تحف العقول عن آل الرسول صلی الله علیهم نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ثم حمد الله و أثنى عليه و قال : أما بعد فما بال أقوام يذمون الدنيا ؟ انتحلوا الزهد فيها . الدنيا منزل صدق لمن صدقها و مسكن عافية لمن فهم عنها و دار غنى لمن تزود منها مسجد أنبياء الله و مهبط وحيه و مصلى ملائكته و مسكن أحبائه و متجر أوليائه ، اكتسبوا فيها الرحمة و ربحوا منها الجنة ، فيمن ذا يذم الدنيا يا جابر ؟ و قد أذنت ببينها ( 1 ) و نادت بانقطاعها و نعت نفسها بالزوال و مثلت ببلائها البلاء و شوقت بسرورها إلى السرور و راحت بفجيعة و ابتكرت بنعمة و عافية ترهيبا و ترغيبا ، يذمها قوم عند الندامة . خدمتهم جميعا فصدقتهم ( 2 ) . و ذكرتهم فذكروا و وعظتهم فاتعظوا و خوفتهم فخافوا . و شوقتهم فاشتاقوا . فأيها الذام للدنيا المغتر بغرورها متى استذمت إليك بل متى غرتك بنفسها ؟ بمصارع آبائك من البلى ؟ ( 3 ) أم بمضاجع أمهاتك من الثرى ؟ . كم مرضت بيديك و عللت بكفيك ( 4 ) ، تستوصف لهم الدواء . و تطلب لهم الاطباء ، لم تدرك فيه طلبتك و لم تسعف فيه بحاجتك ( 5 ) ، بل مثلت الدنيا به نفسك و بحاله حالك غداة لا ينفعك أحباؤك و لا يغني عنك نداؤك ، حين يشتد من الموت أعالين المرض و أليم لوعات المضض ، حين لا ينفع الاليل ( 6 ) و لا يدفع العويل ،