وهناك احتمال ثالث وهو أن يكون المراد منالموصول هو الملائكة الموكلون بالخسفوالتدمير، فإنَّ الخسف والإِغراق وإمطارالحجارة كانت بملائكته سبحانه في الأُممالسالفة.
فبعد هذه الاحتمالات لا يبقى مجال لمايتوهمه المستدل.
أضف إلى ذلك أنه سبحانه يصرّح بكون إلهالسماء هو إله الأرض ويقول: (وَ هُوَ الذِيفِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَ فِي الأَرْضِإِلَهٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)(1).فليس الإِله بمعنى المعبود كما هو بعضالأقوال في معنى ذلك اللفظ، بل «الإِله» و«الله» بمعنى واحد، غير أنَّ الأول جنسوالثاني عَلَم. ولو فُسّر أحياناًبالمعبود، فإنَّما هو تفسير باللازم،فإنَّ لازم الألوهية هو العبادة، لا أنهبمعنى المعبود بالدلالة المطابقية.
فعلى ذلك فمفاد الآية وجود إله واحد فيالسماء والأرض وهذا يكون قرينة على أنَّالمراد من قوله: (مَنْ في السَّمَاءِ) هوأحد الاحتمالات الماضية.
مكافحة علي (عليه السَّلام) القولبالتجسيم
إنَّ عليَّاً (عليه السَّلام) وسائرالأئمة من أهل البيت مشهورون بالتنزيهالكامل. وكانوا يقولون إنَّه سبحانه لايشبهه شيء بوجه من الوجوه، ولا تدركالأفهام والأوهام كيفيته ولا كنهه. ويظهرذلك من خطبه (عليه السَّلام) والآثارالواردة عن سائر أئمة أهل البيت (عليهمالسَّلام). وقد وقف على ذلك القريبوالبعيد. قال القاضي عبد الجبار: «وأمَّاأمير المؤمنين (عليه السَّلام) فخُطَبُهفي بيان نفي التشبيه وفي إثبات العدل أكثرمن أن تحصى»(2).1. سورة الزخرف: الآية 84.
2. فضل الاعتزال، ص 163.