(ح) أحكام جسم الإنسان وأعضاءه
بيع الأَعضاء
المسألة1: هل يجوز للإنسان أن يبيع بعض أعضاءه في حال حياته، أو بعد موته، لنفع إنسان آخر، أو
لمنفعة أخرى، كما إذا باع عينه، حتى توضع عوض عين عمياء؟ لا إشكال في ذلك إذا كان البائع كافراً
حربياً، أما إذا كان مسلماً فبعض العلماء أجاز ذلك بالنسبة إلى بيعه بعد الموت، أما في حال الحياة
فالظاهر عدم جواز ذلك إلا إذا لم يكن ضرراً للبائع، أو كان في البيع أهمية عظمى بالنسبة إلى المشتري
مما يكون أهم شرعاً.
عدم الإشكال في الكافر الحربي لعدم حرمته، بل يجوز للذمي أيضاً إذا شمله قانون الإلزام(1) وكذا
بالنسبة إلى المخالف لو جاز في مذهبه.
وأما عدم جواز ذلك للمسلم، لأنه لا يجوز للإنسان أن ينقص نفسه أو يذهب قوة من قواه، لدليل (لاضرر)(2)
وغيره، إلا إذا كان أهم، كما إذا لم يجعل للمريض كلية مات، وهذا له كليتان حيث يعيش بكلية واحدة، فإن
الأمر دائر بين موت إنسان ونقص انسان بعض أعضاءه والثاني أولى شرعاً.
لا يقال:لو توقف إنقاذ حياة إنسان على إعطاء كلية له فيجب ذلك كما يجب إنقاذ الغريق مثلاً.
لأنه يقال: لا يعد ذلك من موارد وجود الإنقاذ غرفاً. وقد ذكرنا أن الفهم العرفي هو المحكّم في
الموضوعات وفي تطبيق الأحكام، لأن الخطاب موجه إليهم، ويشمله أيضاً تسلط الإنسان على نفسه، حيث
القاعدة: (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم) المستفاد (أنفسهم) من قوله سبحانه: ( النبي أولى) (3)،
وغيره، أما البيع بعد الموت فأولى، وإشكال التسريح مدفوع بقاعدة الأهم والمهم.
بيع غير الأَعضاء
المسألة2: بيع غير الأعضاء، كشحم الأمعاء المستغنى عنه(4) أو ما أشبه ذلك، الظاهر جوازه في حال
الحياة، أما بعد الموت فالكلام فيه كالمسألة السابقة.
ويعرف ذلك بالأولوية من المسألة السابقة.
تلحيم العظام
المسألة3: هل يجوز تلحيم العظام المخلّفة في الحفريات للحيوانات المنقرضة حتى يرجع جسم الحيوان؟
إن قلنا بأن صنع المجسمة جائز إلا للعبادة، كما ربما قيل بذلك، لم يكن به بأس، وإلا ففي الجواز
احتمالان، والجواز أقرب الاحتمالين إذا كان سبباً لكشف علمي ينفع الإنسان في تقدم الحضارة.
ذكرنا في الفقه جواز صنع المجسمة لغير العبادة، غاية الأمر الكراهية(5)، كما أفتى بذلك أيضاً
جماعة من الفقهاء المعاصرين.
ومن ذلك ينشأ فرع آخر وهو أنه هل يجوز صنع الإنسان الشبيه بالميت من المواد كما صنع البوذيون (بوذا)
من لحوم ثلاثة آلاف ميت ـ كما نقلته بعض الصحف ـ؟ الظاهر الجواز لغير العبادة من لحم حيوان أو مطاط
أو ما أشبه لا من لحم الإنسان، لأنه تمثيل لا يجوز حتى بالكلب العقور، إلا إذا كانت من أجزاء فصلت عن
الجسم بعملية جراحية، وفيه أيضاً إشكال.
ويجوز أيضاً جعل ذلك الإنسان المصنوع يتكلم بواسطة المسجلة وما أشبه إن لم يوجب فتنة وضلالاً.
تلحيم الأعضاء
المسألة4: يجوز تلحيم بعض أجزاء الإنسان بلحم أو عظم، كما لو لحم وجهه أو يده بما يسبب صحته وجماله،
أو لحم إصبعه الناقصة عظمة، بعظمة أخرى حتى تساوي سائر الأصابع.
إنما يجوز لإطلاق أدلة الحل، بل التجميل غير المحرّم مستحب، فإن الله جميل ويحب الجمال(6)، ولا
فرق بين أن يكون اللحم أو العظم من إنسان ـ فيما كان جائزاً أخذه منه ـ أو حيوان أو مواد صناعية
كالبلاستيك.
تبديل الأعضاء
المسألة5: لا يبعد جواز تبديل عضو إنسان بعضو إنسان آخر ـ كأن تجرى العملية الجراحية لتبديل يد زيد
مكان يد عمرو، وبالعكس ـ إذا لم يكن في ذلك ضرر لا يجوز تحمله شرعاً.
لإطلاق أدلة الحل، وقد تكون هناك بعض الأغراض العقلائية، مثل أن تناسب يد زيد عمرواً طولاً وضخامة
وما أشبه، وبالعكس.
تشويه الأعضاء
المسألة6: لا يجوز تكبير عضو من أعضاء الإنسان بالوسائل الحديثة بما يسمى تشويهاً وتغييراً لخلق
الله، كما إذا كبر اليد إلى حيث ضعف الجسد أو ما أشبه، وكذلك التصغير، كما إذا صغر اليد إلى حيث بلغت
بقدر الإصبع مثلاً.
أما بالنسبة إلى نفسه فلأنه تغيير خلق الله وإضرار لا يجوز، وأما بالنسبة إلى غيره فإن رضي كان
المحذور، وإن لم يرض كان محرماً من هذه الجهة أيضاً.
تكبير الجسم وتصغيره
المسألة7: يجوز للإنسان أن يكبر جسمه أو يصغره بمقدار خارج عن المتعارف، سواء في الطول والقصر، أو
السمنة والهزال، نعم فيا لو صدق (تغيير خلق الله) لم يجز.
أما المستثنى منه فلإطلاق (الناس مسلطون)(7)، وأما المستثنى فلقوله تعالى حكاية عن إبليس:
(
ولآمرنهم فليغيّرن خلق الله)(8) ولعله لذلك لا يجوز أن يجعل الرجل نفسه مرأة وبالعكس، أما فعل
الإمام الحسن(عليه السلام) إعجازاً(9) فهو لا يقاس عليه، لأن الإعجاز أمر الله، والله ( لا يسئل عما
يفعل) (10) كما أنه تعالى يميت بالغرق والحرق وما أشبه، ولا يجوز للإنسان ذلك بالنسبة إلى المجرم.
اليد الزائدة
المسألة8: الظاهر جواز إجراء العملية الجراحية لقطع اليد الزائدة وما أشبه، وإن كان لا يجوز ذلك
بالنسبة إلى اليد الأصلية.
لا يجوز بالنسبة إلى الأصلية لأنه من الضرر الذي لا يجوز للإنسان ارتكابه سواء كان إسقاط قوّة، أو
إسقاط عضو، أما في اليد الزائدة فليس ذلك من إسقاط العضو، فيشمله دليل الحلية، وكذلك بالنسبة إلى
بقية الأعضاء كالرجل والأصابع، أما الرأس بحيث كان له رأسان، فإن كان عرفاً إنسانين فلا يجوز
قطعاً، ولو كان إنساناً واحداً فاحتمالان.
توأمان متلاصقان
المسألة9: لو ولد توأمان متلاصقان، وبقيا متلاصقين، فهل يحق لهما الزواج بامرأتين، لكل واحد زوجة؟
الظاهر ذلك، ويجوز اقتراب كل من زوجته إذا لم يوجب الاقتراب أمراً محرماً بالنسبة إلى الشخص الآخر
الملصق بالذي اقترب من زوجته.
لأنهما إنسانان حسب الفرض، فلكل حكمه، ومنه يعلم أنه لو احتلم أحدهما لا يجب الغسل إلا عليه،
ويجوز للثاني مس القران مثلاً أو قراءة آيات السجدة، وكذا الحال لو كانتا بنتين أو كانا ذكراً
وأنثى.
وفي صورة اختلاف الإرادتين بأن إرادة إحداهما شيئاً، والآخر شيئاً آخر فاللازم أن تنفذ إرادة كل
واحد منهما مرة، مثلاً: أراد أحدهما الصلاة أول الوقت والآخر آخر الوقت، فمرة تنفذ إرادة هذا ومرة
ذلك، أو أراد أحدهما الاقتراب من زوجته لاستلزام الحمام ولم يرد الآخر، أو أراد أحدهما الحج أو
الزيارة، ولم يرد الآخر، ولا يلزم تشابه الإرادتين، بل يكفي إرادتان، مثلاً: أراد أحدهما المشي
صباحاً والآخر النوم ظهراً، لكن اللازم تساوي قدر الزمانين وقدر السهولة والصعوبة فيهما، لا أن
تكون إرادة اسهل والآخر اصعب، وهكذا بالنسبة إلى الزمان الأقصر والأطول، وإنما قلنا بلزوم أن تنفذ
إرادة كل واحدة مرة لعدم الترجيح، ولقاعدة العدل، ولقاعدة المهاياة ملاكاً.
جسدان على حقو واحد
المسألة10: فيما كان جسدان على حقو واحد، فيما يعد شخصان، يكون الحكم كالمسألة السابقة، أما لو كان
رأسان على جسم واحد، مما عدا شرعاً لإنسان واحد، فالحكم مثل ذي الرأس الواحد.
يكون الحكم كالمسألة السابقة، أي لكل حكمه، ولكن يشكل ذلك في الزواج رجلاً كان أو امرأة، لأن
الآلة لهما لا لأحدهما، فهل يجوز باعتبار الآلة الواحدة؟
أو لا باعتبار اثنينية الجسد؟
احتمالان،
وإذا كان في عسر وحرج من جهة الاحتياج إلى الجنس فهل يجوز أو لا؟
أو يستفرغ المني بواسطة أخرى؟
المسألة بحاجة إلى مزيد من التأمل.
تشويه الإنسان
المسألة11: الظاهر عدم جواز ما يشوّه خلقة الإنسان، كالتركيب بين إنسانين، أو بين إنسان وبعض أجزاء
إنسان آخر حتى يصبح ذا أربع أيادي أو ثلاث أرجل، فإنه من تغيير خلق الله.
نعم التوصيل النافع جائز كتبديل البيضة أو الكلية أو ما أشبه ذلك للإطلاقات، وقد قرّر في العلم
الحديث حسب التجارب ـ إمكان تغيير أكثر من عشرين جزءاً في الإنسان هم يحسبون أن أجزاء الإنسان
كأجزاء السيارة في قطع الغيار ـ على الأغلب ـ.
المعدة الاصطناعية
المسألة12: إذا جعل للإنسان معدة من المطاط، وكان بعضه خارج البطن وحدثت فيها القرقرة، لم يكن ذلك
مبطلاً لوضوئه وغسله.
لانصراف أدلة خروج الريح المبطل عن مثل ذلك، كانصراف أدلة خروج البول أو الغائط المبطل عنه، وكذلك
إذا فرض مثل ذلك في المني، إلا إذا صار الموضع معتاداً فالأحوط أن يكون مبطلاً.
الأسنان الصناعية
المسألة13: لا بأس بالأسنان الصناعية المتخذة من البلاستك أو من الحيوان إذا وضعت في فم الإنسان وإن
كان الحيوان حرام اللحم كالهرة، أما سن الحيوان النجس العين فهل يجوز وضعها في الفم أم لا؟
احتمالان، وكذلك إذا كانت من الإنسان الميت حيث يجب دفنها وقد تقدم في بعض المسائل حال تبديل عضو
بعضو انسان ميت.
الجواز في غير نجس العين للعمومات والإطلاقات فإنه (كل شيء هو لك حلال) وغير ذلك، وأما نجس العين
فاحتمالان:
الحرمة لأنه نجس فيكون كل ما يلاقيه نجسا وحراما بلعه، إلا إذا فرض انه صار جزء الإنسان فإن الموضوع
يتبدل حينئذ.
والحلية لأنه في الباطن وقد قال جمع بأن الباطن لا يتنجس فتأمل، لكن مقتضى الإحتياط الأول.
العيون الصناعية
المسألة14: لا بأس بالعيون الصناعية، ولا يجب غسلها حال الوضوء والغسل، لأنها من الباطن كما في
العيون الحقيقية.
وكذا كل شيء صناعي في الباطن في محل الغسل أو الوضوء أو التيمم.
الأعضاء الصناعية
المسألة15: الأعضاء الصناعية كالأنف والاذن والاصبع والكف وما أشبه مما يعتاد وضعه على جسم مشوهي
الحروب لا يجب غسلها عند الوضوء والغسل ولا يجري عليها أحكام الأعضاء الحقيقية كوجوب وضع الكف
والإصبع والركبة على الأرض عند السجدة.
وذلك لعدم شمول الأدلة لها، إذ الألفاظ موضوعة للمعاني الحقيقية، ولا يعد وضعها من الميسور إلا
إذا كان منه كما إذا خاط كفه بالبلاستيك فإنه كالجبيرة حينئذ حيث تقوم مقام الوضع.
من مستثنيات الطمأنينة في الاعضاء الصناعية
المسألة16: لا بأس بتحريك اليد والرجل الصناعيتين في حال يجب فيها الطمأنينة في الصلاة، سواء كان في
القيام أم في الركوع والسجود لأن العضو المصنوعي ليس مشمولا لأدلة وجوب الإستقرار والطمأنينة.
وذلك للإنصراف، نعم إذا اخذت الرجل واليد من انسان آخر وجعلت جزءا من البدن صارت بحكم الأصلية،
وليست حينئذ عارية.
الجلد الصناعي
المسألة17: لو كان الجلد صناعيا ، بأن خيط جلد مكان جلد الإنسان فإن تفاعل معه وصار جلدا له حقيقة
فهو محكوم بحكم الجلد الأصلي للإنسان في جميع الأحكام.
لأنه صار جزءا منه وجلدا له عرفا ، وكذا بالنسبة إلى اللحم والعصب والعرق، فإن الأحكام تابعة
للموضوعات.
من أحكام الجلد الصناعي
المسألة18: إذا لم يتفاعل الجلد مع الإنسان في المسألة السابقة كان حاله حال الجبيرة في الأحكام،
ويحل أن يراه الأجنبي لأنه ليس بجسم الإنسان كما يحل لمسه له لكن بدون اثارة الشهوة.
ويشترط أيضا أن لا يكون زينة، وإلا يشمله: (ولا يبدين زينتهن).
تقوية السمع والبصر
المسألة19: لا بأس بتقوية السمع حتى يسمع من فراسخ ومع وجود الحائط أو ما أشبه، كما لا بأس بتقوية
البصر كذلك، لكن لا يجوز هتك أو كشف الأسرار بواسطتهما.
وذلك لأصل الحل، أما الهتك والكشف فلا يجوز لإطلاق أدلّتهما، إلا فيما جاز، كنظره إلى بدن زوجته
وبالعكس في زوجها، ومنه يعلم حكم تقوية سائر القوة الجسدية والروحية.
تبديل مخ الإنسان
المسألة20: لو بد ل مخ انسان بمخ انسان آخر، فتبدلت معلومات كل واحد منهما إلى معلومات الآخر، مثلا
بدل مخ طبيب عربي إلى مخ مهندس تركي، فتبدلت معلومات الطبيب ولسانه إلى معلومات المهندس ولسانه،
فهل يبقى على حكمه الأول في جميع تكاليفه وتعهداته (تبعا لجسمه) أو يرجع إلى حكم الثاني (تبعا لمخه)
أو يكون كإنسان جديد؟ احتمالات.
والإحتمال الثالث أقرب إلى الصناعة وذلك لتضارب الإستصحابين وتساقطهما.
تبديل معلومات الإنسان
المسألة21: لو لم يبدل المخ، وانما بدلت المعلومات بواسطة التنويم ونحوه الموجب لسحب المعلومات من
أحدهما إلى الآخر، فإنه يكون فيه الإحتمالات المتقدمة في المسألة السابقة إلا ان الإستصحاب هنا
أقوى.
أي استصحاب كونه الشخص السابق، هذا اضافة إلى الصدق العرفي.
تغير البول
المسألة22: لو ابتلي بمرض أو شرب دواءا جعل بوله ماءا خالصا لا حقيقة للبولية فيه أصلا، فالظاهر انه
يكون طاهرا، إذ ليس المعيار الخروج من الموضع المخصوص بل صدق كونه بولا عرفا، والمفروض انه لا صدق
في المقام.
وذلك لأن الحكم يتبع الموضوع، فلو فرض ان الماء الذي يشربه يخرج من محل بوله من دون تغيير ولا يسمى
عرفا بولا، فإنه لا وجه للحكم بنجاسته.
الفضلات المتغيرة
المسألة23: ما ذكر في المسألة السابقة يجري في مدفوع الإنسان، إذا خرج عن صدق المدفوع، كما لو خرج
الطعام مثلا بنفسه أو تبدل إلى شيء آخر لا يسمى مدفوعا اطلاقا .
وذلك كما إذا تبدل الطعأمالى الدود وخرج، فإن الحكم تابع للموضوع.
تقوية الأمصال الشعرية
المسألة24: يجوز تقوية الأمصال الشعرية في الجسد لينبت الشعر الكثير الخشن كما يجوز تضعيف الأمصال
لينبت الشعر القليل المبعثر.
لإطلاق أدلة الحل، نعم في المرأة إذا كان ذلك مكروها للزوج يكون جوازه حيث يرضى الزوج لأنه من حق
الغير.
سحب دم الإنسان
المسألة25: لا يجوز سحب دم الإنسان بدون رضا إلا إذا كان بقاءه موجباً لهلاكه أو مرضه الذي لا يجوز
تحمله، فإنه حيث كان سحب الدم واجباً لم يكن لرضاه أو عدم رضاه تأثير شرعي.
المستثنى منه لأن الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، والمستثنى لأنه لا حق للإنسان أن يفعل
شيئاً، أو يترك شيئاً يوجب موته، أو فساد عضو منه، أو ذهاب قوة، وذلك حسب ما ذكرناه في أدلة ( لا ضرر).
التبرع بالدم
المسألة26: يستحب التبرع بالدم للمرضى، فإنه من التعاون على الخير، والصدقة المندوبة، وإذا توقف
حياة إنسان على الدم وجب التبرع (ولو بأجر) كفاية.
والوجوب تكليفي، ولا تزم بينه وبين الحكم الوضعي بجواز أخذ الأجرة مثل وجوب الصناعات، حيث أن
الوجوب لا ينافي جواز أخذ الأجرة(11).
النذر في الدم
المسألة27: هل يصح أن ينذر الإنسان دمه، فيكون حاله حال ما إذا نذر نفسه، فكلما زاد الدم في جسمه
سحبه لإعطائه إلى الجهة المنذور لها أم لا يصح؟ احتمالان، وإن كان لا يبعد صحة النذر.
لإطلاق أدلة النذر وكذا بالنسبة إلى اليمين والعهد والشرط.
وقف الإنسان دمه
المسألة28: الظاهر أنه لا يصح أن يوقف الإنسان دمه حتى يكون من قبيل وقف البئر التي تمنح ماءها للجهة
الموقوفة لها، وربما يحتمل الصحة.
عدم الصحة لأن أدلة الوقف منصرفة عن مثل ذلك، واحتمال الصحة ضعيف، ومنه يعلم حكم وقف سائر أعضاء
الإنسان.
تغيير الدم
المسألة29: لو شرب دواءا أو اصيب بمرض جعل دمه أزرق أو أصفر أو ما أشبه فإن خرج عن حقيقة كونه دما صار
طاهرا وإلا كان نجسا .
الطهارة لأنه ليس بدم حسب الفرض، والأحكام تابعة لموضوعاتها.
حقن الإبر للصائم
المسألة30: يجوز حقن الإبر المقوية للصائم.
وذلك لأن الدليل إنما دلّ على الأكل والشرب، وليست الإبرة منهما عرفاً.
لا يقال: تفيد فائدتهما.
لأنه يقال: هو مثل التنقيع في الماء الموجب لرفع العطش وما أشبه، فهل يقال بحرمته على الصائم، أما
حس الصائم بألم الجوع والعطش وما أشبه فهو حكمة كما لا يخفى.
حقن الإبر المنشطة
المسألة31: يجب حقن الإبر المنشطة للحالة الجنسية بالنسبة للزوج الذي لا يقدر على أداء واجبه الشرعي
تجاه زوجته، فإن لها الحق في كل أربعة أشهر مرة.
بل إنا ذكرنا في الفقه: إنه مع احتياج المرأة إلى اكثر من ذلك يجب على الزوج ذلك، لأنه من المعاشرة
بالمعروف، وإنما تجب التقوية لأنها مقدمة الواجب، وهي واجبة عقلاً(12).
تزريق المواد المحرمة
المسألة32: لا بأس بتزريق المحرمات، كتزريق خلاصة الكبد مثلاً، بشرط أن لا يوجب ضرراً بالغاً، ولا
يكون هناك دليل على حرمة استعمال ذلك المحرم مطلقاً، كما ورد الدليل بالنسبة إلى الخمر.
إذ الحرمة في الأكل والشرب لا في التزريق والتمريخ وما أشبه، نعم الخمر حرام بكل شؤونها، كما ورد
في النص والفتوى.
شفافية جسد الإنسان
المسألة33: هل يحل للإنسان أن يستعمل دواءا يوجب شفافية جسده بحيث يرى ما بداخله دائما ويكون حاله
حال الزجاج، كما يوجد بعض الأسماك كذلك، أم لا؟ احتمالان من أنه(تغيير لخلق الله) ومع الشك في ذلك
فالأصل الحل .
لكن الأحوط انه من تغيير خلق الله تعالى.
الإمناء بالأدوية
المسألة34: لو سببت الأدوية الإمناء أو نبات العانة، فإن كان المستعمل للدواء مدركاً لوقت نباتها أو
لوقت الإمناء لم يستبعد حصول البلوغ الشرعي لوجود المناط.
وذلك لتحقق الموضوع، وكذا لو سبب ذلك الحمل والحيض في الفتاة دون العاشرة، فإنه بتحقق الموضوع
يتحقق الحكم.
الاستمناء لأجل الاختبار
المسألة35: الأحوط عدم جواز الاستمناء لأجل اختبار المني بأنه هل هو قابل لتكون الولد أم لا؟
نعم لا
بأس بالاستمناء لكل من الزوجين بالآخر.
إنما قلنا: (الأحوط) لأنه مع وجود الزوجة لا اضطرار، وإنما لم نفت لأنه اضطرار عرفي إذا لم يكن من
السهل إحضار الزوجة في المختبر والاستمناء بسببها، وكذلك حال المرأة، فتأمل.
التغذي بأشعة الشمس
المسألة36: إذا أمكن التغذي بأشعة الشمس من غير طريق الفم، بل بواسطة آلة تزرق مواد القوة الموجودة
في الفضاء إلى جسم الإنسان فالظاهر أنه لا يضر بالصوم.
كما لا يضر بالصوم نفوذ الماء بسبب ثقوب البدن في ما إذا دخل الإنسان في الماء وذلك للإنصراف وعدم
الصدق.
الأشعة المؤذية
المسألة37: لا يجوز تسليط الأشعة المؤذية إلى إنسان محترم، فإنه عدوان يحرمه الإسلام، وكذا إذا كان
التسليط تصرفاً فيه وإن لم يكن مؤذياً.
لإطلاق دليل حرمة الأذى، ولأن (الناس مسلطون على أنفسهم)(13) وإذا كان ضاراً يشمله دليل (لا ضرر)(14)
أيضاً.
والمراد بالإنسان المحترم أعم من المسلم، فلا يجوز إيذاء الذمي لقوله(صلى الله عليه وآله وسلم):
(من
آذى ذمياً فقد آذاني)(15)
ولا الكافر المحايد، بل مطلق الكفار ـ إلا ما خرج ـ لأصالة الحرمة،
ولقوله(عليه السلام):
(إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)(16).
ولا يجوز إيذاء الحيوان أيضاً إلا لأمر أهم كالاختبارات الطبية ـ مثلاً ـ.
حبوب الذكاء
المسألة38: يجوز استعمال حبوب الذكاء، أما استعمال حبوب البلادة فلا يجوز.
أما جواز حبوب الذكاء فلأنه ازدياد في الخلق زيادة حسنة، حاله حال تسمين البدن أو تنشيطه أو تقوية
نور العين أو ما أشبه.
وأما حبوب البلادة فالموقت منها جائز فهو كتغميض العين مؤقتاً أو حقن المضعف كذلك، أما ما يوجب
البلادة الدائمة فهو من إسقاط القوة فيشمله دليل (لا ضرر)(17) ونحوه.
تبييض جسم الإنسان
المسألة39: يجوز تبييض جسم الإنسان الزنجي، كما يفعل ذلك بالمساحيق والأدوية الحديثة في بعض
البلاد.
إذ هو تغيير لا يصدق عليه تغيير خلق الله، فالأصل جوازه، لكن يلزم أن يكون ذلك برضاه، وإلا كان
خلاف سلطته.
تغيير ألوان البشرة
المسألة40: هل يجوز تسويد أو تحمير أو تصفير بشرة الإنسان الأبيض؟
احتمالان، الجواز للأصل، وعدم
الجواز لاحتمال دخوله في (تغيير خلق الله).
إذا كان شيء من ذلك يعد تشويهاً أو تغييراً لخلق الله لم يجز، وإلا جاز، وكذلك لو كان حقاً للغير،
كما إذا كان يفعل ذلك بالنسبة إلى المرأة المزوّجة بدون رضى زوجها فإنه لم يكن تشويهاً أو تغييراً ـ
لكنه لم يجز لأنه من التصرّف في سلطان الزوج.
هذا في التلوين الدائمي، أما التلوين غير الدائمي فلا إشكال فيه إن لم يكن مضراً، ولم يكن حقاً
للغير.
1 ـ راجع موسوعة الفقه كتاب القواعد الفقهية قاعدة الإلزام للإمام المؤلف.
2 ـ راجع مستدرك الوسائل: ج13 ص308ب13 ح15444.
3 ـ الأحزاب: 6. ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) وصدر القاعدة حديث شريف، راجع بحار الأنوار 2/272 ح7
وفيه:
(الناس مسلطون على أموالهم).
4 ـ فرضاً.
5 ـ راجع موسعة الفقه: كتاب المكاسب المحرّمة.
6 ـ الكافي: ج6 ص4398 ح1، والوسائل 3/340 ب1 ح4.
7 ـ غوالي اللئالي: 3/208 ح49.
8 ـ النساء:119.
9 ـ راجع المناقب: ج4 ص8ـ9.
10 ـ الأنبياء:23.
11 ـ تطرّق الإمام المؤلف إلى هذا البحث في كتاب (الفقه: المكاسب المحرمة).
12 ـ راجع كتاب (الأصول) للإمام المؤلف (دام ظله).
13 ـ قاعدة فقهية.
14 ـ الكافي: ج5 ص293 ح2.
15 ـ راجع مستدرك الوسائل 11/168 ب3: (قال(صلى الله عليه وآله وسلم): من ظلم معاهداً كنت خصمه) ومثله في
بحار الأنوار 74/21 ح2 ب1. وفي البحار: 32/486 ب29 ح691 (بيان) وفيه: (من آذى ذمتي فكأنما آذاني).
16 ـ نهج البلاغة: الكتاب53.
17 ـ الكافي: ج5 ص293 ح2.