بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 1

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(63)

الذباب مع ضعف بنيته إذا مقل في الطعام الحار يموت فلو أوجب التنجيس لكان الامر بالمقل أمرا بإفساد المال و اضاعته مع نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن اضاعة المال و انه متناقض و حاشا أن يتناقض كلامه و لأَنا لو حكمنا بنجاستها لوقع الناس في الحرج لانه يتعذر صون الاوانى عنها فاشبه موت الدودة المتولدة عن الخل فيه و به تبين أن النص لم يتناول محل الضرورة و الحرج مع ما أن السمك و الجراد مخصوصان عن النص اذ هما ميتتان بنص النبي صلى الله عليه و سلم و المخصص انعدام الدم المسفوح و الدم المسفوح ههنا منعدم ( و أما )

الذي له دم سائل فلا خلاف في الاجزاء التي فيها دم من اللحم و الشحم و الجلد و نحوها أنها نجسة لاحتباس الدم النجس فيها و هو الدم المفسوح ( و أما )

الاجزاء التي لا دم فيها فان كانت صلبة كالقرن و العظم و ألسن و الحافر و الخف و الظلف و الشعر و الصوف و العصب و الانفحة الصلبة فليست بنجسة عند أصحابنا و قال الشافعي الميتات كلها نجسة لظاهر قوله تعالى حرمت عليكم الميتة و الحرمة لا للاحترام دليل النجاسة و لاصحابنا طريقان أحدهما أن هذه الاشياء ليست بميتة لان الميتة من الحيوان في عرف الشرع اسم لما زالت حياته لا بصنع أحد من العباد أو بصنع مشروع و لا حياة في هذه الاشياء فلا تكون ميتة و الثاني أن نجاسة الميتات ليست لاعيانها بل لما فيها من الدماء السائلة و الرطوبات النجسة و لم توجد في هذه الاشياء و على هذا ما أبين من الحى من هذه الاجزاء و ان كان المبان جزأ فيه دم كاليد و الاذن و الانف و نحوها فهو نجس بالاجماع و ان لم يكن فيه دم كالشعر و الصوف و الظفر و نحوها فهو على الاختلاف و أما الانفخة المائعة و اللبن فطاهران عند أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد نجسان ( لهما )

أن اللبن و ان كان طاهرا في نفسه لكنه صار نجسا لمجاورة النجس و لابي حنيفة قوله تعالى و ان لكم من الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها من بين فرث و دم لبنا خالصا سائغا للشاربين وصف اللبن مطلقا بالخلوص و السيوغ مع خروجه من بين فرث و دم و ذا آية الطهارة و كذا الاية خرجت مخرج الامتنان و المنة في موضع النعمة تدل على الطهارة و به تبين أنه لم يخالطه النجس اذ لا خلوص مع النجاسة ثم ما ذكرنا من الحكم في اجزاء الميتة التي لا دم فيها من الآدمى و الخنزير فاما حكمهما فيهما فاما الآدمى فعن أصحابنا فيه روايتان في رواية نجسة لا يجوز بيعها و الصلاة معها إذا كان أكثر من قدر الدرهم وزنا أو عرضا على حسب ما يليق به و لو وقع في الماء القليل يفسده و في رواية طاهر و هي الصحيحة لانه لا دم فيها و النجس هو الدم و لانه يستحيل أن تكون طاهرة من الكلب نجسة من الآدمى المكرم الا أنه لا يجوز بيعها و يحرم الانتفاع بها احتراما للآدمي كما إذا طحن سن الادمي مع الحنطة أو عظمه لا يباح تناول الخبز المتخذ من دقيقها لا لكونه نجسا بل تعظيما له كيلا يصير متناولا من أجزاء الآدمى كذا هذا ( و أما )

الخنزير فقد روى عن أبى حنيفة أنه نجس العين لان الله تعالى وصفه بكونه رجسا فيحرم استعمال شعره و سائر أجزائه الا أنه رخص في شعره للخرازين للضرورة و روى عن أبى يوسف في رواية الاصول أنه كره ذلك أيضا نصا و لا يجوز بيعها في الروايات كلها و لو وقع شعره في الماء القليل روى عن أبى يوسف أنه ينجس الماء و عن محمد أنه لا ينجس ما لم يغلب على الماء كشعر غيره و روى عن أصحابنا في رواية الاصول أن هذه الاجزاء منه طاهرة لانعدام الدم فيها و الصحيح أنها نجسة لان نجاسة الخنزير ليست لما فيه من الدم و الرطوبة بل لعينه ( و أما )

الكلب فالكلام فيه بناء على أنه نجس العين أم لا و قد اختلف مشايخنا فيه فمن قال انه نجس العين فقد الحقه بالخنازير فكان حكمه حكم الخنزير و من قال انه ليس بنجس العين فقد جعله مثل سائر الحيوانات سوى الخنزير و هذا هو الصحيح لما نذكر ( و منها )

سؤر الكلب و الخنزير عند عامه العلماء و جملة الكلام في الاسآر أنها أربعة أنواع نوع طاهر متفق على طهارته من كراهة و نوع مختلف في طهارته و نجاسته و نوع مكروه و نوع مشكوك فيه ( أما )

السؤر الطاهر المتفق على طهارته فسؤر الآدمى بكل حال مسلما كان أو مشركا صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى طاهرا أو نجسا حائضا أو جنبا الا في حال شرب الخمر لما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه أتى بعس من لبن فشرب بعضه و ناول الباقى أعرابيا كان على

(64)

يمينه فشرب ثم ناوله أبا بكر فشرب و روى أن عائشة رضى الله عنها شربت من إناء في حال حيضها فوضع رسول الله صلى الله عليه و سلم فمه على موضع فمها حبا لها فشرب و لان سؤره متحلب من لحمه و لحمه طاهر فكان سؤره طاهرا الا في حال شرب الخمر لنجاسة فمه و قيل هذا إذا شرب الماء من ساعته فاما إذا شرب الماء بعد ساعة معتبرة ابتلع بزاقه فيها ثلاث مرات يكون طاهرا عند أبى حنيفة خلافا لهما بناء على مسئلتين احداهما ازالة النجاسة الحقيقة عن الثوب و البدن بما سوى الماء من المائعات الطاهرة و الثانية ازالة النجاسة الحقيقة بالغسل في الاوانى ثلاث مرات و أبو يوسف مع أبى حنيفة في المسألة الاولى و مع محمد في المسألة الثانية لكن اتفق جوابهما في هذه المسألة لاصلين مختلفين أحدهما أن الصب شرط عند أبى يوسف و لم يوجد و الثاني أن ما سوى الماء من المائعات ليس بطهور عند محمد و بعض أصحاب الظواهر كرهوا سؤر المشرك لظاهر قوله تعالى انما المشركون نجس و عندنا هو محمول على نجاسة خبث الاعتقاد بدليل ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أنزل وفد ثقيف في المسجد و كانوا مشركين و لو كان عينهم نجسا لما فعل مع أمره بتطهير المسجد و اخباره عن انزواء المسجد من النخامة مع طهارتها و كذا سؤر ما يؤكل لحمه من الانعام و الطيور الا الابل الجلالة و البقرة الجلالة و الدجاجة المخلاة لان سؤره متولد من لحمه و لحمه طاهر و روى أن النبي صل الله عليه و سلم توضأ بسؤر بعير أو شاة الا انه يكره سؤر الابل الجلالة و البقرة الجلالة و الدجاجة المخلاة لاحتمال نجاسة فمها و منقارها لانها تأكل النجاسة حتى لو كانت محبوسة لا يكره ( وصفة )

الدجاجة المحبوسة أن لا يصل منقارها إلى ما تحت قدميها فان كان يصل فهي مخلاة لان احتمال بحث النجاسة قائم و أما سؤر الفرس فعلى قول أبى يوسف و محمد طاهر لطهارة لحمه و عن أبى حنيفة روايتان كما في لحمه في رواية الحسن نجس كلحمه و في ظاهر الرواية طاهر كلحمه و هي رواية أبى يوسف عنه و هو الصحيح لان كراهة لحمه لا لنجاسته بل لتقليل إرهاب العدو و آلة الكر و الفر و ذلك منعدم في السؤر و الله أعلم ( و أما )

السؤر المختلف في طهارته و نجاسته فهو سؤر الخنزير و الكلب و سائر سباع الوحش فانه نجس عند عامة العلماء و قال مالك طاهر و قال الشافعي سؤر السباع كلها طاهر سوى الكلب و الخنزير ( أما )

الكلام مع مالك فهو يحتج بظاهر قوله تعالى و هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا أباح الانتفاع بالاشياء كلها و لا يباح الانتفاع الا بالطاهر الا أنه حرم أكل بعض الحيوانات و حرمة الاكل لا تدل على النجاسة كالآدمي و كذا الذباب و العقرب و الزنبور و نحوها طاهرة و لا يباح أكلها الا أنه يجب غسل الانآء من ولوغ الكلب مع طهارته تعبدا و لنا ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه ثلاثا و فى رواية خمسا و في رواية سبعا و الامر بالغسل لم يكن تعبدا اذ لا قربة تحصل بغسل الاوانى الا ترى أنه لو لم يقصد صب الماء فيه في المستقبل لا يلزمه الغسل فعلم أنه لنجاسته و لان سؤر هذه الحيوانات متحلب من لحومها و لحومها نجسة و يمكن التحرز عن سؤرها و صيانة الاوانى عنها فيكون نجسا ضرورة ( و أما )

الكلام مع الشافعي فهو يحتج بما روى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل فقيل أنتوضأ بما أفضلت الحمر فقال نعم و بما أفضلت السباع كلها و عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن المياه التي بين مكة و المدينة و ما يردها من السباع فقال صلى الله عليه و سلم لها ما حملت في بطونها و ما بقي فهو لنا شراب و طهور و هذا نص ( و لنا )

ما روى عن عمر و عمرو بن العاص انهما وردا حوضا فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض ا ترد السباع حوضكم فقال عمر رضى الله عنه يا صاحب الحوض لا تخبرنا و لو لم يتنجس الماء القليل بشربها منه لم يكن للسؤال و لا للنهي معنى و لان هذا حيوان مأكول اللحم و يمكن صون الاوانى عنها و يختلط بشربها لعابها بالماء و لعابها نجس لتحلبه من لحمها و هو نجس فكان سؤرها نجسا كسؤر الكلب و الخنزير بخلاف الهرة لان صيانة الاونى عنها تمكن و تأويل الحديثين انه كان قبل تحريم لحم السباع أو السوأل وقع عن المياه الكثيرة و به نقول ان مثلها لا ينجس ( و اما )

السؤر المكروه فهو سؤر سباع الطير كالبازى و الصقر و الحدأة و نحوها

(65)

استحسانا و القياس ان يكون نجسا اعتبارا بلحمها كسؤر سباع الوحش وجه الاستحسان انها تشرب بمنقارها و هو عظم جاف فلم يختلط لعابها بسؤرها بخلاف سؤر سباع الوحش و لان صيانة الاوانى عنها متعذرة لانها تنقض من الهواء فتشرب بخلاف سباع الوحش الا انه يكره لان الغالب انها تتناول الجيف و الميتات فكان منقارها في معنى منقار الدجاجة المخلاة ( و كذا )

سؤر سواكن البيوت كالفأرة و الحية و الوزغة و العقرب و نحوها ( و كذا )

سؤر الهرة في رواية الجامع الصغير و ذكر في كتاب الصلاة أحب إلى ان يتوضأ بغيره و لم يذكر الكراهة و عن أبى يوسف و الشافعي لا يكره ( و احتجا )

بما روى ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يصغى لها الانآء فتشرب منه ثم يشرب و يتوضأ به ( و لابي )

حنيفة ما روى أبو هريرة رضى الله عنه موقوفا عليه و مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال الهرة سبع و هذا بيان حكمها و قال النبي صلى الله عليه و سلم بغسل الانآء من ولوغ الكلب ثلاثا و من ولوغ الهرة مرة و المعنى في كراهته من وجهين أحدهما ما ذكره الطحاوي و هو ان الهرة نجسة لنجاسة لحمها لكن سقطت نجاسة سؤرها لضرورة الطواف فبقيت الكراهة لامكان التحرز في الجملة و الثاني ما ذكره الكرخي و هو انها ليست بنجسة لان النبي صلى الله عليه و سلم نفى عنها النجاسة بقوله الهرة ليست بنجسة و لكن الكراهة لتوهم أخذها الفأرة فصار فمها كيد المستيقظ من نومه و ما روى من الحديث يحتمل انه كان قبل تحريم السباع ثم نسخ عل مذهب الطحاوي و يحتمل ان النبي صلى الله عليه و سلم علم من طريق الوحي ان تلك الهرة لم يكن على فمها نجاسة على مذهب الكرخي أو يحمل فعله صلى الله عليه و سلم على بيان الجواز و على هذا تناول بقية طعام أكلته و تركها التلحس القدر ان ذلك محمول على تعليم الجواز و لو أكلت الفأرة ثم شربت الماء قال أبو حنيفة ان شربته على الفور تنجس الماء و ان مكثت ثم شربت لا يتنجس و قال أبو يوسف و محمد يتنجس بناء على ما ذكرنا من الاصلين في سؤر شارب الخمر و الله أعلم ( و أما )

السؤر المشكوك فيه فهو سؤر الحمار و البغل في جواب ظاهر الرواية و روى الكرخي عن أصحابنا ان سؤرهما نجس و قال الشافعي طاهر وجه قوله ان عرقه طاهر لما روى ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يركب الحمار معروريا و الحر حر الحجاز فقلما يسلم الثوب من عرقه و كان يصلى فيه فإذا كان العرق طاهرا فالسؤر أولى وجه رواية الكرخي ان الاصل في سؤره النجاسة لان سؤره لا يخلو عن لعابه و لعابه متحلب من لحمه و لحمه نجس فلو سقط اعتبار نجاسته انما يسقط لضرورة المخالطة و الضرورة متعارضة لانه ليس في المخالطة كالهرة و لا في المجانبة كالكلب فوقع الشك في سقوط حكم الاصل فلا يسقط بالشك وجه ظاهر الرواية ان الآثار تعارضت في طهارة سؤره و نجاسته عن ابن عباس رضى الله عنه انه كان يقول الحمار يتعلف ألقت و التبن فسؤره طاهر و عن ابن عمر رضى الله عنهما انه كان يقول انه رجس و كذا تعارض الاخبار في أكل لحمه و لبنه روى في بعضها النهى و فى بعضها الاطلاق و كذا اعتبار عرقه يوجب طهارة سؤره و اعتبار لحمه و لبنه يوجب نجاسته و كذا تحقق أصل الضرورة لدورانه في صحن الدار و شربه في الانآء يوجب طهارته و تقاعدها عن ضرورة الهرة باعتبار انه لا يعلو الغرف و لا يدخل المضايق يوجب نجاسته و التوقف في الحكم عند تعارض الادلة واجب فلذلك كان مشكوكا فيه فاوجبنا الجمع بين التيمم و بين التوضؤ به احتياطا لان التوضؤ به لو جاز لا يضره التيمم و لو لم يجز التوضؤ به جازت صلاته بالتيمم فلا يحصل الجواز بيقين الا بالجمع بينهما و أيهما قدم جاز عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر لا يجوز حتى يقدم الوضوء على التيمم ليصير عادما للماء و الصحيح قول أصحابنا الثلاثة لما ذكرنا انه ان كان طاهرا فقد توضأ به قدم أو أخر و ان كان نجسا فغرضه التيمم و قد أتى به فان قيل في هذا ترك الاحتياط من وجه آخر لان على تقدير كونه نجسا تنجس به أعضاؤه و ثيابه فالجواب ان الحدث كان ثابتا بيقين فلا تحصل الطهارة بالشك و العضو و الثوب كل واحد منهما كان طاهرا بيقين فلا يتنجس بالشك و قال بعضهم الشك في طهوريته ثم من مشايخنا من جعل هذا الجواب في سؤر الاتان و قال في سؤر الفحل انه نجس لانه يشم البول فتتنجس شفتاه و هذا سديد لانه

(66)

أمر موهوم لا يغلب وجوده فلا يؤثر في ازالة الثابت و من مشايخنا من جعل الاسآر خمسة أقسام أربعة منها ما ذكرنا و جعل الخامس منها السؤر النجس المتفق على نجاسته و هو سؤر الخنزير و ليس كذلك لان في الخنزير خلاف مالك كما في الكلب فانحصرت القسمة على أربعة ( و منها )

الخمر و السكر أما الخمر فلان الله تعالى سماه رجسا في آية تحريم الخمر فقال رجس من عمل الشيطان و الرجس هو النجس و لان كل واحد منهما حرام و الحرمة لا للاحترام دليل النجاسة ( و منها )

غسالة النجاسة الحقيقية و جملة الكلام ان غسالة النجاسة نوعان غسالة النجاسة الحقيقية و غسالة النجاسة الحكمية و هي الحدث اما غسالة النجاسة الحقيقية و هي ما إذا غسلت النجاسة الحقيقية ثلاث مرات فالمياه الثلاث نجسة لان النجاسة انتقلت إليها اذ لا يخلو كل ماء عن نجاسة فاوجب تنجيسها و حكم المياه الثلاث في حق المنع من جواز التوضؤ بها و المنع من جواز الصلاة بالثوب الذي أصابته سواء لا يختلف و أما في حق تطهير المحل الذي أصابته فيختلف حكمها حتى قال مشايخنا ان الماء الاول إذا أصاب ثوبا لا يطهر الا بالعصر و الغسل مرتين بعد العصر و الماء الثاني يطهر بالغسل مرة بعد العصر و الماء الثالث يطهر بالعصر لا لان حكم كل ماء حين كان في الثوب الاول كان هكذا فكذا في الثوب الذي أصابه و اعتبروا ذلك بالدلو المنزوح من البئر النجسة إذا صب في بئر طاهرة ان الثانية تطهر بما تطهر به الاولى كذا هذا و هل يجوز الانتفاع بالغسالة فيما سوى الشرب و التطهير من بل الطين و سقى الدواب و نحو ذلك فان كان قد تغير طعمها أو لونها أو ريحها لا يجوز الانتفاع لانه لما تغير دل ان النجس غالب فالتحق بالبول و ان لم يتغير شيء من ذلك يجوز لانه لما لم يتغير دل ان النجس لم يغلب على الطاهر و الانتفاع بما ليس بنجس العين مباح في الجملة و على هذا إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فيه انه ان كان جامدا تلقى الفأرة و ما حولها و يؤكل الباقى و ان كان ذائبا لا يؤكل و لكن يستصبح به و يدبغ به الجلد و يجوز بيعه و ينبغي للبائع ان يبين عبيه فان لم يبين و باعه ثم علم به المشترى فهو بالخيار ان شاء رده و ان شاء رضى به و قال الشافعي رحمه الله لا يجوز بيعه و لا الانتفاع به ( و احتج )

بما روى عن ابى موسى الاشعرى رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن فأرة ماتت في سمن فقال ان كان جامدا فالقوها و ما حولها وكلوا الباقى و ان كان ذائبا فاريقوه و لو جاز الانتفاع به لما أمر باراقته و لانه نجس فلا يجوز الانتفاع به و لا بيعه كالخمر ( و لنا )

ما روى ابن عمر رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن فأرة ماتت في سمن فقال تلقى الفأرة و ما حولها و يؤكل الباقى فقيل يا رسول الله أ رأيت لو كان السمن ذائبا فقال لا تأكلوا و لكن انتفعوا به و هذا نص في الباب و لانها في الجامد لا تجاور الا ما حولها و فى الذائب تجاور الكل فصار الكل نجسا و أكل النجس لا يجوز فاما الانتفاع بما ليس بنجس العين فمباح كالثوب النجس و أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالقاء ما حولها في الجامد و إراقة الذائب في حديث أبى موسى لبيان حرمة الاكل لان معظم الانتفاع بالسمن هو الاكل و الحد الفاصل بين الجامد و الذائب انه ان كان بحال لوقور ذلك الموضع لا يستوى من ساعته فهو جامد و ان كان يستوى من ساعته فهو ذائب و إذا دبغ به الجلد يؤمر بالغسل ثم ان كان ينعصر بالعصر يغسل و يعصر ثلاث مرات و ان كان لا ينعصر لا يطهر عند محمد أبدا و عند أبى يوسف يغسل ثلاث مرات و يجفف في كل مرة و على هذا مسائل نذكرها في موضعها ان شاء الله تعالى ( و اما )

غسالة النجاسة الحكمية و هي الماء المستعمل فالكلام في الماء المستعمل يقع في ثلاثة مواضع أحدها في صفته أنه طاهر أم نجس و الثاني في أنه في أى حال يصبر مستعملا و الثالث في أنه باى سبب يصير مستعملا ( أما )

الاول فقد ذكر في ظاهر الرواية أنه لا يجوز التوضؤ به و لم يذكر أنه طاهر أم نجس و روى محمد عن أبى حنيفة أنه طاهر طهور و به أخذ الشافعي و هو أظهر أقوال الشافعي و روى أبو يوسف و الحسن بن زياد عنه أنه نجس أن الحسن روى عنه أنه نجس نجاسة غليظة يقدر فيه بالدرهم و به أخذ و أبو يوسف روى عنه أنه نجس نجاسة خفيفة يقدر فيه بالكثير الفاحش و به أخذ و قال زفران كان المستعمل متوضأ فالماء المستعمل طاهر و طهور و ان كان محدثا فهو طاهر طهور و هو أحد أقاويل الشافعي و فى

(67)

قول له انه طاهر و طهور بكل حال و هو قول مالك ثم مشايخ بلخ حققوا الخلاف فقالوا الماء المستعمل نجس عند أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد طاهر طهور و مشايخ العراق لم يحققوا الخلاف فقالوا انه طاهر طهور عند أصحابنا حتى روى عن القاضي أبى حازم العراقي انه كان يقول انا نرجو أن لا تثبت رواية نجاسة الماء المستعمل عن أبى حنيفة و هو اختيار المحققين من مشايخنا بما وراء النهر وجه قول من قال انه طهور ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال الماء طهور لا ينجسه شيء الا ما لونه أو طعمه أو ريحه و لم يوجد التغير بعد الاستعمال و لان هذا ماء طاهر لاقى عضوا طاهرا فلا يصير نجسا كالماء الطاهر إذا غسل به ثوب طاهر و الدليل على انه لاقى محلا طاهرا ان اعضاء المحدث طاهرة حقيقة و حكما اما الحقيقة فلانعدام النجاسة الحقيقية حسا و مشاهدة و أما الحكم فلما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمر في بعض سكك المدينة فاستقبله حذيفة بن اليمان فاراد النبي صلى الله عليه و سلم ان يصافحه فامتنع و قال انى جنب يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم ان المؤمن لا ينجس و روى انه صلى الله عليه و سلم قال لعائشة رضى الله عنها ناولينى الخمرة فقالت انى حائض فقال ليست حيضتك في يدك و لهذا جاز صلاة حامل المحدث و الجنب و حامل النجاسة لا تجوز صلاته و كذلك عرقه طاهر و سؤره طاهر و إذا كانت اعضاء المحدث طاهرة كان الماء الذي لاقاها طاهرا ضرورة لان الطاهر لا يتغير عما كان عليه الا بانتقال شيء من النجاسة اليه و لا نجاسة في المحل على ما مر فلا يتصور الانتقال فبقى طاهرا و بهذا يحتج محمد لاثبات الطهارة الا انه لا يجوز التوضؤ به لانا تعبدنا باستعمال الماء عند القيام إلى الصلاة شرعا معقول التطهير لان تطهير الطاهر محال و الشرع ورد باستعمال الماء المطلق و هو الذي لا يقوم به خبث و لا معنى يمنع جواز الصلاة و قد قام بالماء المستعمل أحد هذين المعنيين اما على قول محمد فلانه أقيم به قربة إذا توضأ به لاداء الصلاة لان الماء انما يصير مستعملا بقصد التقرب عنده و قد ثبت بالاحاديث ان الوضوء سبب لازالة الآثام عن المتوضئ للصلاة فينتقل ذلك إلى الماء فيتمكن فيه نوع خبث كالمال الذي تصدق به و لهذا سميت الصدقة غسالة الناس و اما على قول زفر فلانه قام به معنى مانع من جواز الصلاة و هو الحدث لان الماء عنده انما يصير مستعملا بإزالة الحدث و قد انتقل الحدث من البدن إلى الماء ثم الخبث و الحدث و ان كانا من صفات المحل و الصفات لا تحتمل الانتقال لكن الحق ذلك بالعين النجسة القائمة بالمحل حكما و الاعيان الحقيقية قابلة للانتقال فكذا ما هو ملحق بها شرعا و إذا قام بهذا الماء أحد هذين المعنيين لا يكون في معنى الماء المطلق فيقتصر الحكم عليه على الاصل المعهود ان ما لا يعقل من الاحكام يقتصر على المنصوص عليه و لا يتعدى إلى غيره الا إذا كان في معناه من كل وجه و لم يوجد وجه رواية النجاسة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم و لا يغتسلن فيه من جنابة حرم الاغتسال في الماء القليل لاجماعنا على ان الاغتسال في الماء الكثير ليس بحرام فلو لا ان القليل من الماء ينجس بالاغتسال بنجاسة الغسالة لم يكن للنهي معنى لان إلقاء الطاهر في الطاهر ليس بحرام اما تنجيس الطاهر فحرام فكان هذا نهيا عن تنجيس الماء الطاهر بالاغتسال و ذا يقتضى التنجيس به و لا يقال انه يحتمل انه نهى لما فيه من إخراج الماء من ان يكون مطهرا من ضرورة و ذلك حرام لانا نقول الماء القليل انما يخرج عن كونه مطهرا باختلاط المطهر به إذا كان الغير غالبا عليه كماء الورد و اللبن و نحو ذلك فاما إذا كان مغلوبا فلا و ههنا الماء المستعمل ما يلاقى البدن و لا شك ان ذلك أقل من المستعمل فكيف يخرج به من ان يكون مطهرا فاما ملاقاة النجس الطاهر فتوجب تنجيس الطاهر و ان لم يغلب على الطاهر لاختلاطه بالطاهر على وجه لا يمكن التمييز بينهما فيحكم بنجاسة الكل فثبت ان النهى لما قلنا و لا يقال انه يحتمل انه نهى لان اعضاء الجنب لا تخلو عن النجاسة الحقيقية و ذا يوجب تنجيس الماء القليل لانا نقول الحديث مطلق فيجب العمل بإطلاقه و لان النهى عن الاغتسال ينصرف إلى الاغتسال المسنون لانه هو المتعارف فيما بين المسلمين و المسنون منه هو ازالة النجاسة الحقيقية عن البدن قبل الاغتسال على ان النهى عن ازالة النجاسة الحقيقية التي على البدن استفيد بالنهى عن البول فيه

(68)

فوجب حمل النهى عن الاغتسال فيه على ما ذكرنا صيانة الكلام صاحب الشرع عن الاعادة الخالية عن الافادة و لان هذا مما تستنخبثه الطباع السليمة فكان محرما لقوله تعالى و يحرم عليهم الخبائث و الحرمة لا للاحترام دليل النجاسة و لان الامة أجمعت على ان من كان في السفر و معه ماء يكفيه لوضوئه و هو بحال يخاف على نفسه العطش يباح له التيمم و لو بقي الماء طاهرا بعد الاستعمال لما أبيح لانه يمكنه ان يتوضأ و يأخذ الغسالة في إناء نظيف و يمسكها للشرب و المعنى في المسألة من وجهين أحدهما في المحدث خاصة و الثاني يعم الفصلين اما الاول فلان الحدث هو خروج شيء نجس من البدن و به يتنجس بعض البدن حقيقة فيتنجس الباقى تقديرا و لهذا أمرنا بالغسل و الوضوء و سمى تطهيرا و تطهير الطاهر لا يعقل فدل تسميتها تطهيرا على النجاسة تقديرا و لهذا لا يجوز له أداء الصلاة التي هى من باب التعظيم و لو لا النجاسة المانعة من التعظيم لجازت فثبت ان على اعضاء المحدث نجاسة تقديرية فإذا توضأ انتقلت تلك النجاسة إلى الماء فيصير الماء نجسا تقديرا و حكما و النجس قد يكون حقيقا و قد يكون حكميا كالخمر و الثاني ما ذكرنا انه يزيل نجاسة الآثام و خبثها فنزل ذلك منزلة خبث الخمر إذا أصاب الماء ينجسه كذا هذا ثم ان أبا يوسف جعل نجاسته خفيفة لعموم البلوى فيه لتعذر صيانة الثياب عنه و لكونه محل الاجتهاد فاوجب ذلك خفة في حكمه و الحسن جعل نجاسته غليظة لانها نجاسة حكمية و انها أغلظ من الحقيقية الا ترى انه عفى عن القليل من الحقيقية دون الحكمية بان بقي على جسده لمعة يسيرة و على هذا الاصل ينبنى ان التوضؤ في المسجد مكروه عند أبى حنيفة و أبى يوسف و قال محمد لا بأس به إذا لم يكن عليه قذر فمحمد مر على أصله انه طاهر و أبو يوسف مر على أصله انه نجس و اما عند أبى حنيفة فعلى رواية النجاسة لا يشكل و اما على رواية الطهارة فلانه مستقذر طبعا فيجب تنزيه المسجد عنه كما يجب تنزيهه عن المخاط و البلغم و لو اختلط الماء المستعمل بالماء القليل قال بعضهم لا يجوز التوضؤ به و ان قل و هذا فاسد اما عند محمد فلانه طاهر لم يغلب على الماء المطلق فلا يغيره عن صفة الطهورية كاللبن و اما عندهما فلان القليل مما لا يمكن التحرز عنه يجعل عفوا و لهذا قال ابن عباس رضى الله عنه حين سئل عن القليل منه لا بأس به و سئل الحسن البصري عن القليل فقال و من يملك نشر الماء و هو ما تطاير منه عن الوضوء و انتشر أشار إلى تعذر التحرز عن القليل فكان القليل عفوا و لا تعذر في الكثير فلا يكون عفوا ثم الكثير عند محمد ما يغلب على الماء المطلق و عندهما ان يتبين مواقع القطرة في الانآء ( و اما )

بيان حال الاستعمال و تفسير الماء المستعمل فقال بعض مشايخنا الماء المستعمل ما زايل البدن و استقر في مكان و ذكر في الفتاوى ان الماء إذا زال عن البدن لا ينجس ما لم يستقر على الارض أو في الانآء و هذا مذهب سفيان الثورى فاما عندنا فما دام على العضو الذي استعمله فيه لا يكون مستعملا و إذا زايله صار مستعملا و ان لم يستقر على الارض أو في الانآء فانه ذكر في الاصل إذا مسح رأسه بماء أخذه من لحيته لم يجزء و ان لم يستقر على الارض أو في الانآء و ذكر في باب المسح على الخفين ان من مسح على خفيه و بقى في كفه بلل فمسح به رأسه لا يجزيه و علل بان هذا ماء قد مسح به مرة أشار إلى صيرورته مستعملا و ان لم يستقر على الارض أو في الانآء و قالوا فيمن توضأ و بقى على رجله لمعة فغسلها ببلل أخذه من عضو آخر لا يجوز و ان لم يوجد الاستقرار على المكان فدل على أن المذهب ما قلنا ( اما )

سفيان فقد استدل بمسائل زعم انها تدل على صحة ما ذهب اليه ( منها )

إذا توضأ أو اغتسل و بقى على يده لمعة فاخذ البلل منها في الوضوء أو من أى عضو كان في الغسل و غسل اللمعة يجوز ( و منها )

إذا توضأ و بقى في كفه بلل فمسح به رأسه يجوز و ان زايل العضو الذي استعمله فيه لعدم الاستقرار في مكان ( و منها )

إذا مسح اعضاءه بالمنديل و ابتل حتى صار كثيرا فاحشا أو تقاطر الماء على ثوب مقدار الكثير الفاحش جاز الصلاة معه و لو أعطى له حكم الاستعمال عند المزايلة لما جازت ( و لنا )

ان القياس ان يصير الماء مستعملا بنفس الملاقاة لما ذكرنا فيما تقدم أنه وجد سبب صيرورته مستعملا و هو ازالة الحدث أو استعماله على وجه القربة و قد حصل ذلك بمجرد الملاقاة فكان ينبغى ان يؤخذ لكل جزء من العضو جزء من الماء الا ان في ذلك حرجا فالشرع أسقط

(69)

اعتبار حالة الاستعمال في عضو واحد حقيقة أو في عضو واحد حكما كما في الجنابة ضرورة دفع الحرج فإذا زايل العضو زالت الضرورة فيظهر حكم الاستعمال بقضية القياس و قد خرج الجواب عن المسألة الاولى ( و اما )

المسألة الثانية فقد ذكر الحاكم الجليل انها على التفصيل ان لم يكن استعمله في شيء من أعضائه يجوز اما إذا كان استعمله لا يجوز و الصحيح أنه يجوز و ان استعمله في المغسولات لان فرض الغسل انما تأدى بماء جرى على عضوه لا بالبلة الباقية فلم تكن هذه البلة مستعملة بخلاف ما إذا استعمله في المسح على الخف ثم مسح به رأسه حيث لا يجوز لان فرض المسح يتأدى بالبلة و تفصيل الحاكم محمول على هذا و ما مسح بالمنديل أو تقاطر على الثوب فهو مستعمل الا انه لا يمنع جواز الصلاة لان الماء المستعمل طاهر عند محمد و هو المختار و عندهما و ان كان نجسا لكن سقوط اعتبار نجاسته ههنا لمكان الضرورة ( و اما )

بيان سبب صيرورة الماء مستعملا فعند أبى حنيفة و أبى يوسف الماء انما يصير مستعملا بأحد أمرين اما بإزالة الحدث أو بإقامة القربة و عند محمد لا يصير مستعملا الا بإقامة القربة و عند زفر و الشافعي لا يصير مستعملا الا بإزالة الحدث و هذا الاختلاف لم ينقل عنهم نصا لكن مسائلهم تدل عليه و الصحيح قول أبى حنيفة و أبى يوسف لما ذكرنا من زوال المانع من الصلاة إلى الماء و استخباث الطبيعة إياه في الفصلين جميعا إذا عرفنا هذا فنقول إذا توضأ بنية اقامة القربة نحو الصلاة المعهودة و صلاة الجنازة و دخول المسجد و مس المصحف و قراءة القرآن و نحوها فان كان محدثا صار الماء مستعملا بلا خلاف لوجود السببين و هو ازالة الحدث و اقامة القربة جميعا و ان لم يكن محدثا يصير مستعملا عند أصحابنا الثلاثة لوجود اقامة القربة لكون الوضوء على الوضوء نورا على نور و عند زفر و الشافعي لا يصير مستعملا لانعدام ازالة الحدث و لو توضأ أو اغتسل للتبرد فان كان محدثا صار الماء مستعملا عند أبى حنيفة و أبى يوسف و زفر و الشافعي لوجود ازالة الحدث و عن محمد لا يصير مستعملا لعدم اقامة القربة و ان لم يكن محدثا لا يصير مستعملا بالاتفاق على اختلاف الاصول و لو توضأ بالماء المقيد كماء الورد و نحوه لا يصير مستعملا بالاجماع لان التوضؤ به جائز فلم يوجد ازالة الحدث و لا اقامة القربة و كذا إذا غسل الاشياء الطاهرة من النبات و الثمار و الاوانى و الا حجاز و نحوها أو غسل يده من الطين و الوسخ و غسلت المرأة يدها من العجين أو الحناء و نحو ذلك لا يصير مستعملا لما قلنا و لو غسل يده للطعام أو من الطعام لقصد اقامة السنة صار الماء مستعملا لان اقامة السنة قربة لقول النبي صلى الله عليه و سلم الوضوء قبل الطعام بركة و بعده ينفى اللمم و لو توضأ ثلاثا ثلاثا ثم زاد على ذلك فان أراد بالزيادة ابتداء الوضوء صار الماء مستعملا لما قلنا و ان أراد الزيادة على الوضوء الاول اختلف المشايخ فيه فقال بعضهم لا يصير مستعملا لان الزيادة على الثلاث من باب التعدي بالنص و قال بعضهم يصير مستعملا لان الزيادة في معنى الوضوء على الوضوء فكانت قربة و لو أدخل جنب أو حائض أو محدث يده في الانآء قبل أن يغسلها و ليس عليها قذر أو شرب الماء منه فقياس أصل أبى حنيفة و أبى يوسف ان يفسد و فى الاستحسان لا يفسد وجه القياس أن الحدث زال عن يده بادخالها في الماء و كذا عن شفته فصار مستعملا وجه الاستحسان ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت كنت أنا و رسول الله صلى الله عليه و سلم نغتسل من إناء واحد و ربما كانت تتنازع فيه الايدى و روينا أيضا عن عائشة رضى الله عنها انها كانت تشرب من إناء و هي حائض و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يشرب من ذلك الانآء و كان يتتبع مواضع فمها حبا لها و لان التحرز عن اصابة الحدث و الجنابة و الحيض ممكن و بالناس حاجة إلى الوضوء و الاغتسال و الشرب و كل واحد لا يملك الانآء ليغترف الماء من الانآء العظيم و لا كل أحد يملك أن يتخذ آنية على حدة للشرب فيحتاج إلى الاغتراف باليد و الشرب من كل آنية فلو لم يسقط اعتبار نجاسة اليد و الشفة لوقع الناس في الحرج حتى لو أدخل رجله فيه يفسد الماء لانعدام الحاجة اليه في الانآء و لو أدخلها في البئر لم يفسده كذا ذكر أبو يوسف في الامالي لانه يحتاج إلى ذلك في البئر لطلب الدلو فجعل عفوا و لو أدخل في الانآء أو البئر بعض جسده سوى اليد و الرجل أفسده لانه لا حاجة اليه و على هذا الاصل تخرج مسألة البئر إذا انغمس الجنب فيها لطلب الدلو لا بنية الاغتسال و ليس على




/ 48