفي ثوبه تحت احدى ضبعيه و هو مكروه لانه ليس أهل الكبر و ذكر بعض أهل اللغة أن لبسة الصماء أن يلف الثوب على جميع بدنه من العنق إلى الركبنين و انه مكروه لان فيه ترك سنة اليد و لا بأس أن يصلى في ثوب واحد متوشحا به أو في قميص واحد و الجملة فيه أن اللبس في الصلاة ثلاثة أنواع لبس مستحب و ليس جائز من كراهة و ليس مكروه أما المستحب فهو أن يصلى في ثلاثة أثواب قميص و إزار و رداء و عمامة كذا ذكر الفقيه أبو جعفر الهندواني في غريب الرواية عن أصحابنا و قال محمد ان المستحب للرجل أن يصلى في ثوبين ازار و رداء لان به يحصل ستر العورة و الزينة جميعا و أما اللبس الجائز بلا كراهة فهو أن يصلى في ثوب واحد متوشحا به أو قميص واحد لانه حصل به ستر العورة وأصل الزينة الا أنه لم تتم الزينة و أصله ما روى عن على أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن الصلاة في ثوب واحد فقال أو كلكم يجد ثوبين أشار إلى الجواز و نبه على الحكمة و هي أن كل واحد لا يجد ثوبين و هذا كله إذا كان الثوب صفيا لا يصف ما تحته فان كان رقيقا يصف ما تحته لا يجوز لان عورته مكشوفة من حيث المعنى قال النبي صلى الله عليه و سلم لعن الله الكاسيات العاريات ثم لم يذكر في ظاهر الرواية أن القميص الواحد إذا كان محلول الجيب و الزرهل تجوز الصلاة فيه ذكر ابن شجاع فيمن صلى محلول الازرار و ليس عليه ازار أنه ان كان بحيث لو نظر رأى عورة نفسه من زيقه لم تجز صلاته و ان كان بحيث لو نظر لم يرعورته جازت و روى عن محمد رحمه الله تعالى في رواية الاصول ان كان بحال لو نظر اليه غيره يقع بصره على عورته من تكلف فسدت صلاته و ان كان بحال لو نظر اليه غيره لا يقع بصره على عورته الا بتكلف فصلاته تامة فكانه شرط ستر العورة في حق غيره لا في حق نفسه و عن داود الطائي انه قال ان كان الرجل خفيف اللحية لم يجز لانه يقع بصره على عورته إذا نظر من تكلف فيكون مكشوف العورة في حق نفسه و ستر العورة عن نفسه و عن غيره شرط الجواز و ان كان كث اللحية جاز لانه لا يقع بصره على عورته الا بتكلف فلا يكون مكشوف العورة و أما اللبس المكروه فهو أن يصلى في ازار واحد أو سراويل واحد لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى ان يصلى الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء و لان ستر العورة ان حصل فلم تحصل الزينة و قد قال الله تعالى يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد و روى أن رجلا سأل عبد الله بن عمر عن الصلاة في ثوب واحد فقال أ رأيت لو أرسلتك في حاجة أ كنت منطلقا في ثوب واحد فقال لا فقال الله أحق أن تتزين له و روى الحسن عن أبى حنيفة أن الصلاة في ازار واحد فعل أهل الجفاء و فى ثوب متوشحا به أبعد من الجفاء و فى ازار و رداء من أخلاق الكرام هذا الذي ذكرنا في حق الرجل فاما المرأة فالمستحب لها ثلاثة أثواب في الروايات كلها درع و إزار و خمار فان صلت في ثوب واحد متوشحة به يجزئها إذا سترت به رأسها و سائر جسدها سوى الوجه و الكفين و ان كان شيء مما سوى الوجه و الكفين منها مكشوفا فان كان قليلا جاز و ان كان كثيرا لا يجوز و سنذكر الحد الفاصل بينهما ان شاء الله تعالى و هذا في حق الحرة فاما الامة إذا صلت مكشوفة الرأس يجوز لان رأسها ليس بعورة و لا بأس بان يمسح جبهته من التراب بعد ما فرغ من صلاته قبل أن يسلم بلا خلاف لانه لو قطع الصلاة في هذه الحالة لا يكره فلان
(220)
لا يكره إدخال فعل قليل أولى و أما قبل الفراغ من الاركان فقد ذكر في رواية أبى سليمان فقال قلت فان مسح جبهته قبل أن يفرغ قال لا أكرهه من مشايخنا من فهم من هذه اللفظة ففى الكراهة و جعل كلمة لا داخلة في قوله أكره و كذا ذكر في آثار أبى حنيفة و فى اختلاف أبى حنيفة و ابن أبى ليلي و وجهه ما روى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يمسح العرق عن جبينه في الصلاة و انما كان يفعل ذلك لانه كان يؤذيه فكذا هذا و منهم من قال كلمة لا مقطوعة عن قوله أكره فكانه قال هل يمسح فقال لا نفيا له ثم ابتدأ الكلام و قال أكره له ذلك و هو رواية هشام في نوادره عن محمد أنه يكره فعلى هذا يحتاج إلى الفرق بين المسح قبل الفراغ من الاركان و بين المسح بعد الفراغ منها قبل السلام و الفرق أن المسح قبل الفراغ لا يفيد لانه يحتاج إلى أن يسجد ثاينا فيلنزق التراب بجبهته ثانيا و المسح بعد الفراغ من الاركان مفيد و لان هذا فعل ليس من أفعال الصلاة فيكره تحصيله في وقت لا يباح فيه الخروج عن الصلاة كسائر الافعال بخلاف المسح بعد الفراغ من الاركان و قد روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال أربع من الجفاء وعد منها مسح الجبهة في الصلاة و منهم من وفق فقال جواب محمد فيما إذا كان تركه لا يؤذيه و جواب أبى حنيفة مثله في هذه الحالة و الحديث محمول على هذه الحالة أو على المسح باليدين و جواب أبى حنيفة فيما إذا كان ترك المسح يؤذيه و يشغل قلبه عن اداء الصلاة و محمد يساعده في هذه الحالة و لهذا كان النبي صلى الله عليه و سلم يمسح العرق عن جبينه لان الترك كان يؤذيه و يشغل قلبه و قد بينا ما يستحب للامام أن يفعله بعد الفراغ من الصلاة و ما يكره له في فصل الامامة و الله أعلم ( فصل )و أما بيان ما يفسد الصلاة فالمفسد لها أنواع منها الحدث العمد قبل تمام أركانها بلا خلاف حتى يمتنع عليه البناء و اختلف في الحدث السابق و هو الذي سبقه من قصد و هو ما يخرج من بدنه من بول أو غائط أو ريح أو رعاف أو دم سائل من جرح أو دمل به بغير صنعه قال أصحابنا لا يفسد الصلاة فيجوز البناء استحسانا و قال الشافعي يفسدها فلا يجوز البناء قياسا و الكلام في البناء في مواضع في بيان أصل البناء انه جائز أم لا و فى بيان شرائط جوازه لو كان جائزا و فى بيان محل البناء و كيفيته أما الاول فالقياس أن لا يجوز البناء و فى الاستحسان جائز وجه القياس أن التحريمة لا تبقي مع الحدث كما لا تنعقد معه لفوات أهلية اداء الصلاة في الحالين بفوات الطهارة فيهما إذا لشيء كما لا ينعقد من أهلية لا يبقى مع عدم الاهلية فلا تبقي التحريمة لانها شرعت لاداء أفعال الصلاة و لهذا لا تبقي مع الحدث العمد و لان صرف الوجه عن القبلة و المشي في الصلاة مناف لها و بقاء الشيء مع ما ينافيه محال وجه الاستحسان النص و إجماع الصحابة أما النص فما روى عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال من قاء أو رعف في صلاته انصرف و توضأ و بني على صلاته ما لم يتكلم و كذا روى ابن عباس و أبو هريرة رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم و أما إجماع الصحابة فان الخلفاء الراشدين و العباد لة الثلاثة و أنس بن مالك و سلمان الفارسي رضى الله عنهم قالوا مثل مذهبنا و روى أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه سبقه الحدث في الصلاة فتوضأ و بني و عمر رضى الله عنه سبقه الحدث و توضأ و بني على صلاته و على رضى الله عنه كان يصلى خلف عثمان فرعف فانصرف و توضأ و بني على صلاته فثبت البناء من الصحابة رضى الله عنهم قولا و فعلا و القياس يترك بالنص و الاجماع ( فصل )و أما شرائط جواز البناء فمنها الحدث السابق فلا يجوز البناء في الحدث العمد لان جواز البناء ثبت معدولا به عن القياس بالنص و الاجماع و كل ما كان في معنى المنصوص و المجمع عليه يلحق به و الا فلا و الحدث العمد ليس في معنى الحدث السابق لوجهين أحدهما أن الحدث السابق مما يبتلى به الانسان فلو جعل مانعا من البناء لادى إلى الحرج و لا حرج في الحدث العمد لانه لا يكثر وجوده و الثاني أن الانسان يحتاج إلى البناء في الجمع و الاعياد لاحراز الفضيلة المتعلقة بهما و كذا يحتاج إلى إحراز فضيلة الصلاة خلف أفضل القوم خصوصا من كان بحضرة النبي صلى الله عليه و سلم فلو لم يجز البناء و ربما فرغ الامام من الصلاة قبل فراغه من الوضوء لفات عليه فضيلة الجمعة و العيدين و فضيلة الصلاة خلف الافضل على وجه لا يمكنه
(221)
التلافى فالشرع نظر له بجواز البناء صيانة لهذه الفضيلة عليه من الفوت و هو مستحق للنظر لحصول الحدث من قصده و اختيار بخلاف الحدث العمد لان متعمد الحدث في الصلاة جان فلا يستحق النظر و على هذا يخرج ما إذا كان به دمل فعصره حتى سأل أو كان في موضع ركبته فانفتح من اعتماده على ركبته في سجوده لا يجوز له البناء لان هذا بمنزلة الحدث العمد و كذا إذا تكلم في الصلاة عامدا أو ناسيا أو عمل فيها ما ليس من أعمال الصلاة و هو كثير لا يجوز له البناء لان كل ذلك نادر في الصلاة فلم يكن في معنى المنصوص و المجمع عليه و كذا إذا جن في الصلاة أو أغمى عليه ثم أفاق لا يبنى و ان كان ذلك في معنى الحدث السابق لانه لا صنع له فيهما لان اعتراضهما في الصلاة نادر فلم بكونا في معنى ما ورد فيه النص و الاجماع و كذا لو انتضح البول على بدن المصلى أو ثوبه أكثر من قدر الدرهم من موضع فانقتل فغسله لا يبنى على صلاته في ظاهر الرواية و روى عن أبى يوسف في رواية الاصول انه يبنى وجه هذه الرواية ان النجاسة وصلت إلى بدنه من قصد فكان في معنى الحدث السابق و لان هذا بعض ما ورد فيه الخبر لانه لو رعف فأصاب بدنه أو ثوبه نجاسة فانه يتوضأ و يغسل تلك النجاسة و ههنا لا يحتاج إلى غسل النجاسة لا فلما جاز البناء هناك فلان يجوز هنا أولى وجه ظاهر الرواية ان هذا النوع مما لا يغلب وجوده فلم يكن في معنى مورد النص و الاجماع و لان له بدا من غسل النجاسة عن الثوب في الجملة بأن يكون عليه ثوبان فبلقى ما تنجس من ساعته و يصلى في الآخر بخلاف الوضوء فانه أمر لابد منه و لو انتضح البول على ثوب المصلى فان كان أكثر من قدر الدرهم من موضع فان كان عليه ثوبان ألقى النجس من ساعته و مضى على صلاته استحسانا و القياس ان يستقبل لوجود شيء من الصلاة مع النجاسة لكنا نقول ان هذا مما لا يمكن التحرز عنه فيجعل عفوا و ان أدى ركنا أو مكث بقدر ما يتمكن من اداء ركن يستقبل قياسا و استحسانا و ان لم يكن عليه الا ثوب واحد فانصرف و غسله لا يبنى في ظاهر الرواية و لو أصابته بندقة فشجته أو رماه إنسان بحجر فشجه أو مس رجل قرحه فادماه أو عصره فانقلت منه ريح أو حدث آخر لا يجوز له البناء في قول أبى حنيفة و محمد و قال أبو يوسف يبنى و احتج بما روى ان عمر رضى الله عنه لما طعن في المحراب استخلف عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه و لو فسدت صلاته لفسدت صلاة القوم و لم يستخلف و لان هذا حدث حصل بغير صنعه فكان كالحدث السماوي و لان الشاج لم يوجد منه الا فتح باب الدم فبعد ذلك خروج الدم بنفسه لا بتسييل أحد فاشبه الرعاف وجه قولهما ان هذا الحدث حصل بصنع العباد بخلاف الحدث السماوي و كذا هذا النوع من الحدث في الصلاة مما يندر وقوعه لان الرامي منهى عن الرمى فلا يقصده غالبا و الاصابة خطأ نادر لانه يتحرز خوفا من الضمان فلم يكن في معنى مورد النص و الاجماع فيعمل فيه بالقياس المحض ألا ترى ان من عجز عن القياس بسبب المرض جاز له أداء الصلاة قاعدا و لو عجز عن القيام بفعل البشر بان قيده إنسان لم يجز لغلبة الاول و ندرة الثاني كذا هذا و أما قوله ان هذا فتح باب الدم فنقول نعم لكن من فتح باب المائع حتى سأل المائع جعل ذلك مضافا إلى الفاتح لانعدام اختيار السائل في سيلانه و لهذا يجب ضمان الدهن على شاق الزق إذا سأل الدهن و الله أعلم و لو سقط المدر من السقف من مشى أحد على السطح على المصلى أو سقط الثمر من الشجر على المصلى أو أصابه حشيش المسجد فادماه اختلف المشايخ فيه منهم من جوز له البناء بالاجماع لانقطاع ذلك عن فعل العباد و منهم من جعل المسألة على الخلاف لوقوع ذلك في حد القلة و أما حديث عمر رضى الله عنه فقد قيل كان الاستخلاف قبل افتتاح الصلاة فاستخلفه ليفتتح الصلاة ألا ترى انه روى انه لما طعن قال آه قتلنى الكلب من يصلى بالناس ثم قال تقدم يا عبد الرحمن و معلوم ان هذا كلام يمنع البناء على الصلاة و منها حقيقة الحدث لاوهم الحدث و لا ما جعل حدثا حكما حتى لو علم انه لم يسبقه الحدث لكنه خاف أن يبتدره فانصرف قبل أن يسبقه الحدث ثم سبقه لا يجوز له البناء في ظاهر الرواية و روى عن أبى يوسف انه يجوز وجه قوله انه عجز عن المضي فصار كما لو سبقه الحدث ثم انصرف وجه ظاهر الرواية انه صرف وجهه عن القبلة من عذر فلم يكن في معنى مورد النص و الاجماع فبقى على أصل القياس و كذا إذا جن في الصلاة أو أغمى عليه أو نام مضطجعا
(222)
لا يجوز له البناء لان هذه العوارض يندر وقوعها في الصلاة فلم تكن في معنى مورد النص و الاجماع و كذا المتيمم إذا وجد الماء في خلال الصلاة و صاحب الجرح السائل إذا جرح وقت صلاته و الماسح على الخف إذا انقضت مدة مسحه و نحو ذلك لا يجوز له البناء لان في هذه المواضع يظهر ان الشروع في الصلاة لم يصح على ما ذكرنا و لانه ليس في معنى الحدث السابق في كثرة الوقوع فتعذر الالحاق و كذا لو اعترضت هذه الاشياء بعد ما قعد قدر التشهد الاخير يوجب فساد الصلاة و يمنع البناء عند أبى حنيفة خلافا لهما على ما ذكرنا في المسائل الاثنى عشرية و منها الحدث الصغير حتى لا يجوز البناء في الحدث الكبير و هو الجنابة بأن نام في الصلاة فاحتلم أو نظر إلى إمرأة بشهوة أو تفكر فانزل لما قلنا و لان الوضوء عمل يسير و الاغتسال عمل كثير فتعذر الالحاق في موضع العفو و لان الاغتسال لا يمكن الا بكشف العورة و ذلك من قواطع الصلاة و هذا استحسان و القياس يجوز يريد به القياس على الاستحسان الاول و منها أن لا يفعل بعد الحدث فعلا منافيا للصلاة لو لم يكن أحدث الا ما لابد للبناء منه أو كان من ضرورات ما لا بد منه أو من توابعه و تتماته و بيان ذلك إذا سبقه الحدث ثم تكلم أو أحدث متعمدا أو ضحك أو قهقه أو أكل أو شرب أو نحو ذلك لا يجوز له البناء لان هذه الافعال منافية للصلاة في الاصل لما نذكر فلا يسقط اعتبار المنافى الا لضرورة و لا ضرورة لان للبناء منها بدا و كذا إذا جن أو أغمى عليه أو أجنب لانه لا يكثر وقوعه فكان للبناء منه بدو كذا لو أدى ركنا من أركان الصلاة مع الحدث أو مكث بقدر ما يتمكن فيه من أداء ركن لانه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة و له منه بد و كذا لو استقى من البئر و هو لا يحتاج اليه و لو مشى إلى الوضوء فاغترف الماء من الانآء أو استقى من البئر و هو محتاج اليه فتوضأ جاز له البناء لان الوضوء أمر لابد للبناء منه و المشي و الاغتراف و الاستقاء عند الحاجة من ضرورات الوضوء و لو استنجى فان كان مكشوف العورة بطل البناء لان كشف العورة مناف للصلاة و للبناء منه بد في الجملة فان استنجى تحت ثيابه بحيث لا تنكشف عورته جاز له البناء لان الاستنجاء على هذا الوجه من سنن الوضوء فكان من تتماته و لو توضأ ثلاثا ثلاثا ذكر في ظاهر الرواية ما يدل على الجواز فانه قال إذا سبقه الحدث يتوضأ و يبنى من فصل و حكى عن أبى القاسم الصفار انه لا يجوز و وجهه ان الفرض يسقط بالغسل مرة واحدة فكانت الزيادة إدخال عمل لا حاجة اليه في الصلاة فيوجب فساد الصلاة وجه الظاهر الرواية ان الزيادة من باب اكمال الوضوء و به حاجة إلى اقامة الصلاة على وصف الكمال و ذلك بتحصيل الوضوء على وجه الكمال فتتحمل الزيادة كما يتحمل الاصل و هذا جواب أبى بكر الاعمش فان عنده المرة الاولى هى الفرض و الثانية و الثالثة نفل فاما عند أبى بكر الاسكاف فالثلاثة كلها فرض لان الثانية و الثالثة لما التحقتا بالاولى صارا لكل وضوء أو احدا فيصيرا لكل فرضا كالقيام إذا طال و القراءة أو الركوع أو السجود و على هذا إذا استوعب المسح و تمضمض و استنشق و أتى بسائر سنن الوضوء جاز له البناء لان ذلك من باب اكمال الوضوء فكان من توابعه فيتحمل كما يتحمل الاصل و لو افتتح الصلاة بالوضوء ثم سبقه الحدث فلم يجد ماء تيمم و بني لان ابتداء الصلاة بالتيمم عند فقد الماء جائز فالبناء أولى فان تيمم ثم وجد الماء فان وجده بعد ما عاد إلى مقامه استقبل الصلاة و ان وجده في الطريق قبل أن يقوم مقامه فالقياس أن يستقبل و قيل القياس قول محمد و فى الاستحسان يتوضأ و يبنى وجه القياس انه متيمم وجد الماء في صلاته فتفسد صلاته كما إذا عاد إلى مكانه ثم وجد الماء و هذا لان قدر ما مشى متيمما حصل فعلا محتاج اليه فلا يعفى وجه الاستحسان انه لم يؤد شيأ من الصلاة مع الحدث و لم يدخل فعلا في الصلاة هو مضاد لها فلا يفسدها و ما مشى كل ذلك كان محتاجا اليه لتحصيل التطهير فلا يوجب فساد الصلاة بخلاف ما إذا عاد إلى مكانه ثم وجد لانه إذا عاد إلى مكانه وجد أداء جزء من أجزاء الصلاة و ان قل مع التيمم فظهر بوجود الماء انه كان محدثا من وقت الحدث السابق و ان التيمم ما كان طهارته فتبين انه أدى شيأ من الصلاة مع الحدث فتفسد صلاته ثم ما ذكرنا من جواز البناء لا يختلف سيما إذا كان الحدث في وسط الصلاة أو في آخرها حتى لو سبقه الحدث بعد ما قعد قدر التشهد الاخير يتوضأ و يبنى عندنا لانه يحتاج إلى الخروج بلفظه السلام التي هى واجبة أو سنة عندنا فلا بد له من الطهارة و كذا لا يختلف
(223)
الجواب في جواز البناء سيما إذا صرف وجهه عن القبلة على علم بالحدث أو على ظن به بعد ان كان في المسجد في ظاهر الرواية حتى انه لو صرف وجهه عن القبلة على ظن انه أحدث ثم علم انه لم يحدث و هو في المسجد رجع و بني فان علم بعد الخروج من المسجد لا يبنى و روى عن محمد انه لا يبنى في الوجهين جميعا و وجهه انه صرف وجهه عن القبلة من عذر فتفسد صلاته كما إذا علم خارج المسجد و كما إذا انصرف على ظن انه على وضوء أو على ظن انه على ثوبه نجاسة أو كان متيمما فرأى سرابا فظنه ماء فانصرف فانه لا يبنى سواء كان في المسجد أو خارج المسجد وجه ظاهر الرواية ان حكم المكان لم يتبدل ما دام في المسجد و الانصراف لم يكن على قصد الخروج من الصلاة و عزم الرفض بل لاصلاح صلاته ألا ترى انه لو تحقق ما توهم توضأ و بني على صلاته فسقط حكم هذا الانصراف فكانه لم ينصرف بخلاف ما إذا خرج من المسجد ثم علم لان حكم المكان قد تبدل و بخلاف تلك الصلاة لان هناك الانصراف ليس لا صلاح صلاته بل لقصد الخروج عن الصلاة و عزم الرفض ألا ترى انه لو تحقق ما توهم لا يمكنه البناء فاشبه الكلام و الحدث العمد و القهقهة و على هذا إذا سلم على رأس الركعتين في ذوات الاربع ساهيا على ظن انه أتم الصلاة ثم تذكر فحكمه و حكم الذي ظن انه أحدث سواء على التفصيل و الاختلاف الذي ذكرنا و ذكر في العيون انه إذا صلى العشاء فظن بعد ركعتين انها ترويحة فسلم أو صلى الظهر و هو يظن انه يصلى الجمعة أو يظن انه مسافر فسلم على رأس الركعتين انه يستقبل العشاء و الظهر و قد مر الفرق هذا إذا كان يصلى في المسجد فاما إذا كان يصلى في الصحراء فان كان يصلى بجماعة يعطى لما انتهى اليه الصفوف حكم المسجد ان مشى يمنة أو يسرة أو خلفا و ان مشى أمامه و ليس بين يديه بناء و لا سترة فقد ذكرنا اختلاف المشايخ و الصحيح هو التقدير بموضع السجود و ان كان بين يديه بناء أو سترة فانه يبنى ما لم يجاوزه لان السترة تجعل لما دونها حكم المسجد حتى لا يباح المرور داخل السترة و يباح خارجها و ان كان يصلى وحده فمسجده قدر موضع سجوده من الجوانب الاربع الا إذا مشى أمامه و بين يديه سترة فيعطى لداخل السترة حكم المسجد ثم المستحب لمن سبقه الحدث أن يتكلم و يتوضأ و يستقبل القبلة ليخرج عن عهدة الفرض بيقين ( فصل )الكلام في محل البناء و كيفيته فنقول و بالله التوفيق المصلى لا يخلوا ما ان كان منفردا أو مقتديا أو اماما فان كان منفردا فانصرف و توضأ فهو بالخيار ان شاء أتم صلاته في الموضع الذي توضأ فيه و ان شاء عاد إلى الموضع الذي افتتح الصلاة فيه لانه إذا أتم الصلاة حيث هو فقد سلمت صلاته عن المشي لكنه صلى صلاة واحدة في مكانين و ان عاد إلى مصلاه فقد أدى جميع الصلاة في مكان واحد لكن مع زيادة مشى فاستوى الوجهان فيخير و قال بعض مشايخنا يصلى في الموضع الذي توضأ من خيار و لو أتى المسجد تفسد صلاته لانه تحمل زيادة مشى من حاجة و عامة مشايخنا قالوا لا تفسد صلاته لان المشي إلى الماء و العود إلى مكان الصلاة الحق بالعدم شرعا في الجملة و ان كان مقتديا فانصرف و توضأ فان لم يفرغ امامه من الصلاة فعليه أن يعود لانه في حكم المقتدى بعد و لو لم يعد و أتم بقية صلاته في بيته لا يجزيه لانه ان صلى مقتديا بامامه لا يصح لانعدام شرط الاقتداء و هو اتحاد البقعة الا إذا كان بيته قريبا من المسجد بحيث يصح الاقتداء و ان صلى منفردا في بيته فسدت صلاته لان الانفراد في حال وجوب الاقتداء يفسد صلاته لان بين الصلاتين تغايرا و قد ترك ما كان عليه و هو الصلاة مقتديا و ما أدى و هو الصلاة منفردا لم يوجد له ابتداء تحريمه و هو بعض الصلاة لانه صار منتقلا عما كان هو فيه إلى هذا فيبطل ذلك و ما حصل فيه بعض الصلاة فلا يخرج عن كل الصلاة باداء هذا القدر ثم إذا عاد ينبغى أن يشتغل أولا بقضاء ما سبق به في حال تشاغله بالوضوء لانه لا حق فكانه خلف الامام فيقوم مقدار قيام الامام من قراءة و مقدار ركوعه و سجوده و لا يضره ان زاد أو نقص و لو تابع امامه أولا ثم اشتغل بقضاء ما سبق به بعد تسليم الامام جازت صلاته عند علمائنا الثلاثة خلافا لزفر بناء على ان الترتيب في افعال الصلاة الواحدة ليس بشرط عندنا و عنده شرط و ان كان قد فرغ امامه من الصلاة بخير لما ذكرنا في المنفرد و لو توضأ و قد فرغ