الأَدلة العقلية للقائلين بالجواز
إنَّ الشيخ الأشعري استدل على جوازالرؤية بوجوه عقلية نقتطف منها وجهين:الأَول: قال: «ليس في جواز الرؤية إثباتحَدَث، لأنَّ المرئي لم يكن مرئياً لأَنهمحدث، ولو كان مرئياً لذلك للزمه أنْ يرىكل محدث وذلك باطل عنده»(1).
يلاحظ عليه: إنَّ الحدوث ليس شرطاً كافياًفي الرؤية حتّى تلزم رؤية كل محدث، بل هوشرط لازم يتوقف على انضمام سائر الشروطالّتي أَشرنا إِليها. وبما أنَّ بعضها غيرمتوفر في الموجودات المجردة المحدثة، لاتقع عليها الرؤية.
الثاني: قال: «ليس في اثبات الرؤية للهتعالى تشبيهاً»(2).
يلاحظ عليه: إنَّ حقيقة الرؤية قائمةبالمقابلة أو ما في حكمها، وهي لا تنفك عنكون المرئي في جهة ومكان. وهو يستلزم كونهسبحانه ذا جهة ومكان، فأَي تشبيه أَظهر منذلك، وكيف يقول: إِنَّ تجويز الرؤية لايستلزم التشبيه؟! «ما هكذا تورد يا سَعْدُالابل».
ثم إِنَّ أَئمة الأَشاعرة في العصورالمتأخرة لما وقفوا على وَهْن الدليلينالسابقين، عدلوا إلى دليل عقلي آخر وحاصلهأنَّ مِلاك الرؤية والمصحح لها أمر مشتركبين الواجب وغيره، قالوا: «إِنَّ الرؤيةمشتركة بين الجوهر والعرض، ولا بد للرؤيةالمشتركة من علة واحدة. وهي إما الوجود أوالحدوث. والحدوث لا يصلح للعلية لأنه أمرعدمي، فتعين الوجود. فينتج أنَّ صحةالرؤية مشتركة بين الواجب والممكن»(3).
1. اللمع، ص 61 و62.
2. اللمع، ص 61 و62.
3. تلخيص المحصّل، ص 317. وغاية المرام، ص 160،وشرح المواقف، ج 8، ص 115. وشرح التجريدللقوشجي، ص 431.