(د) أحكام المعاملات ـ الوقف والوصية والارث
وقف الوسائل الحديثة
المسألة1: يصح وقف الوسائل الحديثة كالسيارة والطيارة والقطار والإذاعة وغيرها، لأجل الذرية أوصنف خاص، أو مصلحة خاصة أو عامة.وذلك لإطلاق قوله(عليه السلام): (الوقوف على حسب ما يقفها أهلها)(1) بل الظاهر جواز الوقف بالروح
العام لشمول الإطلاق له، وذلك بأن يملك دوراً وعقاراً وسيارات وما أشبه فيوقفها ويجعل بيد المتولي
الإبقاء على الروح العام فيها ويعطيه الاختيار في أن يبقيها أو يبدلها، مثل جعل الحمام دكاناً، أو
بيع الدار واشتراء السيارة مكانها، إلى غير ذلك(2).
الوقف الضائع
المسألة2: لو انهدمت قرية بسبب الزلازل أو القنابل أو السيول ولم يعلم محال الوقف منها، فهل يجبتخصيص قطعة من أرضها للوقف الذي كان سابقا أو لا؟ احتمالان، ولا يبعد الوجوب، والأحوط أن يكون
بالقرعة.ذلك لأن حكم الوقف حكم الملك، فكما انه إذا كان لجماعة أراض ولم يعلم أية قطعة لأيهم لزم اعطاء كل
واحد قطعة ولو بالقرعة فكذلك المقام، فإنه هو المستفاد من كون(الوقوف على حسب ما يقفها أهلها) منضما
إلى التنظير بالملك، والقرعة لأنها لكل أمر مشكل.
وقف الإنسان الحر نفسه
المسألة3: لا يصح وقف الإنسان نفسه أو بعض من يتعلق به من الأحرار، والظاهر ان ما في الآية الكريمة:(ما في بطني محررا) كان خاصا بالا مم السابقة، وإذا كان للإنسان عبد يصح له وقف العبد.إذ سلطة الإنسان على نفسه حكم لاحق، فلا يصح له سلبه إلا في مثل اجارة الإنسان نفسه وما أشبه مما
ثبت في الشريعة، أما تسلطه على غيره فلا يصح لوجهين، وعلى أي حال: فلا تستصحب الشريعة السابقة بما
علم عدمه في هذه الشريعة كصوم الوصال والصمت وما أشبه.
الفوضى في مصارف الأوقاف
المسألة4: الظاهر أنه لا يجوز صرف مجموع وارد الأوقاف في مجموع أهداف الأوقاف من دون ملاحظة كيفيةالوقف، مثلا بيد وزارة الأوقاف دار لضياء المشهد، ودكان لإطعأمالزوار، وحمام لعلاج المرضى فتأخذ
الوزارة وارد الكل وتصرفه في الشؤون الثلاثة من دون ملاحظة صرف مقدار كل وارد في هدف الوقف الخاص.عدم الجواز لأنه صرف للوقف في غير مصرفه، نعم فيما إذا كان المصرف متساويا مثلا وصرف بالمقدار في
كل مصرف، لم يلزم وضع وارد كل وقف في مكان خاص، بل يجوز الخلط والصرف من المجموع لصدق(أداء الأمانة)
بذلك عرفا كما يرى ذلك بعض الفقهاء في مثل الخمس والزكاة والثلث واجرة الصلاة والصيام حيث تخلط، لكن
يعطي الفقيه من كل الكيس المشترك بقدر كل واحد الى مصرفه.
صرف الوقف في غير مورده
المسألة5: إذا لم يجز ما ذكر في المسألة السابقة لم يجز بطريقة أولى صرف الوارد في مطلق المشاريعالخيرية التي لم تكن من مقاصد الوقف كما هي العادة في دوائر الأوقاف في العصر الحاضر.لأنه صرف في المورد الخارج عن المصارف المقررة في الوقف.
الوقف لا يبطل
المسألة6: الوقف بقسميه الذري والخيري باقيان إلى الأبد، فإبطال بعض الحكومات الوقف الذري لا يؤثرفي تغيير الحكم الشرعي.لأن: (حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة وحرامه حرأمابدا إلى يوم القيامة).
الوصية بالوسائل الحديثة
المسألة7: إذا أوصى بأن يصرف ماله لشراء السيارة للزوار أو لإدارة الأيتأماو دار العجزة أو مدرسةالمعوقين أو نحو ذلك صح، بل ذلك من أفضل القربات.لإطلاق أدلة الوصية، وعدم وجود السيارة في زمانهم (عليهم السلام) لا يوجب أن ينصرف أدلة الوصية إلى
ما تعارف في زمانهم فقط.
موت المتوارثين سوية
المسألة8: إذا مات الوارث والمورث بكارثة كالزلزلة أو القصف بالقنابل أو ما أشبه ولم يعلم السبقوالسابق فهل الحال في الإرث كميراث الغرقى والمهدوم عليهم مما ذكر في فقه الإسلأمام لا؟ احتمالان،
والأول أقرب والتفصيل في الفقه.(أقرب) لأن ما دل على التوارث يفهم منه بالملاك ما نحن فيه أيضا، وإن كان الإحتياط ــ الإستحبابي ــ
في التصالح.
بناء الدور المكشوفة
المسألة9: بناء الدور غير المستورة التي توجب الفتنة والإثارة مشكل.لأن صنعها من مقدمة الحرام إلا أن يقال: انه مثل بيع العنب لمن يعمله خمرا ، فالباني ليس فاعلاللحرام كما ان البائع ليس فاعلا للحرام، إلا أن الأول أقرب إلى الإحتياط.
البيوتات المكشوفة
المسألة10: إذا كان بيت الجار مشرفا على دار الإنسان بروشن أو نحوه ولا تأمن المرأة أن ينظر الأجنبيمن الروشن إليها يشكل أن تأتي إلى الدار بدون الحجاب.فإن حال مثل هذه الدار حال الشارع المحتمل وجود الناظر المحترم احتمالا عقلائيا .
الإشراف على دار الغير
المسألة11: لا يجوز الإشراف من الروشن أو نحوه على دار الغير.وذلك للأدلة العامة كـ: (الناس مسلطون) و(لا يحل مال امرىء مسلم) والأدلة الخاصة المذكورة في محلها،ولو فعل ذلك كان عليه العقاب كما ذكر في كتاب الحدود.
شهادة الزور
المسألة12: لا يجوز شهادة الزور، ولا يجوز أخذ الثمن لذلك، فما يعتاد في بعض محاكم اليوم من وجود منيشهد بالمال باطل في باطل. أما المستشهد الذي يكون له الحق واقعا إذا لم يجد علاجا إلا بإشهاد هؤلاء
وإعطائهم الاجرة فإن عمله حلال كما انه ليس معاقبا لإعطائه الأجر، إذا توقف انقاذ الحق عليه.(باطل في باطل) لأن المحكمة باطل لما دل على حرمة الرجوع إلى محاكم الظالمين إلا للمضطر، وشهادة
الزور فيها باطل آخر لما دل على حرمة شهادة الزور، والمستثنى لما ذكرناه في كتابي التقليد والقضاء
من الفقه.
الاحتيال للإنقاذ
المسألة13: هل يجوز التزيي بزي غير جائز شرعاً، لأجل كشف أسرار الفئات الباطلة، لإنقاذ الناس عنالتردي في مزالقهم، كما ينقل عن أحد المراجع: أنه أجاز لأحد ثقاته حلق اللحية والتشبه بفئة ضالة،
لأجل الدخول في جماعتهم وكشف أسرارهم، حتى ينقذ المغررين والجاهلين أم لا يجوز ذلك؟
احتمالان،
والظاهر: أن المسألة من دوران الأمر بين الأهم والمهم، فكلما تحققت الأهمية جاز، وكلما لم تعلم
الأهمية لم يجز.وتشخيص موضوع الأهم والمهم بيد الإنسان نفسه إذا كان خبيراً، وبيد أهل الخبرة العدول إذا لم يكن
بنفسه خبيراً، والاحتياج إلى اثنين أو كفاية الواحد مربوط بالاختلاف في كلّي المسألة، كما أن كفاية
كونه ثقة بدون اشتراط العدالة أيضاً منوط بالاختلاف في كلي المسألة.
التسلل في الموضوعات
المسألة14: انكشاف الأهمية في المسألة السابقة من الموضوعات، فالمتديّن الحازم إذا عرف الأهمية جازله، ولا يحتاج بعد ذلك إلى فتوى الفقيه، نعم إذا منع المرجع للمسلمين عن ذلك، لم يجز لوجوب اتباع
أوامره ونواهيه.المراد بالمرجع: مقلّد ـ بالفتح ـ هذا الشخص، وإنما لا يحتاج بعد ذلك إلى الفتوى، لأنه إذا ثبت
الموضوع ترتب عليه الحكم، فإذا ثبت لديه أن هذا السائل ـ مثلاً ـ ماء جاز له شربه، هذا فيما إذا لم
تكن الأهمية في الموضوعات العامة أو الموضوعات المستنبطة، وإلا احتاج إلى فتوى الفقيه.
1 ـ الكافي: 7/37 ح34.2 ـ راجع موسوعة الفقه: كتاب البيع ج4.