6. الاَخطار الخارجية
5. المرتدّون من المتنبّئين
5. المرتدّون من المتنبّئينفي نهاية عام 10هـ قدم نفران من اليمامة وسلّما النبيكتاباً من مسيلمة(الكذّاب) يدّعي فيه النبوة ويُشرِك نفسَه مع رسول الاِسلام في أمر الرسالة، يريد
بذلك أن يعرّف الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بنبوته هذه: فإنّي قد
أُشركتُ في الاَمر معك، وإنّ لنا نصف الاَرض، ولقريش نصفُ الاَرض، ولكن
قريشاً قومٌ يعتدون.(1) فالتفت النبيّإلى رسولي المتنبىَ و قال: «أما واللّه لولا
أنّالرسل لا تُقتل لضربت أعناقكما لاَنّكما أسلمتما من قبل و قبلتما برسالتي فَلِم
اتبعتما هذا الاَحمق وتركتما دينكما ؟».ثمّ كتب (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه كتاباً مقتضباً: «بسم اللّه الرّحمن
الرّحيم، من محمّد رسول اللّه إلى مسيلمة الكذّاب السّلام على من اتّبع الهدى، أمّا
بعد فإنّ الاَرض للّه يورثُها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتّقين».(2)كما ادّعى النبوة في نفس الوقت، الاَسود بن كعب العنسي، في اليمن، إلاّ أنّ
الخلفاء من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تمكّنوا من القضاء على تلك
الحركات المرتدة، إذ أنّها كانت أوّل أعمال الخلفاء الراشدين.6. الاَخطار الخارجيةوكان خطرُ الروم أشدَّ الاَخطار الخارجية، فاعتبره النبي «صلى الله عليه وآله
وسلم» أمراً جدّياً لا يمكن التقليل من شأنه، ولذا فإنّه أعدّ جيشاً كبيراً في(سنة
1 . لم يبدأ كتابه باسم اللّه أو مثل ما كان يفعله المشركون في العهد الجاهلي.2 . السيرة النبوية:2|600.8هـ) لمحاربتهم، كما سار إلى تبوك في (سنة9هـ )لاِظهار قوّة المسلمين أمامهم.
ثمّ رأى بعد حجّة الوداع أن يُعدَّ جيشاً من المهاجرين والاَنصار، واشترك فيه
أشخاصٌ بارزون في الدولة أمثال: أبي بكر وعمر وأبي عبيدة و سعد بن أبي
وقاص، وكلّ من هاجر إلى المدينة خاصّة، وأمر بقيادته: أُسامةَ بن زيد، وقال له:
«سِر إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيلَ، فقد وليتك هذا الجيش، فاغز صباحاً
وشنّ الغارة على أهل أُنبى».(1)وقد أرادَ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتعيين قائد صغير السنّ على هذا
الجيش الكبير، أن يوَكّد أساس الكفاءة الشخصية في تولّي المناصب
والمسوَوليات، فهي لا ترتبط بالسن والعمر، بل بالكفاءة والموَهلات المطلوبة.ولذا فإنّه لم يكن هناك مبررٌ لاعتراض البعض على تولّي قيادته من حيث
السنّ وعمر الشباب.(2)ذلك أنّ هوَلاء غفلوا عن المصالح و الاَهداف التي توخّاها الرسول «صلى
الله عليه وآله وسلم» من هذا الاِجراء، فقدّروا كلَّ عمل بعقولهم المحدودة، و
قايسوها بمقاييسهم الشخصية، ممّا أثر ذلك في تأخير تحرك الجيش من معسكر
الجرف(3)،ر الذي استقر به أُسامة منتظراً من سيلحق به من المسلمين.
1 . أنبى، من مناطق البلقاء في سوريا قرب موَتة بين عسقلان و الرملة.2 . ذهب بعض إلى أنّه كان في عمر 17 سنة، و آخرون بأنّه كان في 18 سنة، على أنّهم اتّفقوا
على أنّه لم يتجاوز العشرين.3 . الجرف: على بعد 3 أميال من المدينة نحو الشام.