( 43596 - ) أيها الناس ! كأن الموت فيها على غيرنا كتب وكأن الحق فيها على غيرنا وجب ، وكأن ما نشيع من الموتى عن قليل إلينا راجعون ، بيوتهم أجداثهم ، و نأكل تراثهم كأنا مخلدون من بعدهم ، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيب غيره ، طوبى لمن ذل نفسه من منقصة ، و رحم أهل الذل و المسكنة ، و خالط أهل الفقة و الحكمة ، طوبى لمن ذل نفسه ، و طاب كسبه ، و صلحت سريرته ، و حسنت خليقته ، و كرمت علانيته ، و عزل عن الناس شره ، طوبى لمن عمل بعلمه و أنفق الفضل من ماله ، و أمسك الفضل من قوله ( الحكيم - عن أنس ) .( 43597 - ) أطلبوا الخير دهركم ، و اهربوا من النار جهدكم ، فان الجنة لا ينام طالبها ، و إن النار لا ينام هاربها ، و إن الآخرة محففة بالمكاره ، و إن لدنيا محففة باللذات و الشهوات ، فلا تلهينكم شهوات الدنيا و لذاتها عن الآخرة ، إنه لا دين لمن لا آخرة له ، و لا آخرة لمن لا دين له ، إن الله قد أبلغ في المعذرة و بلغ الموعظة ، إن الله قد أحل كثيرا طيبا فيه سعة ، و حرم خبيثا فاجتنبوا ما حرم الله عليكم ، و أطيعوا الله عز و جل فانه لن يحل الله شيئا حرمه و لن يحرم شيئا أحله ، و إنه من ترك الحرام و أحل الحلال أطاع الرحمن
(932)
و استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها و اجتمعت له الدنيا و الآخرة هذا لمن أطاع الله عز و جل ( ابن صصري في أمالية - عن يعلى بن الاشدق عن عبد الله بن جراد ) .( 43598 - ) اهربوا من النار ، و اطلبوا الجنة جهدكم ، فان الجنة لا ينام طالبها ، و إن النار ينام هاربا ، و إن الآخرة محفوفة بالمكاره ، و إن الدنيا محفوفة بالشهوات و اللذات ، فلا تلهينكم عن الآخرة لذاتها و شهواتها ( ابن منده - عن يعلى بن الاشدق عن كليب بن جري عن معاوية بن خفاجة ، و قال : غريب ) .( 43599 - ) إن الله تعالى عز و جل يقول : يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته ، و ضعيف إلا من قويته ، و فقير إلا من أغنيته فاسألوني أعطكم ، فلو أن أولكم و آخركم و جنكم و إنسكم و حيكم و ميتكم و رطبكم و يابسكم اجتمعوا على قلب أنقى عبد من عبادي ما زاد في ملكي جناح بعوضة ، و لو أن أولكم و آخركم و حيكم و ميتكم و رطبكم و يابسكم اجتمعوا على قلب أفجر عبد هو لي ما نقصوا من ملكي جناح بعوضة ، ذلك أني واحد ، عذابي كلام و رحمتي كلام ، فمن أيقن بقدرتي على المغفرة لم يتعاظم في نفسي أن أغفر له ذنوبه و إن كبرت ( طب - عن أبي موسى ) .
(933)
( 43600 - ) أوحى الله عز و جل إلي : يا أخا المرسلين ! يا أخا المنذرين ! أنذر قومك أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب سليمة و ألسن صادقة ، و أيد نقية ، و فروج طاهرة ، و لا يدخلوا بيتا من بيوتي و لاحد من عبادي عند أحد منهم ظلامة فاني العنة ما دام قائما بين يدي يصلي حتى يرد تلك الظلامة إلى أهلها ، فإذا فعل ذلك أكون سمعه الذي يسمع به و أكون بصره الذي يبصر به ، و يكون من أوليائي و أصفيائي ، و يكون جاري مع النبيين و الصديقين و الشهداء في الجنة ( حل ، ك - في تاريخه ، ق ، كر ، الديلمي - عن حذيفة ، و فيه إسحاق بن أبي يحيى الكعبي هالك يأتي بالمناكير عن الاثبات ) .( 43601 - ) أوصيكم بتقوى الله عز و جل و القرآن ، فانه نور الظلمة و هدى النهار قاتلوه على ما كان من جهد وفاقه ، فان عرض لك بلاء فاجعل مالك دون دمك ، فان تجاوزك البلاء فاجعل مالك و دمك دون دينك ، فان المسلوب من سلب دينه ، والمخروب من خرب دينه ، إنه لا فاقة بعد الجنة ، و لا غنى بعد النار ، إن النار لا يستغني فقيرها و لا يفك أسيرها ( ك - في تاريخه ، هب - و ضعفه و الديلمي ، و ابن عساكر - عن سمرة ) .
(934)
( 43602 - ) ألا إن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر و الفاجر و إن الآخرة أجل صادق يقضي فيها ملك قادر ، ألا ، و إن الخير كله بحذافيره ( 1 ) في الجنة ، ألا ! و إن الشر كله بحذافيره في النار ألا ! فاعلموا و أنتم من الله على حذر و أعلموا أنكم معروضون على أعمالكم ، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، و من يعمل مثقال ذرة شرا يره ( الشافعي ، ق في المعرفة - عن عمر مرسلا ) .( 43603 - ) الانبياء قادة ، و الفقهاء سادة ، و مجالستهم زيادة ، و أنتم في ممر الليل و النهار ، في آجال منقوصة و أعمال محفوظة ، و الموت يأتيكم بغتة ، فمن زرع خيرا يحصد رغبة ، و من زرع شرا يحصد ندامة ( الديلمي - عن علي ) .( 43604 - ) ألا ! إن الدنيا فقد أذنت بصرم ( 2 ) ، و ولت حذاء ( 3 ) ، و لم يبق منها إلا صبابة ( 4 ) كصبابة الانآء ، و إنكم في 1 - بحذافيره : حذافير الشيء : أعاليه و نواحيه ، الواحد حذفار بالكسر .المختار صفحة 96 .2 - بصرم : أي بانقطاع و انقضاع .النهاية 2 / 26 .3 - حذاء : أي خفيفة سريعة .و منه قيل للقطاة حذاء .النهاية 3561 ب 4 - صبابة : الصبابة : البقية اليسيرة من الشراب تبقي في أسفل الانآء .النهاية 3 / 5 .ب
(935)
دار تنقلون عنها ، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ، إنه و الله ما كانت نبوة إلا تناسخت حتى تكون ملكا و جبرية ، و إن الصخرة يقذف بها من شفير جهنم فتهوي إلى قرارها سبعين خريفا ، و لتملان ، و ما بين مصراعين من أبواب الجنة مسيرة أربعين يوما ، و ليأتين على أبواب الجنة يوم و ليس منها باب إلا و هو كظيظ ( 1 ) ( طب - عن عتبة ابن غزوان مرفوعا و موقوفا ) .( 43605 - ) ألا ! يا رب نفس طاعمة ناعمة يوم القيامة ، ألا ! يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا طاعمة ناعمة يوم القيامة ، ألا ! يا رب مكرم لنفسه و هو لها مهين ، ألا ! يا رب مهين لنفسه و هو لها مكرم ، ألا ! يا رب مهين متخوض و متنعم فيما أفاء الله على رسوله ماله عند الله من خلاق ، ألا ! و إن عمل الجنة حزن ( 2 ) بربوة ، ألا ! و إن عمل النار سهل بشهوة ، ألا ! يا رب شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا ( ق في الزهد ، و ابن عساكر - عن جبير ابن نفير عن أبي بحير ، و كان من الصحابة ) .1 - كظيظ : أي ممتلئ .والكظيظ : الزحام .النهاية 4 / 177 .ب 2 - حزن : الحزن ما غلظ من الارض .المختار صفحة 134 .ب
(936)
( 43606 - ) ألا ! رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة ، ألا رب مكرم لنفسه و هو لها مهين ، ألا ! رب مهين لنفسه و هو لها مكرم ( الرافعي - عن ابن عباس ) .( 43607 - ) النادم ينتظر الرحمة ، و المعجب ينتظر المقت ، و كل عامل سيقدم على ما أسلف عند موته ، فان ملاك الاعمال بخواتيمها و الليل و النهار مطيتان فاركبوهما بلاغا إلى الآخرة ، و إياكم و التسويف بالتوبة و الغرة بحلم الله ! و اعلموا أن الجنة و النار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، و من يعمل مثقال ذرة شرا يره ( الثقفي في الاربعين ، و أبو القاسم بن بشران في أمالية - عن ابن عباس ) .( 43608 - ) ثلاث مهلكات ، و ثلاث منجيات ، و ثلاث درجات و ثلاث كفارات ، قيل : يا رسول الله ! ما المهلكات ؟ قال : شح مطاع ، و هوى متبع ، و إعجاب المرء بنفسه ، قيل : فما المنجيات ؟ قال : تقوى الله في السر و العلانية ، و الاقتصاد في الفقر و الغني ، و العدل في الرضي و الغضب ، قيل : فما الكفارات ؟ قال : نقل الاقدام إلى المساجد ، و انتظار الصلاة بعد الصلاة ، و إتمام الوضوء في اليوم البارد عند السبرات ( العسكري في الامثال ، أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد
(937)
المراعي في كتاب ثواب الاعمال ، و الخطيب - عن ابن عباس ) .( 43609 - ) قال الله تعالى : يا ابن آدم ! إن ذكرتني ذكرتك و إن نسيتني ذكرتك ، و إذا أطعتني فاذهب حيث شئت مخلى تواليني و أواليك nو تصافيني و أصافيك ، و تعرض عني و أنا مقبل عليك ! من أوصل إليك الغذاء و أنت جنين في بطن أمك ! لم أزل أدبر فيك تدبيرا حتى أنفذت أرادتي فيك ، فلما أخرجتك إلى الدنيا أكثرت معاصي ، ما هكذا جزاء من أحسن إليك ( أبو نصر ربيعة بن علي العجلي في كتاب هدم الاعتزال ، و الرافعي - عن ابن عباس ) .( 43610 - ) كان فيه : عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح بالدنيا ! و عجب لمن أيقن بالنار كيف يضحك ! و عجب لمن أيقن بالحساب كيف يعمل السيئات ! و عجب لمن أيقن بالقدر كيف ينصب ! و عجب لمن يرى لدنيا و تقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ، و عجب لمن أيقن بالجنة و لا يعمل الحسنات ، لا إله إلا الله محمد رسول الله ( ابن عساكر - عن أبي ذر ، قال : قلت : يا رسول الله ! ما كان في صحف موسى ؟ قال - فذكره .