بقيت أُمور يجب التنبيه عليها:
1ـ الأثر التربوي للبداء
إنَّ الأثر التربوي الذي يترتب على القولبالبداء أمر لا يمكن إنكاره، كيف والاعتقاد بالبداء يبعث الرجاء في قلوبالمؤمنين، كما أنَّ انكاره و الالتزامبأَنَّ ما جرى به قلم التقدير كائن لامحالة دون استثناء، يترتب عليه اليأس والقنوط. فيستمر الفاسق في فسقة و الطاغي فيطغيانه، قائِلَين بأنه اذا كان قلمالتقدير مضى على شقائنا، فلأي وجه نغيرنمط أعمالنا بأعمال البر و التضرع والدعاء.
إنَّ الاعتقاد بالبداء يضاهي الاعتقادبقبول التوبة و الشفاعة و تكفير الصغائرباجتناب الكبائر، فانَّ الجميع يبعثالرجاء في النفوس و يشرح قلوب الناسأجمعين، عصاة و مطيعين حتى لا ييأسوا منروح الله و لا يتصوروا أنَّهم إذا قدركونهم من الأشقياء فلا فائدة في السعي والكدح بل يعتقدوا بأَنَّ الله سبحانه لميجف قلمه في لوح المحو و الإثبات، فله أنيمحو ما يشاء و يثبت ما يشاء، و يسعد منشاء، و يُشقِيَ من شاء، حسب ما يتحلى بهالعبد من مكارم الأخلاق وصالح الأعمال أويرتكب من طالحها و فاسدها. و ليست مشيئتهسبحانه جزافية غير تابعة لضابطة حكيمة،فلو تاب العبد وعمل بالفرائض، وتمسكبالعصم، خرج من صفوف الأشقياء و دخل فيعداد السعداء و بالعكس.
و هكذا كل ما قدر في حق الإِنسان من الحياةو الموت و الصحة و المرض و الغنى و الفقريمكن تغييره بالدعاء و الصدقة و صلة الرحمو إكرام الوالدين، فالبداء يبعث نورالرجاء في قلوب هؤلاء.
2ـ البداء ليس تغييراً في علمه و لا فيإرادته سبحانه
إنَّ علمه سبحانه ينقسم الى علم ذاتي وعلم فعلي، فعلمه الذاتي نفس ذاته وهو لايتغير و لا يتبدل، و أَما علمه الفعلي فهوعبارة عن لوح المحو