قصة أصحاب الغار 40463 انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه ، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم ، فقال رجل منهم : أللهم كان لي أبوان شيخان كبيران و كنت لا أغبق ( 1 ) قبلهما أهلا و لا ما لا ، فنأى بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما ، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا و ما لا ، فلبثت و القدح في يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر ، فاستيقظا فشربا غبوقهما ، أللهم ! إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج ، و قال : الآخر : أللهم ! كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي فأردتها على نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني ، فأعطيتها عشرين و مائة 1 - لا أغبق : أي ما كنت أقدم عليهما أحدا في شرب نصيبهما من اللبن الذي يشربانه .و الغبوق : شرب آخر النهار مقابل الصبوح .اه ( 3 / 341 ) النهاية .أخرجه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الانبياء ( 4 / 220 ) .ص
(155)
دينار على أن تخلي بيني و بين نفسها ، ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت : لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه ، فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها و هي أحب الناس إلى و تركت الذهب الذي أعطيتها ، أللهم ! إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة أنهم لا يستطيعون الخروج منها ، و قال الثالث : أللهم ! استأجرت أجرا فأعطيتهم أجرهم رجل واحد ترك الذي له و ذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الاموال ، فجاءني بعد حين فقال : يا عبد الله ! أد إلي أجري ، فقلت له : كل ما ترى من أجرك : من الابل و البقر و الغنم و الرقيق ، فقال : يا عبد الله ! لا تستهزئ بي ، فقلت : إني لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا ، أللهم ! فان كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه ، فانفترجت الصخرة ، فخرجوا يمشون ( ق ( 1 ) عن ابن عمر ) .40464 بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر فأووا إلى غار في جبل فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم ، فقال بعضهم لبعض : أنظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها لعله يفرجها عنكم ! فقال أحدهم : أللهم ! إنه كان والدان شيخان 1 - أخرجه البخاري كتاب أحاديث الانبيا ( 4 / 201 ) .ص
(156)
كبيران و إمرأتي ولي صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم حلبت فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بني ، و إني نأى بي ذات يوم الشجر فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما ، فحلبت كما كنت أحلث فجئت بالحلاب ( 1 ) فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما و أكره أن أسقى الصبية قبلهم و الصبية يتضاغون عند قدمي ، فلم يزل ذلك دأبي و دأبهم حتى طلع الفجر ، فان كنت تعلم أني قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج لنا منها فرجة حتى نرى السماء ، ففرج الله منها فرجة فرأوا منها السماء ، و قال الآخر : أللهم ! إنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء و طلبت منها نفسها ، فأبت حتى آتيها بمائة دينار ، فتعبت حتى جمعت مائة دينار فجئتهما بها ، فلما وقعت بين رجليهما قالت : يا عبد الله ! اتق الله و لا تفتح الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ، فان كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج لنا منها فرجة ، ففرج لهم ، و قال الآخر : أللهم ! إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز فلما قضى عمله قال : أعطني حقي ، فعرضت 1 - بالحلاب : الحلاب اللبن الذي يحلبه .و الحلاب أيضا ، و المحلب : الانآء الذي يحلب فيه اللبن .اه ( 1 / 142 ) النهاية .ب
(157)
عليه فرقه فرغب عنه ، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا و رعاءها ( 1 ) ، فجاءني فقال : اتق الله و لا تظلمني حقي ، قلت : اذهب إلى تلك البقر و رعائها فخذها ، فقال : اتق الله و لا تستهزئ بي ، فقلت : إني لا أستهزئ بك ، خذ ذلك البقر و رعاءها ، فأخذه فذهب به ، فان كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج ما بقي ، ففرج الله ما بقي ( ق عن ابن عمر ) .قصة موسى و الخضر عليهما السلام 40465 قام موسى خطيبا في بني إسرائيل فسئل : إي الناس أعلم ؟ فقال : أنا ، فعتب الله عليه إذا لم يرد العلم إليه ، و أوحى الله إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين و هو أعلم منك ، قال : يا رب ! فكيف لي به ؟ فقيل : احمل حوتا في مكتل فإذا فقدته فهو ثم ، فانطلق و انطلق معه بفتاه يوشع بن بون و حملا حوتا في مكتل حتى كانا عند الصخرة فوضعا رؤوسهما فناما ، فانسل الحوت من المكتل ( فاتخذ سبيله في البحر سربا ) و كان لموسى و فتاه عجبا ، فانطلقا بقية 1 - و رعاءها : جمع الراعي رغاة ، كقاض و قضاة و رعيان كشاب و شبان " و رعاء كجائع و جياع .اه ( 197 ) المختار .ب
(158)
يومهما و ليلتهما ، فلما أصبح قال موسى ( لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) و لم يجد موسى مسا من النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله تعالى به فقال له فتاه ( أ رأيت إذ أو ينا إلى الصخرة فاني نسيت الحوت ) قال موسى ( ذلك ما كنا نبغ فارتدا على اثارهما قصصا ) فلما انتهيا إلى الصخرة إذا رجل مسجى بثوب فسلم موسى ، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قال : أنا موى ، قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم ، قال ( هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا ) يا موسى ! إني على علم من علم الله تعالى علمنيه لا تعلمه أنت ، و أنت على علم من علم الله تعالى علمكه الله لا أعلمه أنا ، ( قال ستجدني إن شاء الله صابرا و لا أعصي لك أمرا ) ، فانطلقا يمشيان على الساحل فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهما ، فعرفوا الخضر فحملوما بغير نول ( 1 ) ، و جاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر نقرة أو نقرتين في البحر فقال الخضر : يا موسى ! ما نقص علمي و علمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في هذا البحر ، فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة 1 - تول : أي بغير أجر و لا جعل ، و هو مصدر نالة ينوله ، إذا إعطاء .اه ( 5 / 29 ؟ ) النهاية .ب
(159)
فنزعه ، فقال موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها ( لتغرق أهلها قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ، فكانت الاولى من موسى نسيانا ، فانطلقا فإذا بغلام يلعب مع الغلمان ، فأخذ الخضر برأسه من أعلاه فاقتلع رأسه بيده ، فقال له موسى ( أقتلت نفسا زاكية بغير نفس ) .( قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ) ( فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه ) قال الخضر بيده فأقامه ، فقال موسى : ( لو شئت لتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني و بينك ) ، يرحم الله موسى ! لوددنا لو صبر حتى يقص علينا من أمرهما ( ق ( 1 ) ، ت ، ن عن أبي ) .قصة أصحاب الاخدود و فيه كلام الطفل أيضا 40466 كان ملك فيمن كان قبلكم و كان له ساحر فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت فابعث إلى غلاما أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاما يعلمه ، فكان في طريقه إذ سلك راهب فقعد إليه و سمع 1 - أخرجه البخاري كتاب العلم باب ما يستحب للعالم إذا سئل ( 1 / 41 ) .ص
(160)
كلامه فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب و قعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه فشكى ذلك إلى الراهب ، فقال : إذا خشيت الساحر فقل ، حبسني أهلي ، و إذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر ، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال : اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل ! فأخذ حجرا فقال : أللهم ! إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضى الناس ، فرماها فقتلها ، و مضى الناس ، فأتى الراهب فأخبره ، فقال له الراهب : أي بني ! أنت اليوم أفضل مني ، قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى ، فان ابتليت فلا تدل على ، و كان الغلام يبرئ الاكمه و الابرص و يداوي الناس سائر الادواء ، فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال : ما ههنا لك أجمع إن أنت شفيتني ! قال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله عز وجل ، فان آمنت بالله دعوت فشفاك ، فآمن بالله فشفاه الله ، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس ، فقال له الملك : من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي ، قال : و لك ربك غيري ؟ قال : ربي و ربك الله ، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجئ بالغلام فقال له الملك : أي بني ! قد بلغ من سحرك ما يبرئ ؟ الاكمه و الابرص