الفجور يهدي إلى النار ، و إن الصدق يهدي إلى البر ، و إن البر يهدي إلى الجنة ، و إن يقال للصادق : صدق وبر ، و يقال للكاذب : كذب و فجر ، ألا ! و إن العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذابا ( ه ( 1 ) - عن ابن مسعود ) .( 43590 - ) قال الله تعالى : يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته محرما بينكم فلا تظالموا ، يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي ! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي ! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ! إنكم تخطئون بالليل و النهار و أنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ! إنكم ان تبلغوا ضري فتضروني ، و لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ! لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أنقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي ! لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي ! لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك 1 - أخرجه ابن ماجه كتاب المقدمة باب اجتناب البدع و الجدل رقم 46 .ص
(925)
مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي ! انما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، و من وجد ذلك فلا يلومن إلا نفسه ( 1 ) - عن أبي ذر ) .( 43591 - ) يقول الله عز و جل : يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديت فسلوني الهدى أهدكم ، وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم ، وكلكم مذنب إلا من عافيت فمن علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة فاستغفرني غفرت له و لا أبالي ، و لو أن أولكم و آخركم و حيكم و ميتكم و رطبكم و يابسكم اجتمعوا على أتقى قلب عبد من عبادي ما زاد ذلك في ملكي جناح بعوضة .و لو أن أولكم و آخركم و حيكم و ميتكم و رطبكم و يابسكم اجتمعوا على أشقى قلب عبد من عبادي ما نقص ذلك من ملكي جناح بعوضة ، و لو أن أولكم و آخركم و حيكم و ميتكم و رطبكم و يابسكم اجتمعوا في صعيد واحد فسأل كل إنسان منكم ما بانت أمنيته فأعطيت كل سائل منكم ما نقص ذلك من ملكي إلا كما لو أن أحدكم مر بالبحر فغمس فيه إبرة ثم رفعها إليه ، ذلك بأبي جواد واجد ماجد أفعل ما أريد ، عطائي كلام و عذابي كلام ، إنما امري لشيء إذا أردته أن 1 - أخرجه مسلم كتاب البر باب تحريم الظلم رقم 2570 .ص
(926)
أقول له كن فيكون ( ن ، ت ( 1 ) ، ه - عن أبي ذر ) .( 43592 - ) إني رأيت البارحة عجبا ! رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك ، و رأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءته صلاته فاستنقذته من ذلك ، و رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته اشياطين فجاءه ذكر الله فخلصه منهم ، و رأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا فجاءه صيام رمضان فسقاه ، و رأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة و من خلفه ظلمة و عن يمينه ظلمة و عن شماله ظلمة و من فوقه ظلمة و من تحته ظلمة فجاءته حجته و عمرته فاستخرجاه من الظلمة و رأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرده عنه ، و رأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين و لا يكلمونه فجاءته صلة الرحم فقالت : إن هذا كان واصلا لرحمه فكلمهم و كلموه و صار معهم ، و رأيت رجلا من أمتي يأتي النبيين و هم حلق حلق ، كلما مر على حلقة طرد ، فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ بياده فأجلسه إلى جنبي ، و رأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار بيديه عن وجهه 1 - أخرجه الترمذي كتاب القيامة باب مفضل الرفق رقم 297 و قال حسن .ص
(927)
فجاءته صدقته فصارت ظلا على رأسه و سترا على وجهه ، و رأيت رجلا من أمتي جاءته زبانية العذاب فجاءه أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر فاستنقذه من ذلك ، و رأيت رجلا من أمتي هوى في النار فجاءته دموعه اللاتي بكى بها في الدنيا من خشية الله تعالى فأخرجته من النار ، و رأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته إلى شماله فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه ، و رأيت رجلا من أمتي خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه ، و رأيت رجلا من أمتي على شفير جهنم فجاءه وجله من الله تعالى فاستنقذه من ذلك ، و رأيت رجلا من أمتي يرعد كما ترعد السعفة ( 1 ) فجاءه حسن ظنه بالله تعالى فسكن رعدته ، و رأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط مرة و يحبو مرة فجاءته صلاته على فأخذت بيده فأقامته على الصراط حتى جاز ، و رأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الابواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله فأخذت بيده فأدخلته الجنة ( الحكيم ، هب - عن عبد الرحمن بن سمرة ) .( 43593 - ) أوصيك بتقوى الله ، فانه رأس الامر كله ، عليك بتلاوة القرآن و ذكر الله ! فانه ذكر لك في السماء و نور لك في 1 - السعفة : هي أغصان النخيل .اه جزء 2 / 368 النهاية .ب
(928)
الارض ، عليك بطول الصمت إلا من خير ! فانه مطردة للشيطان عنك و عون لك على أمر دينك ، إياك و كثرة الضحك ! فانه يميت القلب و يذهب بنور الوجه ، عليك بالجهاد ! فانه رهبانية أمتي ، أحب المساكين و جالسهم ، أنظر إلى من تحتك و لا تنظر إلى من فوقك فانه أجدر ألا تزدري نعمة الله عندك ، صل قرابتك و إن قطعوك ، قل الحق و إن كان مرا ، لا تخف في الله لومة لائم ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ، و لا تجد عليهم فيما تأتي ، و كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال : أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه ، و يستحيي لهم مما هو فيه و يؤذي جليسه ، يا أبا ذر ! لا عقل كالتدبير .و لا ورع كالكف ، و لا حسب كحسن الخلق ( عبد بن حميد في تفسيره ، طب - عن أبي ذر ) .( 43594 - ) ثلاث مهلكات ، و ثلاث منجيات ، و ثلاث كفارات و ثلاث درجات ، فأما المهلكات : فشح مطاع ، و هوى متبع ، و إعجاب المرء بنفسه ، و إما المنجيات : فالعدل في الغضب و الرضي ، و القصد في الفقر و الغني ، و خشية الله في السر و العلانية ، و أما الكفارات : فانتظار الصلاة بعد الصلاة ، و إسباغ الوضوء في
(929)
لسبرات ( 1 ) و نقل الاقدام إلى الجماعات ، و أما الدرجات فإطعام الطعام ، و إفشاء السلام ، و الصلاة بالليل و الناس نيام ( طس - عن ابن عمر ) .جامع المواعظ من الاكمال ( 43595 - ) أيها الناس ! أما بعد فان أصدق الحديث كتاب الله ، و أوثق العرى كلمة التقوي ، و خير الملل ملة إبراهيم ، و خير السنن سنة محمد ، و أشرف الحديث ذكر الله ، و أحسن القصص هذا القرآن ، و خير الامور عوازمها ، و شر الامور محدثاتها ، و أحسن الهدي هدي الانبياء ، و أشرف الموت قتل الشهداء ، و أعمى العمي الضلالة بعد الهدى ، و خير العلم ما نفع ، و خير الهدى ما اتبع و شر العمي عمي القلب ، و اليد العليا خير من اليد السفلى ، و ما قل و كفى خير مما كثر و إلهي ، و شر المعذرة حين يحضر الموت و شر الندامة ندامة يوم القيامة ، و من الناس من لا يأتي الجمعة إلا دبرا ، و منهم لا يذكر الله إلا هجرا ، و أعظم الخطايا اللسان 1 - السبرات : السبرة بفتح السين الغداة البادرة .و في الحديث " إسباغ الوضوء في السبرات " المختار صفحة 221 .ب
(930)
الكذوب ، و خير الغنى غنى النفس ، و خير الزاد التقوي ، و رأس الحكمة مخافة الله ، و خير ما وقر في القلب اليقين ، و الارتياب من الكفر ، و النياحة من عمل الجاهلية ، و الغلول من جثى جهنم و الكنزكي من النار ، و الشعر من مزامير إبليس ، و شر المكاسب كسب الربا ، و شر المآكل مال اليتيم ، و السعيد من وعظ بغيره ، و الشقي من شقي في بطن أمه ، و إنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع ، و الامر إلى آخره ، و ملاك العمل خواتمه و شر الروايا روايا الكذب ، و كل ما هو آت قريب ، و سباب المسلم فسوق ، و قتال المؤمن كفر ، و أكل لحمه من معصية الله و حرمة ماله كحرمة دمه ، و من يتأل على الله يكذبه ، و من يغفر يغفر الله له ، و من يعف يعف الله عنه ، و من يكظم الغيظ يأجره الله ، و من يصبر على الرزية يعوضه الله ، و من يتبع السمعة يسمع الله به ، و من يصبر يضعف الله له ، و من يعص الله يعذبه الله أللهم اغفر لي و لامتي ثلاثا ، استغفر الله لي و لكم ( ق في الدلائل الديلمي ، و ابن عساكر - عن عقبة بن عامر الجهني ، أبو نصر السجزي في الابانة - عن أبي الدرداء ، ش ، حل - عن ابن مسعود موقوفا ) .