متفقون على صحتها قائلون بأنّ استحقاقالعبادة من شؤون الربوبية، فمن كان ربّاًفهو مستحق للعبادة، وإذ لا ربّ سواه فلامعبود سواه. وإنما الكلام في تشخيصمصاديقها وجزئياتها عن غيرها، وهذه هيالمشكلة الوحيدة في هذا الفصل، فإنَّ جلّمن يَعُدّون بعض الأفعال عبادة لم يتوفقوافي تحديد العبادة تحديداً منطقياً يتميزبه مصداق العبادة عن غيرها. فلأجل ذلكضربوا الكل بسهم واحد فخلطوا العبادةبغيرها، وأجروا على الكل حكم الشّرك. ومنهنا يجب على الباحث الكلامي تحديد مفهومالعبادة حتى يتميز مصداقها عن مصداق غيرهاكالخضوع والتعظيم.
وهذا البحث هو البحث الرئيسي في هذا الفصلوليس للباحث غنى عنه، ونحن نرسل الكلام فيالموضوع لما نجد فيه من الأهمية الخاصة فيهذه الأعصار.
ما هي العبادة؟
لفظ العبادة من المفاهيم الواضحة كالماءوالأرض ولكن مع وضوح مفهومها وحضور هذاالمفهوم في الذهن يصعب التعبير عنهبالكلمات، فكما هي واضحة مفهوماً، كذلكواضحة مصداقاً بحيث يسهل تمييز مصاديقهاعن مصاديق التعظيم والتكريم. فتقبيلالعاشق دار معشوقته، أو تراب قبرها بعدموتها لا يوصف بالعبادة، كما أن ذهابالناس إلى زيارة من يعنيهم من الشخصيات،والوفود إلى مقابرهم، أو الوقوف أمامهااحتراماً لا يعد عبادة وإنْ بلغ من الخضوعما بلغ. ولكن لكي نعطي ضابطة كلية لتمييزالمصاديق نأتي بتعاريف ثلاثة تتميز بهاالعبادة عن التكريم والتعظيم وإليكبيانها.التعريف الأوّل
العبادة هي: «الخضوع اللفظي أو العمليالناشئ عن الاعتقاد بألوهية المخضوع له»(1)ويتضح صدق هذا التعريف ببيان أمرين:1. سيوافيك فيما يأتي معنى الالوهية.