النظرية حتى تخرج عن الجبرية الخالصةالتي تتبناها الجهمية. و الحافز لإِضافةهذا الأمر ليس إلاَّ الخروج عن مضيق الجبرإلى فسيح الاختيار لكن مع الالتزام بالأصلالثابت عندهم أعني كونه سبحانه خالقاً«لكل شيء مباشرة و بلا واسطة». و المهم هوالوقوف على حقيقة هذه النظرية، فقد اضطربتعبارات القوم في تفسيرها إلى حدّ صارت منالألغاز حتى قال الشاعر فيها:
مما يُقَال وَ لا حقيقَة عِنْدَهُ
الكَسْبُ عند الأشعرىّ، و الحَالُ
عندالبَهْشَمِي، و طَفْرَةُ النَّظَّام(1)
معقولة تدنو إلى الأفهام
عندالبَهْشَمِي، و طَفْرَةُ النَّظَّام(1)
عندالبَهْشَمِي، و طَفْرَةُ النَّظَّام(1)
أ ـ الكسب: وقوع الشيء من المكتسب له بقوةمُحْدَثة
إنَّ جماعة من الأشاعرة فسّروا الكسببتأثير قدرة العبد المحدثة في الفعل ويظهر هذا التفسير من عدة:منهم: الشيخ الأشعري حيث يقول عند إبداءالفرق بين الحركة الاضطرارية و الحركةالاكتسابية: «كما كانت القدرة موجودة فيالحركة الثانية وجب أن يكون كسباً، لأنحقيقة الكسب هو أنَّ الشيء وقع من المكتسبله بقُوة مُحْدَثَة»(2).
و منهم: المحقق التفتازاني حيث يقول فيشرح (العقائد النَّسَفيّة):
«فإن قيل: لا معنى لكون العبد فاعلابالاختيار إِلاَّ كونه موجداً لأفعالهبالقصد و الإِرادة، و قد سبق أنَّ اللّهتعالى مستقل بخلق الأفعال و إيجادها، ومعلوم أنَّ المقدور الواحد لا يدخل تحتقدرتين مستقلتين.
1- القضاء و القدر لعبد الكريم الخطيبالمصري، ص 185.
2- اللمع، ص 76، و لا يخفى أن ما نسبه إليهصاحب (شرح المواقف) في المقام و إن كان أوفقبمنهج الأشعري لكنه ينافي ما ذكره الشيخفي (اللمع). و قد ذكرنا كلام الشارح في صدرالبحث فلاحظ.