بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 1

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(56)

يجوز له ان يؤدى به النفل و الغرض عندنا و عنده لا يجوز له آداء الفرض لان التبع لا يستتبع الاصل و على هذا قال الزهرى انه لا يجوز التيمم لصلاة النافلة رأسا لانه طهارة ضرورية و الضرورة في الفرائض لا في النوافل و عندنا يجوز لانه طهارة مطلقة حال عدم الماء و لانه ان كان لا يحتاج إلى إسقاط الفرض عن نفسه به يحتاج إلى إحراز الثوب لنفسه و الحاجة إلى إحراز الثواب حاجة معتبرة فيجوز ان يعتبر الطهارة لاجله و لهذا اعتبرت طهارة المستحاضة في حق النوافل بلا خلاف كذا ههنا ( و أما )

الخلاف الذي مع أصحابنا في كيفية البدلية فهو انهم اختلفوا في أن التراب بدل عن الماء عند عدمه و البدلية بين التراب و بين الماء أو التيمم بدل عن الوضوء عند عدمه و البدلية بين التيمم و بين الوضوء فقال أبو حنيفة و أبو يوسف ان التراب بدل عن الماء عند عدمه و البدلية بين التراب و الماء و قال محمد التيمم بدل عن الوضوء عند عدمه و البدلية بين التيمم و بين الوضوء و احتج محمد لتصحيح أصله بالحديث و هو قوله صلى الله عليه و سلم التيمم وضوء المسلم الحديث سمى التيمم و ضوأ دون التراب و هما احتجا بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا أقام الصعيد مقام الماء عند عدمه و أما السنة فما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال التراب طهور المسلم و قال جعلت لي الارض مسجدا و طهورا و يتفرع عن هذا الاختلاف أن المتيمم إذا أم المتوضئين جازت امامته إياهم و صلاتهم جائزة إذا لم يكن مع المتوضئين ماء في قول أبى حنيفة و أبى يوسف و ان كان معهم ماء لا تجوز صلاتهم و عند محمد لا يجوز اقتداؤهم به سواء كان معهم ماء أو لم يكن و عند زفر يجوز كان معهم ماء أو لم يكن وجه البناء على هذا الاصل ان عند محمد لما كانت البدلية بين التيمم و بين الوضوء فالمقتدى إذا كان على وضوء لم يكن تيمم الامام طهارة في حقه لوجود الاصل في حقه فكان مقتديا بمن لا طهارة له في حقه فلا يجوز اقتداؤه به كالصحيح إذا اقتدى بصاحب الجرح السائل انه لا يجوز له لان طهارة الامام ليست بطهارة في حق المقتدى فلم تعتبر طهارتة في حقه فكان مقتديا بمن لا طهارة له في حقه فلم يجز اقتداؤه به كذا هذا و لما كانت البدلية بين التراب و بين الماء عندهما فإذا لم يكن مع المقتدين ماء كان التراب طهارة مطلقة في حال عدم الماء فيجوز اقتداؤهم به فصار كإقتداء الغاسل بالماسح بخلاف صاحب الجرح السائل لان طهارته ضرورية لان الحدث يقارنها أو يطرأ عليها فلا تعتبر في حق الصحيح و إذا كان معهم ماء فقد فات الشرط في حق المقتدين فلا يبقى التراب طهورا في حقهم فلم تبق طهارة الامام طهارة في حقهم فلا يصح اقتداؤهم به و على هذا الاصل المتيمم إذا أم المتوضئين و لم يكن معهم ماء ثم رأى واحد منهم الماء و لم يعلم به الامام و الآخرون حتى فرغوا فصلاته فاسدة و قال زفر لا تفسد و هو رواية عن أبى يوسف لانه متوضئ في نفسه فرؤية الماء لا تكون مفسدة في حقه و انما تفسد صلاته بفساد صلاة الامام و هي صحيحة ( و لنا )

ان طهارة الامام جعلت عدما في حقه لقدرته على الماء الذي هو أصل اذ لا يبقى الخلف مع وجود الاصل فصار معتقدا فساد صلاة الامام و المقتدى إذا اعتقد فساد صلاة الامام تفسد صلاته كما لو اشتبهت عليهم القبلة فتحرى الامام إلى جهة و المقتدى إلى جهة أخرى و هو يعلم ان امامه يصلى إلى جهة أخرى لا يصح اقتداؤه به كذا هذا ثم نتكلم في المسألة ابتداء فحجة محمد ما روى عن على رضى الله عنه انه قال لا يؤم المتيمم المتوضئين و لا المقيد المطلقين و هذا نص في الباب و حجتهما ما روينا من حديث عمرو بن العاص رضى الله عنه حين أمره رسول الله صلى عليه و سلم على سرية و ما روى عن على فهو مذهبه و قد خالفه ابن عباس رضى الله عنه و المسألة إذا كانت مختلفة بين الصحابة رضى الله عنهم لا يكون قول البعض حجة على البعض على ان فيه أنه لا يؤم و ليس فيه انه لو أم لا يجوز و هذا كما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه ثم لو أم جاز كذا هذا ( فصل )

و اما بيان ما ينقض التيمم فالذي ينقضه نوعان عام و خاص اما العام فكل ما ينقض الوضوء من الحدث الحقيقي و الحكمي ينقض التيمم و قد مر بيان ذلك كله في موضعه و اما الخاص و هو ما ينقض التيمم على الخصوص

(57)

فوجود الماء و جملة الكلام فيه ان المتيمم إذا وجد الماء لا يخلو اما ان وجده قبل الشروع في الصلاة و اما ان وجده في الصلاة و اما ان وجده بعد الفراغ منها فان وجده قبل الشروع في الصلاة انتقض تيممه عند عامة العلماء و عن أبى سلمة بن عبد الرحمن انه لا ينتقض التيمم بوجود الماء أصلا وجه قوله أن الطهارة بعد صحتها لا تنقض الا بالحدث و وجود الماء ليس بحدث ( و لنا )

ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال التيمم وضوء المسلم و لو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء أو يحدث جعل التيمم وضوء المسلم إلى غاية وجود الماء و الممدود إلى غاية ينتهى عند وجود الغاية و لان التيمم خلف عن الوضوء و لا يجوز المصير إلى الخلف مع وجود الاصل كما في سائر الاختلاف مع أصولها و قوله وجود الماء ليس بحدث مسلم و عندنا أن المتيمم لا يصير محدثا بوجود الماء بل الحدث السابق يظهر حكمه عند وجود الماء الا انه لم يظهر حكم ذلك الحدث في حق الصلاة المؤداة ثم وجود الماء نوعان وجوده من حيث الصورة و المعنى و هو أن يكون مقدور الاستعمال له و أنه ينقض التيمم و وجوده من حيث الصورة دون المعنى و هو ان لا يقدر على استعماله و هذا لا ينقض التيمم حتى لو مر المتيمم على الماء الكثير و هو لا يعلم به أو كان غافلا أو نائما لا يبطل تيممه كذا روى عن أبى يوسف و كذا لو مر على ماء في موضع لا يستطيع النزول اليه لخوف عدو أو سبع لا ينتقض تيممه كذا ذكر محمد بن مقاتل الرازي و قال هذا قياس قول أصحابنا لانه واجد للماء فكان ملحقا بالعدم و كذا إذا أتى بئرا و ليس معه دلوا و رشا أو وجد ماء و هو يخاف على نفسه العطش لا ينتقض تيممه لما قلنا و كذا لو وجد ماء موضوعا في الفلاة في جب أو نحوه على قياس ما حكى عن أبى نصر محمد ابن محمد بن سلام لانه معد للسقيا دون الوضوء الا أن يكون كثيرا فيستدل بالكثرة على انه معد للشرب و الوضوء جميعا فينتقض تيممه و الاصل فيه ان كل ما منع وجوده التيمم نقض وجوده التيمم و ما لا فلا ثم وجود الماء انما ينقض التيمم إذا كان القدر الموجود يكفى للوضوء أو الاغتسال فان كان لا يكفى لا ينقض عندنا و عند الشافعي قليله و كثيره ينقض و الخلاف في البقاء كالخلاف في الابتداء و قد مر ذكره في بيان الشرائط و على هذا يخرج ما ذكره محمد في الزيادات لو ان خمسة من المتيممين وجدوا من الماء مقدار ما يتوضأ به أحدهم انتقض تيممهم جميعا لان كل واحد منهم قدر على استعماله على سبيل البدل فكان كل واحد منهم واجدا للماء صورة و معنى فيتنقض تيممهم جميعا و لان كل واحد منهم قدر على استعماله بيقين و ليس البعض أولى من البعض فينتقض تيممهم احتياطا و لو كان لرجل ماء فقال ابحت لكم هذا الماء يتوضأ به أيكم شاء و هو قدر ما يكفى لوضوء أحدهم انتقض تيممهم جميعا لما قلنا و لو قال هذا الماء لكم لا ينتقض تيممهم بإجماع بين أصحابنا اما على أصل أبى حنيفة فلان هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تصح فلم يثبت الملك رأسا و اما على أصلهما فالهبة و ان صحت و أفادت الملك لكن لا يصيب كل واحد منهم ما يكفى لوضوئه فكان ملحقا بالعدم حتى انهم لو أذنوا لواحد منهم بالوضوء انتقض تيممه عندهما لانه قدر على ما يكفى للوضوء و عنده الهبة فاسدة فلا يصح الاذن و على هذا الاصل مسائل في الزيادات مسافر محدث على ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم و معه ما يكفى لاحدهما غسل به الثوب و تيمم للحدث عند عامة العلماء و روى الحسن عن أبى يوسف انه يتوضأ به و هو قول حماد و وجهه ان الحدث أغلظ النجاستين بدليل ان الصلاة مع الثوب النجس جائزة في الجملة للضرورة و لا جواز لها مع الحدث بحال ( و لنا )

ان الصرف إلى النجاسة يجعله مصليا بطهارتين حقيقية و حكمية فكان أولى من الصلاة بطهارة واحدة و يجب ان يغسل ثوبه من النجاسة ثم يتيمم و لو بدأ بالتيمم لا يجزيه و تلزمه الاعادة لانه قدر على ماء و لو توضأ به تجوز به صلاته و ان وجد الماء في الصلاة فان وجده قبل أن يقعد قدر التشهد الاخير انتقض تيممه و توضأ به و استقبل الصلاة عندنا و للشافعي ثلاثة أقوال في قول مثل قولنا و فى قول يقرب الماء منه حتى يتوضأ و يبنى و فى قول يمضى على صلاته و هو أظهر أقواله و وجهه ان الشروع في الصلاة قد صح فلا يبطل بروية الماء كما إذا رأى بعد الفراغ من الصلاة و هذا لان رؤية الماء ليس بحدث و الموجود ليس الا الرؤية فلا تبطل

(58)

الصلاة و إذا لم تبطل الصلاة فحرمة الصلاة تعجزه عن استعمال الماء فلا يكون واجدا للماء معنى كما إذا كان على رأس البئر و لم يجد آلة الاستقاء ( و لنا )

ان طهارة التيمم انعقدت ممدودة إلى غاية وجود الماء بالحديث الذي روينا فتنتهى عند وجود الماء فلو أتمها لاتم بغير طهارة و هذا لا يجوز و به تبين انه لم تبق حرمة الصلاة و قوله ان رؤية الماء ليست بحدث فلا تبطل الطهارة قلنا بلى و عندنا لا تبطل بل تنتهى لكونها مؤقته إلى غاية الرؤية و لان المتيمم لا يصير محدثا بروية الماء عندنا بل بالحدث السابق على الشروع في الصلاة الا أنه لم يظهر أثره في حق الصلاة المؤداة للضرورة و لا ضرورة في الصلاة التي لم تؤد فظهر أثر الحدث السابق و صار كجروج الوقت في حق المستحاضة و لانه قدر على الاصل قبل حصول المقصود بالبدل و ذلك يبطل حكم البدل كالمعتدة بالاشهر إذا حاضت و ان وجده بعد ما قعد قدر التشهد الاخير أو بعد ما سلم و عليه سجدتا السهو و عاد إلى السجود فسدت صلاته عند أبى حنيفة و يلزمه الاستقبال و عند أبى يوسف و محمد يبطل تيممه و صلاته تامة و هذه من المسائل المعروفة بالاثنى عشرية و الاصل فيها ان ما كان من افعال المصلى ما يفسد الصلاة لو وجد في اثنائها لا يفسدها ان وجد في هذه الحالة بإجماع بين أصحابنا مثل الكلام و الحدث العمد و القهقهة و نحو ذلك و عند الشافعي تفسد بناء على ان الخروج من الصلاة بالسلام ليس بفرض عندنا و عنده فرض على ما يذكر و اما ما ليس من فعل المصلى بل هو معنى سماوي لكنه لو اعترض في اثناء الصلاة يفسد الصلاة فإذا وجد في هذه الحالة هل يفسدها قال أبو حنيفة يفسدها و قال أبو يوسف و محمد لا يفسدها و ذلك كالمتيمم يجد ماء و الماسح على الخفين إذا انقضى وقت مسحه و العارى يجد ثوبا و الامى يتعلم القرآن و صاحب الجرح السائل ينقطع عنه السيلان و صاحب الترتيب إذا تذكر فائتة و دخول وقت العصر يوم الجمعة و هو في صلاة الجمعة و سقوط الخف عن الماسح عليه إذا كان واسعا بدون فعله و طلوع الشمس في هذه الحالة لمصلى الفجر و المؤمي إذا قدر على القيام و القارئ إذا استخلف أميا و المصلى بثوب فيه نجاسة أكثر من قدر الدرهم و لم يجد ماء ليغسله فوجد في هذه الحالة و قاضي الفجر إذا زالت الشمس و المصلى إذا سقط الجبائر عنه عن برء و قضية الترتيب ذكر كل واحدة من هذه المسائل في موضعها و انما جمعناها اتباعا للسلف و تيسيرا للحفظ على المتعلمين و من مشايخنا من قال ان حاصل الاختلاف يرجع إلى أن خروج المصلى من الصلاة بفعله فرض عند أبى حنيفة و عندهما ليس بفرض و منهم من تكلم في المسألة من وجه آخر وجه قولهما أن الصلاة قد انتهت بالقعود قدر التشهد لانتهاء أركانها قال النبي صلى الله عليه و سلم لعبدالله بن مسعود رضى الله عنه حين علمه التشهد إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك و الصلاة بعد تمامها لا تحتمل الفساد و لهذا لا تفسد بالسلام و الكلام و الحدث العمد و القهقهة ودل الحديث على أن الخروج بفعله ليس بفرض لانه وصف الصلاة بالتمام و لا تمام يتحقق مع بقاء ركن من أركانها و لهذا قلنا ان الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في الصلاة ليست بفرض و كذا اصابة لفظ السلام لان تمام الشيء و انتهاءه مع بقاء شيء منه محال الا أنه لو قهقهه في هذا الحالة تنتقض طهارته لان انتقاضها يعتمد قيام التحريمة و انها قائمة فاما فساد الصلاة فيستدعى بقاء التحريمة مع بقاء الركن و لم يبق عليه ركن من أركان الصلاة لما بينا و لان الخروج من الصلاة ضد الصلاة لانه تركها و ضد الشيء كيف يكون ركنا له و لان عند أبى حنيفة يحصل الخروج بالحدث العمد و القهقهة و الكلام و هذه الاشياء حرام و معصية فكيف تكون فرضا و الوجه لتصحيح مذهب أبى حنيفة في عدة من هذه المسائل من البناء على الاصل الذي ذكرنا أن فساد الصلاة ليس لوجود هذه العوارض بل بوجودها يظهر انها كانت فاسدة ( و بيان )

ذلك ان المتيمم إذا وجد الماء صار محدثا بالحدث السابق في حق الصلاة التي لم تؤد لانه وجد منه الحدث و لم يوجد منه ما يزيله حقيقة لان التراب ليس بطهور حقيقة الا أنه لم يظهر حكم الحدث في حق الصلاة المؤداة للحرج كيلا تجتمع عليه الصلوات فيحرج في قضائها فسقط اعتبار الحدث السابق دفعا للحرج و لا حرج في الصلاة التي لم تود و هذه الصلاة مؤادة فان تحريمه الصلاة باقية بلا خلاف و كذا الركن الاخير باق لانه و ان طال فهو في حكم الركن كالقراءة إذا طالت فظهر

(59)

فيها حكم الحدث السابق فتبين أن الشروع فيها لم يصح كما لو اعترض هذا المعنى في وسط الصلاة و على هذا يخرج انقضاء مدة المسح لانه إذا انقضى وقت المسح صار محدثا بالحدث السابق لان الحدث قد وجد و لم يوجد ما يزيله عن القدم حقيقة لكن الشرع أسقط اعتبار الحدث فيما أدى من الصلاة دفعا للحرج فالتحقق المانع بالعدم في حق الصلاة المؤداة و لا حرج فيما لم يؤد فظهر حكم الحدث السابق فيه و على هذا إذا سقط خفه من صنعه و كذا صاحب الجرح السائل و من هو بمثل حاله و كذا المصلى إذا كان على ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم و لم يجد الماء ليغسله فوجد في هذه الحالة لان هذه النجاسة انما سقط اعتبارها لما قلنا من الجرح و لا حرج في هذه الصلاة و كذا العاري إذا وجد ثوبا و المؤمي إذا قدر على القيام و الامى إذا تعلم القراءة لان الستر و القيام و القراءة فرض على القادر عليها و السقوط عن هؤلاء للعجز و قد زال فكان ينبغى أن يجب قضأ الكل كالمريض العاجز عن الصوم و المغمى عليه يجب عليهما القضاء عند حدوث القدرة لكن سقط لاجل الحرج و لا حرج في حق هذه الصلاة و كذا هى ليست نظير تلك الصلوات لانه لا قدرة ثمة أصلا و ههنا حصلت القدرة في جزء منها و على هذا صاحب الترتيب إذا تذكر فائتة لانه ظهر انه أدى الوقتية قبل وقتها فكان ينبغى أن يجب قضأ الكل الا أنه سقط للحرج لان النسيان مما يكثر وجوده و لا حرج في حق هذه الصلاة و على هذا المصلى إذا سقطت الجبائر عن يده عن برء لان الغسل واجب على القادر و ان سقط عنه للعجز فإذا زال العجز كان ينبغى أن يقضى ما مضى بعد البرء الا أنه سقط للحرج و فى هذه الصلاة لا حرج و أما قاضى الفجر إذا زالت الشمس فهو في هذه الحالة يخرج على وجه آخر و هو أن الواجب في ذمته كامل و المؤدى في هذا الوقت ناقص لو رود النهى عن الصلاة في هذه الاوقات و الكامل لا يتأدى بالناقص فلا يقع قضأ و لكنه يقع تطوعا لان التطوع فيه جائز فينقلب تطوعا و على هذا مصلى الفجر إذا طلعت الشمس لانه وجب عليه الاداء كاملا لان الوقت الناقص قليل لا يتسع للاداء فلا يجب ناقصا بل كاملا في الوقت الناقص فإذا أتى به فيه صار ناقصا فلا يتأدى به الكامل بخلاف صلاة العصر لان ثمة الوقت الناقص مما يتسع لاداء الصلاة فيه فيجب ناقصا و قد أداه ناقصا فهو الفرق و أما دخول وقت العصر في صلاة الجمعة في هذه الحالة فيخرج على وجه آخر و هو أن الظهر هو الواجب الاصلى في كل يوم عرف وجوبه بالدلائل المطلقة و انما تغير إلى الركعتين في يوم الجمعة بشرائط مخصوصة عرفناها بالنصوص الخاصة معقولة المعنى و الوقت من شرائطه فمتى لم يوجد في جميع الصلاة لم يكن هذا نظير المخصوص عن الاصل فلم يجز فظهر أن الواجب هو الظهر فعليه اداء الظهر بخلاف الكلام و القهقهة و الحدث العمد لان ثمة الفساد لوجود هذه العوارض لانها نواقض الصلاة و قد صادفت جزأ من أجزاء الصلاة فاوجب فساد ذلك الجزء ان ذلك زيادة تستغنى الصلاة عنها فكان وجودها و العدم بمنزلة فاقتصر الفساد عليها بخلاف ما إذا اعترضت في اثناء الصلاة لانها أوجبت فساد ذلك الجزء الاصلى و لا وجود للصلاة بدونه فلا يمكنه البناء بعد ذلك و اما الحديث فنقول النبي صلى الله عليه و سلم حكم بتمام الصلاة و بوجود هذه العوارض تبين انها ما كانت صلاة اذ لا وجود للصلاة مع الحدث و مع فقد شرط من شرائطها و قد مر بيان ذلك و كذا الصلاة في الاوقات المكروهة مخصوصة عن هذا النص بالنهى عن الصلاة فانها لا تخلو عن النقصان و كذلك صلاة الجمعة مخصوصة عن هذا النص بالدلائل المطلقة المقتضية لوجوب الظهر في كل يوم على ما مر هذا إذا وجد في الصلاة ماء مطلقا فان وجد سؤر حمار مضى على صلاته لانه مشكوك فيه و شروعه في الصلاة قد صح فلا يقطع بالشك بل يمضى على صلاته فإذا فرغ منها توضأ به و أعاد لانه ان كان مطهرا في نفسه ما جازت صلاته و ان كان مطهر في نفسه جازت به صلاته فوقع الشك في الجواز فيؤمر بالاعادة احتياطا و ان وجد نبيذ التمر انتقض تيممه عند أبى حنيفة لانه بمنزلة الماء المطلق عند عدمه عنده و عند أبى يوسف لا ينتقض لانه لا يراه طهورا أصلا و عند محمد يمضى على صلاته ثم يعيدها كما في سؤر الحمار هذا كله إذا وجد الماء في الصلاة فاما إذا وجده بعد الفراغ من الصلاة فان كان بعد خروج الوقت فليس عليه اعادة ما صلى بالتيمم بلا خلاف و ان كان في

(60)

الوقت فكذلك عند عامة العلماء و قال مالك يعيد وجه قوله أن الوقت أقيم مقام الاداء شرعا كما في المستحاضة فكان الوجود في الوقت كالوجود في اثناء الاداء حقيقة و لان التيمم بدل فإذا قدر على الاصل بطل البدل كالشيخ الغانى إذا فدى أو أحج ثم قدر على الصوم و الحج بنفسه ( و لنا )

ان الله تعالى علق جواز التيمم بعدم الماء فإذا صلى حالة العدم فقد أدى الصلاة بطهارة معتبرة شرعا فيحكم بصحتها فلا معنى لوجوب الاعادة و روى أن رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد تيمما من جنابة و صليا و أدركا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة و لم يعد الاخر فقال صلى الله عليه و سلم للذي أعاد أما أنت فقد أوتيت أجرك مرتين و قال للآخر أما أنت فقد أجزأتك صلاتك عنك أى كفتك جزى و اجزأ مهموزا بمعنى الكفاية و هذا ينفى وجوب الاعادة و ما ذكر من اعتبار الوجود بعد الفراغ من الصلاة بالوجود في الصلاة سديد لانه مخالف للحقيقة من ضرورة الا ترى أن الحدث الحقيقي بعد الفراغ من الصلاة لا يجعل كالموجود في خلال الصلاة كذا هذا و أما قوله انه قدر على الاصل فنعم لكن بعد حصول المقصود بالبدل و القدرة على الاصل بعد حصول المقصود بالبدل لا تبطل حكم البدل كالمعتدة بالاشهر إذا حاضت بعد انقضاء العدة بالاشهر بخلاف الشيخ الفانى إذا أحج رجلا بماله وفدي عن صومه ثم قدر بنفسه لان جواز الا حجاج و الفدية معلق باليأس عن الحج بنفسه و الصوم بنفسه فإذا قدر بنفسه ظهر انه لا يأس فاما جواز التيمم فمعلق بالعجز عن استعمال الماء و العجز كان متحققا عند الصلاة و بوجود الماء بعد ذلك لا يظهر انه لا عجز فهو الفرق ( فصل )

و أما الطهارة الحقيقية و هي الطهارة عن النجس فالكلام فيها في الاصل في ثلاثة مواضع أحدها في بيان أنواع الانجاس و الثاني في بيان المقدار الذي يصير المحل به نجسا شرعا و الثالث في بيان ما يقع به تطهير النجس ( أما )

أنواع الانجاس فمنها ما ذكره الكرخي في مختصره ان كل ما يخرج من بدن الانسان مما يجب بخروجه الوضوء أو الغسل فهو نجس من البول و الغائط و الودي و المذي و المنى و دم الحيض و النفاس و الاستحاضة و الدم السائل من الجرح و الصديد و القئ ملء الفم لان الواجب بخروج ذلك مسمى بالتطهير قال الله تعالى في آخر آية الوضوء و لكن يريد ليطهركم و قال في الغسل من الجنابة و ان كنتم جنبا فاطهروا و قال في الغسل من الحيض و لا تقربوهن حتى يطهرن و الطهارة لا تكون الا عن نجاسة و قال تعالى و يحرم عليهم الخبائث و الطباع السليمة تستخبث هذه الاشياء و التحريم لا للاحترام دليل النجاسة و لان معنى النجاسة موجود في ذلك كله اذ النجس اسم للمستقذر و كل ذلك مما تستقذره الطباع السليمة لاستحالته إلى خبث و نتن رائحة و لا خلاف في هذه الجملة الا في المنى فان الشافعي زعم انه طاهر ( و احتج )

بما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه و سلم فركا و هو يصلى فيه و الواو واو الحال أى في حال صلاته و لو كان نجسا لما صح شروعه في الصلاة معه فينبغي أن يعيد و لم ينقل إلينا الاعادة و عن ابن عباس رضى الله عنه انه قال المنى كالمخاط فامطه عنك و لو بالاذخر شبهه بالمخاط و المخاط ليس بنجس كذا المنى و به تبين ان الامر باماطته لا لنجاسته بل لقذارته و لانه أصل الآدمى المكرم فيستحيل أن يكون نجسا ( و لنا )

ما روى ان عمار بن ياسر رضى الله عنه كان يغسل ثوبه من النجاسة فمر عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له ما تصنع يا عمار فاخبره بذلك فقال صلى الله عليه و سلم ما نخامتك و دموع عينيك و الماء الذي في ركوتك الا سواء انما يغسل الثوب من خمس بول و غائط وقئ و منى و دم أخبر ان الثوب يغسل من هذه الجملة لا محالة و ما يغسل الثوب منه لا محالة يكون نجسا فدل ان المنى نجس و روى عن عائشة رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لها إذا رأيت المنى في ثوبك فان كان رطبا فاغسليه و ان كان يابسا فحتيه و مطلق الامر محمول على الوجوب و لا يجب الا إذا كان نجسا و لان الواجب بخروجه أغلظ الطهارتين و هي الاغتسال و الطهارة لا تكون الا عن نجاسة و غلظ الطهارة يدل على غلظ النجاسة كدم الحيض و النفاس و لانه يمر بميزاب النجس فينجس

(61)

بمجاورته و ان لم يكن نجسا بنفسه و كونه أصل الآدمى لا ينفى أن يكون نجسا كالعلقة و المضغة و ما روى من الحديث يحتمل انه كان قليلا و لا عموم له لانه حكاية حال أو نحمله على ما قلنا توفيقا بين الدلائل و تشبيه ابن عباس رضى الله عنهما إياه بالمخاط يحتمل انه كان في الصورة لا في الحكم لتصوره بصورة المخاط و الامر بالاماطة بالاذخر لا ينفى الامر بالازالة بالماء فيحتمل انه أمر بتقديم الاماطة كيلا تنتشر النجاسة في الثوب فيتعسر غسله ( و أما )

الدم الذي يكون على رأس الجرح و القئ إذا كان أقل من ملء الفم فقد روى عن أبى يوسف انه ليس بنجس و هو قياس ما ذكره الكرخي لانه لا يجب بخروجه الوضوء و عند محمد نجس هو يقول انه جزء من الدم المسفوح و الدم المسفوح نجس بجميع أجزائه و أبو يوسف يقول انه ليس بمسفوح بنفسه و النجس هو الدم المسفوح لقوله تعالى قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فانه رجس و الرجس هو النجس فظاهر الآية يقتضى أن لا محرم سواها فيقتضى ان لا نجس سواها اذ لو كان لكان محرما اذ النجس محرم و هذا خلاف ظاهر الآية و وجه آخر من الاستدلال بظاهر الآية انه نفى حرمة المذكور و أثبت حرمة المذكور و علل لتحريمه بأنه رجس أى نجس و لو كان المذكور نجسا لكان محرما لوجود علة التحريم و هذا خلاف النص لانه يقتضى ان لا محرم سوى المذكور فيه و دم البق و البراغيث ليس بنجس عندنا حتى لو وقع في الماء القليل لا ينجسه و لو أصاب الثوب أكثر من قدر الدرهم لا يمنع جواز الصلاة و قال الشافعي هو نجس لكنه معفو عنه في الثوب للضرورة ( و احتج )

بقوله تعالى حرمت عليكم الميتة و الدم من فصل بين السائل و غيره و الحرمة لا للاحترام دليل النجاسة ( و لنا )

قوله تعالى قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما الآية و الاستدلال بها من الوجهين اللذين ذكرناهما و لان صيانة الثياب و الاوانى عنها متعذرة فلو أعطى لها حكم النجاسة لوقع الناس في الجرح و انه منفى شرعا بالنص و بهذين الدليلين تبين ان المراد من المطلق المقيد و هو الدم المسفوح و دم الاوزاغ نجس لانه سائل و كذا الدماء السائلة من سائر الحيوانات لما قلنا بل أولى لانه لما كان نجسا من الآدمى المكرم فمن غيره أولى ( و أما )

دم السمك فقد روى عن أبى يوسف انه نجس و به أخذ الشافعي اعتبارا بسائر الدماء و عند أبى حنيفة و محمد طاهر لاجماع الامة على إباحة تناوله مع دمه و لو كان نجسا لما أبيح و لانه ليس بدم حقيقة بل هو ماء تلون بلون الدم لان الدموى لا يعيش في الماء و الدم الذي يبقى في العروق و اللحم بعد الذبح طاهر لانه ليس بمسفوح و لهذا حل تناوله مع اللحم و روى عن أبى يوسف انه معفو في الاكل معفو في الثياب لتعذر الاحتراز عنه في الاكل و إمكانه في الثوب ( و منها )

ما يخرج من أبدان سائر الحيوانات من البهائم من الابوال و الارواث على الاتفاق و الاختلاف ( أما )

الابوال فلا خلاف في أن بول كل ما لا يؤكل لحمه نجس و اختلف في بول ما يؤكل لحمه قال أبو حنيفة و أبو يوسف نجس و قال محمد طاهر حتى لو وقع في الماء القليل لا يفسده و يتوضأ منه ما لم يغلب عليه ( و احتج )

بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه أباح للعرنيين شرب أبوال ابل الصدقة و ألبانها مع قوله صلى الله عليه و سلم ان الله تعالى لم يجعل شفاء كم فيما حرم عليكم و قوله ليس في الرجس شفاء فثبت انه طاهر ( و لهما )

حديث عمار انما يغسل الثوب من خمس و ذكر من جملتها البول مطلقا من فصل و ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال استنزهوا من البول فان عامة عذاب القبر منه من فصل و قوله تعالى و يحرم عليهم الخبائث و معلوم ان الطباع السليمة تستخبثه و تحريم الشيء لا لاحترامه و كرامته تنجيس له شرعا و لان معنى النجاسة فيه موجود و هو الاستقذار الطبيعي لاستحالته إلى فساد و هي الرائحة المنتنة فصار كروثه و كبول ما لا يؤكل لحمه و أما الحديث فقد ذكر قتادة ان النبي صلى الله عليه و سلم أمر بشرب ألبانها دون أبوالها فلا يصح التعلق به على انه يحتمل ان النبي صلى الله عليه و سلم عرف بطريق الوحي شفاء هم فيه و الاستشفاء بالحرام جائز عند التيقن لحصول الشفاء فيه كتناول الميتة عند المخمصة و الخمر عند العطش و اساغة اللقمة و انما لا يباح بما لا يستيقن حصول الشفاء به ثم عند أبى يوسف يباح شربه للتداوى لحديث

(62)

العرنيين و عند أبى حنيفة لا يباح لان الاستشفاء بالحرام الذي لا يتيقن حصول الشفاء به حرام و كذا بما لا يعقل فيه الشفاء و لا شفاء فيه عند الاطباء و الحديث محمول على انه صلى الله عليه و سلم شفاء أولئك فيه على الخصوص و الله أعلم ( و أما )

الارواث فكلها نجسة عند عامة العلماء و قال زفر روث ما يؤكل لحمه طاهر و هو قول مالك ( و احتج )

بما روى ان الشبان من الصحابة في منازلهم و في السفر كانوا يترامون بالجلة و هي البعرة اليابسة و لو كانت نجسة لما مسوها و علل مالك بأنه وقود أهل المدينة يستعملونه استعمال الحطب ( و لنا )

ما روينا عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم طلب منه أحجار الاستنجاء فاتى بحجرين و روثة فأخذ الحجرين و رمى الروثة و قال انها ركس أى نجس و لان معنى النجاسة موجود فيها و هو الاستقذار في الطباع السليمة لاستحالتها إلى نتن و خبث رائحة مع إمكان التحرز عنه فكانت نجسة ( و منها )

خرء بعض الطيور من الدجاج و البط و جملة الكلام فيه ان الطيور نوعان نوع لا يذرق في الهواء و نوع يذرق في الهواء ( اما )

ما لا يذرق في الهواء كالدجاج و البط فخرؤهما نجس لوجود معنى النجاسة فيه و هو كونه مستقذرا لتغيره إلى نتن و فساد رائحة فاشبه العذرة و في الاوز عن أبى حنيفة روايتان روى أبو يوسف عنه انه ليس بنجس و روى الحسن عنه انه نجس ( و ما )

يذرق في الهواء نوعان أيضا ما يؤكل لحمه كالحمام و العصفور و العقعق و نحوها و خرؤها طاهر عندنا و عند الشافعي نجس وجه قوله ان الطبع قد أحاله إلى فساد فوجد معنى النجاسة فاشبه الروث و العذرة ( و لنا )

إجماع الامة فانهم اعتادوا اقتناء الحمامات في المسجد الحرام و المساجد الجامعة مع علمهم انها تذرق فيها و لو كان نجسا لما فعلوا ذلك مع الامر بتطهير المسجد و هو قوله تعالى ان طهرا بيتي للطائفين و روى عن ابن عمر رضى الله عنهما ان حمامة ذرقت عليه فمسحه وصلى و عن ابن مسعود رضى الله عنه مثل ذلك في العصفور و به تبين ان مجرد احالة الطبع لا يكفى للنجاسة ما لم يكن للمستحيل نتن و خبث رائحة تستخبثه الطباع السليمة و ذلك منعدم ههنا على انا ان سلمنا ذلك لكان التحرز عنه ممكن لانها تذرق في الهواء فلا يمكن صيانة الثياب و الاوانى عنه فسقط اعتباره للضرورة كدم البق و البراغيث و حكى مالك في هذه المسألة الاجماع على الطهارة و مثله لا يكذب فلئن لم يثبت الاجماع من حيث القول يثبت من حيث الفعل و هو ما بينا و ما لا يؤكل لحمه كالصقر و البازى و الحدأة و أشباه ذلك خرؤها طاهر عند أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد نجس نجاسة غليظة وجه قوله انه وجد معنى النجاسة فيه لاحالة الطبع إياه إلى خبث و نتن رائحة فاشبه المأكول من البهائم و لا ضرورة إلى إسقاط اعتبار نجاسته لعدم المخالطة لانها تكن المروج و المفاوز بخلاف الحمام و نحوه ( و لهما )

أن الضرورة متحققة لانها تذرق في الهواء فيتعذر صيانة الثياب و الاوانى عنها و كذا المخالطة ثابتة بخلاف الدجاج و البط لانهما لا يذرقان في الهواء فكانت الصيانة ممكنة و خرء الفأرة نجس لاستحالته إلى خبث و نتن رائحة و اختلفوا في الثوب الذي أصابه بولها حكى عن بعض مشايخ بلخ أنه قال لو ابتليت به لغسلته فقيل له من لم يغسله وصلى فيه فقال لا آمره بالاعادة و بول الخفافيش و خرؤها ليس بنجس لتعذر صيانة الثياب و الاوانى عنه لانها تبول في الهواء و هي فأرة طيارة فلهذا تبول ( و منها )

الميتة التي لها دم سائل و جملة الكلام في الميتات أنها نوعان أحدهما ما ليس له دم سائل و الثاني ماله دم سائل ( أما )

الذي ليس له دم سائل فالذباب و العقرب و الزنبور و السرطان و نحوها و انه ليس بنجس عندنا و عند الشافعي نجس الا الذباب و الزنبور فله فيهما قولان ( و احتج )

بقوله تعالى حرمت عليكم الميتة و الحرمة لا للاحترام دليل النجاسة ( و لنا )

ما روى عن سلمان الفارسي رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال موت كل حيوان ليس له نفس سائلة في الماء لا يفسد و هذا نص في الباب و روى أبو سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ثم انقلوه فان في أحد جناحيه داء و في الاخر دواء و هو يقدم الداء على الدواء و لا شك أن




/ 48