هل علم الكلام من أسباب هزائمنا؟
وإذا عرفنا موقع علم الكلام في الإسلام، ومدى تأثيره في حفظ الدين والشريعة المقدّسة، فسوف يكون من المقطوع به ضرورة تعلّم هذا العلم وتطويره ونشره، فكيف يصحّ القول حينئذ بأنّ علم الكلام من أسباب هزائم المسلمين أما أعداء الإسلام؟!فإنّه طالما بُنيت الاُصول الاعتقادية على الحقّ، وأُسّست على الكتاب والسُنّة الصحيحة والعقل السليم، ثمّ قصد بالبحث عنها الوصول إلى الحقيقة والواقع في كلّ مسألة خلافية، مع التزام الباحث ـ لا سيّما في مرحلة إقامة الحجّة على الغير ـ بالعدل والإنصاف والأخلاق الكريمة والقواعد المقرّرة للمناقشة والمناظرة، هذه الأُمور التي أشار إليها القرآن بقوله: ( بالتي هي أحسن )، كان علم الكلام من خير أسباب صمودنا وثباتنا أما الأعداء، ووحدتنا فيما بيننا.أمّا إذا كان الغرض من علم الكلام والاستفادة منه هو التغلّب على الخصم ـ ولو بالسبّ والشتم ـ فلا شكّ أنّ هذا الأُسلوب فاشل، وأنّه سيؤدّي إلى تمزّق المسلمين وتفرّق صفوفهم،وإلى الهزيمة أمام الأعداء.فالقول بأنّه "لقد فشل أُسلوب علم الكلام حتّى الآن" وأنّه "أحد أسباب هزائمنا"(1) على إطلاقه ليس بصحيح.وفي الجملة، فإنّ علم الكلام من العلوم الإسلامية الأساسية، ولم يكن1- مجلة الغدير، العددان 8 ـ 9، الصفحة 90.