5. زواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) - سیرة المحمدیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سیرة المحمدیة - نسخه متنی

جعفر سبحانی تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

5. زواجه (صلى الله عليه وآله وسلم)

5. زواجه (صلى الله عليه وآله وسلم)

في هذا الوقت، فكّر (صلى الله عليه وآله وسلم) جدياً في أن يتّخذ شريكة
لحياته ويكوّن أُسرة، فكيف وقع اختياره على السيدة خديجة التي رفضت كلّ مَن
تقدّم إليها من كبار الشخصيات القرشية، أمثال: عقبة بن أبي معيط، وأبي جهل،
وأبي سفيان؟ وكيف أدّى الارتباط بينهما والعلاقة العميقة و الاَُلفة والمحبة، إلى
درجة أنّها وهبت كلّ ثروتها للنبيحتى ينفقها في نشر الاِسلام؟

كانت السيدة خديجة من خيرة نساء قريش شرفاً وأقواهن عقلاً وأكثرهن
فهماً، وقد قيل لها: سيدة قريش، وسمّيت الطاهرة لشدة عفافها، وذلك في أيّام
الجاهلية.

وحين رفضت الزواج من سادة القوم قَبِلت بسيد البشر لما عرفت عنه من
كرم الاَخلاق، وشرف النفس، والسجايا الكريمة، والصفات العالية. وهي المرأة
الثرية التي وإن عاشت في الترف وأفضل العيش، إلاّ أنّها أصبحت في بيت زوجها
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الزوجة المطيعة الخاضعة الوفية المخلصة، و
سارعت إلى قبول دعوته واعتناق دينه بوعي وبصيرةٍ، مع علمها بما ينطوي ذلك
على مخاطر ومتاعب. ثمّ جعلت كلَّ ثروتها ومالها في خدمة العقيدة والمبدأ،
مشاطرة زوجها بذلك آلامَه ومتاعبَه ، وراضية بمرارة الحصار في شعب أبي طالب
ثلاث سنوات، وهي في سن الرابعة والستين.(1)

وقد بلغ من خضوعها للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وحبها له، أنّها
بعد أن تم الزواج بينهما قالت له: إلى بيتك، فبيتي بيتك وأنا جاريتك.(2)


1 . شرح نهج البلاغة: 14|59.

2 . بحارالاَنوار: 16|4.

ويوَكد الموَرّخون أنّها هي التي اقترحت على النبيالزواج، وكما يعتقد أكثر
الموَرّّخين، أنّ «نفيسة بنت عليّة» بلّغت رسالتها إلى النبي «صلى الله عليه وآله
وسلم» الذي تقبّل عرضها، فأخبرت السيدة خديجة بذلك، فأرسلت بوكيلها
«عمرو بن أسد» لتحديد ساعة مراسم الخطبة في محضر الاَقارب.(1)

فشاور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعمامه وعلى رأسهم «أبو
طالب»الذي خطب في القوم يمدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويطلب
الزواج له من السيدة خديجة قائلاً: «وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، والصداق
ما سألتم عاجله وآجله من مالي، ومحمّد من قد عرفتم قرابتَه».

ثمّ أجرى عقد النكاح، ومهرها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 400 دينار،
وقيل أصدقها عشرين بكرة.(2)

وكان عمرها في هذا الوقت أربعين عاماً، إذ أنّها وُلدت قبل عام الفيل
بخمسة عشر عاماً، كما جاء عنها أنّها تزوجت قبل النبي «صلى الله عليه وآله
وسلم» برجلين، أوّلهما: «عتيق ابن عائذ»، ثمّ بعده: «أبو هالةالتميمي». وقد توفي
كلٌّ منهما بعد زواجه منها.(3)

وقد تميّزت السيدة خديجة من نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه
لم يتزوّج عليها مدّة حياتها، وبلغت لديه مالم تبلغه امرأة قطّمن زوجاته.(4) وممّا
يدل على سموّ مقامها وعلوّمنزلتها، أنّ أهل البيت «عليهم السلام» طالماً افتخروا
بأنّخديجة منهم، وإنّهم من خديجة، فكانوا يعتزون بها ويشيدون بمكانتها.
فالسيدة خديجة (عليها السلام) هي مثال الشرف والعقل، والحبّ العميق للرسول


1 . تاريخ الخميس:1|264.

2 . السيرة الحلبية:1|139.

3 . الاستغاثة:1|70.

4 . السيرة الحلبيّة: 1|169.

(صلى الله عليه وآله وسلم) والوفاء والاِخلاص، والتضحية بالغالي والنفيس في
سبيل الاِسلام الحنيف، فهي أوّل من آمنت باللّه ورسوله،وصدقت محمّداً «صلى
الله عليه وآله وسلم» وآزرته، فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يسمع من
المشركين شيئاً يكرهه، من إيذاء وتكذيب، إلاّوفرّج اللّه عنه بخديجة التي خفّفت
عنه، بلطفها وعطفها وعنايتها به في غاية الإخلاص والود.(1)

لقد اكتسبت السيدة خديجة بفضل إيمانها العميق بالرسالة المحمّدية،
وتفانيها في سبيل الاِسلام، وحرصها العجيب على حياة صاحب الرسالة، مكانةً
ساميةً في الاِسلام، حتى أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذَكَرَها في أحاديثه
الكثيرة، وأشاد بفضلها ومكانتها وشرفها، وذلك لاِلفات نظر المرأة المسلمة إلى
القدوة التي ينبغي أن تقتدي بها في حياتها وسلوكها في جميع المجالات
والحالات، بالاِضافة إلى ما يمكن أن تقدمه المرأة ـ و هي نصف المجتمع ـ من
دعم جدّىٍّ للرسالة، مادياً كان أم معنوياً.

ومن أشهر الاَحاديث التي نُقلت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه
قال عنها:«أتاني جبرائيل (عليه السلام) فقال يا رسول اللّه، إذا أتتك خديجة فاقرأ
عليها السلام من ربها ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا
نصب».(2)

وقال عنها (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا واللّه ما أبدلني اللّه خيراً منها،
آمنَت بي إذ كفر الناس، وصدّقتني إذ كذبني الناس، وواسَتْني في مالها إذ حَرمني
الناس، ورزقني اللّه منها أولاداً إذ حرَمَني أولاد النساء».(3)

كما روى أنس بن مالك، أنّالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتى بهدية


1 . أعلام النساء:1|328.

2 . صحيح مسلم:7|133؛ مستدرك الحاكم:3|184.

3 . أُسد الغابة:5|438؛ صحيح مسلم:7|134؛ صحيح البخاري: 5|39.

/ 104