بعد الممات لان الغسل في الموضعين لاجل الصلاة الا انه لا يمضمض الميت و لا يستنشق لان إدارة الماء في فم الميت ممكن ثم يتعذر إخراجه من الفم الا بالكب و ذا مثلة مع انه لا يؤمن أن يسيل منه شيء لو فعل ذلك به و كذا الماء لا يدخل الخياشيم الا بالجذب بالنفس و ذا متصور من الميت و لو كلف الغاسل ذلك لوقع في الحرج و كذا لا يؤخر غسل رجليه عند التوضئة بخلاف حالة الحياة لان هناك الغسالة تجتمع عند رجليه و لا تجتمع الغسالة و على التخت فلم يكن التأخير مفيدا و كذا لا يمسح رأسه و يمسح في حالة الحياة في ظاهر الرواية لان المسح هناك سن تعبد الا تطهيرا و ههنا لو سن لسن تطهير الا تعبدا و التطهير لا يحصل بالمسح ثم يغسل رأسه و لحيته بالخطمي لان ذلك أبلغ في التنظيف فان لم يكن فبالصابون و ما أشبهه فان لم يكن فيكيفه الماء القراح و لا يسرح لما روى عن عائشة انها رأت قوما يسرحون ميتا فقالت علام تنصون ميتكم أى تسرحون شعره و هذا قول روى عنها و لم يرو عن غيرها خلاف ذلك فحل محل الاجماع و لانه لو سرح ربما يتناثر شعره و السنة ان يدفن الميت بجميع أجزائه و لهذا لا تقص أظفاره و شاربه و لحيته و لا يختن و لا ينتف ابطه و لا تحلق عانته و لان ذلك يفعل لحق الزينة و الميت ليس بمحل الزينة و لهذا لا يزال عنه شيء مما ذكرنا و ان كان فيه حصول زينة و هذا عندنا و عند الشافعي يسرح و يزال عنه شعر العانة و الابط إذا كانا طويلين و شعر الرأس يزال ان كان يتزين بإزالة الشعر و لا يحلق في حق من كان لا يحلق في حال الحياة و كان يتزين بالشعر و احتج الشافعي بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال اصنعوا بموتاكم ما تصنعون بعرائسكم ثم هذه الاشياء تصنع بالعروس فكذا بالميت ( و لنا )ما روينا عن عائشة و ذكرنا من المعقول و به تبين ان ما رواه ينصرف إلى زينة ليس فيها زالة شيء من اجزاء الميت كالطيب و التنظيف من الدرن و نحو ذلك بدليل ما روينا ثم يضجعه على شقه الايسر لتحصل البداية بجانبه الايمن إذا السنة هى البداية بالميامن على ما مر فيغسله بالماء القراح حتى ينقيه و يرى ان الماء قد خلص إلى ما يلى التخت منه ثم قد كان أمر الغاسل قبل ذلك أن يغلى الماء بالسدر فان لم يكن سدر فحرض فان لم يكن واحد منهما فالماء القراح ثم يضجعه على شقه الايمن فيغسله بماء السدر أو الحرض أو الماء القراح حتى يرى ان الماء قد وصل إلى ما يلى التخت منه ثم يقعده و يسنده إلى صدره أو يده فيمسح بطنه مسحا رفيقا حتى ان بقي شيء عند المخرج يسيل منه هكذا ذكر في ظاهر الرواية و روى عن أبى حنيفة في رواية الاصول انه يقعده و يمسح بطنه أولا ثم يغسله بعد ذلك و وجهه انه قد يكون في بطنه شيء فيمسح حتى لو سأل منه شيء يغسله بعد ذلك ثلاث مرات فيطهر و وجه ظاهر الرواية ان الميت قد يكون في بطنه نجاسة منعقدة لا تخرج بالمسح قبل الغسل و تخرج بعد ما غسل مرتين بماء حار فكان المسح بعد المرتين أولى و الاصل في المسح ما روى ان النبي صلى الله عليه و سلم لما تولى غسله على و العباس و الفضل بن العباس و صالح مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم و على أسند رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى نفسه و مسح بطنه مسحا رفيقا فلم يخرج منه شيء فقال على رضى الله عنه طبت حيا و ميتا و روى انه لما مسح بطنه فاح ريح المسك في البيت ثم إذا مسح بطنه فان سأل منه شيء يمسحه كيلا يتلوث الكفن و يغسل ذلك الموضع تطهيرا له عن النجاسة الحقيقية و لم يذكر في ظاهر الرواية سوى المسح و لا يعيد الغسل و لا الوضوء عندنا و قال الشافعي يعيد الوضوء استدلا لا بحالة الحياة ( و لنا )ان الموت أشد من خروج النجاسة ثم هو لم يمنع حصول الطهارة فلان لا يرفعها الخارج مع ان المنع أسهل أولى ثم يضجعه على شقه الايمن فيغسله بالماء القراح حتى ينقيه ليتم عدد الغسل ثلاثا لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال للاتي غسلن ابنته أ غسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا و لان الثلاث هو العدد المسنون في الغسل حالة الحياة فكذا بعد الموت فالحاصل انه يغسل في المرة الاولى بالماء القراح ليتبل الدرن و النجاسة ثم في المرة الثانية بماء السدر أو ما يجرى مجراه في التنظيف لان ذلك أبلغ في التطهير و ازالة الدرن ثم في المرة الثالثة بالماء القراح وشئ من الكافور و قال الشافعي في المرة الاولى لا يغسل بالماء الحار لانه يزيده استرخاء فينبغي أن يغسله بالماء البارد و هذا سديد لانه انما يغسله ليسترخى فيزول عنه ما عليه من الدرن و النجاسة ثم ينشقه في ثوب كيلا تبتل أكفانه كما يفعل في حالة الحياة بعد الغسل
(302)
و حكم المرأة في الغسل حكم الرجل و كذا الصبي في الغسل كالبالغ لان غسل الميت للصلاة عليه و الصبي و المرأة يصلى عليهما الا ان الصبي إذا كان لا يعقل الصلاة لا يوضأ عند غسله لان حالة الموت معتبرة بحالة الحياة و فى حالة الحياة لا يعتبر وضوء من لا يعقل فكذا بعد الموت و كذا المحرم و غير المحرم سواء لان الاحرام ينقطع بالموت في حق أحكام الدنيا و الله أعلم ( فصل )و أما شرائط وجوبه فمنها أن يكون ميتا مات بعد الولاة حتى لو ولد ميتا لم يغسل كذا روى عن أبى حنيفة انه قال إذا استهل المولود سمى و غسل وصلى عليه و ورث و ورث عنه و إذا لم يستهل لم يسم و لم يغسل و لم يرث و عن محمد أيضا انه لا يغسل و لا يسمى و لا يصلى عليه و هكذا ذكر الكرخي و روى عن أبى يوسف انه يغسل و يسمى و لا يصلى عليه و هكذا ذكر الطحاوي و قال محمد في السقط الذي استبان خلقه انه يغسل و يكفن و يحنط و لا يصلى عليه فاتفقت الروايات على انه لا يصلى على من ولد ميتا و الخلاف في الغسل وجه ما اختاره الطحاوي ان المولود ميتا نفس مؤمنة فيغسل و ان كان لا يصلى عليه كالبغاة و قطاع الطريق وجه ما ذكره الكرخي ما روى عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال إذا استهل المولود غسل وصلى عليه و ورث و ان لم يستهل لم يغسل و لم يصل عليه و لم يرث و لان وجوب الغسل بالشرع و انه ورد بإسم الميت و مطلق اسم الميت في العرف لا يقع على من ولد ميتا و لهذا لا يصلى عليه و قال الشافعي ان أسقط قبل أربعة أشهر لا يغسل و لا يصلى عليه قولا واحدا و ان كان لاربعة أشهر من وقت العلوق و قد استبان خلقه فله فيه قولان و الصحيح قولنا لما ذكرنا و هذا إذا لم يستهل فاما إذا استهل بان حصل منه ما يدل على حياته من بكاء أو تحريك عضو أو طرف أو ذلك فانه يغسل بالاجماع لما روينا و لان الاستهلال دلالة الحياة فكان موته بعد ولادته حيا فيغسل و لو شهدت القابلة أو الام على الاستهلال تقبل في حق الغسل و الصلاة عليه لان خبر الواحد في باب الديانات مقبول إذا كان عدلا و أما في حق الميراث فلم يقبل قول الامام بالاجماع لكونها متهمة لجرها المغنم إلى نفسها و كذا شهادة القابلة عند أبى حنيفة و قالا تقبل إذا كانت عدلة على ما يعرف في موضعه و على هذا يخرج ما إذا وجد طرف من أطراف الانسان كيدا و رجل انه لا يغسل لان الشرع ورد بغسل الميت و الميت اسم لكله و لو وجد الاكثر منه غسل لان للاكثر حكم الكل و ان وجد الاقل منه أو النصف لم يغسل كذا ذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي لان هذا القدر ليس بميت حقيقة و حكما و لان الغسل للصلاة و ما لم يزد على النصف لا يصلى عليه فلا يغسل أيضا و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه إذا وجد النصف و معه الرأس يغسل و ان لم يكن معه الرأس لا يغسل فكانت جعله مع الرأس في حكم الاكثر لكونه معظم البدن و لو وجد نصفه مشقوقا لا يغسل لما قلنا و لانه لو غسل الاقل أو النصف يصلى عليه لان الغسل لاجل الصلاة و لو صلى عليه لا يؤمن أن يوجد الباقى فيصلى عليه فيؤدى إلى تكرار الصلاة على ميت واحد و ذلك مكروه عندنا أو يكون صاحب الطرف حيا فيصلى على بعضه و هو حى و ذلك فاسد و هذا كله مذهبنا و قال الشافعي ان وجد عضو يغسل و يصلى عليه و احتج بما روى ان طائرا ألقى يدا بمكة زمن وقعة الجمل فغسلها أهل مكة وصلوا عليها و قيل انها يد طلحة أو يد عبد الرحمن بن عتاب ابن أسيد رضى الله عنهم و روى عن عمر رضى الله عنه انه صلى على عظام بالشام و عن ابى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه انه صلى على رؤوس و لان صلاة الجنازة شرعت لحرمة الآدمى و كذا الغسل و كل جزء منه محترم و لنا ما روى عن ابن مسعود و ابن عباس رضى الله عنهما انهما قالا لا يصلى على عضو و هذا يدل على انه لا يغسل لان الغسل لاجل الصلاة و لما ذكرنا من المعاني أيضا و أما حديث أهل مكة فلا حجة فيه لان الراوي لم يرو ان الذي صلى عليه من هو حتى ننظر أ هو حجة أم لا أو نحمل الصلاة على الدعاء و كذا حديث عمر و أبى عبيدة رضى الله عنهما ألا ترى ان العظام لا يصلى عليها بالاجماع و منها أن يكون الميت مسلما حتى لا يجب غسل الكافر لان الغسل وجب كرامته و تعظيما للميت و الكافر ليس من أهل استحقاق الكرامة و التعظيم لكن إذا كان ذا رحم محرم
(303)
من المسلم لا بأس بأن يغسله و يكفنه و يتبع جنازته و يدفنه لان الابن ما نهى عن البر بمكان أبيه الكافر بل أمر بمصاحبتهما بالمعروف بقوله تعالى و صاحبهما في الدنيا معروفا و من البر القيام بغسله و دفنه و تكفينه و الاصل فيه ما روى عن على رضى الله عنه لما مات أبوه أبو طالب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله ان عمك الضال قد توفى فقال اذهب و غسله و كفنه و و اره و لا تحدثن حدثا حتى تلقاني قال ففعلت ذلك و أتيته فأخبرته فدعا لي بدعوات ما أحب أن يكون لي بها حمر النعم و قال سعيد بن جبير سأل رجل عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما فقال ان إمرأتي ماتت نصرانية فقال اغسلها و كفنها و ادفنها و عن الحارث بن أبى ربيعة ان أمه ماتت نصرانية فتبع جنازتها في نفر من الصحابة رضى الله تعالى عنهم ثم انما يقوم ذو الرحم بذلك إذا لم يكن هناك من يقوم به من أهل دينه فان كان خلى المسلم بينه و بينهم ليصنعوا به ما يصنعون بموتاهم و ان مات مسلم و له أب كافر هل يمكن من القيام بتغسيله و تجهيزه لم يذكر في الكتاب و ينبغي ان لا يمكن من ذلك بل يغسله المسلمون لان اليهودي لما آمن برسول الله صلى الله عليه و سلم عند موته ما قام رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى مات فقال صلى الله عليه و سلم لاصحابه تولوا أخاكم و لم يخل بينه و بين والده اليهودي و لان غسل الميت شرع كرامة له و ليس من الكرامة ان يتولى الكافر غسله و منها أن يكون عاد لا حتى لا يغسل الباغى إذا قتل و لا يصلى عليه كذا روى المعلى عن أبى يوسف عن أبى حنيفة و هو قول أبى يوسف و محمد و عند الشافعي يغسل و يصلى عليه و سنذكر المسألة و ذكر الفقية أبو الحسن الرستغفنى صاحب الشيخ أبى منصور المأ تريدى رحمهما الله تعالى انه يغسل و لا يصلى عليه و فرق بينهما بأن الغسل حقه و الصلاة حق الله تعالى فما كان من حقه يؤتى به و ما كان من حق الله تعالى لا يؤتى به إهانة له و لهذا يغسل الكافر و لا يصلى عليه و لو اجتمع الموتى المسلمون و الكفار ينظر ان كان بالمسلمين علامة يمكن الفصل بها يفصل و علامة المسلمين أربعة أشياء الختان و الخضاب و ليس السواد و حلق العانة و ان لم يكن بهم علامة ينظر ان كان المسلمون أكثر غسلوا و كفنوا و دفنوا في مقابر المسلمين وصلى عليهم و ينوى بالدعاء المسلمين و ان كان الكفار أكثر يغسلوا و لا يصلى عليهم كذا ذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي لان الحكم للغالب و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه ان كانت الغلبة لموتى الكفار لا يصلى عليهم لكن يغسلون و يكفنون و يدفنون في مقابر المشركين و وجهه ان غسل المسلم واجب و غسل الكفار جائز في الجملة فيؤتى بالجائز في الجملة لتحصيل الواجب و أما إذا كانوا على السوآء فلا يشكل انهم يغسلون لما ذكرنا ان فيه تحصيل الواجب مع الاتيان بالجائز في الجملة و هذا أولي من ترك الواجب رأسا و هل يصلى عليهم قال بعضهم لا يصلى عليهم لان ترك الصلاة على المسلم أولى من الصلاة على الكافر لان الصلاة على الكفار مشروعة أصلا قال الله تعالى و لا تصل على أحد منهم مات أبدا و ترك الصلاة على المسلم مشروعة في الجملة كالبغاة و قطاع الطريق فكان الترك أهون و قال بعضهم يصلى عليهم و ينوى بالصلاة و الدعاء المسلمين لانهم ان عجزوا عن تعيين العمل للمسلمين لم يعجزوا عن تمييز القصد في الدعاء لهم و أما الدفن فلا رواية فيه في المبسوط و ذكر الحاكم الجليل في مختصره انهم يدفنون في مقابر المشركين و اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يدفنون في مقابر المسلمين و قال بعضهم في مقابر المشركين و قال بعضهم تتخذلهم مقبرة على حدة و تسوى قبورهم و لا تسنم و هو قول الفقية أبى جعفر الهندواني و هو أحوط وأصل الاختلاف في كتابية تحت مسلم حبلت ثم ماتت و فى بطنها ولد مسلم لا يصلى عليها بالاجماع لان الصلاة على الكافرة مشروعة و ما في بطنها لا يستحق الصلاة عليه و لكنها تغسل و تكفن و اختلف الصحابة في الدفن قال بعضهم تدفن في مقابر المسلمين ترجيحا لجانب الولد و قال بعضهم في مقابر المشركين لان الولد في حكم جزء منها ما دام في البطن و قال واثلة بن الاسقع يتخذ لها مقبرة على حدة و هذا أحوط و لو وجد ميت أو قتيل في دار الاسلام فان كان عليه سيما المسلمين يغسل و يصلى عليه و يدفن في مقابر المسلمين و هذا ظاهر و ان لم يكن معه سيما المسلمين ففيه روايتان و الصحيح انه يغسل و يصلى عليه و يدفن في مقابر المسلمين لحصول غلبة الظن بكونه مسلما بدلالة
(304)
المكان و هي دار الاسلام و لو وجد في دار الحرب فان كان معه سيما المسلمين يغسل و يصلى عليه و يدفن في مقابر المسلمين بالاجماع و ان لم يكن معه سيما المسلمين ففيه روايتان و الصحيح انه لا يغسل و لا يصلى عليه و لا يدفن في مقابر المسلمين و الحاصل انه لا يشترط الجمع بين السيما و دليل المكان بل يعمل بالسيما وحده بالاجماع و هل يعمل بدليل المكان وحده فيه روايتان و الصحيح انه يعمل به لحصول غلبة الظن عنده و منها أن لا يكون ساعيا في الارض بالفساد فلا يغسل البغاة و قطاع الطريق و المكاثرون و الخناقون إذا قتلوا لان المسلم يغسل كرامة له و هؤلاء لا يستحقون الكرامة بل الاهانة و عن الفقية أبى الحسن الرستغفنى صاحب أبى منصورا لما تريدى ان الباغى لا يغسل و لا يصلى عليه لان الغسل حقه فيؤتى به و الصلاة حق الله تعالى فلا يصلى عليه إهانة له كالكافر انه يغسل و لا يصلى عليه كذا ذكره في العيون و عن محمد ان من قتل مظلوما لا يغسل و يصلى عليه و من قتل ظالما يغسل و لا يصلى عليه و الباغى قتل ظالما فيغسل و لا يصلى عليه و منها وجود الماء لان وجود الفعل مقيد بالوسع و لا وسع مع عدم الماء فسقط الغسل و لكن يميم بالصيعد لان التيمم صلح بدلا عن الغسل في حال الحياة فكذا بعد الموت ان الجنس ييمم الجنس بيده لانه يباح له مس مواضع التيمم منه من شهوة كما في حالة الحياة فكذا بعد الموت و أما الجنس فان كانا ذوى رحم محرم فكذلك لما قلنا و ان كانا أجنبيين فان لم يكونا زوجين ييميه بخرقة تستر يده لان حرمة المس بينهما ثابتة كما في حالة الحياة الا إذا كان أحدهما مما لا يشتهى كالصغير أو الصغيرة فييممه من خرقة و ان كانا زوجين فالمرأة تيمم زوجها بلا خرقة لانها تغسله بلا خرقة فالتيمم أولى إذا لم تبن منه في حال حياته بالاجماع و لا حدث بعد وفاته ما يوجب البينونة عند علمائنا الثلاثة خلافا لزفر بناء على ما تذكر لانها تغسله بلا خرقة فالتيمم أولى و أما الزوج فلا ييمم زوجته بلا خرقة عندنا خلافا للشافعي على ما نذكر و منها أن لا يكون الميت شهيدا لان الغسل ساقط عن الشهيد بالنص على ما نذكر في فصله ان شاء الله تعالى ( فصل )و أما بيان الكلام فيمن يغسل فنقول الجنس يغسل الجنس فيغسل الذكر الذكر و الانثى الانثى لان حل المس من شهوة ثابت للجنس حالة الحياة فكذا بعد الموت و سواء كان الغاسل جنبا أو حائضا لان المقصود و هو التطهير حاصل فيجوز و روى عن أبى يوسف انه كره للحائض الغسل لانها لو اغتسلت بنفسها لم تعتد به فكذا إذا غسلت و لا يغسل الجنس خلاف الجنس لان حرمة المس عند اختلاف الجنس ثابتة حالة الحياة فكذا بعد الموت و المحبوب و الخصى في ذلك مثل الفحل كما في حالة الحياة لان كل ذلك منهى الا المرأة لزوجها إذا لم تثبت البينونة بينهما في حالة حياته و لا حدث بعد وفاته ما يوجب البينونة أو الصغير و الصغيرة فبيان ذلك في الرجل و المرأة اما الرجل فنقول إذا مات رجل في سفر فان كان معه رجال يغسله الرجل و ان كان معه نساء لا رجل فيهن فان كان فيهن إمرأته غسلته و كفنته و صلين عليه و تدفنه اما المرأة فتغسل زوجها لما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت لو استقبلنا من الامر ما استد برنا لما غسل رسول الله صلى الله عليه و سلم الا نساؤه و معنى ذلك انها لم تكن عالمة وقت وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم بإباحة غسل المرأة لزوجها ثم علمت بعد ذلك و روى ان أبا بكر الصديق رضى الله عنه أوصى إلى إمرأته اسماء بنت عميس ان تغسله بعد وفاته و هكذا فعل أبو موسى الاشعرى و لان إباحة الغسل مستفادة بالنكاح فتبقى ما بقي النكاح و النكاح بعد الموت باق إلى وقت انقطاع العدة بخلاف ما إذا ماتت المرأة حيث لا يغسلها الزوج لان هناك انتهى ملك النكاح لانعدام المحل فصار الزوج أجنبيا فلا يحل له غسلها و اعتبر بملك اليمين حيث لا ينتفى عن المحل بموت المالك و يبطل بموت المحل فكذا هذا و هذا إذا لم تثبت البينونة بينهما في حال حياة الزوج فاما إذا ثبتت بان طلقها ثلاثا أو بائنا ثم مات و هي في العدة لا يباح لها غسله لان ملك النكاح ارتفع بالابانة و كذا إذا قبلت ابن زوجها ثم مات و هي في العدة لان الحرمة ثبتت بالتقبيل على سبيل التأبيد فبطل ملك النكاح ضرورة و كذا لو ارتدت عن الاسلام و العياذ بالله ثم اسلمت بعد موته لان الردة توجب زوال ملك النكاح و لو طلقها
(305)
طلاقا رجعيا ثم مات و هي في العدة لها أن تغسله لان الطلاق الرجعي لا يزيل ملك النكاح و أما إذا حدث بعد وفاة الزوج ما يوجب البينونة لا يباح لها أن تغسله عندنا و عند زفر يباح بان ارتدت المرأة بعد موته ثم أسلمت وجه قول زفر ان الردة بعد الموت لا ترفع النكاح لانه ارتفع بالموت فبقى حل الغسل كما كان بخلاف الردة في حالة الحياة و لنا ان زوال النكاح موقوف على انقضاء العدة فكان النكاح قائما فيرتفع بالردة و ان لم يبق مطلقا فقد بقي في حق حل المس و النظر و كما ترفع الردة مطلق الحل ترفع ما بقي منه و هو حل المس و النظر و على هذا الخلاف اذا طاوعت ابن زوجها أو قبلته بعد موته أو وطئت بشبهة بعد موته فوجب عليها العدة ليس لها أن تغسله عندنا خلافا لزفر و لو مات الزوج و هي معتدة من وطء شبهة ليس لها أن تغسله و كذا إذا انقضت عدتها من ذلك الغير عندنا خلافا لابى يوسف لانه لم يثبت لها حل الغسل عند الموت فلا يثبت بعده و كذلك إذا دخل الزوج باخت إمرأته بشبهة و وجبت عليها العدة ثم مات فانقضت عدتها بعد موته فهو على هذا الخلاف و كذلك المجوسي إذا أسلم ثم مات ثم أسلمت إمرأته المجوسية لم تغسله عندنا خلافا لابى يوسف كذا ذكره الشيخ الامام السرخسي الخلاف في هذه المسائل الثلاث و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي ان للمرأة أن تغسله في هذه المواضع عندنا و عند زفر ليس لها أن تغسله و لو لم يكن فيهن إمرأته و لكن معهن رجل كافر علمنه غسل الميت و يخلين بينهما حتى يغسله و يكفنه ثم يصلين عليه و يدفنه لان نظر الجنس إلى الجنس أخف و ان لم يكن بينهما موافقة في الدين فان لم يكن معهن رجل لا مسلم و لا كافر فان كان معهن صبية صغيرة لم تبلغ حد الشهوة و أطاقت الغسل علمنها الغسل و يخلين بينه و بينها حتى تغسيله و تكفنه لان حكم العورة ثابت في حقها و ان لم يكن معهن ذلك فانهن لا يغسلنه سواء كن ذوات رحم محرم منه أولا لان المحرم في حكم النظر إلى العورة و الاجنبية سواء فكما لا تغسله الاجنبية فكذا ذوات محارمه و لكن ييممنه ان الميممة إذا كانت ذات رحم محرم منه تيممه بغير خرقة و ان لم تكن ذات رحم مرحم منه تيممه بخرقة تلفها على كفها لانه لم يكن لها أن تمسه في حياته فكذا بعد وفاته و كذا لو كان فيهن أم ولده لم تغسله في قول أبى حنيفة الآخر و فى قوله الاول و هو قول زفر و الشافعي لها أن تغسله لانها معتدة فاشبهت المنكوحة و لنا ان الملك لا يبقى فيها ببقاء العدة لان الملك فيها كان ملك يمين و هو يعتق بموت السيد و الحرية تنافي ملك اليمين فلا يبقى بخلاف المنكوحة فان حريتها لا تنافي ملك النكاح كما في حال حياة الزوج و كذا لو كان فيهن أمته أو مدبرته أما الامة فلانها زالت عن ملكه بالموت إلى الورثة و لا يباح لامة الغير عورته انها لو يممته تيممه بغير خرقة لانه يباح للجارية مس موضع التيمم بخلاف أم الولد فانها تعتق و تلتحق بسائر الحرائر الأَجنبيات و أما المدبرة فلانها تعتق و لا يجب عليها العدة ثم أم الولد لا تغسله فلان لا تغسله هذه أولى و قال الشافعي الامة تغسل مولاها لانه يحتاج إلى من يغسله فبقى الملك له فيها حكما و هذا سديد لان حاجته تندفع بالجنس أو بالتيمم و أما المرأة فنقول إذا ماتت إمرأة في سفر فان كان معها نساء غسلنها و ليس لزوجها أن يغسلها عندنا خلافا للشافعي و احتج بحديث عائشة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل عليها و هي تقول وا رأساه فقال و أنا وا رأساه لا عليك انك إذا مت غسلتك و كفنتك وصلت عليك و ما جاز لرسول الله صلى الله عليه و سلم يجوز لامته هو الاصل الا ما قام عليه الدليل و روى ان عليا غسل فاطمة بعد موتها و لان النكاح جعل قائما حكما لحاجة الميت إلى الغسل كما إذا مات الزوج و لنا ما روى عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن إمرأة تموت بين رجال فقام تيمم بالصعيد و لم يفصل بين أن يكون فيهم زوجها أولا يكون و لان النكاح ارتفع بموتها فلا يبقى حل المس و النظر كما لو طلقها قبل الدخول و دلالة الوصف انها صارت محرمة على التأييد و الحرمة على التأييد تنافي النكاح ابتداء و بقاء و لهذا جاز للزوج أن يتزوج بأختها و أربع سواها و إذا زال النكاح صارت أجنبية فبطل حل المس و النظر بخلاف ما إذا مات الزوج لان هناك ملك النكاح قائم لان الزوج مالك و المرأة مملوكة و الملك لا يزول عن المحل بموت المالك و يزول بموت المحل كما في ملك اليمين فهو الفرق و حديث عائشة محمول على الغسل تسبيا فمعني قوله غسلتك قمت بأسباب غسلك كما يقال بني الامير دارا حملناه على
(306)
هذا صيانة لمنصب النبوة عما يورث شبهة نفرة اطباع عنه و توفيقا بين الدلائل على انه يحتمل انه كان مخصوصا بانه لا ينقطع نكاحه بعد الموت لقوله كل سبب و نسب ينقطع بالموت الا سببي و نسبى و أما حديث على رضى الله عنه فقد روى ان فاطمة رضى الله عنها غسلتها أم أيمن و لو ثبت ان عليا غسلها فقد أنكر عليه ابن مسعود حتى قال على أما علمت ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ان فاطمة زوجتك في الدنيا و الآخرة فدعواه الخصوصية دليل على انه كان معروفا بينهم ان الرجل لا يغسل زوجته و ان لم يكن هناك نساء مسلمات و معهم إمرأة كافرة علموها الغسل و يخلون بينهما حتى تغسلها و تكفنها ثم يصلى عليها الرجال و يدفنوها لما ذكرنا و ان لم يكن معهم نساء لا مسلمة و لا كافرة فان كان معهم صبي لم يبلغ حد الشهوة و أطاق الغسل علموه الغسل فيغسلها و يكفنها لما بينا و ان لم يكن معهم ذلك فانها لا تغسل و لكنها تيمم لما ذكرنا ان الميمم لها ان كان محرما لها ييممها بغير خرقة و ان لم يكن محرما لها فمع الخرقة يلفها على كفه لما مر و يعرض بوجهه عن ذراعيها لان في حالة الحياة ما كان للاجنبي أن ينظر إلى ذراعيها فكذا بعد الموت و لا بأس أن ينظر إلى وجهها كما في حالة الحياة و لو مات الصبي الذي لا يشتهى لا بأس أن تغسله النساء و كذلك الصبية التي لا تشتهى إذا ماتت لا بأس أن يغسلها الرجال لان حكم العورة ثابت في حق الصغير و الصغيرة ثم إذا غسل الميت يكفن ( فصل )و الكلام في تكفينه في مواضع في بيان وجوب التكفين و فى بيان كيفية وجوبه و فى بيان كمية الكفن و فى بيان صفته و فى بيان كيفية التكفين و فى بيان من يجب عليه الكفن أما الاول فالدليل على وجه النص و الاجماع و المعقول أما النص فما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال ألبسوا هذه الثياب البيض فانها خير ثيابكم و كفنوا فيها موتاكم و ظاهر الامر لوجوب العمل و روى ان الملائكة لما غسلت آدم صلوات عليه كفنوه و دفنوه ثم قالت لولده هذه سنة موتاكم و السنة المطلقة في معنى الواجب و الاجماع منعقد على وجوبه و لهذا توارثه الناس من لدن وفاة آدم صلوات الله و سلامه عليه إلى يومنا هذا و ذا دليل الوجوب و أما المعقول فهو أن غسل الميت انما وجب كرامة له و تعظيما و معنى التعظيم و الكرامة انما يتم بالتكفين فكان واجبا ( فصل )و أما كيفية وجوبه فوجوبه على سبيل الكفاية قضأ لحق الميت حتى إذا قام به البعض يسقط عن الباقين لان حقه صار مقضيا كما في الغسل و أما الكلام في كمية الكفن فنقول أكثر ما يكفن فيه الرجل ثلاثة أثواب ازار و رداء و قميص و هذا عندنا و قال الشافعي لا يسن القميص في الكفن و انما الكفن ثلاث لفائت و احتج بما روى عن عائشة ان النبي صلى الله عليه و سلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص و لا عمامة و لنا ما روى عن عبد الله بن مغفل رضى الله عنه انه قال كفنوني في قميصى فان رسول الله صلى الله عليه و سلم كفن في قميصه الذي توفى فيه و هكذا روى عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و سلم كفن في ثلاثة أثواب أحدها القميص الذي توفى فيه و الاخذ برواية ابن عباس أولى من الاخذ بحديث عائشة لان ابن عباس حضر تكفين رسول الله صلى الله عليه و سلم و دفنه و عائشة ما حضرت ذلك على ان معنى قولها ليس فيها قميص أى لم يتخذ قميصا جديدا و روى عن على رضى الله عنه انه قال كفن المرأة خمسة أثواب و كفن الرجل ثلاثة و لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين و لان حال ما بعد الموت يعتبر بحال حياته و الرجل في حال حياته يخرج في ثلاثة أثواب عادة قميص و سراويل و عمامة فالإِزار بعد الموت قائم مقام السراويل في حال الحياة لانه في حال حياته انما كان يلبس السراويل لئلا تنكشف عورته عند المشي و ذلك محتاج اليه بعد موته فأقيم الازار مقامه و لذا لم يذكر العمامة في الكفن و قد كرهه بعض مشايخنا لانه لو فعل ذلك لصارا لكفن شفعا و السنة فيه أن يكون وترا و استحسنه بعض مشايخنا لحديث ابن عمر انه كان يعمم الميت و يجعل ذنب العمامة على وجهه بخلاف حال الحياة فانه يرسل ذنب العمامة من قبل القفا لان ذلك لمعنى الزينة و قد انقطع ذلك بالموت و الدليل على ان السنة في حق الرجل ثلاثة أثواب ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه كفن في برد وحلة و الحلة اسم للزوج من الثياب و البرد اسم للفرد منها و أدنى ما يكفن فيه في حالة الاختيار
(307)
ثوبان ازار و رداء لقول الصديق كفنوني في ثوبي هذين و لان أدنى ما يلبسه الرجل في حال حياته ثوبان ألا ترى انه يجوز له أن يخرج فيهما و يصلى فيهما من كراهة فكذا يجوز أن يكفن فيهما أيضا و يكره أن يكفن في ثوب واحد لان في حالة الحياة تجوز صلاته في ثوب واحد مع الكراهة فكذا بعد الموت يكره أن يكفن فيه الا عند الضرورة بأن كان لا يوجد غيره لما روى ان مصعب بن عمير لما استشهد كفن في نمرة فكان إذا غطى بها رأسه بدت رجلاه و إذا غطى بها رجلاه بدا رأسه فأمر النبي صلى الله عليه و سلم ان يغطى بها رأسه و يجعل على رجليه شيء من الاذخر و كذا روى ان حمزة رضى الله عنه لما استشهد كفن في ثوب واحد لم يوجد له غيره فدل على الجواز عند الضرورة و الغلام المراهق كالرجل يكفن فيما يكفن فيه الرجل لان المراهق في حال حياته يخرج فيما يخرج فيه البالغ عادة فكذا يكفن فيما يكفن فيه و ان كان صبيا لم يراهق فان كفن في خرقتين ازار و رداء فحسن و ان كفن في ازار واحد جاز لان في حال حياته كان يجوز الاقتصار على ثوب واحد في حقه فكذا بعد الموت و أما المرأة فأكثر ما تكفن فيه خمسة أثواب درع و خمار و إزار و لفافة و خرقة هو السنة في كفن المرأة لما روى عن أم عطية ان النبي صلى الله عليه و سلم ناول اللواتي غسلن ابنته في كفنها ثوبا ثوبا حتى ناولهن خمسة أثواب آخرهن خرقة تربط بها تدييها و لما روينا عن على رضى الله عنه و لان المرأة في حال حياتها تخرج في خمسة أثواب عادة درع و خمار و إزار و ملاءة و نقاب فكذلك بعد الموت تكفن في خمسة أثواب ثم الخرقة تربط فوق الاكفان عند الصدر فوق الثديين و البطن كيلا ينتشر عليها الكفن إذا حملت على السرير و الصحيح قولنا لما روينا في حديث أم عطية انها قالت آخرهن خرقة تربط بها تدييها و أدنى ما تكفن فيه المرأة ثلاثة أثواب ازار و رداء و خمار لان معنى الستر في حالة الحياة يحصل بثلاثة أثواب حتى يجوز لها أن تصلى فيها و تخرج فكذلك بعد الموت و يكره أن تكفن المرأة في ثوبين و أما الصغيرة فلا بأس بأن تكفن في ثوبين و الجارية المراهقة بمنزلة البالغة في الكفن لما ذكرنا و السقط يلف في خرقة لانه ليس له حرمة كاملة و لان الشرع انما ورد بتكفين الميت و اسم الميت لا ينطلق عليه كما لا ينطلق على بعض الميت و كذا من ولد ميتا أو وجد طرف من أطراف الانسان أو نصفه مشقوقا طولا أو نصفه مقطوعا عرضا لكن ليس معه الرأس لما قلنا فان كان معه الرأس ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه يكفن و على قياس ما ذكره القدوري في شرحه مختصر الكرخي في الغسل يلف في خرقة لما ذكرنا في فصل الغسل و ان وجد أكثره يكفن لان للاكثر حكم الكل و كذا الكافر إذا مات و له ذو رحم محرم مسلم يغسله و يكفنه لكن في خرقة لان التكفين على وجه السنة من باب الكرامة للميت و لا يكفن الشهيد كفنا جديدا ثيابه لقول النبي صلى الله عليه و سلم زملوهم بثيابهم و كلومهم ( فصل )و أما صفة الكفن فالأَفضل ان يكون التكفين بالثياب البيض لما روى عن جابر بن عبد الله الانصاري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال أحب الثياب إلى الله تعالى البيض فليلبسها أحياؤكم و كفنوا فيها موتاكم و فى رواية قال ألبسوا هذه الثياب البيض فانها خير ثيابكم و كفنوا فيها موتاكم و قال النبي صلى الله عليه و سلم حسنوا أكفان الموتى فانهم يتزاورون فيما بينهم و يتفاخرون بحسن أكفانهم و قال صلى الله عليه و سلم إذا ولي أحدكم أخاه ميتا فليحسن كفنه و البرود و الكتان و القصب كل ذلك حسن و الخلق إذا غسل و الجديد سواء لما روى عن أبى بكر رضى الله عنه انه قال اغسلوا ثوبي هذين و كفنونى فيهما فانهما للمهل و الصديد و ان الحى أحوج إلى الجديد من الميت و الحاصل أن ما يجوز لكل جنس ان يلبسه في حياته يجوز ان يكفن فيه بعد موته حتى يكره ان يكفن الرجل في الحرير و المعصفر و المزعفر و لا يكره للنساء ذلك اعتبارا باللباس في حال الحياة ( فصل )و أما كيفية التكفين فينبغي أن تجمر الاكفان أولا وترا أى مرة أو ثلاثا أو خمسا و لا يزيد عليه لما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال إذا أجمرتم الميت فاجمروه وترا و لان الثوب الجديد أو الغسيل مما يطيب و يجمر في حالة الحياة فكذا بعد الممات و الوتر مندوب اليه في ذلك لقوله صلى الله عليه و سلم ان الله تعالى وتر يحب