تحف العقول عن آل الرسول صلی الله علیهم نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
جعلت فداك ما حزنك و شغل قلبك ، كل هذا على الدنيا ؟ فقال عليه السلام : لا يا جابر و لكن حزن هم الآخره ، يا جابر من دخل قلبه خالص حقيقة الايمان شغل عما في الدنيا من زينتها ، إن زينة زهرة الدنيا إنما هو لعب و لهو و إن الدار الآخرة لهي الحيوان . يا جابر إن المؤمن لا ينبغي له أن يركن و يطمئن إلى زهرة الحياة الدنيا . و اعلم أن أبناء الدنيا هم أهل غفلة و غرور و جهالة و أن أبناء الآخرة هم المؤمنون العاملون الزاهدون أهل العلم و الفقه و أهل فكرة و اعتبار و اختيار لا يملون من ذكر الله . و اعلم يا جابر أن أهل التقوي هم الاغنياء ، أغناهم القليل من الدنيا فمؤونتهم يسيرة ، إن نسيت الخير ذكروك . و إن عملت به أعانوك . أخروا شهواتهم و لذاتهم خلفهم و قدموا طاعة ربهم أمامهم . و نظروا إلى سبيل الخير و إلى ولاية أحباء الله فأحبوهم ، و تولوهم و اتبعوهم . فانزل نفسك من الدنيا كمثل منزلة نزلته ساعة ثم ارتحلت عنه ، أو كمثل مال استفدته في منامك ففرحت به و سررت ثم انتبهت ( 1 ) من رقدتك و ليس في يدك شيء . و إني إنما ضربت لك مثلا ( 2 ) لتعقل و تعمل به إن وفقك الله له . فاحفظ يا جابر ما أستودعك ( 3 ) من دين الله و حكمته . و أنصح لنفسك و انظر ما الله عندك في حياتك ، فكذلك يكون لك العهد عنده في مرجعك . و انظر فإن تكن الدنيا عندك على ما وصفت لك فتحول عنها إلى دار المستعتب اليوم ( 4 ) ، فلرب حريص على أمر من امور الدنيا قد ناله ، فلما ناله كان عليه وبالا و شقي به و لرب كاره لامر من امور الآخرة قد ناله فسعد به .