ويقول سبحانه بعد هذه الآية: (لِكَيْ لاَتَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَ لاَتَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَ اللهُ لاَيُحِبُّ كُلَّ مُخْتَال فَخُور)(1).
والآية بِمَنْزِلِة التعليل للإخبار عنكتابة الحوادث قبل وقُوعِها. والمعنى:أخبرناكم بكتابة الحوادث قبل الوقوع لئلاتحزنوا على ما فاتكم من النِّعَم، ولاتفرحوا بما أعطاكم الله منها، لأنَّالإنسان إذا أيقن أنَّ المصاب مقدر كائنلم يحزن لفوته ولم يفرح لمجيئه.
هذه بعض الآيات الّتي وردت في بيان أنَّخصوصيات الأشياء وضرورة وجودها متحققة فيعلمه الأزلي أو مراتب علمه كالكتاب الواردفي الآيات الماضية. وإليك بيان القسمالثاني من التقدير والقضاء:
التقدير والقضاء العينيان في الكتاب
في هذا القسم من الآيات نقف على أنّالخصوصيات المتحققة في الأشياء أو ضرورةوجودها كلاهما من الله سبحانه، فالتقديروالقضاء منه. وإليك بعض ما يدل عليه:1 ـ قال تعالى: (إِنَا كُلَّ شَىْءخَلَقْنَاهُ بِقَدَر) (2).
قَدَرُ الشيء هو المقدار الّذي لايتعداه، والحد الّذي لا يتجاوزه من جانبيالزيادة والنقيصة.
2 ـ قال تعالى: (وَ إِنْ مِنْ شَىْء إِلاَّعِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَ مَانُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَر مَعْلُوم) (3).
فلكل شيء حد محدود في خلقه لا يتعداهوصراط ممدود في وجوده يسلكه ولا يتخطاه.
1. سورة الحديد: الآية 23.
2. سورة القمر: الآية 49.
3. سورة الحجر: الآية 21.