الفصل الثاني : أحكام الطب
(أ) الطب والتصرف بعمر الإنسان وجنسه
لو كان لرجل رحم
المسألة1: لو كان لرجل رحم أو ركب فيه رحم، ثم ربي مني رجل وامرأة في رحمه فهل يكون للولد أبان وام،أو امان وأب أو لا اعتبار بهذا الرجل الجديد؟ احتمالات، الظاهر الثالث.الأقرب انه لا اعتبار بصاحب الرحم لفرض ان المني من غريبين عنه وانما رحمه حينئذ كانبوب الإختبار.
ولادة غير الإنسان من الإنسان
المسألة2: إذا تولّد من الإنسان شيء حيّ لا يسمى إنساناً، لم يبعد أن لا يحكم بحكم الإنسان، وإذاتولّد من غير الإنسان حي يسمى إنساناً كان محكوماً بحكم الإنسان.وذلك لأن الحكم تابع للموضوع، ثم هل يجوز تركيب الجينات حتى يكون الوالد إنساناً حيواناً، كما
فعله الغرب؟ فيه نظر، لأنه من تغيير خلق الله، ولو حصل فإن كان له عقل الإنسان كان محكوماً به، وإلا
فلا حكم عليه، كما أنه إذا لم يسم إنساناً لم يجز زواجه والزواج به، ولا يرث إلى غير ذلك من الأحكام.
طفل بلا والدين
المسألة3: لو فرض امكان تربية نطفة الأب فقط، فالولد لا ام له، وفي العكس الولد لا أب له، ثم انه قديستبعد بعض المسائل السابقة أو اللاحقة بأنها كيف يمكن؟ لكن الوسائل العلمية أتت بغرائب ليس
للإنسان أن يسكت عن أحكامها، وقد ذكر الفقهاء في باب الطهارة الإنسان المخلوق في الساعة، هل هو
متطهر أو محدث؟ وتقتضي القاعدة أن لا يجوز للمخلوق في ساعته الإتيان بما يشترط فيه الطهارة بدون أن
يتطهر.وقد رأينا في عيسى(عليه السلام) انه لم يكن له أب، وفي آدم وحواء(عليها السلام) عدم وجود والدين
لهما.أما ما ذكر من انه لا أب له أو لا ام له ــ في صور المسألة ــ فلعدم الموضوع، فلا يترتب عليه ما كان
مترتبا على من له أب أو ام من هذه الحيثية فيسقط عنه اطاعة الأب أو الام وهكذا..أما لزوم تطهر مخلوق الساعة فلاشتراط الأعمال بالطهارة، لا بعدم الحدث، كما ذكر تفصيله في محله،
ومنه يعلم الحكم في صنع نطفة وتربيتها بلا والدين.
ترفيع السلالات
المسألة4: يجوز ترفيع سلالة الحيوانات المختلفة، بمختلف الوسائل الممكنة، أما ترفيع سلالة الإنسانفلا يجوز إلا بالوسائل الجائزة، فلا يجور تزريق مني رجل قوي في رحم امرأة ليست له زوجة، كما لا يجوز
تزريق مني المرأة القوية في المرأة الضعيفة لتقوية النسل.لوضوح أنه لا يجوز ذلك إلا بالنكاح بأقسامه، والتي منها الملك والتحليل، ولذا نرى أنه لا يجوز
الجمع بين مني رجل وامرأة أجنبيين في أنبوب الاختبار، وإذا فعل ذلك أن محكوماً بحكم ولد الزنا ـ في
مثل عدم الإرث ـ أو ولد الشبهة، كل في مورده.
ولادة الرجل
المسألة5: لو ولد الرجل فرضاً ـ كما أعلنت ذلك بعض الصحف والإذاعات، وكما يشبهه ما ورد في قضاءعلي(عليه السلام)(1) ـ فالظاهر أن التوارث يكون بينهما، إن لم يكن عن سفاح، وهل أن الرجل الوالد، أب
وأم؟ احتمالان، ولا إشكال في كون البنت المولودة محرمة على الأب الوالد.والأقرب من الاحتمالين: أنه أم، لأن رحم الرجل حينئذٍ كرحم المرأة، وبقية المسألة واضحة، وذلك
للصدق العرفي، ومنه يعرف العكس بأن حصل للمرأة ماء الرجل فرضاً.
تحول الرجل إلى امرأة
المسألة6: لو تحول الرجل إلى امرأة أو تحولت المرأة رجلاً، فقد يكون ذلك تحولاً حقيقة، كما اتفق فيقصة إعجاز الإمام الحسن(عليه السلام) ولا إشكال في آن أحكام المحول إليه يترتب عليه، وقد يكون
التحويل صورة كما إذا أجرى من هو في صورة امرأة عملية فظهر ذكره ـ كما اتفق في زماننا ـ فالحكم يبقى
على حاله السابق، وإذا كان أجرى أحكاماً مخالفة على نفسه ـ سابقاً ـ لزم عليه أن يرتب من الآن أحكام
واقعه على نفسه مثلاً إذا كان قد أخذ نصيب المرأة في الإرث، ثم ظهر أنه ذكر كان له الحق في أن يأخذ
نصيب الذكر، وهكذا العكس، ولو كان زوجة ظهر بطلان نكاحه.
أما الأول
فلأنه تحوّل حقيقي، وظاهر رواية الإمام الحسن(عليه السلام) حيث لم ينهه عن مباشرة زوجتهإنهما يبقيان زوجين، وإن كان في الظهور خفاء.
وأما الثاني
وهو التحول صورة: فلأنه كشف عن الجهل، والأحكام تابعة للواقع لا للخيال، نعم يشمله (لاتعاد الصلاة إلا من خمس)(2)، ولو لم يصل بزعم الحيض أعادها، ولو ليط به بزعم الرجولة، فظهرت الأنوثة
ترتب حد الزنا لا حد اللواط، وحل أخذ بنتها وأمها وأختها إلى غير ذلك من الأحكام.
لو انقلب الرجل امرأة
المسألة7: لو تغير الرجل إلى المرأة أو المرأة إلى الرجل بوسائل علمية مثلا، كما لو خيط للرجل الرحموقطعت آلته وخيط مكانها آلة الانوثية حتى صار امرأة حقيقة وظهرت عليه كل آثار الانوثة أو بأمر خارق
اعجازي ــ كما في معجزة الإمام الحسن(عليه السلام) ــ ترتب جميع آثار الجنس المحول إليه عليه، مثلا
بطل زواجه وسقطت ولايته على أولاده وهكذا.لأن الحكم يتبع الموضوع.
استحالة الشيخ شاباً
المسألة8: إذا رجع الشيخ شاباً واسطة تبديل بيضته إلى بيضة القرد ـمثلاً ـ أو ما أشبه كما تفعلهالعلميات الجراحية الحاضرة، صار حكمه حكم الشاب في وجوب الصيام عليه، بعد أن سقط عنه الصوم بواسطة
كونه شيخاً هرماً.لأن تغير الموضوع يستلزم تغير الحكم، والتغيير جائز لإطلاق أدلة الحل.
انقلاب الشاب شيخاً
المسألة9: إذا صار الشاب شيخاً بواسطة تضعيف خلاياه أو ما أشبه، ترتب عليه حكم الشيخ في الصيامونحوه، نعم الظاهر أنه لا يجوز للشاب أن يجعل نفسه شيخاً لأنه ضرر بالغ.فدليل (لا ضرر) يشمله، ومن المسألتين يعرف أنه يجوز تبييض الشعر كالشيخ أو تسويده بتقوية البصيلات
كالشاب، من غير فرق بين الرجل والمرأة، نعم يشكل التبييض للمرأة المزوجة إذا لم يرض زوجها، لأنه
يعتبر من حق الزوج.
عودة اليائسة شابة
المسألة10: إذا رجعت المرأة اليائسة شابة بواسطة الجراحية ـ مثلاً ـ حتى ظهر عليها آثار الشبابكالدم المعتاد والحمل وغير ذلك، فالظاهر: رجوع أحكام غير اليائسة إليها من العدة والحيض وغير ذلك.وذلك لترتب الحكم على الموضوع، ولا يتوقف ذلك على إذن الزوج لتسلّط الناس على أنفسهم، وإنما
أشكلنا في المسألة السابقة بدون رضى الزوج لأنه من التصرف عرفاً في الأمر المرتبط بالزوج كما أشرنا
إليه وهنا ليس كذلك، ففرق بين المسألتين.
تحول الشابة إلى يائسة
المسألة11: لو ارتدّت الشابة عجوزاً يائسة ـ حقيقة فهل يحكم عليها بأحكام اليائس؟ لا يبعد ذلك.فإنه إذا تحقق الموضوع تحقق الحكم، لكن اللازم تحقق ذلك واقعاً لا أن يكون ضعفاً في الخلايا أو ماأشبه، ففرق بين الضعف واليأس كما أنه فرق بين القوة والنمو.
إرجاع البالغ طفلاً
المسألة12: لو فرض أنه أمكن إرجاع الإنسان البالغ إلى حالة الطفولة بأن صار طفلاً حقيقة، رفع عنهالتكليف، لأن الحكم تابع للموضوع، وقد فرض تحقق الموضوع.لكنه فرض مستبعد جداً، إلا عن قدرة الله تعالى، القادر على كل شيء.
تسريع العمر بالدواء
المسألة13: الظاهر جواز استعمال دواء يوجب تسريع العمر، حتى إن الولد الذي له عمر خمس سنوات، يكونكالولد الذي له عمر عشر سنوات، وبالعكس بأن يستعمل دواءاً يوجب إبطاء العمر، حتى أن الولد الذي عمره
عشر سنوات، يكون كالذي له عمر خمس سنوات.وذلك لإطلاق أدلة الحل، إلا في صورة يعد ضرراً بالغاً عرفاً فلا يجوز، نعم في المرأة المزوجة لا
يجوز ما ينافي جمالها مما يعد حقاً عرفاً للزوج، سواءً كان إبطاءًا أم إسراعاً.
تطبيق حكم الكلي على الفرد في انقلاب الحاله
المسألة14: إذا انطبق عنوان كلي على فرد وجب اتباع حكم ذلك الكلي في ذلك الفرد، سواء كان فردا انقلبمن حالة إلى حالة كما إذا صنع فرد جديد للفاكهة بواسطة مواد كيماوية، أم حول قسم من الفاكهة بواسطة
التركيب إلى قسم آخر وكان القسم الأول حلالا والثاني حراما، أو بالعكس، كان الفرد محكوما بحكم
الفاكهة في الأول وبحكم المحال إليه في الثاني.لأن الحكم يتبع الموضوع فاللازم ترتيب حكم المحال إليه على هذا الفرد الجديد.
تنمية الإنسان
المسألة15: لو أمكن تنمية الإنسان بواسطة الأدوية الموجبة لإفراز الغدد المنمية، حتى أمكن إيصالطفل ذي خمس سنوات، إلى شاب عمره خمس عشرة سنة مثلاً، فهل يكون بالغاً بلوغاً شرعياً، أم لا؟
احتمالان، من أنه والبالغ هذا العمر سواء في الجسم والإدراك والنمو، ومن أنه لم يبلغ السن الشرعي.لكن حسب الصناعة إذا تحقق الموضوع تحقق الحكم، اللهم إلا أن يقال بالانصراف.
الأدوية المنمية وعدم الإدراك
المسألة16: في المسألة السابقة إذا لم يدرك مستعمل الدواء لوقت نباتها أو لوقت الإمناء، ففي البلوغالشرعي وعدمه احتمالان، ومع الشك في البلوغ يستصحب عدم البلوغ.لما تقدم في المسألتين السابقتين.
تطويل العمر
المسألة17: لا إشكال في أنه يجوز تطويل العمر، كأن يجعل الإنسان عمره مائتي سنة مثلاً، أما تقصيرالعمر بدون أن يقتل الإنسان نفسه، بواسطة دواء، أو لسبب عدم التغذّي الكامل مثلاً، أو لسبب السكن في
بلاد يقصر عمر الإنسان فيها، فهل يجوز، أم لا، أم يفصّل في المسألة؟ احتمالات وإن كان الظاهر عدم
جواز الأولين، وجواز الثالث.أما جواز التطويل فلأصالة الحل، و(الناس مسلطون)(3) ولكونه محبوباً شرعاً، وفي الأدعية: (أسألك يا
رب.. وتمدّ في عمري)(4)، وأما التقصير، فإن كان عرفاً من مصاديق ( لا تقتلوا أنفسكم) (5) فلا يجوز،
كما في الأولين، وإن لم يصدق عليه عرفاً فجائز، كالثالث، ومنه يعلم جواز التدخين والابتداء به، وإن
سبب أمراضاً أو كان يقصر العمر، لأن العرف لا يعتني بمثل هذا الضرر، نعم لا إشكال في الكراهة.أما تطويل العمر وتقصيره في الحيوانات والنباتات فجائز، إلا لو كان ضرراً أو إيذاءً محرمين.
التصرف في عمر الصبي
المسألة18: ما ذكر في المسألة السابقة إنما هو بالنسبة إلى الإنسان نفسه أو استعماله بالنسبة إلىإنسان آخر عاقل بالغ يأذن في ذلك ولم يكن هناك محذور آخر، أما بالنسبة إلى الصبي غير البالغ فلا يجوز
إلا إذا كانت مصلحة من غير مفسدة، وكان الفاعل لذلك هو الوليّ الشرعي.أو مأذوناً من قبله، والمسألة مبتنية على الخلاف بين الفقهاء في أنه هل يلزم المصلحة، أو عدم
المفسدة(6).
الإحياء بعد القتل
المسألة19: لو فرض أن الإنسان تمكن من إحياء الميت بالوسائل العلمية التي جعلها الله سبحانه لإحياءالميت، فهل ان القتل الذي عقبه الاحياء يكون جزائه القتل وتكون له الدية الكاملة أم لا؟ احتمالان.الظاهر الدية والقصاص، لأنه فعله وانما الإحياء الجديد بأمر الله سبحانه بالوسائل العملية التي
قررها سبحانه، كما في قصة بقرة بني اسرائيل، أما وجه الإحتمال الآخر: انصراف الأدلة، لكنه لو كان
فهو بدوي، اللهم إذا قيل بأن الحدود تدرء بالشبهات ولو ملاكا، فتأمل. وكذلك حال ما إذا قطع أحد يد
غيره ثم ألصقها، وما أشبه ذلك.
تبديل الدم
المسألة20: يجوز تبديل دم الإنسان بدم إنسان آخر، سواء كان أجنبياً أم لا، فإنه لا مانع من تزريق دمالأجنبي في جسم الأجنبية وبالعكس.لإطلاق دليل الحل، وكذلك الحال في دم المسلم للكافر وبالعكس، وكذلك يصح جعل دم الكلب أو الخنزير
للإنسان إذا فرض إمكانه، وبعد التحوّل إلى جسمه يكون حاله حال دمه.
1 ـ راجع المناقب ج2 ص376.2 ـ بحار الأنوار: 80/236 ص236 ح10 والخصال: ج1 ص285 ح35.3 ـ غوالي اللئالي: 1/222 ح99.4 ـ راجع مفاتيح الجنان ص584 دعاء عالية المضامين.5 ـ النساء:29.6 ـ راجع موسوعة الفقه كتاب البيع ج4.