انحراف الاجتماعی و أسالیب العلاج نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
( 39 )منتصف القرن العشرين على وصم معارضي النظام بالاضطراب العقلي ، حيث يتم ادخالهم المستشفيات بدل السجون ، لان عقوبة السجن تعني اعتراف النظام بجريمة سياسية ارتكبها المتهم وليست اضطراباً عقلياً . فالذي يلتزم بالافكار الدينية مثلاً يعتبر ، حسب الفكرة الماركسية ، فرداً مضطرباًمن الناحية العقلية لان الدين يهدد النظام السياسي . والذي ينتقد فلسفة النظام يعتبر فرداً مضطرباً لانه لم يصل الى درجة هضم الآراء الفلسفية الخاصة التي صممها فلاسفة النظام . والذي يدعو الى حرية التعبير يعتبر فرداً مضطربا من الناحية العقلية لان حرية التعبير ليست الا شكلاً من اشكال السراب السياسي الخادع ! ولكن الواقع الموضوعي ، يدعو دعاة النظام الماركسي للاعتراف بان كل هذه الحالات الفردية ليست اضطرابا عقليا ، انما وضع الفاظها وصفاتها واعراضها النظام الحاكم . فحرية التعبير في مجتمع آخر غير المجتمع الماركسي مثلاً قضية يدعو لها العقل ، وكذلك الالتزام بالعقائد الدينية ، فهي قضية شخصية واجتماعية يحترمها النظام والقانون . ولذلك ، فان ربط الاضطراب العقلي بالجرائم السياسية محاولة ذكية لخدمة النظام السياسي ، بسحق المعارضة واخماد صوتها .ولا يمنا في هذه الدراسة ، ارتباط الجنون بالانحراف ، فهذا امر متفق عليه بين علماء الطب والاجرام . وانما الذي يهمنا هو منشأ الجنون والاضطراب العقلي في النظام الاجتماعي . ولا شك ان الفقر والحاجة الانسانية من اهم عوامل نشوء الاضطراب العقلي ، خصوصا في النظام الرأسمالي . فالفقر ليس حاجة مادية فحسب ، بل حاجة نفسية ايضاً لانه يمس كرامة الانسان ، ويحط من قدره ، ويشعره