استنتاج و استدلال
و الذي يسانه هذا الاستنتاج هو أن السيد المسيح (عليه السلام) مع أنه كان إلهيا و كان من عند الرب، إلا انه لم يُخضع الشعوب و الأمم لحكمه. كما أن «كوروش» و إن كان قد خلص بني إسرائيل من سبي بابل، إلا انه لم يُخضع كافة شعوب و أمم الأرض لسلطانه، فضلا عن أنه لم يكن من عند الرب و لم يكن إلهيا، و هناك نظر في الرأي القائل بأن «كوروش» هو نفسه «ذو القرنين».و اما الدليل الثاني فهو تلك الفقرات المهمة من «سفر إشعياء» و التي تقول:«و يخرج قضيبٌ من جذع يَسَّى و ينبت غصن من اصوله. و يَحُلُ عليه روح الرب، روح الحكمة و الفهم، روح المشهورة و القوة، روح المعرفة و مخافةِ الرب. و لذّته تكون في مخافة الرب، فلا يقضى بحسب نظر عينيه، و لا يحكم بحسب سمع اذنيه بل يقضي بالعدل للمساكين، و يحكم بالأنصاف لبائسي الأرض، و يضرب الأرض بقضيب فمه، و يميت المنافق بنفخة شفتيه، و يكون البر مِنْطقةَ متنيه و الأمانة منطقةَ حَقْوَيْه. فيسكنُ الذئبُ مع الخروف، و يربض النمر مع الجدي، و العجلُ و الشبلُ و المسمَّنُ معا، و صبىٌ صغير يسوقها. و البقرة و الدُّبَّة ترعيان، تربض أولادهما معا، و الأسد كالبقر ياكل تبنا. و يلعب الرضيع على سَرَب الصِّلّ، و يمد الفطيم يده على حُجر الأُفعوان. لا يسوءون و لا يُفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلىء من معرفة الرب كما تغطي المياهُ البحر. و يكونُ في ذلك اليوم انّ اصل يسَّىَ القائمَ رايةً للشعوب إياه تطلب الأمم، و يكونُ مَحِلُّه مَجْداً». إشعياء، 11/ 1- 10 هذا النص يشبه رواية لأمير المؤمنين (عليه السلام) و هى التى يقول فيها: «يملك المهدي مشارق الأرض و مغاربها، و ترعى الشاة و الذئب في مكان واحد، و يلعب الصبيان بالحيّات و العقارب و لاتضرهم بشيىء، و يذهب الشر و يبقى الخير». (1) أفليست كل هذه الصفات هي صفات « المهدي المنتظر» (عج) ؟ و هل يمكن ان تكون كل هذه الملامح سوى ملامح لعصر ظهوره؟ و هل هناك «قائم» سواه؟! و إذا قلنا بأن كلمة «يسَّى» الواردة في هذه الفقرات ليست إلا تحريفا لكلمة «يَس» ـ بناءً على ظاهرة التحريف في التوراة ـ فهل نكون قد تجاوزنا الحقيقة و الواقع؟ و هل يعدو « المهدي المنتظر» (عليه السلام) أن يكون جذعا من نسل «يس» و غصنا من أصوله؟!و لعله من المناسب هنا ايضا أن نسوق هذا النص الشعرى للشاعر «سليمان بن جبيرول» اليهودي، الذي يستنهض فيه مجىء «المخلّص» و ظهورَ «ابنِ يسَّى» الذي لم يأت، و الذي يراه حقا.1- منتخب الأثر، ص 474 و سواه من المصادر