(ج) الحيوان والبيئة ـ أحكام الحيوانات والطيور
صيد الحيوانات بالآلات الحديثة
المسألة1: يجوز صيد الحيوانات المتعددة بآلة واحدة، كما لو رمى عشر رصاصات من بندقية مرة واحدة
على عشرة غزلان، ويكفي التسمية مرة واحدة حينئذ.
إذ لا دليل على التعدد بعد صدق انها مما ذكر اسم الله عليها، ومنه يعلم ما لو ذكر اسم الله على
مجموعة من الشياه أو الدواجن التي تذبح في آن واحد معا، أما لو كان الذبح واحدا تلو الآخر فكل يحتاج
إلى ذكر اسمه تعالى.
الصيد بالأشعة القاتلة
المسألة2: لا يحل الصيد إذا مات بسبب تسليط الأشعة القاتلة.
فإن الصيد كسائر الذبائح لا تحل إلا بالطرق الشرعية المذكورة في كتاب الصيد والذباحة(1).
تخدير الطيور والوحوش
المسألة3: لو القي إلى الحمأماو الطير أو الوحش حبات مخدرة لأجل صيدها فتخدرت بواسطتها ولم تتمكن من
الهرب لم يحق لأحد صيدها لأنها صارت صيدا لصاحب الحبة.
فيشمله: (من سبق) ونحوه، والإستثناء هنا كالإستثناء في المسألة السابقة.
تطعيم الأعضاء
المسألة4: لو طعم جسد غزال برجل كلب ـ مثلاً ـ حتى صار جزءاً منه حل، ولو طعم جسد كلب برجل غزال حتى
صار جزءاً منه حرم، وكذا في كل حيوان حلال أو حرام.
لأنه لما صار جزءاً منه صدق عليه الحيوان المنتقل إليه عرفاً، لكن اللازم الجزء العرفي لا أن يبقى
الجزء بصورته السابقة، حيث لا صدق حينئذ فلا تبدل.
الحيوان المركّب من حيوانين
المسألة5: لو ركّب حيوان من حيوانين، فكان الرأس للكلب والجسد للغزال أو بالعكس مثلاً، فهل تحل
بالذبح أم لا؟ وهل هو نجس أم طاهر؟ احتمالان، والكلام إنما هو في الجزء الطاهر الحلال من الجزئين لا
النجس والحرام.
احتمالان: من قاعدة (كل شيء لك حلال)(2)، و(كل شيء لك طاهر)(3) ومن أنه ليس من الحيوانات المحللة،
وهي محصورة، ولعل الثاني أقرب إلى الصناعة، وإن كان يمكن أن يقال بقول الشهيد (قدس سره) من الأصل
فيهما كما ذهب إليه بعض المعاصرين.
استحالة الجزء المركب
المسألة6: الكلام في المسألة السابقة إنما هو فيما إذا لم يستحيل أحد الجزئين، وإلا كان الحكم
تابعاً للمستحال إليه، مثلاً: لو فرض أنه استحال جسم الغزال تدريجياً إلى جسم الكلب، بأن صدق الكلب
على هذا الحيوان المركب فإنه لا إشكال في حرمته ونجاسته.
وذلك للصدق العرفي الموجب لترتب الحكم.
اخصاب نطفة الحيوان
المسألة7: لو أمكن أن تربى نطفة الشاة في رحم الكلب، وخرج الجنين شبيهاً بأحدهما، كان الحكم تابعاً
للمشبه به، وكذلك إن أمكن تربية نطفة الكلب في رحم الشاة.
والمراد بالشبه بحيث كان يصدق عليه أنه شاة أو كلب، وذلك للصدق، وكلما صدق الموضوع صدق الحكم،
وهكذا حال ما إذا أخذت نطفتان من كلب وشاة وربيت في أنبوب الاختبار.
المتولد بين حيوانين
المسألة8: لو خرج المتولد بين حيوانين لا يشبه أحدهما كان الأصل فيه الطهارة والحلية، وكذلك إذا خرج
يشبه حيواناً طاهراً حلالاً، أما إذا خرج يشبه حيواناً نجساً أو حراماً، فالحكم تابع للمشبه به،
والمراد بالمشابهة الصدق العرفي.
فإذا صدق عليه الكلب كان كلباً وإن تولد من شاتين، وإذا صدق عليه الشاة كانت شاة وإن تولدت من
كلبين.
لا يقال: المتولد من حلالين حلال، لأنه لا وجه للحرمة وبالعكس.
لأنه يقال: الوجه هو الصدق بعد الإطلاق.
نزو الحيوانات فيما بينها
المسألة9: حكم المسألتين السابقتين جار فيما لو نزى كلب على شاة، أو العكس، أو نزى ابن آوى على شاة،
أو بالعكس.
إذ لا اعتبار بالنزو أو التربية في أنبوب الاختبار، وإنما الاعتبار بالاسم على ما عرفت،فإن الحكم
تابع لموضوعه.
تركيب نطفة الحيوان
المسألة10: لو أمكن استيلاد الحيوان من نطفة مركبة من نطفتي الشاة والكلب، فالولد إن كان شبيهاً
بأحدهما كان له حكم المشبه به، وإن كان شبيهاً بثالث، طاهر أو نجس، حلال أو حرام، فالحكم تابع
للحيوان الثالث، ولو لم يشبه شيئاً كان طاهراً حلالاً.
كان طاهراً حلالاً، لإطلاق دليلهما، مع احتمال القولين الآخرين مما قدمناه في شبيه هذه المسألة،
وما سيأتي في المسألة اللاحقة.
حكم الحيوان المركب
المسألة11: لو خرج بعض الحيوان ـ على ما في المسائل السابقة ـ شبيهاً بأحد الحيوانين، والبعض الآخر
شبيهاً بحيوان آخر، كما لو كان رأسه رأس كلب، وجسمه جسم شاة، ففي الحلية والطهارة، أو الحرمة
والنجاسة، أو اتباع كل جزء للجزء الشبيه به، احتمالات.
احتمال الحلية والطهارة للأصل فيهما، واحتمال خلافهما لصدق الكلب في الجملة، واحتمال التفصيل:
لأن كل جزء منه تابع للمشبه به، ولكن لا يبعد الثاني، لأن الحيوان حرام ما لم يدل دليل على حليته،
وهذا لم يدل الدليل على حليته، وفي المسألة خلاف، أما الطهارة فهي تابعة للقول بمقالة الشهيد (قده)
من قوله الأصل فيهما، أو عدمه كما ذكره المشهور، ويأتي مثل ذلك في مسألة سابقة مرّ ذكرها أيضاً.
تعريض الحيوان للأبحاث الطبية
المسألة12: يجوز تعريض الحيوان، لأجل الاستفادة العلمية أو الاستفادة العملية، كما يعتاد تزريق
الخيل بالسم، لأجل أخذ المادة المقاومة للسم من جسمه.
لكن من اللازم التخفيف الممكن عن ألم الحيوان لوجوب حقوق الحيوان، كما ذكرناه في كتاب النفقات من
(الفقه)(4).
قتل الحيوانات بالمواد السامة
المسألة13: يجوز قتل الحيوانات المؤذية بالمواد السامة كالفئران والذباب والبعوض وغيرها.
لإطلاق جواز قتل المؤذي، وقد يجب إذا كان فيه جهة وجوب.
أطعام اللحوم المحرمة للحيوان
المسألة14: يجوز إطعام اللحوم المحرمة كالقردة ونحوها للحيوانات الطاهرة، كما يجوز جعلها سماداً،
ويجوز الاستفادة منها للدواء الضروري، وكفى بمثل ذلك فائدة لهذه الحيوانات، فلا يقال: إذا لم يجز
أكلها فما فائدتها التي خلقت من أجلها؟
بالإضافة إلى أنه نوع من جمال الكون وعبرة، ولا يلزم أن يكون كل شيء للأكل ونحوه، هذا بالإضافة إلى
فوائد أخرى كصنع الألبسة والركوب والتجسس كما في الدلفين وغيرها.
مخادعة الحيوان
المسألة15: الظاهر أنه يجوز خداع الحيوان لأجل الإستفادة منه، كأن يملأ جلد ولد الناقة بالتبن
ويقدم أمامها لتظن أنه ولدها فتدر باللبن.
فإن الأصل الحلية بعد انه لادليل على الحرمة.
حماية الحيوانات من الانقراض
المسألة16: هل يصح للدولة الاسلامية منع اصطياد الحيوانات القليلة الوجود للإبقاء على نسلها ـ كما
تفعله الحكومات الحاضرة ـ احتمالان.
الأقوى حقها في المنع، لأنه نوع من الفساد في الأرض عرفاً، ولقوله سبحانه: ( يهلك الحرث والنسل)
(5) أما الوجه الآخر هو الجواز لأصالة حل كل شيء إلا ما خرج، وليس هذا من المستثنى، ومما تقدم يظهر
عدم جواز ذلك للإنسان نفسه.
تأسيس حديقة الحيوانات
المسألة17: تكوين حديقة الحيوانات للإسترباح جائز حلال وكذلك للثقافة أو نحوها.
كالا نس في البيت أو في المستشفى أو غير ذلك. ويجوز المعاملة على هذه الحيوانات، فإن البيع وسائر
المعاملات عليها عقلائي.
التأمين على الحيوانات
المسألة18: يصح التأمين على الحيوانات كالقطيع من الغنم أو المجموعة من الدواجن أو ما أشبه، نعم لا
يصح للمسلم التأمين على مثل كلب الهراش والخنزير إلا إذا فرض أن لهما منفعة محللة مقصودة.
صحة التأمين في الصورة الاولى لأنها معاملة محللة عقلائية لم يمنع عنها الشارع. وعدم الصحة في
الصورة الثانية لما ورد في النهي عن مطلق التقلب فيه، أما إذا فعله الكافر فهو مأخوذ بقاعدة
الإلزام، وهل يجوز لمسلم تأمين حيوان الكافر كالكلب والخنزير؟ احتمالان، والظاهر شمول قاعدة
الإلزام له.
تعليم الإجرام للحيوانات
المسألة19: لا يجوز تعليم الإجرام للحيوان إذا كان معرضاً لأن يجرم، كأن يعلم القردة قتل الإنسان،
وإذا أجرم كان المعلم ضامناً إذا أسند الفعل إليه.
وإنما يشترط أن يكون معرضاً: لأنه في هذه الصورة يكون من مقدمة الحرام، ثم الضمان قد يكون بالمال،
وقد يكون باستحقاق القصاص، كل حسب موازينه المذكورة في الفقه.
تعليم الرقص للحيوانات
المسألة20: يجوز تعليم الحيوانات كالقردة والدببة الرقص، والاستمتاع برقصهن إذا لم تكن هناك جهة
محرمة خارجية.
إذ لا دليل على حرمة الرقص بالنسبة إليها، وكذلك لو ركب في اللعبة أو التمثال المطاطي ما يرقصه،
إلا إذا كانت هناك جهة محرمة أو ضرر غير جائز.
دفع المنكر بالحيوان
المسألة21: إذا أمكن دفع المنكر بسبب الحيوان، كإرسال الكلب المعلم بواسطة صفارات لا تحس بالأذن أو
غيرها لاتباع السرقة والقتلة ومنعهم من الإجرام وجب.
لأنه من مصاديق دفع المنكر، وكذلك في مورد رفعه، وهكذا حال دفع المكروه أو فعل المستحب لوحدة
الدليل في المباشرة والتسبيب، وهكذا الحال فيما إذا أمكن النهي بسبب المجنون والطفل أو الإنسان
الآلي مثلاً.
استخدام الحيوان
المسألة22: يجوز استخدام الحيوان محللاً كان أم محرماً، طاهراً أم نجساً، في مختلف الأغراض
والوسائل المباحة.
لإطلاق أدلة الحل، والمراد بالمباحة في قبال المحرمة، وإلا فقد يجب الاستعمال.
تحبيل الدابة
المسألة23: لو أحبل دابة الغير بالتزريق بما لا تتحمل، فتعبت أو عطبت كان المحبل ضامنا .
لأنه اضرار بالغير فعليه تداركه بالإضافة الى انه حرام لأنه تصرف في حق الغير.
الغش بالإستعطاف
المسألة24: لا يجوز الغش بتعليم الحيوان الإستعطاف، والإستنفاع من وراء ذلك، كأن يعلم الببغاء في
القفص أن يستعطف المارة بإطلاقه، فيشتريه المار، ويطلق سراحه ثم يعود إلى مكانه بعد أن يشير صاحبه
بذهاب ذلك المارة.
لأنه نوع من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل.
الإستعطاف لأجل المريض
المسألة25: مثل ما تقدم في المسألة السابقة أن يعلم الحيوان الإستعطاف لأجل مريض أو غريب أو ما
أشبه.
اللهم إلا إذا كان صادقا بأن كان عمله لأجل المريض الفقير واقعا، وهكذا فإنه يكون حينئذ من خدمة
الناس والتعاون على الخير والبر والتقوى.
الإستنفاع بالحيوان مخادعة
المسألة26: ومما لا يجوز أيضا الإستنفاع بالحيوان بإظهاره مريضا وصاحبه لا يقدر على علاجه، أو
اظهاره جائعا وصاحبه لا يقدر على اطعامه، فيعطي المارة مالا لأجل ذلك، والحال أن الحيوان ليس بمريض
ولا جائع.
لأنه غش كما تقد م.
استمناء الحيوان للعلاج
المسألة27: لا بأس باستمناء الحيوان بآلة ونحوها لأجل أخذ منيه المفيد لدواء ونحوه.
لأصالة الحلية بعد عدم الدليل على الحرمة.
نزو الحيوانات فيما بينها
المسألة28: لا يجب منع حيوان ينزو على حيوان آخر وإن لم يكن من جنسه ونوعه.
لما تقدم في المسألة السابقة، وحتى إذا كان الحيوان له بعض الشعور كالقرد ونحوه.
ذبح الحيوانات في الشوارع
المسألة29: للدولة العادلة أن تمنع ذبح الحيوانات في الشوارع والسكك وما أشبه إذا كان الذبح مثار
أمراض وايذاء للناس لبقاء الدم والوساخات.
بل لا يجوز للإنسان نفسه أن يذبح الحيوان ولو لم تمنع الدولة إذا كان سببا للأمراض والإيذاء،
ودليله واضح.
التغيير في نسل الطائر
المسألة30: لو سبب التغيير في الطائر سريانه إلى نسله في مفروض المسألة السابقة لا يسبب ذلك حلية
النسل فيما كان حراماً، أو حرمة النسل فيما كان حلالاً، إلا إذا دخل النسل في العنوان المحلل، أو
العنوان المحرم، بأن صار من تبدل الموضوع.
وذلك لما تقدم، وكذا الحال فيما لو ظهرت العلامتان الأخريان بعد أن لم تكونا، أو اختفت العلامتان
الأخريان بعد أن كانتا، وهكذا حال البيض باستواء طرفيه وعدم استوائهما حيث ذكرا علامة للحل
والحرمة.
الصفيف والدفيف
المسألة31: لو أن الطائر الذي صفيفه أكثر بسبب الوسائل الحديثة صار دفيفه أكثر لم يحل، ولو صار صفيفه
أكثر بسبب الوسائل الحديثة وكان دفيفه أكثر خلقه، لم يحرم.
نعم لو خرج عن العنوان الأول إلى العنوان الثاني عرفاً كان حكم الثاني، لأنه من تبدل الموضوع،
والحكم تابع للموضوع.
تبديل الصفيف إلى الدفيف
المسألة32: لو زرق جسم الطائر ذي الصفيف الأكثر حتى صار دفيفه أكثر لم يلحقه حكم ذي الدفيف، نعم إذا
سرى ذلك إلى نسله حتى أصبح هذا القسم من الطائر ذا دفيف أكثر فالظاهر انه يلحقه حكم ذي الدفيف.
قد تقدم ان المعيار في مثل ذلك الصدق العرفي
.
تبديل الدفيف إلى الصفيف
المسألة33: لو زرق جسم الطائر ذي الدفيف الأكثر حتى صار صفيفه أكثر لم يلحقه حكم ذي الصفيف، نعم إذا
سرى ذلك إلى نسله حتى أصبح هذا القسم من الطائر ذا صفيف أكثر فالظاهر أنه يلحقه حكم ذي الصفيف.
وذلك لما تقد م في المسألة السابقة.
استبدال موضوع الطير والسمك
المسألة34: إذا استبدل موضوع السمك أو الطير من الحلال إلى الحرام، أو من الحرام إلى الحلال، تبعه في
ذلك بيضه ولبنه ونتاجه وما أشبه ذلك.
لأن النتاج تابع للحيوان إذا لم يكن النتاج على غير شاكلته، فإذا غيرنا ـ مثلاً ـ طيراً إلى الصفيف
حتى صدق عليه ذلك عرفاً، لكن نتاجه صار أكثر دفيفاً، فإنه يحل لما تقدم من تبعية الحكم للموضوع.
1 ـ راجع موسوعة الفقه: ج75 كتاب الصيد والذباحة.
2 ـ وسائل الشيعة: 17/91 ب61 ح2.
3 ـ راجع الوسائل: 2/1054 ب37 ح4 وفيه: (كل شيء نظيف حتى تعرف أنه قذر).
4 ـ راجع موسوعة الفقه: كتاب النكاح.
5 ـ البقرة:205.