الظهر من آخر أيام التشريق و قال ابن عمر يختم عند الفجر من آخر أيام التشريق و به أخذ الشافعي ( اما )الكلام في البداية فوجه رواية أبى يوسف قول الله تعالى فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله أمر بالذكر عقيب قضأ المناسك و قضاء المناسك انما يقع في وقت الضحوة من يوم النحر فاقتضى وجوب التكبير في الصلاة التي تليه و هي الظهر وجه ظاهر الرواية قوله تعالى و يذكروا اسم الله في أيام معلومات و هي أيام العشر فكان ينبغى أن يكون التكبير في جميعها واجبا الا ان ما قبل يوم عرفة خص بإجماع الصحابة و لا إجماع في يوم عرفة و الاضحى فوجب التكبير فيهما عملا بعموم النص و لان التكبير لتعظيم الوقت الذي شرع فيه المناسك و أوله يوم عرفة اذ فيه يقام معظم أركان الحج و هو الوقوف و لهذا قال مكحول يبدأ بالتكبير من صلاة الظهر من يوم عرفة لان وقت الوقوف بعد الزوال و لا حجة له في الآية لانها ساكنة عن الذكر قبل قضأ المناسك فلا يصح التعلق بها ( و أما )الكلام في الختم فالشافعي مر على أصله من الاخذ بقول الاحداث من الصحابة رضى الله عنهم لوقوفهم على ما استقر من الشرائع دون ما نسخ خصوصا في موضع الاحتياط لكون رفع الصوت بالتكبير بدعة الا في موضع ثبت بالشرع و أبو يوسف و محمد احتجا بقوله تعالى و اذكروا الله في أيام معدودات و هي أيام التشريق فكان التكبير فيها واجبا و لان التكبير شرع لتعظيم أمر المناسك و أمر المناسك انما ينتهى بالرمي فيمتد التكبير إلى آخر وقت الرمى و لان الاخذ بالاكثر من باب الاحتياط لان الصحابة اختلفوا في هذا و لان يأتى بما ليس عليه أولى من ان يترك ما عليه بخلاف تكبيرات العيد حيث لم نأخذ هناك بالاكثر لان الاخذ بالاحتياط عند تعارض الادلة و هناك ترجح قول ابن مسعود لما نذكر في موضعه و الاخذ بالراجح أولى و ههنا لا رجحان بل استوت مذاهب الصحابة رضى الله عنهم في الثبوت و فى الرواية عن النبي صلى الله عليه و سلم فيجب الاخذ بالاحتياط و لابي حنيفة ان رفع الصوت بالتكبير بدعة في الاصل لانه ذكر و السنة في الاذكار المخافتة لقوله تعالى ادعوا ربكم تضرعا و خفية و لقول النبي صلى الله عليه و سلم خير الدعاء الخفى و لذا هو أقرب إلى التضرع و الادب و أبعد عن الرياء فلا يترك هذا الاصل الا عند قيام الدليل المخصص جاء المخصص للتكبير من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر و هو قوله تعالى و يذكروا اسم الله في أيام معلومات و هي عشر ذي الحجة و العمل بالكتاب واجب الا فيما خص بالاجماع و انعقد الاجماع فيما قبل يوم عرفة انه ليس بمراد و لا إجماع في يوم عرفة و يوم النحر فوجب العمل بظاهر الكتاب عند وقوع الشك في الخصوص و اما فيما وراء العصر من يوم النحر فلا تخصيص لاختلاف الصحابة و تردد التكبير بين السنة و البدعة فوقع الشك في دليل التخصيص فلا يترك العمل بدليل عموم قوله تعالى ادعوا ربكم تضرعا و خفية و به تبين ان الاحتياط في الترك لا في الاتيان لان ترك السنة أولى من اتيان البدعة و أما قولهم ان أمر المناسك انما ينتهى بالرمي فنقول ركن الحج الوقوف بعرفة و طواف الزيارة و انما يحصلان في هذين اليومين فاما الرمى فمن توابع الحج فيعتبر في التكبير وقت الركن لا وقت التوابع و اما الآية فقد اختلف أهل التأويل فيها قال بعضهم المراد من الآية الذكر على الاضاحي و قال بعضهم المراد منها الذكر عند رمى الجمار دليله قوله تعالى فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه و من تأخر فلا اثم عليه و التعجيل و التأخير انما يقعان في رمى الجمار لا في التكبير ( فصل )و اما محل ادائه فدبر الصلاة و اثرها وفورها من ان يتخلل ما يقطع حرمة الصلاة حتى لو قهقه أو أحدث متعمدا أو تكلم عامدا أو ساهيا أو خرج من المسجد أو جاوز الصفوف في الصحراء لا يكبر لان التكبير من خصائص الصلاة حيث لا يؤتى به الا عقيب الصلاة فيراعى لاتيانه حرمة الصلاة و هذه العوارض تقطع حرمة الصلاة فيقطع التكبير و لو صرف وجهه عن القبلة و لم يخرج من المسجد و لم يجاوز الصفوف أو سبقه الحدث يكبر لان حرمة الصلاة باقية لبقاء التحريمة الا ترى انه يبنى و الاصل ان كل ما يقطع البناء يقطع التكبير و ما لا فلا و إذا سبقه الحدث فان شاء ذهب فتوضأ و رجع فكبر و ان شاء كبر من تطهير لانه لا يؤدى في تحريمه الصلاة فلا تشترط له الطهارة قال الشيخ الامام السرخسي رحمه الله و الاصح عندي انه يكبر و لا يخرج من المسجد
(197)
للطهارة لان التكبير لما لم يفتقر إلى الطهارة كان خروجه مع عدم الحاجة قاطعا لفور الصلاة فلا يمكنه التكبير بعد ذلك فيكبر للحال جزما و لو نسى الامام التكبير فللقوم ان يكبروا و قد ابتلى به أبو يوسف رحمه الله تعالى ذكر في الجامع الصغير قال أبو يعقوب صليت بهم المغرب فقمت و سهوت ان كبر فكبر أبو حنيفة رحمه الله تعالى و فرق بين هذا و بين سجدتي السهو إذا سلم الامام و عليه سهو فلم يسجد لسهوه ليس للقوم ان يسجدوا حتى لو قام و خرج من المسجد أو تكلم سقط عنه و عنهم و الفرق ان سجود السهو جزء من أجزاء الصلاة لانه قائم مقام الجزء الفائت من الصلاة و الجابر يكون بمحل النقص و لهذا يؤدى في تحريمه الصلاة بالاجماع اما لانه لم يخرج أو لانه عاد وشئ من الصلاة لا يؤدى بعد انقطاع التحريمة و لا تحريمه بعد قيام الامام فلا يأتى به المقتدى فاما التكبير فليس من أجزاء الصلاة فيشترط له التحريمة و يوجب المتابعة لانه يؤتى به بعد التحلل فلا يجب فيه متابعة الامام انه ان أتى به الامام يتبعه في ذلك لانه يؤتى به عقيب الصلاة متصلا بها فيندب إلى اتباع من كان متبوعا في الصلاة فإذا لم يأت به الامام أتى به القوم لانعدام المتابعة بانقطاع التحريمة كالسامع مع التالي أى ان سجد التالي يسجد معه السامع و ان لم يسجد التالي يأتى به السامع كذا ههنا و لهذا لا يتبع المقتدى رأى امامه حتى ان الامام لو رأى رأى ابن مسعود و المقتدى يرى رأى على فصلى صلاة بعد يوم النحر فلم يكبر الامام اتباعا لرأيه يكبر المقتدى اتباعا لرأى نفسه لانه ليس بتابع له لانقطاع التحريمة التي بها صار تابعا له فكذا هذا و على هذا إذا كان محرما و قد سها في صلاته سجد ثم كبر ثم لبى لان سجود السهو يؤتى به في تحريمه الصلاة لما ذكرنا و لهذا يسلم بعده و لو اقتدى به إنسان في سجود السهو صح اقتداؤه فاما التكبير و التلبية فكل واحد منهما يؤتى به بعد الفراغ من الصلاة و لهذا لا يسلم بعده و لا يصح اقتداء المقتدى به اتباعا لرأى نفسه لانه ليس بتابع له لانقطاع التحريمة التي بها صار تابعا له فكذلك هذا و على هذا إذا كان محرما و قد سها به في حال التكبير و التلبية فيقدم السجدة ثم يأتى بالتكبير ثم بالتلبية لان التكبير و ان كان يؤتى به خارج الصلاة فهو من خصائص الصلاة فلا يؤتى به الا عقيب الصلاة و التلبية ليست من خصائص الصلاة بل يؤتى بها عند اختلاف الاحوال كلما هبط واديا أو علا شرفا أو لقى ركبا و ما كان من خصائص الشيء يجعل كانه منه فيجعل التكبير كانه من الصلاة و ما لم يفرغ من الصلاة لم يوجد اختلاف الحال فكذا ما لم يفرغ من التكبير يجعل كانه لم يتبدل الحال فلا يأتى بالتلبية و لو سها و بدأ بالتكبير قبل السجدة لا يوجب ذلك قطع صلاته و عليه سجدتا السهو لان التكبير ليس من كلام الناس و لو لبى أولا فقد انقطعت صلاته و سقطت عنه سجدتا السهو و التكبير لان التلبية تشبه كلام الناس لانها في الوضع جواب لكلام الناس و غيرها من كلام الناس يقطع الصلاة فكذا هى و تسقط سجدة السهو لانها لم تشرع الا في التحريمة و لا تحريمه و يسقط التكبير أيضا لانه مشروع الا متصلا بالصلاة و قد زال الاتصال و على هذا المسبوق لا يكبر مع الامام لما بينا ان التكبير مشروع بعد الفراغ من الصلاة و المسبوق بعد في خلال الصلاة فلا يأتى به ( فصل )و أما بيان من يجب عليه فقد قال أبو حنيفة انه لا يجب الا على الرجال العاقلين المقيمين الاحرار من أهل الامصار و المصلين المكتوبة بجماعة مستحبة فلا يجب على النسوان و الصبيان و المجانين و المسافرين و أهل القرى و من يصلى التطوع و الفرض وحده و قال أبو يوسف و محمد يجب على كل من يؤدى مكتوبة في هذه الايام على أى وصف كان في أى مكان كان و هو قول إبراهيم النخعي و قال الشافعي في أحد قوليه يجب على كل مصل فرضا كانت الصلاة أو نقلا لان النوافل اتباع الفرائض فما شرع في حق الفرائض يكون مشروعا في حقها بطريق التبعية ( و لنا )ما روى عن على و ابن مسعود انهما كانا لا يكبر ان عقيب التطوعات و لم يرو عن غيرهما خلاف ذلك فحل محل الاجماع و لان الجهر بالتكبير بدعة الا في موضع ثبت بالنص و ما ورد النص الا عقيب المكتوبات و لان الجماعة شرط عند أبى حنيفة لما نذكر و النوافل لا تؤدى بجماعة و كذا لا يكبر عقيب الوتر عندنا أما عند أبى يوسف و محمد فلانه نفل و أما عند أبى حنيفة فلانه لا يؤدى بجماعة في هذه الايام و لانه و ان كان واجبا فليس بمكتوبة و الجهر
(198)
بالتكبير بدعة الا في مورد النص و الاجماع و لا نص و لا إجماع الا في المكتوبات و كذا لا يكبر عقيب صلاة العيد عندنا لما قلنا و يكبر عقيب الجمعة لانها فريضة كالظهر و أما الكلام مع أصحابنا فهما احتجا بقوله تعالى و يذكروا اسم الله في أيام معلومات و قوله و اذكروا الله في أيام معدودات من تقييد مكان أو جنس أو حال و لانه من توابع الصلاة بدليل ان ما يوجب قطع الصلاة من الكلام و نحوه يوجب قطع التكبير فكل من صلى المكتوبة ينبغى أن يكبر و لابي حنيفة رحمه الله تعالى قول النبي صلى الله عليه و سلم لا جمعة و لا تشريق الا في مصر جامع و قول على رضى الله عنه لا جمعة و لا تشريق و لا فطر و لا أضحى الا في مصر جامع و المراد من التشريق هو رفع الصوت بالتكبير هكذا قال النضر بن شميل و كان من أرباب اللغة فيجب تصديقه و لان التشريق في اللغة هو الاظهار و الشروق هو الظهور يقال شرقت الشمس إذا طلعت و ظهرت سمى موضع طلوعها و ظهورها مشرقا لهذا و التكبير نفسه اظهار لكبرياء الله و هو اظهار ما هو من شعار الاسلام فكان تشريقا و لا يجوز حمله على صلاة العيد لان ذلك مستفاد بقوله و لا فطر و لا أضحى في حديث على رضى الله عنه و لا على إلقاء لحوم الاضاحي بالمشرقة لان ذلك لا يختص بمكان دون مكان فتعين التكبير مرادا بالتشريق و لان رفع الصوت بالتكبير من شعائر الاسلام و اعلام الدين و ما هذا سبيله لا يشرع الا في موضع يشتهر فيه و يشيع و ليس ذلك الا في المصر الجامع و لهذا اختص به الجمع و الاعياد و هذا المعنى يقتضى أن لا يأتى به المنفرد و النسوان لان معنى الاشتهار يختص بالجماعة دون الافراد و لهذا لا يصلى المنفرد صلاة الجمعة و العيد و أمر النسوان مبنى على الستر دون الاشهار و أما الآية الثانية فقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل فيها و أما الاولى فنحملها على خصوص المكان و الجنس و الحال عملا بالدليلين بقدر الامكان و ما ذكروا من معنى التبعية مسلم عند وجود شرط المصر و الجماعة و غيرهما من الشرائط فاما عند عدمها فلا نسلم التعبية و لو اقتدى المسافر بالمقيم وجب عليه التكبير لانه صار تبعا لامامه ألا ترى انه تغير فرضه أربعا فيكبر بحكم التبعية و كذا النساء إذا اقتدين برجل وجب عليهن على سبيل المتابعة فان صلين بجماعة وحدهن فلا تكبير عليهن لما قلنا و أما المسافرون إذا صلوا في المصر بجماعة ففيه روايتان روى الحسن عن أبى حنيفة ان عليهم التكبير و الاصح أن لا تكبير عليهم لان السفر مغير للفرض مسقط للتكبير ثم في تغير الفرض لا فرق بين أن يصلوا في المصر أو خارج المصر فكذا في سقوط التكبير و لان المصر الجامع شرط و المسافر ليس من أهل المصر فالتحق المصر في حقه بالعدم ( فصل )و أما بيان حكم التكبير فيما دخل من الصلوات في حد القضاء فنقول لا يخلوا ما ان فاتته الصلاة في أيام التشريق فقضاها في أيام التشريق أو فاتته في هذه الايام فقضاها في هذه الايام أو فاتته في هذه الايام فقضاها في العام القابل من هذه الايام أو فاتته في هذه الايام فقضاها في هذه الايام من هذه السنة فان فاتتة في أيام التشريق فقضاها في أيام التشريق لا يكبر عقيبها لان القضاء على حسب الاداء و قد فاتته بلا تكبير فيقضيها كذلك و ان فاتته في هذه الايام فقضاها في هذه الايام لا يكبر عقيبها أيضا و ان كان القضاء على حسب الاداء و قد فاتته مع التكبير لان رفع الصوت بالتكبير بدعة في الاصل الا حيث ورد الشرع و الشرع ما ورد به و فى وقت القضاء فبقى بدعة فان فاتته في هذه الايام و قضاها في العام القابل في هذه الايام لا يكبر أيضا و روى عن أبى يوسف انه يكبر و الصحيح ظاهر الرواية لما بينا ان رفع الصوت بالتكبير بدعة الا في مورد الشرع و الشرع ورد بجعل هذا الوقت وقتا لرفع الصوت بالتكبير عقيب صلاة هى من صلوات هذه الايام و لم يرد الشرع بجعله وقتا لغير ذلك فبقى بدعة كاضحية فاتت عن وقتها انه لا يمكن التقرب بإراقة دمها في العام القابل و ان عاد الوقت و كذا رمى الجمار لما ذكرنا فكذا هذا و ان فاتته في هذه الايام و قضاها في هذه الايام من هذه السنة يكبر لان التكبير سنة الصلاة الفائتة و قد قدر على القضاء لكون الوقت وقتا لتكبيرات الصلوات المشروعات فيها ( فصل )و أما سننها فكثيرة بعضها صلاة بنفسه و بعضها من لواحق الصلاة أما الذي هو صلاة بنفسه فالسنن
(199)
المعهودة التي يؤدى بعضها قبل المكتوبة و بعضها بعد المكتوبة و لها فصل منفرد نذكرها فيه بعلائقها و أما الذي هو من لواحق الصلاة فثلاثة أنواع نوع يؤتى به عند الشروع في الصلاة و نوع يؤتى به بعد الشروع في الصلاة و نوع يؤتى به عند الخروج من الصلاة أما الذي يؤتى به عند الشروع في الصلاة فسنن الافتتاح و هي أنواع منها أن تكون النية مقارنة للتكبير لان اشتراط النية لاخلاص العمل لله تعالى و قران النية أقرب إلى تحقيق معنى الاخلاص فكان افضل و هذا عندنا و عند الشافعي فرض و المسألة قد مرت ( و منها )أن يتكلم بلسانه ما نواه بقلبه و لم يذكره في كتاب الصلاة نصا و لكنه أشار اليه في كتاب الحج فقال و إذا أردت أن تحرم بالحج ان شاء الله فقل أللهم انى أريد الحج فيسره لي و تقبله منى فكذا في باب الصلاة ينبغى أن يقول أللهم انى أريد صلاة كذا فيسرها لي و تقبلها منى لان هذا سؤال التوفيق من الله تعالى للاداء و القبول بعده فيكون مسنونا ( و منها )حذف التكبير لما روى عن إبراهيم النخعي موقوفا عليه و مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال الاذان جزم و الاقامة جزم و التكبير جزم و لان إدخال المد في ابتداء اسم الله تعالى يكون للاستفهام و الاستفهام يكون للشك و الشك في كبرياء الله تعالى كفر و قوله أكبر لا مد فيه لانه على وزن افعل و أفعل لا يحتمل المد لغة و منها رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح و الكلام فيه يقع في مواضع في أصل الرفع و فى وقته و فى كيفيته و فى محله اما أصل الرفع فلما روى عن أبن عباس و ابن عمر رضى الله عنهما موقوفا عليهما و مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال لا ترفع الايدى الا في سبعة مواطن و ذكر من جملتها تكبيرة الافتتاح و عن أبى حميد الساعدي رضى الله عنه انه كان في عشرة رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لهم ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا هات فقال رأيته إذا كبر عند فاتحة الصلاة رفع يديه و على هذا إجماع السلف و أما وقته فوقت التكبير مقارنا له لانه سنة التكبير شرع لاعلام الاصم الشروع في الصلاة و لا يحصل هذا المقصود الا بالقرآن و أما كيفيته فلم يذكر في ظاهر الرواية و ذكر الطحاوي انه يرفع يديه ناشرا أصابعه مستقبلا بهما القبلة فمنهم من قال أراد بالنشر تفريج الاصابع و ليس كذلك بل أراد أن يرفعهما مفتوحتين لا مضمومتين حتى تكون الاصابع نحو القبلة و عن الفقية ابى جعفر الهندواني انه لا يفرج كل التفريج و لا يضم كل الضم بل يتركهما على ما عليه الاصابع في العادة بين الضم و التفريج و أما محله فقد ذكر في ظاهر الرواية انه يرفع يديه حذاء أذنيه و فسره الحسن بن زياد في المجرد فقال قال أبو حنيفة يرفع حتى يحاذى بابهاميه شحمة أذنيه و كذلك في كل موضع ترفع فيه الايدى عند التكبير و قال الشافعي يرفع حذو منكبيه و قال مالك حذاء رأسه احتج الشافعي بما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا افتتح الصلاة كبر و رفع يديه حذو منكبيه ( و لنا )ما روى أبو يوسف في الامالي باسناده عن البراء بن عازب أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا افتتح الصلاة كبر و رفع يديه حذاء اذنيه و لان هذا الرفع شرع لاعلام الاصم الشروع في الصلاة و لهذا لم يرفع في تكبيرة هى علم للانتقال عندنا لان الاصم يرى الانتقال فلا حاجة إلى رفع اليدين و هذا المقصود انما يحصل إذا رفع يديه إلى أذنيه و أما الحديث فالتوفيق عند تعارض الاخبار واجب فما روى محمول على حالة العذر حين كانت عليهم الاكسية و البرانس في زمن الشتاء فكان يتعذر عليهم الرفع إلى الاذنين يدل عليه ما روى وائل بن حجر أنه قال قدمت المدينة فوجدتهم يرفعون أيديهم إلى الآذان ثم قدمت عليهم من القابل و عليهم الاكسية و البرانس من شدة البرد فوجدتهم يرفعون أيديهم إلى المناكب أو نقول المراد بما روينا رؤوس الاصابع و بما روى الاكف و الارساغ عملا بالدلائل بقدر الامكان و هذا حكم الرجل فاما المرأة فلم يذكر حكمها في ظاهر الرواية و روى الحسن عن أبى حنيفة انها ترفع يديها حذاء اذنيها كالرجل سواء لان كفيها ليسا بعورة و روى محمد بن مقاتل الرازي عن أصحابنا أنها ترفع يديها حذو منكبيها لان ذلك استر لها و بناء أمرهن على الستر الا ترى أن الرجل يعتدل في سجوده و يبسط ظهره في ركوعه و المرأة تفعل كاستر ما يكون لها و منها أن الامام يجهر بالتكبير و يخفى به المنفرد و المقتدى لان الاصل في الاذكار هو الاخفاء و انما الجهر في حق الامام
(200)
لحاجته إلى الاعلام فان الاعمى لا يعلم بالشروع الا بسماع التكبير من الامام و لا حاجة اليه في حق المنفرد و المقتدى و منها أن يكبر المقتدى مقارنا لتكبير الامام فهو أفضل باتفاق الروايات عن أبى حنيفة و فى التسليم عنه روايتان في رواية يسلم مقارنا لتسليم الامام كالتكبير و فى رواية يسلم بعد تسليم الامام بخلاف التكبير و قال أبو يوسف السنة أن يكبر بعد فراغ الامام من التكبير و ان كبر مقارنا لتكبيره فعن أبى يوسف فيه روايتان في رواية يجوز و فى رواية لا يجوز و عن محمد يجوز و يكون مسيأ وجه قولهما أن المقتدى تبع للامام و معنى التبعية لا تتحقق في القرآن ( و لابي )حنيفة أن الاقتداء مشاركة و حقيقة المشاركة المقارنة اذ بها تتحقق المشاركة في جميع اجزاء العبادة و بهذا فارق التسليم على احدى الروايتين لانه إذا سلم بعده فقد وجدت المشاركة في جميع الصلاة لانه يخرج عنها بسلام الامام و منها أن المؤذن إذا قال قد قامت الصلاة كبر الامام في قول أبى حنيفة و محمد و قال أبو يوسف و الشافعي لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الاقامة و الجملة فيه أن المؤذن إذا قال حى على الفلاح فان كان الامام معهم في المسجد يستحب للقوم أن يقوموا في الصف و عند زفر و الحسن بن زياد يقومون عند قوله قد قامت الصلاة في المرة الاولى و يكبرون عند الثانية لان المنبئ عن القيام قوله قد قامت الصلاة لا قوله حى على الفلاح و لنا أن قوله حى على الفلاح دعاء إلى مابه فلاحهم و أمر بالمسارعة اليه فلا بد من الاجابة إلى ذلك و لن تحصل الاجابة الا بالفعل و هو القيام إليها فكان ينبغى أن يقوموا عند قوله حى على الصلاة لما ذكرنا أنا نمنعهم عن القيام كيلا يلغو قوله حى على الفلاح لان من وجدت منه المبادرة إلى شيء فدعاؤه اليه بعد تحصيله إياه لغو من الكلام أما قوله ان المنبئ عن القيام قوله قد قامت الصلاة فنقول قوله قد قامت الصلاة ينبئ عن قيام الصلاة لا عن القيام إليها و قيامها وجودها و ذلك بالتحريمة ليتصل بها جزء من أجزائها تصديقا له على ما نذكر ثم إذا قاموا إلى الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة كبروا على الاختلاف الذي ذكرنا وجه قول أبى يوسف و الشافعي أن في اجابة المؤذن فضيلة و فى إدراك تكبيرة الافتتاح فضيلة فلا بد من الفراغ إحرازا للفضيلتين من الجانبين و لان فيما قلنا تكون جميع صلاتهم بالاقامة و فيما قالوا بخلافه ( ولاي )حنيفة و محمد ما روى عن سويد بن غفلة أن عمر كان إذا انتهى المؤذن إلى قوله قد قامت الصلاة كبر و روى عن بلال رضى الله عنه أنه قال يا رسول الله ان كنت تسبقني بالتكبير فلا تسبقني بالتأمين و لو كبر بعد الفراغ من الاقامة لما سبقه بالتكبير فضلا عن التأمين فلم يكن للسؤال معنى و لان المؤذن مؤتمن الشرع فيجب تصديقه و ذلك فيما قلناه لما ذكرنا أن قيام الصلاة وجودها فلا بد من تحصيل التحريمة المقترنة بركن من أركان الصلاة ليوجد جزء من أجزائها فيصير المخبر عن قيامها صادقا في مقالته لان المخبر عن المتركب من اجزاء لا بقاء لها لن يكون الا عن وجود جزء منها و ان كان الجزء وحده مما لا ينطلق عليه اسم المتركب كمن يقول فلان يصلى في الحال يكون صادقا و ان كان لا يوجد في الحالة الاخبار الا جزء منها لاستحالة اجتماع اجزائها في الوجود في حالة واحدة و به تبين أن ما ذكروا من المعنيين لا يعتبر بمقابلة فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم و فعل عمر رضى الله عنه ثم نقول في تصديق المؤذن فضيلة كما أن في اجابته فضيلة بل فضيلة التصديق فوق فضيلة الاجابة مع أن فيما قالوه فوات فضيلة الاجابة أصلا اذ لا جواب لقوله قد قامت الصلاة من حيث القول و ليس فيما قلنا تفويت فضيلة الاجابة أصلا بل حصلت الاجابة بالفعل و هو اقامة الصلاة فكان ما قلناه سببا لاستدراك الفضيلتين فكان أحق و به تبين أن لا بأس باداء بعض الصلاة بعد أكثر الاقامة و اداء أكثرها بعد جميع الاقامة إذا كان سببا لاستدراك الفضيلتين و بعض مشايخنا اختاروا في الفعل مذهب ابى يوسف لتعذر إحضار النية عليهم في حال رفع المؤذن صوته بالاقامة هذا إذا كان الامام في المسجد فان كان خارج المسجد لا يقومون ما لم يحضر لقول النبي صلى الله عليه و سلم لا تقوموا في الصف حتى تروني خرجت و روى عن على رضى الله عنه أنه دخل المسجد فرأى الناس قياما ينتظرونه فقال مالى أراكم سامدين أى واقفين متحيرين و لان القيام لاجل الصلاة و لا يمكن اداؤها بدون الامام فلم يكن القيام مفيدا ثم ان دخل الامام من قدام الصفوف
(201)
فكما رأوه قاموا لانه كما دخل المسجد قام مقام الامامة و ان دخل من وراء الصفوف فالصحيح أنه كلما جاوز صفا قام ذلك الصف لانه صار بحال لو اقتدوا به جاز فصار في حقهم كانه أخذ مكانه و أما الذي يؤتى به بعد الفراغ من الافتتاح فنقول إذا فرغ من تكبيرة الافتتاح يضع يمينه على شماله و الكلام فيه في أربعة مواضع أحدها في أصل الوضع و الثاني في وقت الوضع و الثالث في محل الوضع و الرابع في كيفية الوضع أما الاول فقد قال عامة العلماء ان السنة هى وضع اليمين على الشمال و قال مالك السنة هى الارسال وجه قوله أن الارسال أشق على البدن و الوضع للاستراحة دل عليه ما روى عن إبراهيم النخعي أنه قال انهم كانوا يفعلون ذلك مخافة اجتماع الدم في رؤوس الاصابع لانهم كانوا يطيلون الصلاة و أفضل الاعمال أحمزها على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لنا ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ثلاث من سنن المرسلين تعجيل الافطار و تأخير السجود و أخذ الشمال باليمين في الصلاة و فى رواية وضع اليمين على الشمال تحت السرة في الصلاة و أما وقت الوضع فكما فرغ من التكبير في ظاهر الرواية و روى عن محمد في النوادر أنه يرسلهما حالة الثناء فإذا فرغ منه يضع بناء على أن الوضع سنة القيام الذي له قرار في ظاهر المذهب و عن محمد سنة القراءة و اجمعوا على أنه لا يسن الوضع في القيام المتخلل بين الركوع و السجود لانه لا قرار له و لا قراءة فيه و الصحيح جواب ظاهر الرواية لقوله صلى الله عليه و سلم انا معشر الانبياء أمرنا أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة من فصل بين حال و حال فهو على العموم الا ما خص بدليل و لان القيام من أركان الصلاة و الصلاة خدمة الرب تعالى و تعظيم له و الوضع في التعظيم أبلغ من الارسال كما في الشاهد فكان أولى و أما القيام المتخلل بين الركوع و السجود في صلاة الجمعة و العيدين فقال بعض مشايخنا الوضع أولى لان له ضرب قرار و قال بعضهم الارسال أولى لانه كما يضع يحتاج إلى الرفع فلا يكون مفيدا و أما في حال القنوت فذكر في الاصل إذا أراد أن يقنت كبر و رفع يديه حذاء أذنيه ناشرا أصابعه ثم يكفهما قال أبو بكر الاسكاف معناه يضع يمينه على شماله و كذلك روى عن أبى حنيفة و محمد أنه يضعهما كما يضع يمينه على يساره في الصلاة و ذكر الكرخي و الطحاوي أنه يرسلهما في حالة القنوت و كذا روى عن أبى يوسف و اختلفوا في تفسير الارسال قال بعضهم لا يضع يمينه على شماله و منهم من قال لا بل يضع و معنى الارسال أن لا يبسطهما كما روى عن أبى يوسف أنه يبسط يديه بسط في حالة القنوت و هو الصحيح لعموم الحديث الذي روينا و لان هذا قيام في الصلاة له قرار فكان الوضع فيه أقرب إلى التعظيم فكان أولى و أما في صلاة الجنازة فالصحيح أيضا أنه يضع لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه صلى على جنازة و وضع يمينه على شماله تحت السرة و لان الوضع أقرب إلى التعظيم في قيام له قرار فكان الوضع أولى و أما محل الوضع فما تحت السرة في حق الرجل و الصدر في حق المرأة و قال الشافعي محله الصدر في حقهما جميعا و احتج بقوله تعالى فصل لربك و انحر قوله و انحر أى ضع اليمين على الشمال في النحر و هو الصدر و كذا روى عن على في تفسير الآية و لنا ما روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ثلاث من سنن المرسلين من جملتها وضع اليمين على الشمال تحت السرة في الصلاة و أما الآية فمعناه أى صل صلاة العيد و انحر الجزور و هو الصحيح من التأويل لانه حينئذ يكون عطف الشيء على غيره كما هو مقتضى العطف في الاصل و وضع اليد من أفعال الصلاة و أبعاضها و لا مغايرة بين البعض و بين الكل أو يحتمل ما قلنا فلا يكون حجة مع الاحتمال على انه روى عن على و أبى هريرة رضى الله عنهما انهما قالا السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة فلم يكن تفسير الآية عنه و أما كيفية الوضع فلم يذكر في ظاهر الرواية و اختلف فيها قال بعضهم يضع كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى و قال بعضهم يضع على ذراعه اليسرى و قال بعضهم يضع على المفصل و ذكر في النوادر اختلافا بين أبى يوسف و محمد فقال على قول أبى يوسف يقبض بيده اليمنى على رسغ يده اليسرى و عند محمد يضع كذلك و عن الفقية أبى جعفر الهندواني انه قال أبى يوسف أحب إلى لان في القبض وضعا و زيادة و هو اختيار مشايخنا بما وراء النهر فيأخذ المصلى رسغ يده اليسرى بوسط كفه اليمنى و يحلق ابهامه و خنصره و بنصره و يضع الوسطى و المسبحة على
(202)
معصمه ليصير جامعا بين الاخذ و الوضع و هذا لان الاخبار اختلفت ذكر في بعضها الوضع و فى بعضها الاخذ فكان الجمع بينهما عملا بالدلائل أجمع فكان أولى ثم يقول سبحانك أللهم و بحمدك و تبارك اسمك و تعالى جدك و لا اله غيرك سواء كان اماما أو مقتديا أو منفردا هكذا ذكر في ظاهر الرواية و زاد عليه في كتاب الحج وجل ثناؤك و ليس ذلك في المشاهير و لا يقرأ انى وجهت وجهي لا قبل التكبير و لا بعده في قول أبى حنيفة و محمد و هو قول أبى يوسف الاول ثم رجع و قال في الاملاء يقول مع التسبيح انى وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض حنيفا و ما أنا من المشركين ان صلاتي و نسكي و محياى و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين و لا يقول و أنا أول المسلمين لانه كذب و هل تفسد صلاته إذا قال ذلك قال بعضهم تفسد لانه أدخل الكذب في الصلاة و قال بعضهم لا تفسد لانه من القرآن ثم عن أبى يوسف روايتان في رواية يقدم التسبيح عليه و فى رواية هو بالخيار ان شاء قدم و ان شاء أخر و هو أحد قولى الشافعي و فى قول يفتتح بقوله وجهت وجهي لا بالتسبيح و احتجا بحديث ابن عمر أن النبي كان إذا افتتح الصلاة قال وجهت وجهي الخ و قال سبحانك أللهم و بحمدك إلى آخره و الشافعي زاد عليه ما رواه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو قوله أللهم انى ظلمت نفسى ظلما كثيرا و انه لا يغفر الذنوب الا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك و تب على انك أنت التواب الرحيم و فى بعض الروايات أللهم أنت الملك لا اله الا أنت أنت ربي و أنا عبدك و أنا على عهدك و وعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك على و أبوء لك بذنبي فاغفر لي ذنوبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت و اهدنى لاحسن الاخلاق انه لا يهدى لا حسنها الا أنت و اصرف عني سيئها انه لا يصرف عني سيئها الا أنت أنابك و لك تباركت و تعاليت أستغفرك و أتوب إليك وجه ظاهر الرواية قوله تعالى فسبح بحمد ربك حين تقوم ذكر الجصاص عن الضحاك عن عمر رضى الله عنه انه قول المصلى عند الافتتاح سبحانك أللهم و بحمدك و روى هذا الذكر عمر و على و عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم انه كان يقول عند الافتتاح و لا تجوز الزيادة على الكتاب و الخبر المشهور بالاحاد ثم تأويل ذلك كله انه كان يقول ذلك في التطوعات و الامر فيها أوسع فاما في الفرائض فلا يزاد على ما اشتهر فيه الاثر أو كان في الابتداء ثم نسخ بالآية أو تأيد ما روينا بمعاضدة الآية ثم لم يرو عن أصحابنا المتقدمين انه يأتى به قبل التكبير و قال بعض مشايخنا المتأخرين انه لا بأس به قبل التكبير لاحضار النية و لهذا لقنوه العوام ثم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم في نفسه إذا كان منفردا أو اماما و الكلام في التعوذ في مواضع في بيان صفته و فى بيان وقته و فى بيان من يسن في حقه و فى بيان كيفيته اما الاول فالتعوذ سنة في الصلاة عند عامة العلماء و عند مالك ليس بسنة و الصحيح قول العامة لقوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم من فصل بين حال الصلاة و غيرها و روى ان أبا الدرداء قام ليصلى فقال له النبي صلى الله عليه و سلم تعوذ بالله من الشيطان الرجيم و من شياطين الانس و الجن و كذا الناقلون صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم نقلوا تعوذه بعد الثناء قبل القراءة و أما وقت التعوذ فما بعد الفراغ من التسبيح قبل القراءة عند عامة العلماء و قال أصحاب الظواهر وقته ما بعد القراءة لظاهر قوله تعالى فإذا قرأت القرآن الآية أمر بالاستعاذة بعد قراءة القرآن لان الفآء للتعقيب و لنا ان الذين نقلوا صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم نقلوا تعوذه بعد الثناء قبل القراءة و لان التعوذ شرع صيانة للقراءة عن وساوس الشيطان و معنى الصيانة انما يحتاج اليه قبل القراءة لا بعدها و الارادة مضمرة في الآية معناه فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله كذا قال أهل التفسير كما في قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة أى إذا أردتم القيام إليها و أما من يسن في حقه التعوذ فهو الامام و المنفرد دون المقتدى في قول أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف هو سنة في حقه أيضا ذكر الاختلاف في السير الكبير و حاصل الخلاف راجع إلى أن التعوذ تبع للثناء أو تابع للقراءة فعلى قولهما تبع للقراءة لانه شرع لافتتاح القراءة صيانة لها عن وساوس الشيطان فكان كالشرط لها و شرط الشيء تبع له و على قوله تبع للثناء لانه شرع بعد الثناء و هو من جنسه و تبع الشيء كاسمه ما يتبعه و يتفرع على هذا الاصل ثلاث مسائل إحداها انه لا تعوذ على المقتدى عندهما