ثم إن تنزيهه سبحانه بحجة نفي الحاجة لاينحصر في ما ذكرناه في عنوان البحث بل كلصفة وتعريف لله سبحانه يستلزم تشبيههبالمخلوقات، فهو منفي عنه.
وبذلك يعلم صحة نفي التركيب عنه الّذيتقدم بحثه في التَّوحيد الذاتي الأحَدي.
الكتاب العزيز ونفي الجسميَّة
إنَّ التدبّر في الذكر الحكيم يوفّقناعلى أنَّه سبحانه منزَّه عن كل نقص وشين،وأنَّه ليس بجسم ولا جسماني. وهذا المعنىوإن لم يكن مصرّحاً به في الكتاب، لكنالتدبّر في آياته، الّذي أمرنا به في ذلكالكتاب في قوله سبحانه: (كِتَابٌأَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌلِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ)(1).يوصلنا إلى ذلك. ولأجل إيقاف القارئ علىموقف الكتاب في ذلك نشير إلى بعض الآيات:1 ـ إنَّ الذكر الحكيم يصف الواجب تعالىبقوله: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِوَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَ مَا يَنْزِلُمِنَ السَّمَاءِ وَ مَا يَعْرُجُ فِيهَاوَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(2).والآية صريحة في سعة وجوده سبحانه، وأنَّهمعنا في كل مكان نكون فيه.
وما هذا شأنه لا يكون جسماً ولا حالاًّ فيمحل أو موجوداً في جهة. إذ لا شك انَّالجسمين لا يجتمعان في مكان واحد وجهةواحدة، فالحكم بأنَّه سبحانه معنا في أيمكان كنا فيه، لا يَصحّ إلاَّ إذا كانموجوداً غير مادي ولا جسماني.
ثُمَّ إنَّ المُجَسّمة، ومن يتلوتِلْوَهُم إذا وقفوا على هذه الآيةيؤوّلونها بأنَّ
1. سورة ص: الآية 29.
2. الحديد: الآية 4.