الجميع عند البحث في التوحيد فيالخالقية، فراجع(1).
بقي الكلام في الآيات و الروايات التييستنبط منها هذه النظرية بوضوح.
الأمر بين الأمرين في الكتاب و السُنَّة
إذا كان معنى الأمر بين الأمرين هو وجودالنسبتين و الإِسنادين في فعل العبد، نسبةإلى اللّه سبحانه، و في الوقت نفسه نسبةإلى العبد، من دون أن تزاحم إحداهماالأخرى فإنَّا نجد هاتين النسبتين فيآيات:1ـ قوله سبحانه: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْوَلكِنَّ اللّه قَتَلَهُمْ وَ مَارَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهرَمى وَ لِيُبْلِىَ المُؤمِنِينَ مِنْهُبَلاءً حَسَناً إنَّ اللّه سَميعٌعَليمٌ)(2).
فترى أنَّه سبحانه ينسب الرمي إلى النبي،و في الوقت نفسه يسلبه عنه و ينسبه إلىذاته، كما هو مفاد قوله: (وَ مَا رَمَيْتَإذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللّه رَمَى) و لايصح هذا الإيجاب في عين السلب إلاَّ علىالوجه الذي ذكرناه و هو أنَّ نسبة الفعلإلى العبد ليست نسبة كاملة بأن يكون لهالصلة، دون اللّه سبحانه. و مثله في جانبهتعالى. فلأجل ذلك تصح النسبتان، كما يصحسلبه عن أحدهما و إسناده إلى الآخر. فلوكانت نسبة الفعل إلى واحد منهما نسبةالمعلول إلى العلّة التامة، لم يكن مجالإلاَّ لإِحداهما.
2ـ قال سبحانه: (قَاتِلُوهُمْيُعَذِّبُهُم اللّه بِأَيْدِيكُم وَيُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْوَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْم مُؤْمِنين)(3).
فالظاهر أنَّ المراد من التعذيب هو القتللأن التعذيب الصادر من اللّه تعالى بأيديالمؤمنين ليس إلاَّ ذاك، لا العذابالبرزخي و لا الأُخروي فإنهما راجعان إلىاللّه سبحانه دون المؤمنين. و على ذلك فقدنسب فعلا
1- لاحظ ص 399 و 400.
2- سورة الأنفال: الآية 17.
3- سورة التوبة: الآية 14.